سلاح حزب الله وخيارات الحكومة اللبنانية

سلاح حزب الله وخيارات الحكومة اللبنانية

سلاح حزب الله وخيارات الحكومة اللبنانية


24/04/2025

فتحي أحمد

مورغان أورتاغوس، نائبة المبعوث الأميركي إلى لبنان، أثارت النقاش بشأن سلاح حزب الله، وأكدت في تصريحات تلفزيونية أن الولايات المتحدة تركز على سحب سلاح الحزب. وفي لهجة تصعيدية قالت أورتاغوس إن لبنان أمام خيارين: التعاون مع واشنطن لنزع سلاح حزب الله، أو التباطؤ من قبل الحكومة والقادة، مما سيفقد لبنان الشراكة مع الولايات المتحدة.

في نفس الإطار، أكد رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، أمام وفد من مجموعة العمل الأميركية لدعم لبنان، أنه لا مكان لأيّ أسلحة أو مجموعات مسلحة إلا ضمن إطار الدولة، وأن “المسائل تُحل بالتواصل والحوار.”

وكان رد نعيم قاسم مغايرًا، حيث قال “لن نسمح لأحد أن ينزع سلاح حزب الله أو ينزع سلاح المقاومة. فكرة نزع السلاح يجب أن تحذفوها من القاموس.”

لذلك، يحسن التأمل في ما تحمله الأيام القادمة من أحداث غير سارة في الإقليم، يكون لدولة لبنان نصيب فيها. الضغط الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة، يتزايد باتجاه نزع سلاح حزب الله.

الحكومة اللبنانية أمام مرحلة مفصلية: إما التوافق مع حزب الله على تسليم سلاحه، أو الدخول في صدام، قد يؤدي إلى زعزعة البلد سياسيًا واقتصاديًا، يلعب فيه البعد الطائفي دورًا كبيرًا.

نتحدث عن وجهات نظر مختلفة؛ حزب الله المدعوم من إيران، والحكومة اللبنانية ورئيسها عون الذي يمثل تطلعات السواد الأعظم من اللبنانيين. بمعنى أن هناك فجوة فكرية بين مكونات لبنان، وهنا تكمن الخطورة. ما دام حزب الله يرى في طهران الأب والأم والأخ والأخت، فهذا يدل على مدى الفجوة بين مكونات الشعب الواحد.

وهكذا، نغدو أمام مطلب يشترط فيه حزب الله نزع سلاحه بعد انتهاء الاحتلال الإسرائيلي لأجزاء من لبنان، وعقلية أمنية إسرائيلية يصعب تفكيكها، إذ تنظر إلى المحيط على أنه خطر يهدد وجودها. وتعمل الجهات الدولية على طمأنة إسرائيل، لكن الهوس الأمني الإسرائيلي ليس من السهل علاجه.

إيران لا تريد لحزب الله أن ينتهي، فهو جزء أصيل من المكون الشيعي الإثني عشري، وهو مختلف عن الحوثي الزيدي القريب من السنة. ربما تضحّي طهران بالحوثي وحماس والجهاد الإسلامي وتعلن انفصالها الكامل عنهم، لكن هذا لن يكون كافيًا بالنسبة إلى أميركا التي تريد من إيران التخلي عن دعمها للإسلام السياسي في المنطقة بشكل مطلق، مقدمة للدخول في حالة سلم دائم بين البلدين.

رغم التهديدات الإيرانية، وتعنتها حول ملفها النووي، هناك توجه مغاير. الرئيس الإيراني مسعود بزكشيان، أكثر مرونة من خامنئي، وقد استطاع التأثير عليه للدخول في مرحلة التفاوض غير المباشر مع أميركا في مسقط، مما قد يفضي إلى حل يبعد شبح الحرب.

بالفعل، استطاع بزكشيان تحقيق قفزة سياسية عندما أخرج خامنئي من عنق الزجاجة. المفاوضات بين طهران وواشنطن تسير بشكل بنّاء حتى اللحظة.

لكن هناك معضلة تواجه إيران، وهي تقزيم حزب الله اللبناني ونزع سلاحه. بزكشيان منفتح على الولايات المتحدة أكثر من الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، وهذا ما تسعى إليه أميركا. فهو يتطلع إلى رفع العقوبات عن بلاده، وقد عُرف بمواقفه المناهضة لمن يسمّيهم “الأصوليين”.

لا يبدو نعيم قاسم أكثر حضورًا من سلفه حسن نصرالله. أمامه أيام عصيبة، لم يكن السابع من أكتوبر نزهة لحزب الله. عندما دخل كجهة مناصرة لحماس أخطأ الحسابات، مما أدى إلى تصفية نصرالله. توغلت إسرائيل في جنوب لبنان، ودُحر الحزب إلى ما بعد الليطاني.

إذن، ماذا خسر الحزب؟ الجواب واضح. السابع من أكتوبر أفرز قائدًا للحزب أقل صلابة من حسن نصرالله، كما بات الحزب مختلفًا سياسيًا وعسكريًا عمّا كان عليه قبل ذلك التاريخ. لهذا، قد يكون رضوخ الحزب لمطالب عون أقل حدة من زعيمه السابق.

الفارق شاسع بين ظروف التفاوض بين الحكومة والحزب في ظل وجود ضغط أممي على الحكومة اللبنانية. يرى حزب الله أن الوقت الحالي غير مناسب لطرح تسليم السلاح، بينما ترى الحكومة عكس ذلك.

لا يلتقي الطرفان في توقيت بحث مسألة السلاح. الضغط الأممي على الحكومة وشرط حزب الله انسحاب إسرائيل من لبنان قد يكون فتيل مواجهة. مصلحة لبنان والتهديدات والضغوط الخارجية ليست واردة في حسابات حزب الله.

يبقى السؤال: هل تستطيع الحكومة اللبنانية نزع سلاح حزب الله دون إراقة الدماء؟ لا مفر من هذا الأمر، سلمًا أو حربًا. تسليم حزب الله بمطالب عون ليس سهلًا، وإيجاد حل وسط يكاد يكون معدومًا.

ربما يفشل الرئيس اللبناني في مهمته، أو قد يكون هناك توافق إيراني على حل يرضي الطرفين، مثل أن يصبح حزب الله حزبًا سياسيًا إرضاءً لأميركا.

في النهاية، نزع سلاح الحزب أولوية قصوى. خيارات الرئيس عون مفتوحة، وقد وضع نصب عينيه أنه لا سلاح إلا سلاح الجيش والأمن، سواء كان سلاح حزب الله أو سلاح الفصائل الفلسطينية.

العرب




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية