دعوة مصرية لـ"عودة المعارضة" من الخارج... هل تدق المسمار الأخير في نعش الإخوان؟

دعوة مصرية لـ"عودة المعارضة" من الخارج... هل تدق المسمار الأخير في نعش الإخوان؟

دعوة مصرية لـ"عودة المعارضة" من الخارج... هل تدق المسمار الأخير في نعش الإخوان؟


22/09/2022

لم يمر أسبوع على إطلاق مبادرة تدعو إلى "عودة المعارضين" من الخارج باستثناء "المنتمين لتنظيمات إرهابية"، في إشارة واضحة لجماعة الإخوان المسلمين، المدرجة على قوائم الإرهاب في مصر وعدد من الدول، حتى كشفت تناقض جبهتي الجماعة الرئيسيتين؛ في لندن بقيادة إبراهيم منير، وإسطنبول بقيادة خصمه محمود حسين، ففي الوقت الذي بحّ فيه صوت القياديين، المتنازعين على قيادة الجماعة، للانضمام إلى "الحوار الوطني" في مصر، ليتمكنوا من "العودة" إلى مصر والمشهد السياسي المصري، حشد منير وحسين جلّ ما لديهم من قوة للتحريض ضد دعوة "عودة المعارضة".

وفي تقرير نشرته صحيفة "الشرق الأوسط"، رأت أنّ تحريض جبهتي لندن وإسطنبول ضد دعوة "عودة المعارضة" يعكس خوفهم من الاستجابة لها، وبالتالي تفاقم أزمة الصراع والشقاق الدائر بين منير وحسين وجبهتيهما.

 شو إعلامي

الدعوة، التي لم تشمل الإخوان وعناصرها، المدان غالبيتهم في قضايا عنف وإرهاب وينتمون لتنظيم مُصنّف "إرهابياً"، من قِبل السلطات المصرية، "استغلتها قيادات الإخوان في الخارج من أجل الظهور الإعلامي وجذب شباب التنظيم في الخارج إليها بعد أن تخلت عنهم"، على حدّ قول خبراء.

ومنذ أيام قليلة، أطلق عضو "المجلس القومي لحقوق الإنسان" في مصر محمد أنور السادات عبر حزب "الإصلاح والتنمية" الذي يرأسه، عن مبادرة لـ"عودة المعارضين المصريين".

تحريض جبهتي لندن وإسطنبول ضد دعوة "عودة المعارضة" يعكس خوفهم من الاستجابة لها، وتفاقم أزمة الصراع بين الجبهتين

وتستهدف المبادرة بحسب السادات، "أيّ مصري مقيم بالخارج ويرغب في العودة، بشرط ألا يكون صدر ضده حكم قضائي أو ثبت تورطه في قضايا عنف وتحريض، ولم يثبت انتماؤه لجماعات أو تنظيمات إرهابية، وأن تكون عودته مشروطة بعدم مخالفة القوانين والتشريعات الوطنية ودستور البلاد"، غير أنّ "قيادات الإخوان" في الخارج حرّضت ضد الدعوة، فقد طالبت جبهتا لندن وإسطنبول عناصر التنظيم بـ"عدم الاستجابة لها".

ورقة المصالحة

دعوة "عودة المعارضين" هي "دعوة في المُطلق، ولم تحدد إخوان الخارج ليتحدثوا عنها؛ لذا استغلها عناصر التنظيم في الخارج"، على حدّ قول مساعد وزير الداخلية المصري السابق، الخبير الأمني، اللواء فاروق المقرحي، الذي أشار إلى أنّ "تنظيم الإخوان يتحين دائماً أيّ فرص للقفز عليها والعبور لتحقيق أهدافه".

إلى ذلك، قال الباحث المتخصص في الشأن الأصولي بمصر ماهر فرغلي: إنّ "قيادات الخارج استغلت الدعوة لعودة المعارضين في الظهور الإعلامي من جديد، واللعب بورقة العودة والمصالحة من جديد، رغم أنّ عودتهم والمصالحة معهم مرفوضتان سياسياً وشعبياً في مصر".

وأضاف أنّ "العديد من عناصر الإخوان الهاربين إلى الخارج متهمون في قضايا عنف بمصر، فكيف لهم أن يعودوا؟ وكيف يطلب التنظيم منهم ألّا يستجيبوا لدعوات العودة، رغم أنّهم مستبعدون منها أصلاً؟".

ووفق مصدر مطلع على شؤون "الإخوان"، فإنّ "قيادات الخارج تحدثت عقب الدعوة عن أنّها سوف توفر فرص عمل ومساعدات مالية لشباب التنظيم في الخارج"، لكنّ فرغلي أشار إلى أنّ "حديث قيادات الخارج عن توفير فرص عمل ومساعدات للشباب في الخارج، هو أمر يخصهم هم، فقد سبق أن تخلت القيادات الإخوانية طوال الأشهر الماضية عن شباب الإخوان في الخارج؛ وهو ما ظهر في فيديوهات كثيرة لهؤلاء الشباب على منصات التواصل، انتقدوا القيادات بعد أن تردت أوضاعهم المعيشية".

وبحسب مراقبين، فإنّ "عدداً من شباب الإخوان في الخارج يشكون من تخلي التنظيم تماماً عنهم، بعد أن حصل العدد الأكبر منهم على وعود بإنهاء إجراءات إقامتهم أو استخراج أوراق ثبوتية لهم".

قيادة التنظيم أم الشباب؟

قادة الإخوان "سواء في لندن أو إسطنبول أو غيرهما، لا يشغلهم سوى الصراع من أجل السيطرة على قيادة التنظيم، ولا علاقة لهم بالشباب الذي اندفع وراءهم وانضم إليهم في الخارج"، وفقاً للمقرحي.

وتأتي دعوة "عودة المعارضين" في وقت ما زالت فيه أزمة الانقسامات بين "قيادات الخارج" تتفاقم بين جبهتي "إسطنبول" و"لندن"، وما تزال أصداء تشكيل "جبهة لندن" هيئة عليا تكون بديلة لمكتب إرشاد "الإخوان" متصاعدة، عقب تصعيد آخر بتشكيل "جبهة لندن" لـ"مجلس شورى جديد"، وإعفاء أعضاء "شورى إسطنبول" من مناصبهم.

بحسب فرغلي، فإنّ "هناك (3) جبهات تتصارع في التنظيم لندن وإسطنبول والمكتب العام (يضم مجموعة محمد كمال، مؤسس الجناح المسلح للتنظيم)، وكل جبهة لها رؤاها المختلفة عن الأخرى، فكيف يلتقون في الاتفاق على التحذير من الاستجابة لدعوة عودة المعارضين؟".

خبراء: "الدعوة استغلتها قيادات الإخوان في الخارج من أجل الظهور الإعلامي وجذب شباب التنظيم في الخارج إليها بعدما تخلت عنهم"

وشرح فرغلي أنّه "رغم الهدوء الذي شهدته الجبهات الـ3 خلال الفترة الماضية، وعدم إثارة خلافاتهم إعلامياً كمرحلة أولى؛ تمهيداً لطرح مبادرة للصلح ولمّ الشمل؛ فإنّ الخلافات ما زالت متفاقمة بينهم، وخروجهم للحديث عن مبادرة (عودةؤ المعارضين) يدل على انشقاق وخلاف كبير خاصة مع الشباب".

وفي آب (أغسطس) الماضي، حركت "جبهة لندن" بقيادة إبراهيم منير فكرة "المصالحة"، وذلك "عقب إعلان مجلس شورى لندن تشكيل مجموعة مُصغرة من الإخوان للتواصل مع السلطات المصرية وطلب المصالحة، في مقابل تجميد النشاط السياسي للتنظيم داخل مصر نهائياً". وفي نهاية تموز (يوليو) الماضي، قال إبراهيم منير: "لن نخوض صراعاً جديداً على السلطة في مصر"، لكنّ فرغلي رجّح أنّه "حتى لو زعمت عناصر الإخوان في الخارج أنّها تفكر في المبادرة (عودة المعارضين)، فلن يُستجاب لهم في القاهرة؛ لأنّ عدداً كبيراً من عناصر التنظيم متهمون بأعمال عنف وتحريض في مصر".

وفي كانون الثاني (يناير) 2015، شدّد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على أنّ "المصالحة مع من مارسوا العنف قرار الشعب المصري، وليس قراره شخصياً"، وقال مطلع تموز (يوليو) الماضي: إنّ "الحوار الوطني المصري للجميع باستثناء فصيل واحد فقط (في إشارة ضمنية إلى الإخوان)".

ويرى اللواء فاروق المقرحي أنّ "كلمات الرئيس السيسي في هذا الاتجاه (أي عدم المصالحة مع الإخوان) واضحة وصريحة"، لافتاً إلى "عدم مشاركة التنظيم في الحوار الوطني المصري لأنّ عناصره ارتكبوا أو حرّضوا أو شاركوا بأيّ وسيلة من الوسائل في أفعال وجرائم أضرت بالدولة المصرية"، موضحاً أنّ "التنظيم المحظور في مصر خارج المعادلة مطلقاً، وليس له مكان فيها، وليس هناك مجال للتصالح معه"، أمّا فرغلي، فقال: إنّ "تنظيم الإخوان ليس أمامه الآن سوى محاولة إنشاء جبهة واحدة ووقف جميع أنشطته، وإعلان عدم الصراع على السلطة في مصر، وذلك من دون أيّ شروط".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية