روسيا أحرجت إيران بعرقلتها اتفاق فيينا

روسيا أحرجت إيران بعرقلتها اتفاق فيينا


13/03/2022

أسعد عبود

تمر المساعي لمعاودة إحياء الاتفاق النووي بين القوى الكبرى وإيران بأدق مرحلة منذ بدء مفاوضات فيينا قبل نحو عام. ذلك أن العامل الأوكراني فرض نفسه على طاولة النقاش، بعدما طلبت روسيا من الولايات المتحدة ضمانات مكتوبة بأن لا تتأثر العلاقات الاقتصادية بين موسكو وطهران بالعقوبات التي يفرضها الغرب على روسيا بسبب هجومها على أوكرانيا.

الطلب الروسي يشكل من دون أدنى شك، حرجاً لطهران التي تريد التوصل إلى اتفاق ولا تريد في الوقت نفسه إفساد علاقاتها مع روسيا، التي وقفت إلى جانبها في أصعب الأوقات التي مرت بها طهران نتيجة العقوبات الأميركية على مر العقود الماضية.

بيد أن إدارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، ترى أن من حقها أن تتوصل إلى اتفاق يؤمن رفع العقوبات الأميركية التي أعاد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب فرضها عام 2018 عندما سحب أميركا آحادياً من الاتفاق الذي وقعه الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2015. ومن شأن رفع العقوبات أن يوفر عوائد تمكن الحكومة الإيرانية من إطلاق مشاريع تخفف من الوطأة التي يرزح تحتها الناس جراء تدهور قيمة العملة الوطنية وإرتفاع معدلات البطالة والتأثيرات التي تسبّب بها وباء كورونا في العامين الماضيين.

لكن في المقابل، تجد روسيا أن الاتفاق النووي يوفر لها ورقة ضغط على أميركا كي تحتفظ بإيران منفذاً للتعامل التجاري، في وقت تتعرض روسيا لعزلة غير مسبوقة اقتصادياً ودبلوماسياً بسبب غزوها أوكرانيا. وللمفارقة، فإن روسيا التي شكلت متنفساً من العقوبات الأميركية على إيران، تريد اليوم أن تجعل من طهران متنفساً لها من العقوبات الأميركية أيضاً.

وبالنسبة إلى إيران لا يبدو أن ثمة مشكلة إذا استجابت أميركا للمطلب الروسي، لكن ربما لا تنظر في عين الارتياح إلى إقحام روسيا نفسها في هذا الملف الذي تطمح طهران إلى الانتهاء منه، كي تعود إليها الاستثمارات الأجنبية ويكون في إمكانها معاودة بيع نفطها بالكميات التي كانت تفوق الميلوني برميل يومياً قبل أيار (مايو) 2018، فضلاً عن أن الخزينة الإيرانية في حاجة ماسة إلى عشرات مليارات الدولارات المجمدة في بعض الدول بسبب العقوبات الأميركية.

وعليه، لا تريد طهران الدخول في خلاف مع روسيا، وهي في الوقت نفسه في حاجة إلى إحياء الاتفاق النووي للاستفادة من المزايا الاقتصادية التي يوفرها للبلاد.

ويلقى الطلب الروسي تنديداً أميركياً ومن فرنسا وبريطانيا وألمانيا، وهي الدول الأوروبية الثلاث الموقعة على اتفاق 2015، والتي تقوم بدور الوساطة في مفاوضات فيينا غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة في فيينا.

فواشنطن وحلفاؤها الأوروبيون لا يجدون أن من حق روسيا التدخل لعرقلة الاتفاق الذي بات على ما يبدو جاهزاً للتوقيع بعد التغلب على الكثير من العقبات التي كانت تحول حتى الآن دون إنجازه.

ومنذ بروز أزمة الغاز في أوروبا نتيجة التدخل الروسي في أوكرانيا، بدأت واشنطن تستعجل التوصل إلى اتفاق في فيينا، لأن رفع العقوبات عن طهران، سيجعل الغاز الإيراني أحد الروافد البديلة للغاز الروسي بالنسبة إلى أوروبا.

كما أن الإيرانيين انفسهم يعتبرون أن الأسعار المرتفعة للنفط والغاز في الوقت الحاضر قد تعوض طهران الكثير مما فاتها نتيجة العقوبات الأميركية في الأعوام الأخيرة. وبذلك التقت مصلحة إيران وأميركا في الوقت الحاضر، على التعجيل بتوقيع الاتفاق ورفع العقوبات.

إنما أتت العقبة الروسية لتعيد خلط الأوراق ولتحد من التفاؤل الذي ساد في الأيام الأخيرة في ما يتعلق بقرب التوقيع على اتفاق في فيينا.

فهل في الإمكان إيجاد مخرج للطلب الروسي؟ هذا ما لا تبدو أن الإجابة متوافرة عليه في وقت يمر فيه العالم بأعتى أزمة منذ إنتهاء الحرب العالمية الثانية.

عن "النهار" العربي



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية