سيناريوهات الوفاة الغامضة لقياديَّين في الحرس الثوري الإيراني

سيناريوهات الوفاة الغامضة لقياديَّين في الحرس الثوري الإيراني


24/04/2021

لم يكن إعلان الحرس الثوري الإيراني، قبل أيام، عن وفاة نائب قائد فيلق القدس، والقائد السابق لقوات الباسيج، العميد محمد حسين زاده حجازي، بسبب أزمة قلبية، أمراً سهلاً أو عادياً، إذ إنّ ثمّة ردود فعل عديدة ومتفاوتة قد رافقت الخبر، الذي وصف بـ "الغامض"، بعد أن غرّد محمد مهدي همت، ابن أحد جنرالات الحرس الثوري السابقين، على حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": بأنّ "رحيل حجازي لم يكن بنوبة قلبية على الإطلاق".

نحن بصدد ثلاثة سيناريوهات حول وفاة محمد حجازي، وهي إما الوفاة الطبيعية، أو الاغتيال بـ "السمّ"، أو استهدافه بواسطة القصف الإسرائيلي المتكرر على سوريا

كما أطلق همت في تغريدته وصف "الشهيد" على نائب قائد فيلق القدس، الأمر الذي أثار شبهات حول حدوث وفاة "غير طبيعية" للقيادي البارز في الحرس الثوري، بينما توجه بالعزاء إلى المرشد الإيراني، وقال: "يا قائدي أعزيك بهذا الجندي، فهو ذهب فداءك. وأنا سأفتديك أيضاً".

من هو نائب قائد فيلق القدس؟

وبحسب وكالة أنباء "فارس" الإيرانية، شبه الرسمية، فإنّ نائب قائد فيلق القدس، المولود عام 1957، ويحمل رتبة عميد في الحرس الثوري الإيراني، يعدّ من أوائل المنخرطين في أنشطة التنظيم المسلح والعسكري، منذ تأسيسه، عام 1979، إذ تولّى عدة مهام عسكرية، من بينها: "قائد قوات الباسيج، عام 1998، ونائب قائد الحرس الثوري الإيراني، إضافة إلى عمله كمستشار بمجال البحوث الصناعية داخل هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية".

كما نشط حسين زاده حجازي، منذ وقت مبكر، في المنطقة التي تشكل امتدادات حيوية للجمهورية الإسلامية؛ إذ نفّذ، خلال العقد الأول من الثورة الإيرانية، عدّة مهام، من بينها قمع الاحتجاجات في كردستان وأذربيجان الغربية، ثم الانتقال إلى الحدود الجنوبية الإيرانية بالتزامن مع اندلاع الحرب العراقية الإيرانية، عام 1980.

اقرأ أيضاً: الحرس الثوري الإيراني ليس بالقوة التي يدعيها

وفي ظلّ الجدل المحتدم حول وفاة نائب قائد فيلق القدس، وتضارب الروايات حول ذلك، رأى مراقبون أنّ تفادي المرشد الإيراني استخدام وصف "شهيد" أثناء تشييع القيادي بالحرس الثوري، وفي البيان الرسمي الصادر عنه، كان مقصوداً ومتعمداَ، في حين قال قائد فيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني، إسماعيل قاآني، إنّ "جبهة المقاومة تخطو كلّ يوم خطوة مهمة في مواجهة أمريكا وإسرائيل"، وتابع: "جبهات المقاومة اليوم، في إيران ولبنان وسوريا والعراق واليمن، وأبناء المقاومة يخطّون كلّ يوم خطوة كبيرة في مواجهة الأعداء، بما في ذلك الولايات المتحدة وإسرائيل، وستواصل القيام بذلك حتى تصل إلى الحكومة عالمية".

سيناريوهات محتملة حول وفاة حجازي

كما رأى قائد فيلق القدس؛ أنّ "طريق الشهيد حجازي في المقاومة ما يزال مستمراً"، فهو صاحب دور بارز في نشر الطريق الذي رسمه قائد الفيلق الراحل، الشهيد الفريق قاسم سليماني"، لافتاً إلى "دوره في تربية جيل من المقاومين والتعبويين الذين كانوا السند الأساس للثورة الإسلامية، وتمكّن من إيصال هذا الفكر إلى العالمية".

اقرأ أيضاً: تطور خطير: الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على قيادات في الحرس الثوري

ولذلك، يرى المعارض الإيراني، ملا مجيد، أنّ ملابسات وفاة العميد حجازي تبدو "مجهولة وفيها التباسات وتناقضات جمّة؛ إذ إنّ وفاته جاءت بعد ثلاثة أيام من نقله للمستشفى، إثر ألم شديد بالمعدة، ثم الإعلان عن الوفاة نتيجة أزمة قلبية، بينما قال بعض المقربين من الحكومة إنّه استشهد، لكن سرعان ما تمّ حذف بعض هذه الروايات، خاصة المنشورة منها عبر وسائل التواصل الاجتماعي".

ومن ثم، فنحن بصدد ثلاثة سيناريوهات حول وفاة حجازي، كما يشير مجيد، وهي "إما الوفاة الطبيعية، أو الاغتيال بـ "السم"، أو استهدافه بالقصف الإسرائيلي المتكرر على سوريا أثناء تواجده هناك، خاصة أنّ هناك قيادياً آخر بالحرس تمّ الإعلان عن وفاته في ظروف تبدو مماثلة، وكلاهما من العناصر النشطة مع الميليشيات الإيرانية بدمشق".

المعارض الإيراني ملا مجيد لـ"حفريات": حجازي كان من بين الشخصيات المثيرة للجدل، بسبب طبيعة مهامه الميدانية والعسكرية التي قام بتنفيذها ومواقفه السياسية المتشددة

ووصف بيان قائد الأركان الإيرانية، اللواء محمد باقري، العميد حجازي بـ "الشهيد"، كما قال قائد الحرس الثوري؛ إنّ "الشهيد محمد حجازي انضمّ بشوق إلى القادة والمقاتلين الشهداء في الفترات الصعبة من الجهاد والمقاومة، ووفى بوعده لله سبحانه وتعالى"، كما ثمّن دور حجازي في "تعزيز قوة حزب الله العسكرية وهزيمة إسرائيل على يد الحزب في لبنان"، وأردف: "لقد سمعت أنّ الصهاينة فرحون بوفاته، أقول لهم إنّ فرحتكم هذه مؤقتة، لأنّه سيتم القضاء عليكم".

البداية مع قاسم سليماني

ويشير المعارض الإيراني، في حديثه لـ "حفريات"، إلى أنّ حجازي كان من بين الشخصيات المثيرة للجدل، بسبب طبيعة مهامه الميدانية والعسكرية التي قام بتنفيذها، ومواقفه السياسية المتشددة، فقد كان آخر من التقى قاسم سليماني قبل اغتياله، في بغداد، مطلع العام الماضي، وذلك أثناء تواجدهما بسوريا، كما أنّه أحد أبرز الشخصيات العسكرية المسؤولة عن ملفّ الصواريخ الإيرانية، وقد زوّد حزب الله اللبناني بها، ولذلك فهو على قائمة الاغتيالات الإسرائيلية.

ويلفت مجيد إلى أنّ حجازي من بين عناصر قليلة تم الاعتماد عليهم، محلياً وخارجياً، لتنفيذ أهداف إيران الإقليمية؛ فقد تولى قمع الاحتجاجات التي حدثت في عام 2009، وتصفية الحركة الخضراء، التي اندلعت على خلفية تزوير الانتخابات الإيرانية لحساب محمود أحمدي نجاد، وإعلان خسارة المرشح المنتمي للتيار الإصلاحي، حيث كان قائد ميليشيات الباسيج، وقتذاك، كما أنّه لعب دوراً مؤثراً في الحرب السورية، وكان حلقة الوصل بين الميليشيات الإيرانية بسوريا وحزب الله اللبناني، بعد أن قام قاسم سليماني بإسناد مهام إدارة الميلشيات ونشاطها له.

اقرأ أيضاً: جدل حول وفاة نائب الحرس الثوري الإيراني... تفاصيل

إذاً، نائب قائد فيلق القدس مصنف على قوائم عقوبات الاتحاد الأوروبي، عام 2011، وكذا قائمة عقوبات وزارة الخارجية الأمريكية، عام 2007، نتيجة سجله الحقوقي الحافل بانتهاكات عديدة، كما أنّه متهم بتنفيذ عملية تفجير مركز "آميا" في عاصمة الأرجنتين، بوينس آيرس، في تسعينيات القرن الماضي، والتي نجم عنها مقتل قرابة 85 شخصاً.

وعليه، ألمحت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إلى وجود شبكة إسرائيلية في إيران قادرة على إحداث اختراقات أمنية، وتحقيق ضربات مؤثرة للنظام، كما حدث في منشأة نطنز النووية الإيرانية، مؤخراً، وقبلها اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زادة، نهاية العام الماضي. وقالت الصحيفة الأمريكية؛ إنّ "إسرائيل لديها شبكة قوية داخل النظام الأمني الإيراني، وتلك الشبكة التي تعمل داخل إيران أظهرت ضعف قدرات السلطات الإيرانية الأمنية، كما أنّ إسرائيل نجحت في اختراق مناطق عميقة داخل النظام الإيراني".

وفيما يتّصل بمقتل حجازي قالت الصحيفة الأمريكية إنّ "الحديث عن موت نائب قائد فيلق القدس الإيراني، محمد حجازي، بأسباب طبيعية، غير حقيقي".

وفي حديثه لـ "حفريات"، يؤكد الباحث المصري في العلوم السياسية، الدكتور عبد السلام القصاص، وجود "معلومات غير معلنة" بخصوص وفاة حجازي، مشيراً إلى أنّ "تناقض الروايات التي صدرت من مقربين من الدوائر الرسمية الإيرانية، يكشف وجود خفايا وملابسات عديدة، إذ كان من بين الأمور التي تم الترويج لها عن أسباب الوفاة، التأثر بفيروس دون أيّة تفاصيل أخرى".

ومما يرجح شكوك القصاص "الإعلان عن وفاة الجنرال في الحرس الثوري الإيراني، محمد علي حق، في أعقاب وفاة حجازي، خلال يومين تقريباً، وذلك بالطريقة نفسها، أو بالأحرى بالتتابع نفسه؛ إذ نقل للمستشفى في حالة صحية متردية، ومن ثم كُشف عن وفاته".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية