"رفض" لمعادلة الحكم الطائفي... حركة عابرة للحزبية في العراق

 "رفض" لمعادلة الحكم الطائفي... حركة عابرة للحزبية في العراق

"رفض" لمعادلة الحكم الطائفي... حركة عابرة للحزبية في العراق


08/06/2023

أُعلن في بغداد عن تشكيل جماعة "رفض" المدنية لإنهاء معادلة الحُكم في العراق، ورفض المحاصصة الطائفية في قيادة وإدارة الدولة. التشكيل المدني الجديد يأتي في سياق عدة تشكيلات مدنية شهدتها البلاد، بعيد انطلاق احتجاجات تشرين الأول (أكتوبر) 2019.

ما يميز الحركة الجديدة عن سابقاتها أنّها ليست حزباً سياسياً، أو منضوية في تيار سياسي ناشئ، إذ يؤكد القائمون عليها أنّ "رفض" مظلة عابرة للحزبية، وجامعة لشتات المعارضين للطائفية السياسية، ومعادلة الحكم في الداخل العراقي.

بالمقابل، حذّر مراقبون عراقيون من العمل مع قوى السلطة وفق أدوات التنظيم السياسي التقليدي، مؤكدين أنّ تجربة الأحزاب الناشئة المنبثقة عن احتجاج تشرين، أفشلتها القوى الكبيرة لما تمتلكه من سلطة ومال وسلاح. 

وبدأت "رفض" قبل أكثر من شهر على شكل وسم أطلق على وسائل التواصل الاجتماعي #جماعة_رفض. الوسم الذي تفاعل معه العديد من الناشطين والمنظمات، والمؤثرين، وصنّاع الرأي العام في العراق.

اللائحة الوطنية لـ "رفض"

أفردت الجماعة المدنية الناشئة خطاباً مناوئاً للتدخل الخارجي في العملية السياسية الجارية في العراق، وأفردت في خطابها نقاطاً محددة تمسّ جوهر العمل السياسي، وما تشهده منظومة الحكم من استئثار وتفرد وانفلات للسلاح، بحسب ما جاء بمؤتمرها الصحافي منتصف الأسبوع الجاري.

المؤتمر الصحافي الذي أعلن عن تشكيل جماعة رفض المناوئة لمعادلة الحكم في العراق

وقال ممثلو الجماعة لدى التعريف بحراكهم: إنّ "رفض مشروع استراتيجي، تؤكد حقها في استخدام كافة الخيارات الدستورية والشرعية في مسيرة بناء الدولة وتأسيس معادلة حكم جديدة رشيدة بعيدة عن معادلة الفشل والفساد التي فرضتها قوى السلطة والسلاح الحاكمة، لتنطلق في مشروع عراقي غير خاضع ولا تابع". ويضيف: "ولأجل ذلك فإنّها تسعى مع القوى والشخصيات المؤثرة والمستقلة إلى تنظيم الصفوف، وتنسيق المواقف لتوسيع جبهة الرفض في عموم العراق، ووفق اللائحة الوطنية، التي تضمنت رفض معادلة الحكم الحالية التي تشكلت وفقاً للمحاصصة في قيادة وإدارة الدولة، ورفض أيّ شكل من أشكال الاستتباع السياسي لإيران أو أمريكا أو غيرهما".

اللائحة الوطنية لجماعة رفض تكمن في السعي مع القوى والشخصيات المؤثرة والمستقلة إلى تنظيم الصفوف وتنسيق المواقف لتوسيع جبهة الرفض في عموم العراق

وأكد ممثلو الحراك على "رفض الجيوش الموازية للجيش الوطني، وإعادة ضبط وتحديد صلاحيات المؤسسات الأمنية في الدولة وفقاً للدستور والقانون. وأيضاً رفض الهيئات واللجان الاقتصادية للأحزاب والجماعات السياسية التي تنهش موارد الدولة، وتحول دون وصول البلد إلى حالة تنموية واستثمارية حقيقية".

وأشاروا إلى أنّ اللائحة تضمنت "رفض الفساد بكافة أشكاله؛ السياسي، والإداري، والمالي، والاقتصادي، والثقافي. كذلك رفض التضييق على الحريات العامة، لا سيّما حرية التعبير، لأنّها حقّ أساسي من حقوق الأفراد والجماعات التي كفلها الدستور العراقي والمواثيق".

هوية الحركة

وتنفي حركة "رفض" المدنية صلتها بأيّ جماعة سياسية معارضة أو مناهضة للحكومة أو النظام السياسي، مؤكدةً أنّها تعمل ضمن سياق القانون العراقي الذي يكفل حق الاختلاف والتأييد على حدٍّ سواء. وأعلن أعضاء فيها أنّ حركتهم ليست حزباً سياسياً بقدر ما هي مظلة تنسيق المواقف المعارضة لمنهج المحاصصة الطائفية.

وتسرّبت إشاعات عدة بوقوف جهات سياسية مناوئة للحكومة خلف التشكيل المدني الجديد، يتقدمهم التيار الصدري، الذي أخذ جمهوره يتفاعل مع وسم #رفض على منصات التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة.

الناشط المدني فارس حرّام

ويقول حسام الحاج عضو الحركة: إنّ "رفض ليست حزباً سياسياً مضافاً إلى الأحزاب الناشئة أو المدنية، بل هي حالة فوق حزبية، تسعى لتكثيف الفعل الاحتجاجي بعد أن شهدنا حالة من حالات التفكك الحقيقية للفعل الاحتجاجي. وأقصد هنا بالفعل الاحتجاجي ليس بالتظاهر والاعتصام، وإنّما الفعل النخبوي الواعي الذي يهدف بطريقة أو بأخرى إلى إحداث حالة من التوازن مع السلطة، ومن يقوم بعمل الاستئثار بها، والمضي باتجاه تأصيل الفساد والمحاصصة".

حسام الحاج: الهدف من التشكيل الجديد هو تنسيق المواقف بين النخب، والعمل على إضفاء حالة الوعي على الاحتجاج بشكل عام، وإشاعة حالة الرفض المطلقة لمنظومة السلطة القائمة

وأشار إلى أنّ "جماعة رفض تشكل مظلة ينضوي تحت لوائها شخصيات وطنية، وإعلامية، ومنظمات مجتمع مدني، وحركات وأحزاب معارضة"، موضحاً أنّ "الهدف من التشكيل الجديد هو تنسيق المواقف فيما بينهم، والعمل على إضفاء حالة الوعي على الاحتجاج بشكل عام، وإشاعة حالة الرفض المطلقة لمنظومة السلطة القائمة، وهذا أمر لا يحققه إلا النخبة المتصدّون للشأن العام".

مطالبات بفعل احتجاجي

من جهة أخرى، حذّر ناشطون مدنيون من مآلات الفشل الذي أطاح بالقوى الناشئة، والمنبثقة عن حراك تشرين الاحتجاجي، وكيف أطاح العمل السياسي التقليدي بتلك القوى. وأكدوا على ضرورة ابتكار أدوات جديدة لتحفيز الجمهور، والشروع نحو فعل احتجاجي حقيقي يهدد منظومة المحاصصة.

ويرى الناشط فارس حرّام أنّ "تجربة العملية السياسية في العراق لا ينفع معها العمل الحزبي التقليدي، لأنّ النظام السياسي في العراق ليس سلمياً، بل هو نظام مسلح تحكمه أحزاب مسلحة، والعمل ضمن إطار شبابي منظم يقود الشباب إلى الاصطدام بصخرة كبيرة"، داعياً إياهم إلى "الانخراط في تشكيل فعل احتجاجي بدلاً من الجماعات وأحزاب سياسية جديدة".

ولفت إلى أنّ "الأحزاب المسلحة تجعل العمل السياسي غير ممكن في العراق، لذا العمل المحتج على تلك الأحزاب هو الخيار الأفضل من تشكيل قوى ناشئة".

حسام الحاج، عضو جماعة رفض

وشدد الناشط في الاحتجاجات المدنية على أنّ "أيّ جهة تريد النضال ضد النظام السياسي عليها أن تفكر في كيفية جمع الجمهور الرافض للقوى الحاكمة. وكيف يتم تنويع وسائل جمع هذا الجمهور". وأضاف: "أعتقد أنّ المعركة القادمة هي معركة تحفيز وتجييش الرأي العام ضد السلطة، وهذه هي الطريقة الوحيدة غير المستنفدة. لأنّنا بين خيار أن نحمل السلاح ضد الماسكين بالسلطة، وهذا ما نرفضه مطلقاً، أو نعمل على تجييش الرأي العام ضدهم". 

مواضيع ذات صلة:

نار الخلاف تستعر داخل المكوّن المسيحي في العراق.. ما علاقة الحشد الشعبي؟

العراق: اتهامات لسياسيين بدعم النزاعات العشائرية على حساب سلطة الدولة... كيف ولماذا؟

هل يتدخل المجتمع الدولي لحل أزمة المياه بين العراق وإيران وتركيا؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية