صراع الإخوان وتحركات أردوغان.. ماذا يحدث في تركيا؟

صراع الإخوان وتحركات أردوغان.. ماذا يحدث في تركيا؟


26/06/2022

في أعقاب اجتماع إبراهيم منير، نائب المرشد والقائم بالأعمال، مع مكتب الإرشاد العالمي، وتجاهل دعوة محمود حسين إلى الاجتماع، أصبح موقف الأخير شديد الصعوبة، خاصّة مع انتهاء عمل اللجنة المؤقتة، التي لم تستطع حل مشكلات الجماعة في الداخل التركي، وكذلك فشلت في حسم الصراع مع جبهة لندن، التي استعادت قدراً من قوتها، في ظل فشل لجنة مصطفى طلبة، والتي لم تقدم أيّ رد منطقي على الاتهامات التي وجهت إليها بتبديد أموال الجماعة، وسرقة تبرعات فلسطين.

وجاءت عودة بث قناة "مكملين" من لندن، بعد مغادرة تركيا، لتمنح المزيد من القوة الإعلامية لجبهة إبراهيم منير، بينما جبهة إسطنبول ممثلة بمحمود حسين ما زالت تتخبط؛ وهي تبحث لنفسها عن شرعية بين أنصار التنظيم، وقد بدأت منابع التدفق المالي في طريقها إلى التوقف، مع ضعف ثقة المتبرعين، وحالة الغضب التي تسود بين صفوف شباب الجماعة، وكذلك توقف الرعاة الإقليميين في قطر وتركيا عن الدعم.

غموض الموقف الرسمي التركي

على الرغم من القيود التي فرضتها تركيا على تحركات الإخوان داخل أراضيها، والتضييق الذي مارسته على أذرع الجماعة الإعلامية، إلّا أنّ الخطاب الرسمي التركي، حتى الآن، لم يعلن اتخاذ أيّ مواقف عدائية تجاه الإخوان، على الرغم من تسارع وتيرة تطبيع العلاقات مع السعودية والإمارات، وكذلك التقارب الجاري مع مصر، لكن تركيا الرسمية لم تزل إلى الآن في مرحلة الغموض، فيما يخص الجماعة، لكن يبدو أنّها قررت أن تنفض يديها من مجموعة محمود حسين، بينما ما تزال تتعاون مع أذرع إخوانية أخرى.

أظهرت صورة تمّ التقاطها خلال الاجتماع، جلوس أسامة جمال على يمين أردوغان

موقع "المونيتور" الكندي، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، كشف في تقرير له عن قيام أنقرة بالتعاون مع أحد أبرز أذرع الإخوان في الولايات المتحدة، حيث تمّ استقبال القيادي الإخواني أسامة جمال، الأمين العام لمجلس المنظمات الإسلامية بالولايات المتحدة (USCMO)، استقبالاً حافلاً يخص كبار الشخصيات، إبان زيارته الأخيرة لتركيا، وكذلك الوفد المرافق له، الأمر الذي أصاب بعض المراقبين بالارتباك، حيث يأتي ذلك بينما يحاول النظام التركي تقريب وجهات النظر، مع الإمارات والمملكة العربية السعودية ومصر، بعد  عزلة دبلوماسية طويلة، تسببت في أزمات اقتصادية.

تمّ استقبال القيادي الإخواني أسامة جمال، الأمين العام لمجلس المنظمات الإسلامية بالولايات المتحدة (USCMO)، استقبالاً حافلاً يخص كبار الشخصيات، إبان زيارته الأخيرة إلى تركيا

أسامه جمال، الذي ترأس وفداً من القيادات الإسلامية في الولايات المتحدة وكندا، اجتمع بالرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وعدداً من المسؤولين الحكوميين، في 25 أيّار (مايو) الماضي، وتمّ استضافة الوفد الإخواني، في القصر الفخم الذي بناه أردوغان، في واحدة من المساحات المفتوحة النادرة، المتبقية في أنقرة، وسط احتجاج وانتقاد كبير، بحسب تقرير "المونيتور".

أظهرت صورة تمّ التقاطها خلال الاجتماع، جلوس أسامة جمال على يمين أردوغان، مقابل نائب الرئيس فؤاد أقطاي، وحضر الاجتماع أيضاً، أفكان علاء، الذي يدير عمليات خارجية، نيابة عن حزب العدالة والتنمية الحاكم، وكذلك المبعوث الرئاسي الخاص إلى ليبيا، أمر الله إشلر، الذي يحمل آراء متعاطفة مع التنظيمات الجهادية، ويتهمه البعض بتمرير عمليات "داعش" في سوريا.

أسامة جمال والوفد المرافق له يلتقطون صورة أمام مبنى ديانت

ويبدو من تشكيل الوفد التركي، غلبة العناصر التي تتبنى الفكر الإخواني، أو تلك التي تميل إلى ضرورة توظيف الجماعات والتنظيمات الإسلامية؛ لخدمة الأجندة التركية، حتى لو اضطرت إلى التعاون مع "داعش" في سوريا، أو الجماعات الجهادية في ليبيا، وهو نهج تركي تسبب في السنوات الأخيرة في إشعال منطقة الشرق الأوسط، وتفجير بؤر الصراع؛ عن طريق مد الجماعات الإرهابية بالسلاح، لدعم حلفاء تركيا.

نشاط مكثف لأسامة جمال في تركيا

في وقت لاحق، استقبل علي أرباش، رئيس مديرية الشؤون الدينية التركية (ديانت)، أسامة جمال والوفد المرافق له، وسافروا جميعاً إلى قونية، حيث استقبلهم المسؤولون المحليون هناك.

وفي تصريحات صحفية، نقلها موقع "المونيتور"، طلب أرباش من الوفد المرافق لجمال، عقد اجتماعاتهم في المجمع الديني، الذي بنته تركيا في لانهام بولاية ماريلاند في العام 2016، بتكلفة تقدر بحوالي 110 ملايين دولار، وهو مركز تديره مديرية الشؤون الدينية التركية، ويعمل كذراع تبشيرية لحكومة أردوغان، من أجل تصدير الإسلام السياسي إلى الخارج، كما طلب منهم أن يكونوا أعلى صوتاً، وأكثر فعالية في الولايات المتحدة وكندا، قائلاً إنّهم بحاجة إلى محاربة الإسلاموفوبيا هناك.

الرئيس التركي أردوغان، التقى بأسامة جمال عدة مرات، خلال زيارته للولايات المتحدة

هذا وقد تشاور جمال مع أرباش، حول كيفية استخدام مركز "ديانت"، قائلاً إنّهم عقدوا بالفعل عدداً من الفعاليات هناك. وأضاف: "أصبح مركز ديانت، مكاناً لنا؛ لإجراء أنشطتنا والالتقاء بقيادتنا". لافتاً إلى أنّ المساعدة المقدمة لهم، تعكس نهج القيادة التركية.

جدير بالذكر أنّ الرئيس التركي أردوغان، التقى بأسامة جمال عدة مرات، خلال زيارته للولايات المتحدة، كما أنّ القيادي الإخواني مدرج ضمن قائمة الشخصيات المهمة، التي توجه إليها الدعوات في الاحتفالات والفعاليات، التي تنظمها السفارة والقنصليات التركية في الولايات المتحدة.

طلب أرباش من الوفد المرافق لجمال، عقد اجتماعاتهم في المجمع الديني، الذي بنته تركيا في لانهام بولاية ماريلاند في العام 2016، بتكلفة تقدر بحوالي 110 ملايين دولار

في العام 2004، عندما كان أسامة جمال رئيساً لمؤسسة المسجد في بريدجفيو بشيكاغو، أدار بنفسه حملة لجمع التبرعات للناشط الفلسطيني سامي العريان، المتهم بالإرهاب، والانخراط ضمن أنشطة حركة الجهاد، وبعد معركة قانونية طويلة، تمّ ترحيل العريان إلى تركيا في شباط (فبراير) 2015، وساعده أردوغان على الاستقرار في تركيا، وحصل على عمل في جامعة صباح الدين زعيم (IZU) في إسطنبول، والتي أنشأتها المؤسسة الإسلامية في العام 2017، وأسس العريان بعد ذلك، مركز الإسلام والشؤون العالمية في الجامعة، وهو يعمل كمنسق له.

وبحسب موقع "المونيتور"، فإنّ زيارة جمال والوفد المرافق له، والتي تأتي في وقت يتخذ فيه أردوغان خطوات لتطبيع العلاقات مع السعودية والإمارات ومصر، ربما تكشف أنّ الأنباء التي تفيد، بأنّ حكومته تضييق الخناق على أنشطة الإخوان المسلمين في تركيا، هي تقارير تكتيكية، أكثر من كونها تحركاً لإعادة التنظيم الإستراتيجي للسياسة التركية، من أجل كسب الود في القاهرة والرياض وأبو ظبي.

مواضيع ذات صلة:

جديد الانقسام داخل الإخوان..هل وصلت جبهة إسطنبول إلى محطتها الأخيرة؟

فصل مصطفى طلبة... ما مآلات قرار عزل مرشد إسطنبول؟

جماعة الإخوان إلى الانشطار... خطوات لتعيين بديل لمنير في إسطنبول



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية