مشروع قانون جديد للأحوال الشخصية في مصر... هل ينصف المرأة؟

مشروع قانون جديد للأحوال الشخصية في مصر... هل ينصف المرأة؟


07/04/2022

يشهد مجلس النواب المصري تحركات غير مسبوقة من قبل بعض النواب، لإعداد تشريع جديد للأحوال الشخصية يجرّم الزواج دون علم الزوجة الأولى، ويلزم الزوج بإعلام الزوجة، حال إقدامه على الزواج من أخرى.

وكشفت النائبة المصرية نشوى الديب عن تقدمها بمقترح قانون جديد للأحوال الشخصية، يحدد شروط الزواج والطلاق وحضانة الأولاد، مشيرة إلى أنّ المقترح سيُناقش خلال الجلسات المقبلة، تمهيداً لأخذ الرأي النهائي بشأنه.

اقرأ أيضاً: ماذا فعلت مصر لتمكين المرأة؟

كما كشفت مؤسسة قضايا المرأة المصرية، وهي مؤسسة حقوقية معنية بقضايا المرأة، مشاركتها في إعداد القانون على مدار الـ 20 عاماً الماضية، مؤكدة أنها حرصت على وضع وصياغة مقترح القانون تحت شعار "قانون أسرة أكثر عدالة"، وأقامت حوارات ومناقشات عليه في مختلف محافظات الجمهورية للحصول على رأي وتوافق مجتمعي حوله.

كما أعلنت النائبة أمل سلامة، عن المشروع، وطالبت ضمن التعديلات المقدمة بأن يعاقب الزوج بالحبس حال عدم إخطار الزوجة بشكل رسمي، والنص على عقوبة الحبس والغرامة للزوج حال عدم إقرار حالته الاجتماعية في وثيقة الزواج، وفق ما أوردته صحيفة "الدستور" المصرية.

النائبة المصرية نشوى الديب

وطالب عدد آخر من النواب، الأزهر الشريف والحكومة، بسرعة تقديم قانون الأحوال الشخصية الجديد، والذي يواجه بعض الإشكاليات، من بينها "الحضانة والرؤية والزواج الثاني والطلاق الشفهي"، وهي قضايا أثارت الجدل بشكل كبير.

ويأتي التحرك البرلماني هذا، عقب الجدل الكبير الذي حدث بعد زواج بطل مصر الرياضي بيغ رامي، وإعلان زوجته عدم معرفتها بزواجه الثاني إلا من وسائل الإعلام.

على ماذا نص مقترح القانون الجديد؟

تضمن القانون عدة بنود جديدة كان أبرزها المادة الـ 16، والتي تنص على حق الزوجة في حالة رغبة زوجها الزواج عليها أن تقوم المحكمة بمراجعتها والحصول منها على الموافقة فإذا رفضت يحق للمحكمة أن تتدخل وتحاول الصلح بينهما.

طالبت النائبة أمل سلامة ضمن التعديلات المقدمة بأن يعاقب الزوج بالحبس حال عدم إخطار الزوجة بشكل رسمي، والنص على عقوبة الحبس والغرامة للزوج حال عدم إقرار حالته الاجتماعية في وثيقة الزواج

ونصت المادة على أنه في حال أصر الزوج على التعدد والزواج على زوجته يحق للزوجة طلب الطلاق والحصول على كافة حقوقها المترتبة خلال شهر من تاريخ الطلاق، مشيرة إلى أنه في حالة موافقة الزوجة على زاوج زوجها بأخرى أن تطلب منه الالتزام بتوفير كافة نفقاتها ونفقات أولادها وكذلك حقوقها الشرعية ومتابعة تربية الأبناء، وهنا تقر المحكمة للزوج بالتعدد، وفي حالة تقصيره أو تقاعسه يحق لها التطليق وتحصل أيضاً على كافة حقوقها كمطلقة.

اقرأ أيضاً: الضغوط الاجتماعية تعرقل تعزيز مكانة المرأة المصرية

ونصت المادة 19 من القانون الجديد، على شروط مناصفة الثروة عند الطلاق، حيث تضمنت على أنه يجوز كتابة نص عند الزواج على اقتسام ما يتم تكوينه من ثروات وممتلكات وأموال خلال فترة الزوجية وفي حالة الطلاق يتم تقسيمها مناصفة أو بشكل نسبي وحسب الاتفاق، وهذا بخلاف الحقوق الأخرى للزوجة المترتبة على الطلاق مؤكدة أنه لا يدخل في الاتفاق العائد المادي أو الميراث أو الهبة التي تؤول لأحد الزوجين، أو تم تكوينه قبل الزواج، وفق ما أورده موقع "العربية".

تضمن القانون عدة بنود جديدة

وحدد القانون الجديد التفاصيل الخاصة بحضانة الأولاد حيث اشترطت المادة 103، على أنه لا تسقط الحضانة عن الأرمل أو الأرملة في حال الزواج مرة أخرى، إلا إذا ثبت عدم صلاحية أو عدم أمانة زوج الأم أو زوجة الأب.

كما نصت المادة 104 على أنه لا تسقط الحضانة، عن الأم بزواجها من آخر ما لم يقرر القاضي خلاف ذلك لمصلحة المحضون، وفقاً للتقرير الاجتماعي والنفسي لحالة الطفل وفى هذه الحالة لا تستحق أجر مسكن وحضانة.

ونصت المادة 105 على أنّ الحضانة من واجبات الأبوين معاً ما دامت الزوجية قائمة بينهما، فإن افترقا ولو بغير طلاق تكون على ما يثبت حق حضانة للأم ثم للأب ثم للمحارم من النساء.

نصت المادة 104 على أنه لا تسقط الحضانة، عن الأم بزواجها من آخر ما لم يقرر القاضي خلاف ذلك لمصلحة المحضون، وفقاً للتقرير الاجتماعي والنفسي لحالة الطفل وفي هذه الحالة لا تستحق أجر مسكن وحضانة

وبالنسبة لقضايا النسب نص القانون في المادة 72 على أن يثبت النسب أو يتم نفيه "بالفراش والقرائن والأدلة والشهود وكافة التحاليل الطبية والوسائل العلمية وفي حالة رفض إجراء التحليل يدل ذلك على ثبوت النسب".

وتضمن القانون بنوداً تسمح بإنشاء صندوق تأمين للأسرة مع الزام الزوج بدفع 50 جنيهاً عن كل واقعة زواج ومثيلاتها حال وقوع الطلاق، ووفقاً لمشروع القانون "للزوجين الحق في إضافة أي شروط لعقد الزواج ما لم تخالف هذه الشروط أحكام الدستور والقانون وفي حالة مخالفة أي من الزوجين لشرط من هذه الشروط يجوز للطرف الآخر اللجوء للقضاء للمطالبة بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه".

اقرأ أيضاً: كيف تبدّل واقع المرأة المصرية من عهد الفراعنة إلى اليوم؟

وكشف القانون انه إذا طرأت ظروف أو وقائع أصبح معها التنفيذ العيني للشرط مستحيلاً، أمكن للملتزم به أن يطلب من المحكمة إعفاءه منه أو تعديله ما دامت تلك الظروف أو الوقائع قائمة ويترك تقدير ذلك للمحكمة بعد سماع رأى الطرف الثاني.

تضمن القانون بنوداً تسمح بإنشاء صندوق تأمين للأسرة

كذلك، تضمن القانون التأكيد على من تكون له ملكية منقولات منزل الزوجية والاتفاق على من يكون له حق الانتفاع وحده بمسكن الزوجية في حالتي الطلاق أو الوفاة، والاتفاق على موقف الأبناء إذا تم الطلاق وكيفية ضمان حياة كريمة لهم والاتفاق على ما يمكن أن يعد حدوثه ضرر يبيح طلب التطليق.

اقرأ أيضاً: وعي المرأة المصرية بين النص الديني والأمثال الشعبية

واشترط القانون على المأذون أن يثبت في وثيقة الزواج بياناً واضحاً عن حالة الزوج الاجتماعية فإذا كان متزوجاً فيجب أن يتضمن هذا البيان اسم الزوجة أو الزوجات اللاتي في عصمة الزوج ومحال إقامتهن من واقع إقرار الزوج وإقرار المحكمة بالتعدد، مؤكداً أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر ولا تزيد عن سنة والغرامة التي لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تزيد عن 100 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل موثق لعقد زواج متعدد بغير إقرار المحكمة المختصة بذلك.

ما هو موقف الأزهر؟ 

وكشفت النائبة نشوى الديب، في مداخلة هاتفية لبرنامج "يحدث في مصر"، أنّ مشروع القانون الذي شارك في صياغته عدد من علماء الأزهر الشريف، قد تم إرساله إلى مشيخة الأزهر لاستطلاع رأيهم حول القانون، إلا أنه لم يصل رد منها حتى الآن.

وكان الدكتور عطية لاشين، عضو لجنة الفتوى بالأزهر، قد قال في تصريحات خاصة لـ صحيفة "الوطن" المصرية، أن ّالاقتراح المقدم بشأن ضرورة إخطار قضائي للزواج الثاني، وعقوبات للمخالفين في مشروع قانون جديد، أمر مباح، خاصة أنه سيحمي من مشكلات عدة، والتي تعد أغلبها في إطار الخيانة وعدم الأمانة مع الزوجة الأولى.

اقرأ أيضاً: صورة الجسد في وعي المرأة الريفية بين الدين والأعراف الاجتماعية

وأضاف لاشين: "مع تطبيق القانون بأن يكون ملزماً على الزوج في حال زواجه بالزوجة الثانية أن يخطر زوجته في حال أن يكون الأمر فكرة في خاطره قبل أن يقبل على تنفيذها، وعلى الزوجة الأولى أن ترفض أن تستكمل معه في حال زواجه الثاني، دون تطبيق عقوبات على ذلك".

من جهته، قال الدكتور أحمد محمود كريمة أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر في تصريحات لموقع "مصراوي"، أنّ "اشتراط موافقة المحكمة وأخذ رأي الزوجة الأولى في تعدد الزوجات، أمر مخالف للشريعة الإسلامية جملة وتفصيلاً".

مشروع القانون شارك في صياغته عدد من علماء الأزهر الشريف

وتشهد مصر حراكاً غير مسبوق لتحسين وضع المرأة وحقوقها، فقد سبق ودعا الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، إلى إحياء فتوى "حق الكد والسعاية" من التراث الإسلامي لـ"حفظ حقوق المرأة العاملة التي بذلت جهداً في تنمية ثروة زوجها".

وأدلى الطيب بهذه التصريحات خلال استقباله الشيخ عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ، وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودي؛ لبحث التعاون المشترك بين الطرفين.

اقرأ أيضاً: صورة الجسد في وعي المرأة الريفية بين الدين والأعراف الاجتماعية

وتطرّق الجانبان إلى الحديث عن حقوق المرأة في الإسلام، حيث شدد الطيب على "ضرورة إحياء فتوى حق الكد والسعاية من تراثنا الإسلامي؛ لحفظ حقوق المرأة العاملة التي بذلت جهداً في تنمية ثروة زوجها، خاصة في ظل المستجدات العصرية التي أوجبت على المرأة النزول إلى سوق العمل ومشاركة زوجها أعباء الحياة"، ووفق ما أورده بيان على موقع "بوابة الأزهر".

وتعود قصة فتوى "حق الكد والسعاية" إلى عهد عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، ثاني الخلفاء الراشدين، حين ذهبت إليه حبيبة بنت زريق عندما توفي زوجها عمرو بن الحارث، وقد استولى أهله على ما ترك من مال وعقار اكتسباه معاً، هي بعملها في النسج والتطريز وهو بعمله في التجارة، وكسبا مالاً وفيراً من ذلك، فقضى عمر بن الخطاب بقسمة المال إلى نصفين، فأخذت حبيبة النصف، ثم الربع من مال الزوج بالميراث، لأنّه لم يكن لديه أولاد، وأخذ الورثة الباقي.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية