ماذا لو نجحت السلطة الفلسطينية بإصدار عملة رقمية بديلة عن الشيكل الإسرائيلي؟

فلسطين

ماذا لو نجحت السلطة الفلسطينية بإصدار عملة رقمية بديلة عن الشيكل الإسرائيلي؟


21/07/2019

تحاول السلطة الفلسطينية تجاوز القرصنة الإسرائيلية لأموال الضرائب "المقاصة"، بابتداع أساليب جديدة ترى فيها التفافاً على الإجراءات المشددة التي يتخذها الاحتلال الإسرائيلي؛ للحيلولة دون وصول الأموال إليها، ووضعها في مأزق مالي خطير.

طلال عوكل: لا يمكن الانفكاك عن العملة الإسرائيلية في الوقت الراهن لأنّ الاحتلال الإسرائيلي يسيطر على كافة المعابر والحدود

فقد أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد أشتيه؛ أنّ "السلطة الفلسطينية في صدد استخدام العملات الرقمية، وذلك بهدف تجاوز العراقيل التي يضعها الاحتلال الإسرائيلي أمام الحكومة في الوقت الحالي، لتكون بديلة للعملة المحلية".
وأكّد رئيس الحكومة الفلسطينية أنّهم "يسعون خلال الفترة المقبلة لأن يكونوا رواد التكنولوجيا في كلّ شيء، حتى لا يستطيع الاحتلال أن يعرقلهم في التنمية، ولا يجد وسيلة لابتزاز الفلسطينيين، ولتجنب مشكلات مرتبطة بفائض الشيكل في السوق المحلية".
ويستخدم الفلسطينيون حالياً الشيكل الإسرائيلي كعملة رسمية في تعاملاتهم كافة، إضافة إلى عملات أخرى؛ كالدينار الأردني، واليورو الأوروبي، والدولار الأمريكي.

اقرأ أيضاً: ..وقطاع غزة أيضاً يضيق باللاجئين السوريين
وتعتمد الحكومة الفلسطينية بشكل أساسي على أموال المقاصة؛ فهي مصدر الدخل الأبرز لها، وتشكّل نسبتها 63% من إجمالي إيرادات الحكومة، بحسب الأرقام الرسمية.
عملة الشيكل

أداء جيد للعملات الرقمية
وتواصل العملات الرقمية المشفرة بشكل عام، الأداء الجيد لها، منذ نيسان (أبريل) من العام الجاري؛ حيث اتجهت العديد من العملات إلى الصعود في الأسعار، مما جذب الكثير من المستثمرين إلى السوق مرة أخرى، ليشهد أرباحاً كبيرة للعديد من الشركات.

اقرأ أيضاً: الانقسام الفلسطيني.. 12 عاماً على التبعات المنسية
كما أنّ الاهتمام بمجال العملات المشفرة لم يكن على مستوى الحكومات أو الأفراد فقط؛ إذ انتقلت العديد من الشركات إلى فكرة إطلاق العملة الرقمية الخاصة بها، وفي طليعتها "فيسبوك".
فهل تنجح السلطة الفلسطينية في شقّ طريقها نحو العملات الرقمية. وما التبعات الاقتصادية والسياسية للانفكاك عن العملة الإسرائيلية الشيكل. وهل سيكون للسلطة الفلسطينية كيان اقتصادي منفصل. وما ردّة الفعل الإسرائيلية على هذا التوجه؟

اقرأ أيضاً: ورشة البحرين: الفلسطينيون يرفضون الرفاهية الاقتصادية تحت الاحتلال
في سياق الردّ على تلك التساؤلات، يقول الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، لـ "حفريات": "من الصعب إلغاء، أو الحدّ، من تداول واستخدام الشيكل الإسرائيلي في الأسواق الفلسطينية، فتوجه السلطة الفلسطينية لتدشين عملة رقمية خاصة بها لا يمكن أن يكون جدّياً لهذا الحدّ؛ لأنّ المجتمع غير مهيأ لاستخدام تلك العملة، ومشكلة التداخل الاقتصادي والقرصنة الإسرائيلية لأموال الفلسطينيين لا يمكن حلّها بتلك الطريقة".
 إعلان السلطة الفلسطينية بالتوجه نحو العملات الرقمية

توفير بدائل اقتصادية
ولا يمكن الانفكاك عن العملة الإسرائيلية "الشيكل" في الوقت الراهن؛ لأنّ الاحتلال الإسرائيلي، كما يقول عوكل، يسيطر على كافة المعابر والحدود؛ لذلك لا يوجد مجال للفصل، "لكن هناك مجال لاتخاذ إجراءات تتمثل، بتوفير بدائل اقتصادية، سواء محلية، أو مستوردة من الدول الخارجية، ومقاطعة البضائع الإسرائيلية، واعتماد عملة بحسب عملات أخرى، مثل الدينار الأردني، للتقليل من الاعتماد على الشيكل".

هاني حبيب: لا يمكن الحديث عن إصدار عملة رقمية فلسطينية في الوقت الحالي ما دام الفلسطينيون تحت الاحتلال

وفي حال إصرار السلطة الفلسطينية الانفكاك عن الشيكل الإسرائيلي، وإصدار كيان اقتصادي مستقلّ، "فإنّ ردّة الفعل الإسرائيلية ستكون قويّة، وسيتخذ الاحتلال إجراءات فعالة للتأثير على السلطة الفلسطينية لمواجهة تلك الخطوة، مثل: إغلاق المعابر، وعدم السماح بإدخال المواد الخام، والأموال للبنوك الفلسطينية، وتسريح الأيدي العاملة الفلسطينية في الشركات الإسرائيلية، وغيرها من الخطوات التي من شأنها إضعاف الاقتصاد الفلسطيني".
ومن الخطوات التي يجب اتباعها قبل التحرر الاقتصادي، بحسب عوكل، "التخلص من التنسيق الأمني، وإصدار تعليمات لكافة الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية بعدم التعامل مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وعدم التعاطي بمخرجات اتفاقية باريس الاقتصادية بشكل نهائي".

اقرأ أيضاً: محللون فلسطينيون يكشفون أهداف الأموال القطرية في قطاع غزة
وفي سياق متصل، يقول الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب، لـ "حفريات"، إنّ "السلطة الفلسطينية لا يمكنها الانفكاك الاقتصادي والمالي عن دولة الاحتلال، نظراً لعدم وجود حدود جغرافية حقيقية، وبسبب التوسع الاستيطاني بالضفة الغربية، فلا يمكن الحديث عن أيّة عملة جديدة فلسطينية في الوقت الحالي؛ لأنّ الفلسطينيين تحت احتلال، ويجب التخلص من الاحتلال قبل التخلص من التعاملات الاقتصادية معه".
التحديات
وفي حال تمكّنت السلطة من الانفكاك عن العملة الإسرائيلية، وإصدار عملة رقمية خاصة بها، فإنّها، كما يرجح حبيب، ستواجه "تحديات كبيرة على المستوى الدولي، ولا سيما ردة الفعل الأمريكية، التي من المتوقع أن تلزم الدول المانحة بقطع تمويلها المالي عن السلطة الفلسطينية، إضافة إلى إزالة الغطاء السياسي عن مؤسسات السلطة الفلسطينية المنتشرة في دول العالم، ما يفقدها شرعيتها".

اقرأ أيضاً: ما مصير المصالحة الفلسطينية إذا نفد صبر القاهرة؟
ويصف الخبير الاقتصادي، معين رجب، إعلان السلطة الفلسطينية بالتوجه نحو العملات الرقمية بأنّه "مجرد خطاب إعلامي لإيصال رسالة للاحتلال الإسرائيلي، للتخفيف من حدة الأزمات الاقتصادية، وإعادة النظر في خصم مخصصات الشهداء والجرحى من أموال عائدات الضرائب (المقاصة)".
أزمة مالية تعصف بالحكومة الفلسطينية

انفكاك سياسي بعد الاقتصادي
ويعتقد رجب أنّ "إصدار عملة رقمية خاصة بالفلسطينيين، والانفكاك الاقتصادي عن الاحتلال الإسرائيلي، لا يمكن أن يتم إلا بعد الانفكاك السياسي، والتحرر من سائر الاتفاقيات والمعاهدات مع الاحتلال الإسرائيلي، وعلى رأسها اتفاقية باريس الاقتصادية، ومن الصعب تحقيق هذا الأمر في ظلّ استمرار العلاقات، والتداخل الاقتصادي مع الاحتلال".

معين رجب: وجود عملة جديدة يحتاج إلى اقتصاد قوي لديه القدرة على دعمها وإمكانية تداولها في الأسواق المحلية والخارجية

ويشير الخبير الاقتصادي إلى أنّ "انفكاك السلطة الفلسطينية عن العملة الإسرائيلية "الشيكل" له تداعيات خطيرة على الفلسطينيين؛ إذ يوجد ما يزيد عن 100 ألف عامل فلسطيني يعملون في الأراضي الفلسطينية عام 1948، وفي حال تم الاستفتاء عنهم من قبل الجانب الإسرائيلي، فإنّ السوق الفلسطينية لا تستطيع استيعاب هذا العدد الضخم، خاصة أنّهم يشكّلون 25% من النتاج المحلي الإجمالي".
ويلفت رجب، في حديثه لـ "حفريات"، إلى أنّ هناك تحديات تواجه إصدار أيّة عملة فلسطينية جديدة، سواء كانت رقمية أو تقليدية، وهي ضعف الاقتصاد الفلسطيني، وتحكم الاحتلال الإسرائيلي بالصادرات والواردات، وعجز الموازنة العامة والديون العالية المتراكمة على الحكومة، وضعف الاقتصاد الفلسطيني، مشيراً إلى أنّ وجود عملة جديدة يحتاج إلى اقتصاد قوي لديه القدرة على دعمها، وإمكانية تداولها في الأسواق المحلية والخارجية.
هل تمتلك السلطة السيادة؟
وتساءل رجب: هل تمتلك السلطة الفلسطينية السيادة الكاملة على المعابر التجارية. وهل تستطيع حماية عملتها الجديدة من المخاطر التي قد تواجهها. وكيف سيتم إقناع المواطنين بالعملة الجديدة؟
يذكر أنّه منذ بداية عام 2019، لم يتسلم موظفو السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، البالغ عددهم 138 ألف موظف، سوى 50% من رواتبهم الشهرية، نظراً للأزمة المالية التي تعصف بالحكومة الفلسطينية، بسبب اقتطاع إسرائيل جزءاً من أموال الضرائب الفلسطينية "المقاصة".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية