
محمد النغيمش
الأمة العربية مدينة للأيقونة الكويتية محمد الشارخ الذي كان أول من عَرَّبَ الحاسوب في التاريخ عبر شركته "صخر" التي ذاع صيتها في حقبة الثمانينات من القرن الماضي. محمد الشارخ (82 عاماً) الذي انتقل إلى جوار ربه يوم أمس الأربعاء، جمعني به لقاء في إحدى المناسبات، وكان يروي لي التحديات الجمة التي واجهها، وموجات التثبيط حول استحالة مضيه قدماً في مشروعه لتعريب الكمبيوتر.. لكنه أبى إلا أن يحقق نجاحاً باهراً.
مثلما كان لبيل غيتس هدف أن يدخل الحاسوب إلى كل بيت، كان للكويتي محمد الشارخ حلم أن يلج الحاسوب المعرب إلى كل بيت عربي.. وقد فعل. فهو الذي حبّبني شخصياً بلوحة المفاتيح والشاشة بعدما صرنا نرى الحروف العربية ترتسم على الـKeyboard الأنيق بعلامته التجارية (صخر). كنا نلهو في الحاسوب مع ألعابه الإلكترونية، لكن هذا اللهو كان يهدف إلى تمهيد الطريق نحو النقلة النوعية في حياة البشرية، حتى صار وجود الحاسوب في المنزل أهم من المذياع والتلفزيون.
أعمال الشارخ لا تعد ولا تحصى، منها إطلاق أضخم أرشيف للمجلات الأدبية والثقافية، والمعجم المعاصر (أول معجم عربي حديث)، وقاموس صخر، ومنصة "شكللي" التي تشكل النصوص العربية وتضبطها بضغطة زر واحدة. و"صححلي" التي تراجع النصوص وتدققها نحوياً وإملائياً. كما أنه سبق عصر الإنترنت عام 1985، بتطوير برامج القرآن الكريم وكتب الحديث التسعة باللغة الإنكليزية، وأسهم في تسهيل مهمة نطق الحروف العربية إلكترونياً عام 1998 حينما كانت الإنترنت بطيئة جداً.. وتحبو في بداياتها. وكذلك سهل ترجمة التخاطب الآلي عام 2010، فضلاً عن تطوير العديد من البرامج التعليمية والتثقيفية وتعلم البرمجة والكتب والوسائل التدريبية التي يتجاوز عددها تسعين مشروعاً.
في كل أمة رجل أو امرأة مثل محمد الشارخ، على استعداد أن يتكبد عناء الوقت والجهد والإنفاق المالي في سبيل أن يرى مشروعه النور. وهناك من تراجعوا عند أو هجمة انتقادية فأبى التاريخ أن يسطر أسماءهم بأحرف من نور.
ما فعله محمد الشارخ أنه حطم آمال المشككين بتعريب الحاسوب على صخرة الواقع. وربما كان ذلك سبباً لتسمية شركته "صخر". كان اسمها درساً بأن الوقوف في وجه الصعاب يتطلب صلابة الصخور.
الصخرة قد نعتبرها حجر عثرة، أو أن نطأها للارتقاء في سلّم المجد.
عن "النهار" العربي