"دويلة الهول" إرث شاهد على إرهاب "داعش"... متى يستعيد الغرب دواعشه؟

"دويلة الهول" إرث شاهد على إرهاب "داعش"... متى يستعيد الغرب دواعشه؟


06/09/2022

نار التطرف بدأت، على ما يبدو، في أكل نفسها داخل مخيم الهول، الذي يمثل إرثاً شاهداً على فوضى وإرهاب تنظيم "داعش" في العالم العربي ولا سيّما سوريا، فقد تحوّل المخيم إلى "دويلة" لعناصر داعش وأكثر من (55) ألفاً من نساء التنظيم وأطفاله، وشهد على مدار الأشهر الماضية أعمال عنف متتالية، وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان.

وفي حين تحرص سوريا على تفريغ المخيم، الذي بات مع مرور الوقت "قنبلة موقوتة"، ما تزال الدول الأوروبية مترددة في إعادة مواطنيها، الذين انضموا إلى صفوف التنظيم.

 فوضى وانفلات

تنتشر الفوضى والانفلات الأمني بصورة كبيرة داخل المخيم الذي يُعدّ بمثابة قنبلة موقوتة، فقد تواصلت جرائم القتل على يد أذرع تنظيم داعش، على الرغم من الحملات الأمنية الدورية التي تجريها القوات العسكرية المسيطرة على مخيم الهول، على حدّ قول المرصد.

تنتشر الفوضى والانفلات الأمني بصورة كبيرة داخل المخيم الذي يُعدّ بمثابة قنبلة موقوتة

وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان خلال شهر آب (أغسطس) جريمتي قتل ضمن "دويلة الهول"، على يد خلايا وأذرع تنظيم داعش، راح ضحيتها (3) أشخاص، من بينهم (2) من اللاجئين العراقيين، ورجل من النازحين السوريين، ليرتفع إلى (28) عدد الجرائم التي شهدها المخيم منذ مطلع العام الجاري، والتي أفضت إلى مقتل (30) شخصاً، من بينهم (8) عراقيين بينهم سيدتان، و(12) سورياً بينهم (8) سيدات، و(8) نساء مجهولات الهوية، بالإضافة إلى مسعف ضمن نقطة خدمية بالمخيم ورجل مجهول الهوية.

 "الحسبة" الداعشية

التحذيرات من تحوّل مخيم الهول إلى "قنبلة موقوتة" لم تأتِ من فراغ، فقد أشارت مؤسسة "كارنيغي للسلام الدولي"، في منتصف تموز (يوليو) الماضي، إلى أنّ نساء داعش شكّلن وحدات الشرطة الدينية الخاصة بهنّ المعروفة باسم "الحسبة" داخل مخيم الهول، في محاولة للحفاظ على إيديولوجية داعش ومعاييره المتطرفة.

ولا تتردد وحدات "الحسبة" في فرض عقوبات قاسية، بما في ذلك القتل، على عمال الإغاثة المحليين والدوليين، وكذلك على النساء الأخريات في المخيم اللائي يحاولن قطع علاقاتهن بالتنظيم، على حدّ قول "كارنيغي".

 

تحوّل المخيم إلى "دويلة" لعناصر داعش وأكثر من (55) ألفاً من نساء التنظيم وأطفاله، وقد شهد أعمال عنف متتالية

 

يمثل نظام الحسبة الموازي هذا التحدي الأكبر للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وقواتها الأمنية، وهي قوات كردية تحرس المخيم، فقد تمكنت القيادة العامة لقوى الأمن الداخلي في شمال شرق سوريا "الأسايش"، مطلع آب (أغسطس) الماضي، من العثور على خندق داخل "الهول" يتوارى داخله عناصر تنظيم الدولة الاسلامية، بعد قيامهم بالجرائم التي كانوا ينفذونها داخل المخيم، وذلك ضمن حملة "الإنسانية والأمن"، وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان.

وتهدف حملة "الإنسانية والأمن" إلى ملاحقة خلايا داعش داخل مخيم الهول، الواقع في أقصى ريف الحسكة الجنوبي الشرقي، شمالي شرق سوريا. ومنذ انطلاقها حتى نهاية الشهر الماضي، تمكّنت الحملة من اعتقال (98) شخصاً، بينهم ما لا يقلّ عن (24) امرأة، بالإضافة إلى إزالة نحو (96) خيمة كان عناصر التنظيم يستخدمونها للدورات الشرعية والإصدارات الداعشية.

تهديد غير مسبوق

في أيار (مايو) الماضي وحده شهد المخيم مقتل (6) أشخاص، وفقاً لتقرير نشرته "مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي"، في منتصف تموز (يوليو) الماضي، حيث أشارت إلى أنّ مقتل الأشخاص الـ (6) أدى إلى ارتفاع عدد جرائم القتل الموثقة في المخيم إلى (24) منذ بداية العام.

التحذيرات من تحوّل مخيم الهول إلى "قنبلة موقوتة" لم تأتِ من فراغ

واعتبرت المؤسسة مقتل عامل إغاثة في كانون الثاني (يناير) الماضي داخل المخيم "تهديداً غير مسبوق لمنظمات إنسانية وطبية" تعمل على مساعدة أكثر من (8) آلاف جهادية وزوجة وأرملة من مقاتلي داعش يعشن هناك، مشيرة إلى أنّ المخيم، الذي يقطنه أكثر من (65) ألف شخص، يمثل تحدياً أمنياً لسوريا والعراق، وللمنطقة كذلك.

وبحسب المؤسسة، يلقى باللوم في عمليات القتل الأخيرة على نساء داعش المتشددات المقيمات في الهول، حيث تعيش هذه الزوجات، اللائي ينتمين إلى أكثر من (60) دولة حول العالم، في المخيم منذ هزيمة التنظيم في العراق وسوريا وسقوط دولة الخلافة المزعومة في آذار (مارس) 2019.

 

تواصلت جرائم القتل على يد أذرع التنظيم، على الرغم من الحملات الأمنية التي تجريها القوات المسيطرة على مخيم الهول


ونقلت المؤسسة عن منظمة "أنقذوا الأطفال" قولها إنّ المخيم يعيش به ما يقدّر بنحو (7300) طفل تحت وصاية أمهاتهم المنتميات إلى تنظيم داعش، اللواتي يلقنّ هؤلاء الأطفال عقيدة داعش بجدية، ويغرسن في نفوسهم الرغبة في الانتقام لآبائهم الذين قتلوا أو أسروا خلال المعارك مع قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.

عودة "داعش"

في حين تخشى الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا ومنظمات حقوقية من أن ينشئ المخيم جيلاً جديداً من المقاتلين المتطرفين، ويمهد الطريق لعودة تنظيم داعش في المنطقة، قال "كارنيغي": إنّ مخاوفهم أصبحت "أكثر منطقية"، حيث "حاولت هؤلاء النساء مراراً الهروب من المخيم والتواصل مع العالم الخارجي باستخدام الهواتف السرّية للوصول إلى منصات وسائل التواصل الاجتماعي، وبالاعتماد على خدمات التحويل غير الرسمية على غرار الحوالة المتوفرة بكثرة في المخيم، قاموا أيضاً بجمع الأموال من أنصار الجهاديين في الخارج".

ونقل "كارنيغي" عن المرصد السوري قوله: إنّ الأسايش تمكنت من إحباط هروب نحو (200) امرأة من مختلف الجنسيات مع أطفالهنّ من المخيم، دون ذكر توقيت ذلك.

إفراغ المخيم

المخاوف من انفجار "قنبلة" الهول "الموقوتة" يأتي بعد أعوام قليلة من دعوات متزايدة لحكومات الشرق الأوسط لحثّ الدول على إعادة مواطنيها من مخيم "الهول"، غير أنّ ذلك، على ما يبدو، لا يحظى بشعبية سياسية نظراً لارتباطهم بـ"داعش".

تشهد عمليات إخراج عائلات داعش من أصول أوروبية تباطؤاً شديداً

وفي 14 آب (أغسطس) الماضي، خرجت دفعة جديدة من السوريين من عوائل عناصر داعش تقدّر بـ (400) شخص يمثلون (77) عائلة من المخيم للمرة الأولى بعد توقف عمليات إخراج السوريين منذ (7) أشهر، وغادرت (150) عائلة عراقية المخيم بتاريخ 12 آب (أغسطس)، في إطار استمرار عمليات إخراج العراقيين من المخيم ونقلهم إلى وطنهم، بتنسيق مشترك بين إدارة المخيم والحكومة العراقية، وفقاً للمرصد السوري الذي نقل عن مصادر قولها: إنّ العوائل الـ (150) العراقية شملت نحو (620) شخصاً، وهي الدفعة الـ4 التي تغادر الهول من اللاجئين العراقيين منذ مطلع 2022.

وفي 18 آب (أغسطس)، وصل وفد من اللجنة الأمنية التابعة للحكومة العراقية إلى الهول بتنسيق مع إدارة المخيم، حيث التقى الوفد باللاجئين العراقيين، وبدأت عملية تسجيل أسماء عوائل جديدة تمهيداً لإخراجها من المخيم خلال الأيام القادمة نحو الأراضي العراقية.

 

أشار "كارنيغي" إلى أنّ نساء داعش شكّلن وحدات الشرطة الدينية الخاصة بهنّ المعروفة باسم "الحسبة" داخل مخيم الهول

 

في المقابل، تشهد عمليات إخراج عائلات داعش من أصول أوروبية تباطؤاً شديداً، وكان آخرها في 20 تموز (يوليو)، حيث أعادت بلجيكا (16) طفلاً و(6) أمّهات هم أفراد عائلات جهاديين جميعهم بلجيكيون من مخيم الهول، بعد أيام من إعادة فرنسا (16) امرأة و(35) طفلاً، في الشهر ذاته، بما فيهم بعض الأيتام، وما يزال هناك حوالي (165) طفلاً فرنسياً، و(65) امرأة، في المخيم، إلى جانب حوالي (85) رجلاً فرنسياً، وفقاً لتقرير لـ"نيويورك تايمز" في تموز (يوليو) الماضي.

إلى ذلك، جدد المرصد السوري لحقوق الإنسان مناشدته للمجتمع الدولي بضرورة إيجاد حل لأزمة "دويلة الهول" التي تهدد بالانفجار بأيّ لحظة في وجه العالم أجمع، داعياً إلى وضع "آلية جادة وفورية لإعادة تأهيل النساء والأطفال داخل المخيم ممّن تشربوا بأفكار تنظيم الدولة الإسلامية سابقاً، لا سيّما مع العدد الهائل من الأطفال المتواجدين هناك، والانتشار الكبير لأذرع التنظيم، واستمرار تغذية عقول النسوة والأطفال بأفكار التنظيم." 

 

مواضيع ذات صلة:

تحذيرات أممية من تزايد مخاطر مخيم الهول في سوريا لهذه الأسباب

هل لهجوم داعش على مخيم الهول علاقة بالحرب في أوكرانيا؟

"برميل بارود جهادي": مخيم الهول يجدد مخاوف عودة داعش



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية