شراذم الإرهاب التي تحمل لافتة "داعش"

شراذم الإرهاب التي تحمل لافتة "داعش"


25/05/2022

عاطف الغمري

بعد ثلاثة أيام من الهجوم الإرهابي الأخير في غربي سيناء، صدر بيان عن مجموعة أطلقت على نفسها اسم «داعش»، وتعلن مسؤوليتها عن هذا الهجوم الإجرامي.

من ثم طرح السؤال: هل ما زال لتنظيم «داعش» وجود هناك، أم أن الاسم صار لافتة يتخفى وراءها إرهابيون مدفوعون بنزعة دموية، لإثبات الوجود لتنظيم تشرذمت فلوله في أماكن مختلفة.

  ومن اللحظة الأولى للهجوم الإرهابي في سيناء، تتابعت بيانات ملوك وأمراء ورؤساء الدول العربية تستنكر الجريمة الإرهابية، وتؤيد مصر في حربها لاستئصال الإرهاب، باعتبار تلك قضية عربية مشتركة، كما توالت مواقف التضامن الدولي على مستوى العالم.

  وظلت الشكوك تحيط ببيان «داعش»، لأن الشواهد تنطق بأن «داعش» كتنظيم، لا وجود فعلياً له على أرض مصر، بعد تراجع عملياته منذ نحو عام ونصف العام، إثر الضربات التي لاحقته، وأن الذين ارتكبوا الجريمة جزء من شراذم توزعت على مناطق في إفريقيا، وبعض الدول العربية.

  وكانت صورة «داعش» اختص بدراستها علماء النفس، في استطلاعهم لسيكولوجية الإرهابي، وشارك فيها خبراء ومفكرون اهتموا بدراسة ومتابعة واقع التنظيمات الإرهابية ومنها «داعش»، وما هو الحال الذي سيكون عليه هذا التنظيم بعد مقتل مؤسسه وقائده أبو بكر البغدادي في سوريا.

  وخلصت دراستهم إلى وجود ثلاثة محاور سوف تتوزع عليها بقايا التنظيم. وإن هؤلاء لن يستطيعوا العودة إلى ممارسة حياة طبيعية في بلادهم الأصلية، أو حتى في غيرها، لأن احتواءهم داخل «داعش» ربطهم باعتناق عقيدة العنف، ورفض المجتمع، حتى أن إحساسهم بالمتعة يتصاعد كلما أراقوا دماء من يستهدفونهم، ويتلذذون بالذبح والقتل الجماعي.

  واتفق الدارسون على أن المنضمين «لداعش»، بعد مقتل البغدادي، والضربات القاتلة لهم في سوريا، والتي أدت إلى اعتقال العديدين منهم وإلقائهم في السجون، لم يعد أمامهم سوى ثلاثة خيارات، هي:

إما الانضمام إلى تنظيم القاعدة، باعتبار أن أكثرية المنضمين إلى داعش كانوا أصلاً في تنظيم القاعدة، قبل الانقسام والعداوة بين البغدادي وأيمن الظواهري.

والخيار الثاني هو أن يجدوا ملاذاً لهم في عصابات الجريمة المنظمة، التي ارتبطوا بها في علاقات تعامل مباشر، مثل شراء السلاح منهم، وما يبيعونه لها من مسروقاتهم في سوريا والعراق من البترول، ومن الآثار المسروقة من متاحف الدولتين.

  أما الخيار الثالث فهو البحث عن ملاذات آمنة خاصة في إفريقيا، التي يتسللون منها إلى بلاد يمارسون فيها إرهابهم مثل ليبيا، وهؤلاء يتوزعون على مجموعات الكثير منها منفصلة عن بعضها بعضاً، والتي تطلق على نفسها اسم «داعش».

  وضمن هؤلاء عناصر من «الإخوان» الذين كان تم إدخالهم إلى سوريا، وقاتل بعضهم مع «داعش»، والبعض مع جبهة النصرة التابعة للقاعدة.. وظهر منهم أفراد من «الإخوان» في فيديوهات، يرتدون زياً شبه عسكري، ويعلنون صراحة مبايعتهم لأبو بكر البغدادي ولتنظيم «داعش».

   وكل هؤلاء تربط بينهم أواصر فكرية وعقائدية، وهو ما اتفقت عليه دراسات متخصصة في الغرب، بقولها إن تنظيم «الإخوان» هو المنظمة الأم للتطرف المعاصر، والتي خرجت منها جميع المنظمات اللاحقة التي مارست الإرهاب، وكلها تتبنى أفكار ومبادئ «الإخوان».

وقد تأكد الإحساس العام عربياً بخطر نشاط الشراذم التي تسللت إلى منطقة الساحل الإفريقي، كمركز لمحاولة استئناف نشاطها الإرهابي هناك، وكان ذلك موضوع الاجتماع الوزاري للتحالف العالمي ضد «داعش»، الذي عقد في مراكش بالمغرب، وشاركت فيه 79 دولة، وأعلنت في بيانها الختامي قبل أيام عن الالتزام والتنسيق الدولي في محاربة «داعش»، وبتركيز خاص على القارة الإفريقية ومواجهة فلول التنظيم التي تحاول إعادة التجمع في إفريقيا جنوب الصحراء، وتطويرها للتهديد الإرهابي في الشرق الأوسط ومناطق أخرى، بالقيام بعمليات إرهابية في سوريا والعراق ومنطقة الساحل والصحراء في إفريقيا.

 ولأن بقايا الإرهابيين من مناطق نشاطهم السابقة، يبحثون عن أي فرص ينتهزونها لاستعادة نشاطهم، حتى ولو كان بعيداً تماماً عن شعاراتهم، بالادعاء بأنهم مدفوعون بأسباب دينية، ولهذا فإن حرب أوكرانيا قد فتحت أمامهم باباً سارعوا للدخول منه. 

   ويبقى أن أعضاء المنظمات الإرهابية – جميعها دون استثناء – هم عملاء لأجهزة مخابرات أجنبية، في حروب تلعب فيها هذه المنظمات دور الوكلاء المحليين، لصالح جهات أجنبية، تزودها بالدعم المالي، والتسلح وأجهزة الاتصال التكنولوجية الحديثة. وهو واقع أفاضت مؤلفات ومراكز بحوث أمريكية وأوربية في كشف القناع عنه. ومن بينها الدراسات التي تناولت مفهوم حرب الجيل الرابع التي أعلنت تفاصيلها في الولايات المتحدة عام 1989، والتي تبقى فيها الدول الأجنبية في خلفية أي اشتباكات إقليمية، وتقوم فيها منظمات إرهابية بدور العميل المحلي.

عن "الخليج" الإماراتية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية