شفيق الغبرا: القيادة الفلسطينية مارست السلطة قبل اكتمال التحرّر الوطني

شفيق الغبرا: القيادة الفلسطينية مارست السلطة قبل اكتمال التحرّر الوطني


14/11/2019

أجرت الحوار: رشا سلامة


لعلّ آخر ما توقّعه الباحث والأكاديمي الفلسطيني الكويتي، شفيق الغبرا، أن يُحال للنائب العام الكويتي؛ للبتّ في أمر كتابه الذي أصدره في أواخر عام 2018، تحت عنوان "النكبة ونشوء الشتات الفلسطيني في الكويت".

استمع النائب العام الكويتي لدفوعات الغبرا، أمام تهمة الإساءة للكويت، التي يعمل أكاديمياً في جامعتها، كأستاذ للعلوم السياسية، عقب تخرّجه، عام 1987، في جامعة تكساس في أوستن، وكان أن قال كلمته الفصل لصالح الغبرا وحريّة البحث العلمي.

لا بد من العودة للمبادئ الأساسية التي تهتدي بها حركة التحرر الفلسطينية في كلّ فلسطين وفي شتاتها المتنوّع والممتدّ

الكتاب، الصادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، والذي يقع في 342 صفحة من القطع الكبير، هو تطوير لأطروحة الغبرا، التي قدّمها لنيل الدكتوراه، قبل أن يشغل منصب مدير المكتب الإعلامي الكويتي في العاصمة الأمريكية، واشنطن، بين عامَي 1998 و2002، وقبل أن يصبح مديراً لمركز الدراسات الإستراتيجية والمستقبلية في جامعة الكويت، بين 2002 و2003، وقبل أن يصبح رئيساً مؤسساً للجامعة الأمريكية في الكويت، بين 2003 و2006.

للغبرا مؤلفات عدة، من بينها: "الكويت: دراسة في آليات الدولة والسلطة والمجتمع"، و"حياة غير آمنة: جيل الأحلام والإخفاقات"، من إصدار دار الساقي في بيروت، كما صدرَ له مؤخراً "الثورات العربية وأعداؤها"، عن دار الريّس في بيروت. 

ويحمل الغبرا جنسية الكويت، التي وُلِد فيها عام 1953، لأبٍ حيفاوي عايش النكبة ودرسَ الطب في الجامعة الأمريكية في بيروت، ليغدو طبيب الأمير صباح السالم الصباح.

فيما يلي نصّ الحوار الذي أجرته "حفريات" مع الدكتور شفيق الغبرا، حول إرهاصات القضيّة المتعلّقة بكتابه "النكبة ونشوء الشتات الفلسطيني في الكويت":

كتابه "النكبة ونشوء الشتات الفلسطيني في الكويت"

إلى أيّ مدى كنت قريباً أو بعيداً عن بحثك حول النكبة والشتات الفلسطيني في الكويت، وأنت الكويتي من أصول فلسطينية تعود لمدينة حيفا؟ إلى أيّ مدى يُمكن للباحث أن يكون موضوعياً والبحث يتحدّث عنه وعن تجارب له صلة معها بحكم الخلفية العائلية والارتباط الوجداني؟

عكفت على نصّ علمي وأكاديمي، وكان نصب عينيّ السؤال الذي يُساور الباحث حول الجوانب التي لم تحظَ بالتغطية في القضية التي يثيرها بحثه، على الباحث الكفؤ، والذي يتحلى بالمصداقية، أن يتساءل عن الجوانب التي لم تغطّها دراسات سابقة؛ لهذا على الباحث أن يتساءل عن الحفريات المطلوبة للوصول لتلك الأبعاد، وهذا الكتاب يغطي جوانب لم تسبق دراستها بهذا الشكل.

اقرأ أيضاً: كيف تسوغ السلطة الفلسطينية قرارها بحجب عشرات المواقع الإخبارية؟
لكن على الباحث المتمرس أن يضع حدّاً واضحاً بينه وبين الموضوع، وأن يسرد الإيجابيات ويوردها كما السلبيات، وأن يتحكّم بانحيازاته وأن يجعل انحيازه فقط لما سيكتشفه من إجابات على أسئلة البحث، وإن وجد صعوبة في عرض النتائج، فمن الأفضل له أن يتنحى جانباً.

العالم يمرّ الآن بـ "أزمة النخب" إذ ما عادت هذه النخب قادرة على التعامل مع الأزمات والمصاعب الراهنة

البحث يتطلّب شجاعة السؤال والاستعداد للوصول للمعرفة، الصدق هو أساس عمل الباحث.
أنا ابن تجربة النكبة، وعلى تواصل مع تجارب الفلسطينيين، وبالتالي حين أكتب عن فلسطين أو الكويت، فإنّ لديّ امتيازاً هو أنني أستطيع التوصل للمعلومات، وأستطيع التعامل مع تناقض التجارب، وبما أنّني ابن الكويت، فلديّ امتياز يتعلّق بمعرفتي بها وبتجاربها، وكوني عشت أصعب ما مرّ على الكويت، في عامَي١٩٩٠ و١٩٩١، يمكنني القول إنّني على دراية بموضوعي، وإنّ التعمّق بالبحث لمن لديه الخلفية والمعرفة هو امتياز يسمح بتقديم الأفضل والأعمق، وهذا ما منحني، كباحث، قدرة أكبر على توضيح الصورة والأبعاد غير الظاهرة في وسائل الإعلام وتصريحات السياسيين. أكتب كعربي منحاز للقضية الفلسطينية، وكإنسان منحاز للكويت، لكنّني فوق كلّ شيء منحاز للحقيقة ومصداقية البحث العلمي، ولعلّ التصالح مع الحقيقة، حتى لو كانت مُرّة وصادمة ومتناقضة مع انحيازاتي، من زاوية بحثية، هو أفضل وسيلة لتعميق المعرفة وتعميق التجربة الإنسانية.

حين ثارت القضيّة ضدّك؛ هل شعرت بالحزن أو القلق، ذلك أنّ المواطن يدخل دائرة الشكّ، حين يكون من جذور فلسطينية، وحين يتعامل مع أمر حسّاس كالكويت وفلسطين في مرحلة تاريخية حرجة؟

عندما وقعت هذه الهبّة ضدّ الكتاب، لم آخذ الأمر بصورة شخصية، من جانب، تفهّمت موقف من انتقدوني، كما فهمت على الفور أنّ هذا يعني أنّ الكتاب جيد ويثير تساؤلات، ولهذا سوف يُقرَأ، وهذا هو هدفي في الأساس، ثم قمت، من جانبي، بتوضيح الصورة في عدة محاضرات وندوات ولقاءات تلفزيونية، لم يمنعني أحد في الكويت من الدفاع عن الكتاب أمام الجمهور والرأي العام الذي أحترمه.

اقرأ أيضاً: هل تنجح السلطة الفلسطينية في تحدي إسرائيل بالبناء في مناطق (ج)؟
كان أول ما تبادر لذهني؛ أنّ من يحاول طرح رأي مختلف غير شائع، فإنّه دوماً سيثير ردود فعل كبيرة، سواء كان هذا الشخص من أصل فلسطيني أو غير ذلك، الكثير من مواطني الكويت ممن كتبوا في شأن حسّاس وجديد تعرّضوا لعواصف؛ لهذا، لم أشعر للحظة بشعور الضحية أو المستسلم، وكنت أتوقع الإنصاف من الدولة، وإن لم يقع ذلك، فإنّ عليّ أن أناضل من أجل الإنصاف، بطبعي محارب من أجل الحقّ؛ لهذا وجدت في ردّة الفعل على الكتاب فرصة للنقاش وبناء صورة أكثر واقعية لما حصل في العلاقة بين الشعبَين، الكويتي والفلسطيني.
مشكلة العرب عدم مناقشة قضاياهم؛ تخيّلي مثلاً أنّه رغم ما حدث في الأردن، بين منظمة التحرير الفلسطينية والدولة الأردنية، إلا أنّك لن تجد كتاباً واحداً يناقش الأمر بموضوعية وعلمية، الغرب يكتب تجاربه ويناقشها من كلّ الزوايا ليحفظ تاريخه، أما نحن فنطمس تاريخنا، وهذا يسهم بأزمات تتعلق بوجودنا.

اقرأ أيضاً: هل تنجح السلطة الفلسطينية في وقف الاتفاقيات مع إسرائيل؟
الآخر الذي ينتقدك ويهاجمك قد يرى أنّ لديك نقاط ضعف، خاصة إن حمل فكراً سطحياً تجاه المواطنة؛ لهذا يعتقد البعض أنّك هدف دسم لتسجيل انتصار سهل قد يخدمه في حملة شعبوية تقوم على الخوف من كلّ رأي مختلف، هكذا يتم إدخال كلّ الأسلحة كالأصول، وكلّ بُعد شخصي يمكن استخدامه لضرب مصداقية الكاتب؛ لهذا أصبحت أصولي مكان هجوم، لكنّني لو كنت من طائفة أو قبيلة أو عائلة معينة، فسيحدث الأمر ذاته،  ما نزال في بلدان ومجتمعات تقرن الفكر بالأصول والدين والطائفة، ولا تؤمن بنزاهة الباحث أو حياديّته، وقلّما تقرأ النصوص باتزان وموضوعية، كما أنّ بعضنا ما يزال معتاداً على نصّ المديح، وهو بالأساس يعجز عن التعامل مع النصّ البحثي الطبيعي والموضوعي والتقييمي، لن نتطور إلا من خلال مواجهات من هذا النوع، وبرأيي ستسود لغة الحرية والبحث العلمي مجتمعاتنا بسبب حاجتنا إليها.

من هنا، جاء قرار النائب العام في الكويت، حين تعامَل مع الكتاب كنصّ علمي يقوم على الدراسة والاستقصاء، قرار النائب العام أراحني، وأكّد لي أنّني في دولة تحترم حرية الباحث وإنتاجه، لكنّ الأهم في موقف النائب العام؛ أنّه أصدر قراراً مكوّناً من ٤١ صفحة، يشرح فيه كلّ وجهات النظر، ويؤكّد أهمية البحث العلمي بصفته مداولة وجمعاً لمعلومات قد تطرح الجديد، وأنّ البحث العلمي لا يعني أنّ الكاتب مسؤول عن كلّ رأي وردّ في كتابه؛ فهو يعكس طبيعة الآراء والتجارب التي نقلها عمّن قابلهم، وعن المصادر التي كشف عنها، وطالما أنّه يضع مصادره ويوضحها فقد التزم بقواعد البحث العلمي.

اقرأ أيضاً: هل ينجح توجّه السلطة الفلسطينية إلى الأردن في الانفصال الاقتصادي عن إسرائيل؟

لدى الباحث الملتزم والموضوعي منهج يشرحه في كلّ كتاب، وفي كتاب النكبة هناك فصل نظري شامل يشرح معنى النكبة ومعنى الشتات ويشرح منهجية الكتاب والتعريفات، ويقارن بتجارب شعوب أخرى، وقد التزمت بصرامة بكلّ ما أوضحته في الفصل الأول، لقد استنتج النائب العام في قراره التاريخي أنّ الباحث الأكاديمي يجب ألاّ يُقاضَى أو يُحاكَم على بحثه أو دراسته، في القرار إنصاف للبحث العلمي في الكويت، هذا إنصاف ليس لي فقط؛ بل لكلّ الباحثين في جامعات الكويت ومؤسساتها ممن يخشون التعرّض للقضايا الجديّة والمسائل الأعمق المثيرة للجدل والنقاش.
الغبرا: الشيء الإيجابي في حالتي أنّ مناخ الحرية في الكويت يسمح بالبحث

يغرق العالم العربي في الصراعات، الرئيسة والجانبية، ويشوب التوتر العلاقات العربية البينية، سواء كان هذا في وقت سابق أو حالي، كيف يستطيع الباحث التعامل مع هذا الجوّ المشحون والجدليّ، محافظاً على موضوعيته ومهنيّته؟

لا بدّ من التسليم بأنّ هناك مجازفة دوماً في ظلّ هذه الظروف، لكن يستطيع الباحث أن يتحرّك وأن يفكّر وأن يكتب، المشكلة في اجتزاء مقاطع من البحث وتشويهها، من دون أخذ السياق في عين الاعتبار.

يتعامل الباحث مع مجتمع ودولة وقوانين مقيّدة، وحالة من التفكير لا تعدّ البحث العلمي ضرورة؛ لذلك فإنّ الباحث في العالم العربي يعاني وتُمارس عليه الضغوط، عليه أن يجازف وعليه أيضاً أن ينتبه، وأن يبقي في ذهنه حقيقة أنّ المعركة قد تُخاض ضدّه في أيّ وقت.

اقرأ أيضاً: ماذا لو نجحت السلطة الفلسطينية بإصدار عملة رقمية بديلة عن الشيكل الإسرائيلي؟
الشيء الإيجابي في حالتي؛ أنّ مناخ الحرية في الكويت يسمح بالبحث، لكن من جانب آخر أنصفتني الدولة مع علمي بأنّه في حالات عربية كثيرة لا يتمّ إنصاف الباحث، بل كم من باحث أُبِعدَ عن وطنه أو سُجِن وفي حالات قُتِل؛ لذا، تبقى جوانب بحثية كثيرة في أيدي مستشرقين غربيين، ونبقى متأخرين بحثياً.

مرّت العلاقات الفلسطينية – الكويتية بكثير من المدّ والجزر، والتقارب والفتور؛ هل بوسعنا اعتبار أنّ مرحلة العتب التي كانت كويتياً حيال الفلسطينيين، عقب الغزو، قد انقضت؟

على مستوى العلاقات الرسمية؛ تمّ تجاوز هذا بالكامل، لكن على المستوى الشعبي والوجداني فهناك آراء متباينة، الثابت دوماً هو وجود تعاطف كويتي مع القضية الفلسطينية؛ بل إنّ تيارات كويتية دينية بأطيافها وأخرى قومية، تعدّ فلسطين بنداً أساسياً من طروحاتها، ومن يقرأ الرواية الكويتية والأدب الكويتي سيجد مكاناً لفلسطين والقضية الفلسطينية ولغة تواصل وحوار دائمة، ففلسطين جزء لا يتجزأ من تاريخ الكويت.

هناك فئة كبيرة من الكويتيّين ما تزال تطرح الأسئلة حول ما جرى، ومن هنا يكتسب الكتاب أهميته، كثيرون ممّن كانوا يتحدثون إليّ والجدل دائر حول كتابي، كانوا يقولون لي: "ما كتبته قد غيّر مسار تفكيرنا إلى حدّ ما؛ إذ بتنا نضع الأمور في سياقها الاجتماعي والسياسي الصحيح"، لا يعني ذلك أنّهم غفروا أو نسوا تماماً، لكن على الأقل، تمكّن الكتاب من تسليط الضوء على كثير من الممارسات الإيجابية التي قام بها فلسطينيون في مؤازرة الكويت وشعبها، ما فعله الكتاب هو إعادة درجة من التوازن للتجارب، وإخراج العلاقة الفلسطينية الكويتية من أجواء الشيطنة والتعميم الأعمى.

لطالما امتازت الكويت، ومنذ عقود طويلة، بانفتاح فكري وفني وإعلامي، وميل جارف نحو القضايا العروبية، كما أنّ الديموقراطية في الكويت وحقوق النساء سجّلت، إلى حدٍّ ما، تقدّماً قياساً بكثير من الدول العربية؛ برأيك، ما هي الوصفة السحرية التي تملكها الكويت في فرادتها؟

جوانب عدة أسهمت في هذه الفرادة، منها الموقع الجغرافي؛ إذ إنّ الكويت قريبة من العراق، كما كانت مركزاً للتجارة ونقطة وسط لالتقاء الأفكار، وامتزجت فيها أطياف عدّة منذ زمن طويل، وكانت دوماً منفتحة على الآخر، ما أسهم بدوره في خلق وعي مبكر على مستوى منطقة الخليج، إضافة إلى أنّ شعب الكويت مكوّن من هجرات جاءت من نجد والعراق وإيران ومناطق أخرى في الخليج والعالم العربي، كلّ هذا منحَ الكويت طابع التنوّع السابق كلّه، جعلَ هناك حالة توثّب نحو الديموقراطية، لا سيما أنّ الفضاءات مفتوحة لتجربة سياسية متقدمة يعزّزها سقف حريات  متوازن، لا ينفي هذا أنّ الكويت مرّت وتمرّ في حالات مدّ وجزر على صعيد الحريات والديموقراطية، لكنّها دوماً تنأى بنفسها عن إقصاء الآخر، حتى حيال التيار الإسلامي، وهناك دوماً اعتبار قائم لما يريده المجتمع حتى في سياسة الكويت الخارجية، تجاه فلسطين أو العراق أو إيران أو أزمات الخليج.

كتابه "حياة غير آمنة: جيل الأحلام والإخفاقات"

يعايش كتابك "النكبة ونشوء الشتات الفلسطيني في الكويت" مراحل عدّة مرّت خلالها القيادة الفلسطينية، من كفاح مسلّح إلى حروب أهلية، إلى مآزق دولية، إلى تسوية ومشروع دولة؛ أين ترى القيادة الفلسطينية الآن؟

العالم كله يمرّ الآن فيما يمكن أن نصطلح عليه اسم "أزمة النخب"؛ إذ ما عادت هذه النخب قادرة على التعامل مع الأزمات والمصاعب الراهنة، وأزمة القيادة هي ضمن أزمة النخب، ولا يعاني منها العالم العربي فحسب، بل العالم بأسره، لكن، في حالتنا العربية والفلسطينية المشكلة أعمق؛ إذ هناك أزمة أجيال، فكثير من القيادات العربية تشكّل وعيها في الخمسينيات من القرن الماضي، بينما لدينا أجيال تشكّل وعيها في مطلع الألفية، وأخرى تشكّل وعيها في الأعوام الأخيرة، وهكذا.

اقرأ أيضاً: هل ينقذ أثرياء القطاع الخاص السلطة الفلسطينية من الانهيار الاقتصادي؟
في الحالة الفلسطينية؛ أضيفي للسابق كلّه، وجود احتلال وخطة صهيونية واستيطان وقضم للأراضي ومعتقلات وتضييق وحصار، فتكون النتيجة هي ما يحصل اليوم؛ إذ تجتمع الكولينيالية الاستعمارية مع أزمة النخب والفجوة بين أجيال القيادات ورؤاها.
الفلسطينيون اليوم في حالة بحث عن مخرج، وأهم ما يمكن فعله الآن هو الصمود على الأرض وعدم التورّط في أيّ صراع، جانبي أو داخلي، قد يستغلّه الإسرائيليون في تحقيق مزيد من التغوّل.
في عقود سابقة، وتحديداً تلك التي يتناولها كتابي، كان لدى القيادة الفلسطينية رؤى واضحة وأهداف محدّدة، بعد الانتفاضة الأولى، عام ١٩٨٧، وبعد غزو العراق للكويت، عام ١٩٩٠، ومن ثم توقيع اتفاقية أوسلو، عام ١٩٩٤، دخلت القيادة الفلسطينية والقضية برمّتها في مرحلة صعبة؛ ذلك أنّها انتقلت لممارسة السلطة دون أن يكتمل التحرّر الوطني؛ أي وقعت في شِباك أنّها سلطة لكن تحت إرادة سلطة استعمارية، وبغضّ النظر عمّن كان في قيادة السلطة، سواء في الضفة الغربية أم في غزة، فإنّه سيجد ذاته مكبلاً في إطار احتلال وسيطرة لن يخرج منه إلا بالعودة للمبادئ الأساسية التي تهتدي بها حركة التحرر، لا بدّ من استعادة روح حركة التحرر الفلسطينية في كلّ فلسطين، وفي شتاتها المتنوّع والممتدّ.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية