زلة لسان في باكستان تكشف خيانة الإخوان في بنغلاديش

أعلنت السلطات الأمنية في بنغلاديش وفاة نائب أمير الجماعة الإسلامية، الذراع السياسية للإخوان، النائب البرلماني السابق دلوار حسين سعيدي، في مستشفى سجن كاشيمبور، بعد أن تعرّض لسكتة قلبية مساء الأحد الماضي.

ويُعدّ سعيدي أحد أبرز رجال الدين في بنغلاديش، الذين نقلوا ما يعرف بالصحوة الإسلامية إلى شبه القارة الهندية، وهو معروف بدوره القيادي داخل التيار القطبي الإخواني في آسيا، ومواقفه المتشددة تجاه الحكومة المدنية، كما أنّه أبرز الرافضين لانفصال بنغلاديش عن باكستان، إبّان حرب الاستقلال في مطلع السبعينيات.

سعيدي برز في فترة الثمانينيات كداعية ديني تحولت شهرته إلى وسيلة لجذب آلاف الأشخاص للنهج الإخواني، وبدأ يخطب في بعض أكبر المساجد في البلاد، مستقطباً مئات الآلاف إلى جلساته، وكانت شرائط الكاسيت التي تحمل تسجيلات لخطبه هي الأكثر مبيعاً في بنغلاديش، ومع الوقت، ونظراً لجهوده، تمّ رفع الحظر الذي لحق بالجماعة الإسلامية في السبعينيات، بسبب مواقفها الموالية لباكستان في حرب الاستقلال، وبحلول التسعينيات أصبحت الجماعة ثالث أكبر حزب سياسي في البلاد.

حكم بالإدانة وثبوت الخيانة

في شباط (فبراير) من العام 2013 أصدرت محكمة مجرمي الحرب في بنغلاديش  حكماً بالإعدام على دلوار حسين سعيدي، بعد إدانته بارتكاب جرائم ضد الإنسانية والإبادة والاغتصاب، أثناء حرب التحرير التي خاضتها بنغلادش ضدّ باكستان في العام 1971.

فور صدور الحكم بإعدام سعيدي، أعلنت الجماعة الإسلامية إضراباً عاماً في البلاد، احتجاجاً على أحكام المحكمة، واجتاحت البلاد موجة من أعمال العنف قام بها أنصار الجماعة، أسفرت عن مقتل أكثر من (100) شخص، من بينهم رجال شرطة، وإصابة مئات آخرين.

بعد ذلك تمّ تخفيف الحكم إلى السجن المؤبد في العام 2014، وأعلنت المحكمة العليا في بنغلادش عن قرارها بحبس دلوار حسين "بقية حياته"؛ لارتكابه جرائم خلال حرب التحرير، ليقضي القيادي الإخواني نحو (13) عاماً في السجن، قبل أن توافيه المنيّة عن (83) عاماً.

القائم بأعمال أمير الجماعة الإسلامية مجيب الرحمن أصدر بياناً أعرب فيه عن عميق حزنه ومواساته في وفاة سعيدي، وزعم أنّ الحكم الذي صدر بحقه بالسجن المؤبد مدى الحياة كان ملفقاً ومفبركاً، واصفاً وفاته بالمؤلمة جدّاً للحركة الإسلامية العالمية.

الجماعة الإسلامية البنغالية نفت مراراً علاقتها بباكستان إبّان حرب الاستقلال، وزعمت أنّها لم تقف موقفاً موالياً للاحتلال الباكستاني، كما ادّعت أنّها لم ترتبط بأيّ علاقات تنظيمية مع ميليشيا البدر العميلة

الجماعة الإسلامية البنغالية نفت مراراً علاقتها بباكستان إبّان حرب الاستقلال، وزعمت أنّها لم تقف موقفاً موالياً للاحتلال الباكستاني، وادّعت أنّها لم ترتبط بأيّ علاقات تنظيمية مع ميليشيا البدر العميلة، التي نكلت بالثوار البنغال إبّان الحرب التي راح ضحيتها نحو (3) ملايين شخص.

زلة لسان تفضح التواطؤ الإخواني

في كلمة له أمام مؤتمر الشباب في حيدر آباد، قال أمير الجماعة الإسلامية الباكستانية سراج الحق: إنّ زعيم الجماعة الإسلامية دلوار حسين سعيدي توفي في سجن دكا، بعد أنّ حكم عليه بالسجن مدى الحياة، وكلّ ذنبه أنّه كان يدعم باكستان إبّان حرب الاستقلال.

سراج الحق في نعيه لزعيم الإخوان في بنغلاديش استحضر مناقبه، وأبرزها حبه لباكستان، وتأييده لها، في زلة كشفت النقاب عن أكاذيب الجماعة الإسلامية في بنغلاديش، ومدى تورطها في جرائم الحرب التي ارتكبت أثناء حرب الاستقلال، والتي أثبتتها محكمة مجرمي الحرب التي أصدرت أحكاماً صارمة على قيادات الجماعة الإسلامية.

تضامن التنظيم الدولي

سرعان ما تضامنت أذرع التنظيم الدولي للإخوان مع الجماعة في بنغلاديش، فقد نعى الإخوان المسلمون القيادي الراحل عبر بيان نشره الموقع الرسمي للجماعة، وأصدر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بياناً، قال فيه إنّه يعزي في وفاة الشيخ دلوار حسين سعيدي، بوصفه أحد أبرز الدعاة والواعظين في بنغلاديش، بحسب البيان الذي قال إنّ الراحل كان خطيباً مفوّهاً، له تأثير كبير وقبول واسع لدى عامة المسلمين.

واستعرض البيان تاريخ القيادي الإخواني الراحل، وأهم المناصب التي تقلدها، قبل أن يختتم "وقد فقدت الأمّة الإسلامية عالماً وشيخاً ومحدثاً من علمائها المخلصين، نسأل الله العلي القدير أن يغفر له ويرحمه رحمة واسعة، ويدخله جنة الفردوس، ويحشره مع النبيين والصديقين وحسن أولئك رفيقاً"، في تجاهل واضح لجرائمه التي أدين بسببها بالسجن مدى الحياة.

قال أمير الجماعة الإسلامية الباكستانية سراج الحق: إنّ زعيم الجماعة الإسلامية دلوار حسين سعيدي توفي في سجن دكا، بعد أن حكم عليه بالسجن مدى الحياة، وكل ذنبه أنّه كان يدعم باكستان

اللافت كان بيان العزاء الذي أصدره مجلس الأئمة والعلماء العالمي (GISC)، ومقرّه أستراليا، فقد أشاد المجلس الذي يمثل أحد أبرز الأذرع الإخوانية بمناقب الراحل، كرجل دين دفع حياته ثمناً لقناعاته وإيمانه، وخدمته للإسلام وشريعته.

تصعيد الإخوان في بنغلاديش

إثر وفاة دلوار حسين سعيدي اتهمت الجماعة الإسلامية السلطات بـ "تحويله ببطء إلى شهيد دون علاج في السجن". وحشدت الذراع الإخوانية أنصارها الذين رددوا شعارات مناهضة للحكومة، خلال مسيرة في بنغلادش يوم الإثنين الماضي، وسط انتشار كبير لعناصر الشرطة. الآلاف من المعزين والمؤيدين للجماعة الإسلامية  تجمعوا خارج المستشفى بعد وفاة دلوار حسين سعيدي، مرددين هتافات: "الله أكبر"، و"لن ندع دماء السيد تذهب سدى"، وألقى كثيرون منهم باللوم على حكومة حزب (رابطة عوامي).

ومن المتوقع أن تستغل الجماعة الإسلامية وفاة القيادي البارز فيها من أجل تفجير الشارع البنغالي، وتأليب الرأي العام على الحكومة، بهدف عرقلة الانتخابات المقبلة.

مواضيع ذات صلة:

- إخوان بنغلاديش ومحاولة استدعاء التدخل الأجنبي في الصراع مع الحكومة

- بنغلاديش: حملة اعتقالات جديدة في صفوف الإخوان.. والجماعة الإسلامية تتحدى الدولة

- إخوان بنغلاديش يواجهون الخطط المالية الطموحة للحكومة بالسخرية والتحريض