صمت الإخوان عن إدانة مقتل النائب البريطاني: مباركة مبطّنة؟

صمت الإخوان عن إدانة مقتل النائب البريطاني: مباركة مبطّنة؟


18/10/2021

الإدانات الخجولة وشبه المنعدمة، التي صدرت عن العالمين العربي والإسلامي، في أعقاب اغتيال النائب البريطاني ديفيد إيميس، الجمعة، تعكس وعياً مشروخاً في الحرص على مصالح المسلمين وصورة دينهم في الغرب، وهي الصورة التي يعمل الإرهابيون والمتطرفون على تهشيمها كلما سنحت لهم فرصة.

الإدانة الوحيدة المعتبرة صدرت عن مفتي مصر شوقي علام الذي قال إنّ "التطرف لم يعد مقتصراً على دولة بعينها، ولكنه أصبح داء تعاني منه دول العالم كافة، مما يحتم علينا جميعاً أن نتعاون معا على كافة المستويات من أجل القضاء على هذا الخطر الداهم الذي بات يهدد الجميع".

اقرأ أيضاً: هكذا أسقط "إرهاب الإخوان" مشروعهم وشرعيتهم

وأكد مفتي مصر أنّ "الأديان بريئة من الأفكار المتطرفة لأنّ جميعها يدعو إلى السلام والتراحم والمحبة، ولكنّ الأزمة تكمن دائماً في التفسيرات المنحرفة والمغلوطة لبعض أتباع الأديان من غير المتخصصين، وليّهم لعنق النصوص الدينية من أجل تحقيق أغراض سياسية وإضفاء الغطاء الشرعي عليها".

وأضاف: "حذرنا مراراً وتكراراً من خطر جماعات الإسلام السياسي التي تنخر في أساس المجتمعات، وتسعى إلى زعزعة الأمن والاستقرار من أجل مصلحتها السياسية، وهو ما يجب أن تواجهه الحكومات بقوة".

لماذا صمت الإخوان؟

وباستثناء هذه الإدانة من مرجعية دينية ذات ثقل، لم يتناه إلى مسامعنا أي شيء باستثناء الإدانات الدبلوماسية التي صدرت عن بعض الدول، فقد سكتت التيارات ذات التوجهات الإسلامية، وفي طليعتها جماعة الإخوان المسلمين التي لا تترك واردة ولا شاردة إلا وتصدر بياناً بشأنها.

مفتي مصر شوقي علام: جماعات الإسلام السياسي تنخر في المجتمعات

ويعكس صمت الإخوان موافقة ضمنية على الجريمة التي ارتكبها متطرف من أصول صومالية يحمل الجنسية البريطانية، ويتوقع بعضهم أنّ له صلة أو توافقاً مع حركة الشباب الصومالية المصنفة إرهابية.

وهل يعكس صمت جماعات الإسلام السياسي عن الجريمة المنكرة تشجيعاً لآخرين على شاكلة القاتل علي حربي (25 عاماً)، من أجل ارتكاب المزيد من هذه الجرائم الجبانة ضد أشخاص عزّل تتم مباغتتهم على حين غرة؟

مفتي مصر: حذرنا مراراً وتكراراً من خطر جماعات الإسلام السياسي التي تنخر في أساس المجتمعات، وتسعى إلى زعزعة الأمن والاستقرار من أجل مصلحتها السياسية

 لقد بوغت ديفيد إيميس الذي أعمل القاتل سكينه في جسده، بينما كان النائب يرحب به بابتسامة حملت الكثير من معاني السلام، حيث كان اللقاء في كنيسة في مقاطعة إسكس أثناء لقاء كان يعقده النائب المغدور مع ناخبين من دائرته.

وأعرب رئيس الوزراء بوريس جونسون في كلمة متلفزة عن "الصدمة والحزن الشديد اليوم لرحيل النائب ديفيس أميس الذي قُتل خلال فترة عمله النيابي في إحدى الكنائس بعد قرابة 40 عاماً من الخدمة" لناخبيه وللمملكة المتحدة.

وقال جون لامب، أحد المستشارين المحافظين المحليين لوسائل إعلام بريطانية إنّ الشاب انتظر بصبر دوره قبل أن ينقض على النائب ويطعنه مرات عدة أمام اثنتين من مساعديه.

القاتل خطط لجريمته

وكشفت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية عن أنّ علي حربي خطط لجريمة قتل النائب قبل أسبوع من وقوعها.

وأضافت أنّ علي حجز موعداً في مكتب النائب قبل أن يطعنه 17 مرة.

وإذا كان للجريمة دوافع سياسية أو مرتبطة بتوجهات إسلامية راديكالية، فهل من "الجهاد" في شيء أن تطعن على هذا النحو البشع شخصاً أعزلاً  يبلغ من العمر 69 عاماً وأب لخمسة أولاد؟

رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، وزعيم حزب العمال المعارض، كير ستارمر، يضعان الورود في موقع الجريمة

القاتل، الذي لم تعرف حتى الآن دوافعه على وجه التحديد، يتحدر من أسرة سياسية، فوالده مستشار الاتصالات السابق لرئيس الوزراء الصومالي. وقد صرّح بأنه أصيب بصدمة نفسية من جراء اعتقال ابنه.

ويعتقد أنّ مرتكب الجريمة كان يعيش في دائرة النائب القتيل في الماضي، لكن يعتقد أنه استقر في الآونة الأخيرة في لندن، حيث أجرت الشرطة عمليات بحث وتفتيش.

"دافع محتمل مرتبط بالتطرف الإسلامي"

وكشفت العناصر الأولى من التحقيق الذي عهد به إلى إدارة مكافحة الإرهاب وجود "دافع محتمل مرتبط بالتطرف الإسلامي"، بحسب الشرطة التي قالت إنها كانت تجري عمليات تفتيش في ثلاثة منازل في لندن.

وذكرت وسائل إعلام أنّ القاتل كان قد أرسل من قبل السلطات البريطانية إلى برنامج وطني لمكافحة التطرف، لكنه لم يبق فيه لمدة طويلة.

اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون.. هل تحترق الجماعة ذاتياً؟

وقالت "بي بي سي" إنّ الشاب تم توجيهه إلى برنامج تطوعي لمكافحة التطرف يسمى "بريفنت"، ولم يكن أبداً رسمياً "موضع اهتمام" بالنسبة إلى وكالة الأمن الداخلي "إم آي-5".

وتعتقد الشرطة والأجهزة الأمنية أنّ المهاجم تصرف بمفرده و"تبنى التطرف بشكل ذاتي" حسب صحيفة صنداي تايمز. وقد يكون استوحى فعلته من حركة الشباب الإسلاميين المرتبطة بتنظيم القاعدة في الصومال.

وتصنَّف حركة الشباب الصومالية باعتبارها تنظيماً سلفياً مسلحاً يوالي تنظيم القاعدة. ونفذت الحركة هجمات إرهابية عديدة أوقعت مئات القتلى ومن بينها الهجوم على جامعة "غاريسا" الكينية وعلى مركز للتسوق في نيروبي.

صورة للنائب المغدور في أبرشية القديس بطرس الكاثوليكية

تأسست "حركة الشباب الإسلامية" الصومالية في عام 2006 وتضم الحركة مئات الجهاديين العرب والأجانب، وهي تهدف إلى إقامة دولة الشريعة، كما تزعم. وتنشط حركة الشباب بشكل خاص في مناطق وسط وجنوب الصومال، ولديها علاقات قوية مع منظمات إرهابية أخرى مثل جماعة بوكو حرام النيجيرية.

ولم يعرف عن الحركة نشاطها في أوروبا، فهل يكون ما حدث منقطع الصلة بها، أو أم الاعترافات الصادرة عن القاتل ستكشف توسعاً في عمل الحركة؟

وصنفت الشرطة البريطانية عملية طعن النائب المحافظ، بأنها "هجوم إرهابي"، مشيرة إلى أنّ وحدة مكافحة الإرهاب ستتولى التحقيق في الحادث الذي خلّف صدمة في البلاد.

وأعلن كبير المنسقين الوطنيين لشرطة مكافحة الإرهاب، نائب مساعد المفوض، دين هايدون، رسمياً أنّ الحادث "عملية إرهابية". وقد كشف التحقيق المبكر عن وجود دوافع محتملة مرتبطة بالتطرف الإسلامي، بحسب بيان للشرطة.

تاريخ الاعتداءات

وتعدّ هذه هي المرة الثانية منذ 2016 التي يلقى فيها سياسي بريطاني حتفه أثناء التقاء ناخبين.

وكانت النائبة العمالية هيلين جوان كوكس قد قُتلت طعناً أمام مكتبة في ويست يوركشاير شمالي إنجلترا عام 2016.

وقالت مؤسسة جو كوكس، التي تحمل اسم النائبة العمالية الراحلة في بيان لها، إنها فزعت عقب سماع خبر الطعن.

سكتت التيارات ذات التوجهات الإسلامية، وفي طليعتها جماعة الإخوان التي لا تترك واردة ولا شاردة إلا وتصدر بياناً بشأنها. فعل يعني ذلك موافقة ضمنية على الجريمة؟

وتظهر أرقام الشرطة البريطانية زيادة في الاعتداءات على البرلمانيين، فقد أشارت عام 2019 إلى زيادة بنسبة 126  في المئة بين عامي 2017 و2018 وزيادة بنسبة 90 في المئة في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2019.

وأعلن العديد من النواب المنتخبين عن تعرضهم لتهديدات بالقتل في سياق النقاشات حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.

وفي عام 2010، تعرض النائب العمالي ستيفن تيمز للطعن عدة مرات، لكنه تعافى في النهاية من إصابات كان من يمكن أن تودي به.

وفي كانون الثاني (يناير) 2000، أصيب النائب الديموقراطي الليبرالي، نايجل جونز، وقتل مساعده على يد رجل بحوزته سيف أثناء لقائه مؤيديه في شلتنهام بغرب إنكلترا.

وأعرب الزعيم السابق لحزب المحافظين إيان دنكان سميث عن قلقه بشأن سلامة البرلمانيين. وكتب على تويتر "عندما لا تكون في مكتبك وفي مكان عام فهذا يعني أنه لا يمكن أن تتخذ الإجراءات الأمنية التي يُنصح باتخاذها".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية