سيّد الفرجاني… رجل المهمات السريّة لإخوان تونس

سيّد الفرجاني… رجل المهمات السريّة لإخوان تونس

سيّد الفرجاني… رجل المهمات السريّة لإخوان تونس


05/03/2023

كريم وناس

يصف المتابعون للشأن السياسي في تونس القيادي في حركة النهضة سيّد الفرجاني، برجل المهمات الخاصة، ورجل التنظيم السري للحركة الإخوانية، والذي لا يعكس حضوره الإعلامي في الساحة التونسية أدواره الحقيقية.

سيّد فرجاني أوقفته السلطات التونسية مساء الاثنين 27 فبراير 2023، على خلفية اتهامه في قضية “انستالينغو” التي تعود إلى أكتوبر (تشرين الأول) 2021، حين أوقفت السلطات موظفين في الشركة بتهمٍ بينها “ارتكاب أمر موحش ضد رئيس الدولة”، والتآمر على أمن الدولة الداخلي والجوسسة”.

وشملت التحقيقات صحفيين ومدوّنين، وأصحاب أعمال حرة، وسياسيين، بينهم الغنوشي رئيس البرلمان المنحل، وابنته، وصهره رفيق عبد السلام، والمتحدث السابق باسم وزارة الداخلية محمد علي العروي الموقوف حالياً على ذمة هذا الملف.

و”أنستالينغو” شركة مختصة في صناعة المحتوى والاتصال الرّقمي كانت تعمل من منطقة القلعة الكبرى بمحافظة سوسة.

رجل المهمات السريّة

المحلل السياسي نبيل الرابحي أكّد، في تصريحٍ أدلى به إلى “كيوبوست”، أن سيد الفرجاني يُوصف برجل المهمات السرية في حركة النهضة الذراع السياسية لتنظيم الإخوان المسلمين، وكان مسؤولاً عن التمويل في الحركة الإسلامية التي كانت تسمى حركة الاتجاه الإسلامي فترة الثمانينيات، حيث كان يسافر إلى أوروبا لجمع التبرعات والتمويلات اللازمة للحركة الإسلامية.

ويؤكد الرابحي أن سيد الفرجاني كان ضمن ما عُرف بالمجموعة الأمنية لسنة 1987 التي حاولت الانقلاب على نظام الرئيس الحبيب بورقيبة في 8 نوفمبر 1987 قبل أن يسبقهم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي في 7 نوفمبر، ويفشل مخططاتهم، وينفذ انقلابه.

“وبحسب الرابحي فقد انتقل سيّد الفرجاني إلى بريطانيا في 20 أكتوبر 1987 أي قبل الموعد المخطّط لتنفيذ انقلاب الإخوان على بورقيبة، والتقى أحد مؤسسي حركة الاتجاه الإسلامي، والتي أصبحت تسمى حركة النهضة حالياً، صالح كركر، بهدف الحصول على الفتوى الشرعية للانقلاب”.

رجل الظلّ

بعد الضربات الأمنية في بداية التسعينات فرّ الفرجاني لاجئاً إلى أوروبا، وأصبح من حاشية رئيس الحركة راشد الغنوشي، بل وتحول إلى رجل أعمال كبير في سياق استمرار مهماته السرية في إيجاد مصادر تمويل النشاط الحركي للتنظيم.

وفي 14 يناير 2011 عاد سيد الفرجاني إثر الهبة الشعبية التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي إلى تونس ليتقلد منصب مستشار لدى وزير العدل في حكومة الترويكا نور الدين البحيري، رغم عدم امتلاكه لشهادة جامعية، وهو ما يعكس كيفية توزيع المناصب في عهد حكم الإخوان. وعاد كذلك إلى لعب دوره في تنفيذ المهمات السرية كرجل ظلّ داخل الحركة الإخوانية. فقد تحدثت تقارير إعلامية تونسية عن استغلال الفرجاني لخطته كمستشار لممارسة أعمال النهب والابتزاز التي ذهب ضحيتها عدد من رجال الأعمال المتورطين في قضايا فساد.

وكلف في تلك الفترة بملف رئيس الوزراء الليبي السابق البغدادي المحمودي، وبالضغط عليه وابتزازه عندما كان مسجوناً في تونس بهدف الحصول على أرقام الحسابات السرية، يضيف نبيل الرابحي.

وفجر محام فرنسي مفاجأة في قضية البغدادي المحمودي، عندما كشف أن حركة النهضة شاركت عن طريق الفرجاني في صفقة للضغط على المحمودي، ودفعه إلى الكشف عن أرقام حسابات بنكية، وعن مصير مسؤولين ليبيين من النظام السابق، وذلك مقابل عمولة مالية ضخمة.

أدوار محورية في ملف التسفير

وتحدثت تقارير إعلامية تونسية عن الدور البارز والمحوري الذي لعبه سيّد الفرجاني حين كان مستشاراً لوزير العدل في حكومة الترويكا السابقة، في الإفراج عن معتقلين على خلفية قضية الهجوم على السفارة الأمريكية في تونس، مقابل مغادرة البلاد نحو سوريا للقتال هناك.

وبحسب الرابحي، فقد استطاع سيّد الفرجاني تأمين سفر العشرات إلى سوريا عبر ليبيا وتركيا، حين كانت مدينة جرجيس الواقعة على الساحل الشرقي في الجنوب التونسي مسرحاً للقاءات بينه وبين عبد الحكيم بلحاج زعيم الجماعة الليبية المقاتلة، من أجل ترتيب عمليات التجنيد والتمويل والتدريب.

الذراع التنفيذية لنور الدين البحيري

نفوذ واسع

الناشط السياسي والحقوقي، سامي بن غازي، اعتبر في تصريحٍ أدلى به إلى “كيوبوست” أن سيّد الفرجاني يمثل “كمال لطيف حركة النهضة”، وكمال لطيف رجل أعمال تونسي معروف بنفوذه السياسي الواسع وتأثيره في دواليب الحكم خلال مرحلة حكم الرئيس بن علي، وفترة العشرية السوداء التي حكمها الإخوان، مضيفاً بأنه الذراع التنفيذية لنور الدين البحيري، والمكلف بتنفيذ سياساته داخل الدولة والحركة، حيث يتميز بالقدرة على فعل كل شيء دون حرج، ويضع يديه حتى في الأماكن المتسخة.

وبحسب بن غازي، فإن سيد الفرجاني شخصية سياسية معقدة داخل حركة النهضة، حيث تمزج بين السياسي والأمني، ورجل الظل في فترات، والرجل الرسمي داخل الدولة، بعد عمله كمستشار لدى وزير العدل نور الدين البحيري، وكنائب للحركة داخل البرلمان، والمسؤول عن عقد الصفقات مع بقية التيارات.

ويرى بن غازي أن سيد الفرجاني كان أحد العقول المدبِّرة لإسقاط حكومة إلياس الفخفاخ والمتآمرة حتى داخل حركة النهضة، حيث عمل على إسقاط حكومة الحبيب الجملي الذي اقترحته الحركة الإخوانية لتشكيل حكومة إثر انتخابات 2019 وفشل في نيل ثقة البرلمان.

حجم حضوره الإعلامي لا يعكس أدواره الحقيقية

وأشار بن غازي إلى وجود شخصيات مؤثرة داخل النهضة لم تبرز للإعلام وبقي الغموض يحوم حولها ولا يوافق حجمها الإعلامي وزنها السياسي، على غرار سيد الفرجاني رجل الظل الرسمي داخل الدولة.

وبحسب مراقبين، فإن سيّد الفرجاني يمثّل العقل السياسي والتنظيمي لحركة النهضة الإخوانية، ومن أهم الشخصية المقرّبة من رئيس الحركة راشد الغنوشي، ولعب أدواراً بارزة في كواليس البرلمان المنحل حيث كان على علاقة بمختلف التصنيفات السياسية التي كانت ممثلة فيه، وله القدرة على مناقشة الجميع في مختلف التفصيلات والاستراتيجيات السياسية.

عن "كيوبوست"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية