شجرة أردوغان تفقد أوراقها.. ما سر مسلسل انشقاقات حزب العدالة والتنمية؟

شجرة أردوغان تفقد أوراقها.. ما سر مسلسل انشقاقات حزب العدالة والتنمية؟


21/07/2020

يشهد حزب "العدالة والتنمية" الإسلامي الحاكم في تركيا، الذي يتزعمه رجب طيب أردوغان، منذ أكثر من عام انشقاقات في صفوف أعضائه، هذا بالإضافة إلى شبهات الفساد التي تحيط بالكثير من قياداته، والتي تنبئ أيضاً بحملة التطهير التي يسعى أردوغان القيام بها في إطار محاولته جمع شتات حزبه وإعادة شعبيته المتهاوية.   

وأحدث تلك الانشقاقات كانت رئيسة لجان المرأة في فرع الحزب ببلدة كيزيل تابه التابعة لمدينة ماردين، أمينة جوكتاش، التي قدّمت استقالتها قبل يومين، ومعها 14 عضواً آخر، ليقرّروا الانتقال إلى صفوف حزب المستقبل.

أحدث تلك الانشقاقات كانت أمينة جوكتاش التي قدّمت استقالتها قبل يومين ومعها 14 عضواً آخر

وقال رئيس شعبة حزب المستقبل في المدينة، أمين إلهان، إنّ الاستقالات في صفوف حزب "العدالة والتنمية" ستستمرّ خلال الأيام المقبلة، مضيفاً أنّ "المواطنين يريدون أحزاباً سياسية جديدة تنقذهم من الأوضاع الاقتصادية المتأزمة"، وفق ما نقلت صحيفة "زمان" التركية.

وهذ الشهر أعلن خمسة من قيادات حزب "العدالة والتنمية" في بالكسير شمال تركيا استقالتهم بشكل مفاجئ.

وأكّدت وسائل إعلام تركية أنّ هذه الاستقالات تُعدّ "استمراراً لتساقط أوراق الحزب الحاكم"، الذي يعاني منذ فترة من اضطرابات وانشقاقات في صفوفه، شملت قياديين ورفقاء سابقين لأردوغان قرّروا التخلي عنه بعد استئثاره بحكم البلاد، والدخول بها في نفق مظلم.

ولم تتوقف الانشقاقات عند حزب أردوغان، بل تجاوزتها لتضرب حليفه حزب الحركة القومية، حيث أعلن عدد من أعضائه انشقاقهم، في حزيران (يونيو) الماضي، بسبب رفضهم التحالف مع الحزب الحاكم، وذلك لتهاوي شعبيته.

الانشقاقات تضرب حليف أردوغان حزب الحركة القومية بسبب رفض أعضائه التحالف مع الحزب الحاكم

وقام حزب الحركة القومية، يوم السبت الماضي، بفصل أحد أعضائه، الذي يشغل منصب رئيس إحدى البلديات لقيامه بتمزيق صورة للرئيس رجب طيب أردوغان.

وبحسب ما ذكره الموقع الإلكتروني لصحيفة "جمهورييت" المعارضة، فقد قام صلاح الدين جوهادار أوغلو، رئيس بلدية قضاء "هافيك" بولاية سيواس، وسط تركيا، بتمزيق صور لأردوغان بمقر عمله، وألقى بها في سلة المهملات، ورصدته إحدى كاميرات المراقبة.

اقرأ أيضاً: من طهران إلى أردوغان ومن حزب الله إلى الإخوان

ويظهر مقطع الفيديو قيام رئيس البلدية بفتح عدد من الأجندات التي كانت موجودة على مكتب السكرتارية، وقام بتمزيق صور أردوغان الموجودة بداخلها، وذلك بمساعدة السكرتيرة الخاصة بمكتبه، ثم ألقى بها في سلة المهملات، ممّا يعكس حالة السخط التي تسود حتى الأحزاب المتحالفة مع أردوغان.

وعلى الفور، وبعد انتشار المقطع الخاص بالواقعة، قام الحزب المعارض بإعلان فصل رئيس البلدية بزعم "مواقفه وتصرفاته التي تتعارض مع مبادئ الحركة القومية".

وهناك تحالف بين الحركة القومية، و"العدالة والتنمية"، يُسمّى بتحالف "الجمهور"، اضطر الحزب الحاكم لإبرامه، قبل الانتخابات المحلية التي شهدتها البلاد في آذار (مارس) 2019، بسبب تهاوي شعبيته وتعرّضه لانشقاقات في صفوفه.

تزامنت تلك الانشقاقات وحالة الغضب التي تسود حزب العدالة والتنمية مع مظاهر البذخ التي يتباهى بها أردوغان وبطانته

وتزامنت تلك الانشقاقات وحالة الغضب التي تسود حزب "العدالة والتنمية" من أردوغان وبطانته، مع مظاهر البذخ التي يتباهى بها مقرّبون من الرئيس، والتي أثارت حفيظة الشارع التركي، لا سيّما في ظل الأوضاع الاقتصادية السيئة التي تعيشها البلاد من ارتفاع في معدلات البطالة والفقر.

وفي السياق ذاته، انتشر الكثير من المشاهد على صعيد واسع عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، منها ظهور رئيس جناح الشباب في فرع حزب "العدالة والتنمية" في شانلي أورفا، محمد صالح ساراتش، في مقطع فيديو وهو يسترخي في حوض استحمام ساخن، مطالباً "الفقراء" بعدم إزعاجه، وفق ما ذكر موقع "أحوال تركية"، مؤخراً.

اقرأ أيضاً: الأردوغانية تُغرق الجميع..

وفي 2013، وبينما كانت تركيا غارقة في الفساد، نُشرت مكالمات هاتفية مسرّبة على وسائل التواصل الاجتماعي يسأل فيها نجل أردوغان أباه عمّا يجب فعله بآخر 30 مليون يورو (34 مليون دولار) لم يستطع التصرف بها.

وتسببت تسريبات في إحراج سمية نجلة الرئيس أردوغان، عندما أشارت إلى مطالبتها بمنازل فاخرة على شاطئ البحر في غرب تركيا، في مكالمة هاتفية جرت بينها وبين رجل الأعمال لطيف طوباش.

وظهرت صور لأركان يلدريم، نجل بن علي يلدريم، رئيس الوزراء التركي السابق، وهو على طاولة للمقامرة في سنغافورة، ممّا وضع نخب حزب "العدالة والتنمية" في مأزق كبير، ونشر عدنان سلجوق ميزراكلي، عمدة ديار بكر، الذي اعتقل في 2019 بتهم تتعلق بالإرهاب، فيديو يظهر حمّاماً فاخراً، مصحوباً بعبارة "كلّ هذا بُني بثروات الشعب".

كمال كليتشدار أوغلو: الانشقاقات داخل الحزب الحاكم في الفترة المقبلة ستكون في صورة جماعية

وصوّرت أسرة وكيل وزارة الصحة، أحمد أمين سليمان، تقيم حفلاً لانتظار مولودها في أحد قصور "أهلامور" العثمانية في منطقة بشكتاش في إسطنبول، ممّا أثار جدلاً كبيراً على وسائل التواصل الاجتماعي، بسبب هذا البذخ.

وشاركت مرشحة برلمانية عن حزب "العدالة والتنمية" أهو كالفا، مقطع فيديو للقاء مع أقربائها العام الماضي، وأظهر مزيداً من البذخ والترف.

وكان رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض كمال كليتشدار أوغلو قد أكّد في تصريحات على قناة "Karar TV" أنّ الانشقاقات داخل الحزب الحاكم في الفترة المقبلة ستكون في صورة جماعية، قائلاً: "التأييد الشعبي لحزب العدالة والتنمية تراجع إلى حوالي 30 أو 35%، وهذا أمر مهم للغاية، قد يشهد الحزب انشقاقات كبيرة، هناك استياء كبير لدى مجموعة كانت تدعم حزب العدالة والتنمية لغياب البديل، لذا أعتقد أنّ الحزب سيشهد موجات كبيرة من الانشقاقات وأنّ السياسة في البلاد سيُعاد تشكيلها".

وقال حزب "الخير" التركي المعارض: إنّ السياسات التي يتبعها نظام الرئيس، رجب طيب أردوغان، تنبع ممّا يعانيه من "يأس سياسي مردّه إلى تهاوي شعبيته بشكل كبير".  

جاء ذلك في تصريحات أدلى بها رئيس سياسات التنمية بالحزب المذكور، إسماعيل طاطلي أوغلو، وفق ما ذكره الموقع الإلكتروني لصحيفة "جمهورييت" المعارضة.

وذكر طاطلي أوغلو أنّ بلاده "دخلت في حالة من الفقر، وتعيش أسوأ 5 أعوام في تاريخ اقتصادها".

حزب "الخير" التركي: السياسات التي يتبعها نظام أردوغان، تنبع ممّا يعانيه من يأس سياسي مردّه إلى تهاوي شعبيته

وأكّد أنّ "سياسات العدالة والتنمية على مدى السنوات القليلة الماضية نابعة من اليأس السياسي بسبب تهاوي شعبيته"، لافتاً إلى ارتفاع نسبة التصويت لحزب "الخير" إلى 12.4% في استطلاعات الرأي، ليصبح بذلك في المرتبة الثالثة بين أكثر الأحزاب التركية شعبية في الفترة الأخيرة.

وتعيش تركيا على وقع سلسلة من الأزمات في كافة المجالات، ولا سيّما الاقتصادية منها، أسفرت عن تردّي الأوضاع كافة، وازدياد معدلات الفقر والتضخم والبطالة.

كلّ هذه التطورات دفعت المعارضة التركية إلى التنبؤ بنهاية حقبة أردوغان في أول استحقاق انتخابي محتمل، لا سيّما أنّ كافة استطلاعات الرأي تؤكد هذا التوجه، إذ تشير إلى تدنّي شعبية الحزب الحاكم بشكل غير مسبوق.

وقد أدّى هذا التدهور إلى صدامات داخل الحزب الحاكم تمخّض عنها تقديم العديد من أعضائه، بينهم قادة بارزون، استقالاتهم، والاتجاه لتأسيس كيانات سياسية جديدة لمنافسة النظام.

وبدأت الانشقاقات في الحزب بنائب رئيس الوزراء الأسبق علي باباجان، ليقوم بعده بأشهر قليلة رئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو بتقديم استقالته، وقد أسّس كلٌّ منهما حزباً مستقلاً معارضاً للنظام.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية