ترجمة: محمد الدخاخني
السّيّدتان والـ 12 طفلاً الذين تمّ الإفراج عنهم مؤخّراً من مخيّم الهول، شمال سوريا، بمساعدةٍ من وزارة الخارجيّة الألمانيّة، عادوا إلى ألمانيا، تلك كانت لفتة إنسانيّة من الجانب الألمانيّ، وبالنّسبة إلى الحكومة الكرديّة الّتي تتمتّع باستقلالٍ ذاتيّ، فقد عنى ذلك عبئاً أقلّ على قوّات الأمن.
يؤوي المخيّم حوالي 64,000 شخص، معظمهم من منطقةٍ احتلّها فيما سبق تنظيم داعش الإرهابيّ، وبحسب تقريرٍ للأمم المتّحدة؛ فإنّ معظم المعتقلين سوريّون وعراقيّون، ووفقاً للتّقرير، أيضاً، يأتي ما يقرب من 9,500 من أماكن أخرى، وكثيرون منهم من أوروبا.
داعش صار أضعف بشكلٍ كبيرٍ مقارنةً بما كان عليه قبل خمسة أعوام وفكرة "الخلافة" المعلنة عام 2014 لم تَعُد تُثير أيّ اهتمام
منذ أشهر، تطالب السّلطات الأمنيّة بخفض الأعداد في المخيّم، محذّرةً من أنّ العديد من النّزلاء ما تزال لديهم أفكار متطرّفة ويشكّلون تهديداً محتملاً، وتُحاجج السّلطات بأنّه إذا تمكّن هؤلاء الأفراد من الفرار أثناء عمليّة تمرّد، فإنّهم سينضمّون على الفور إلى داعش أو الجماعات الجهاديّة الأخرى.
ضعيف ولكن
ومع ذلك، إذا تمكّن الإرهابيّون المحتملون من العودة إلى داعش، فسوف يجدون تنظيماً ليس سوى ظلّ لما كان عليه في السّابق؛ فقد ذهبت هالة أعوامه السّابقة؛ فهو لم يَعُد يمتلك الزّخم التنظيميّ أو الرمزيّ، الذي كان يتمتّع به قبل هزيمته.
يقول بيتر نيومان، أستاذ الدّراسات الأمنيّة في كينغز كوليدج لندن؛ "داعش صار أضعف بشكلٍ كبيرٍ مقارنةً بما كان عليه قبل خمسة أعوام"، ويضيف لـ "دويتشه فيليه": فكرة "الخلافة"، المعلنة عام 2014، لم تَعُد تُثير أيّ اهتمام، متابعاً: "داعش يخضع لمراقبةٍ شديدة، خاصّةً في العراق".
اقرأ أيضاً: داعش الصومال ينقسم ويشهد اقتتالاً بين عناصره... ما الأسباب؟
ويتابع نيومان: "ثمّة ضغط هائل هناك، ممّا يجعل من الصّعب على داعش تنظيم نفسه والحصول على أسلحةٍ جديدةٍ وتجنيد أعضاء جدد، كلّ هذا يضعف الحركة بشكلٍ كبيرٍ في بلدَيها الأصليّين؛ العراق وسوريا".
الافتقار إلى التّمويل
من جانبه، توصّل جاسم محمّد، وهو باحث في شؤون الإرهاب ويدير المركز الأوروبيّ لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، إلى نتيجةٍ مماثلة.
يقول لـ "دويتشه فيليه": "تشير بعض التّقديرات من داخل الحكومة العراقيّة إلى وجود حوالي 3,500 مقاتل في العراق، وربما 4,000 مقاتل في سوريا"، ويضيف: "إذا تحدّثنا عن داعش في العراق، فثمّة تراجع كبير في حجم التّنظيم وعمليّاته بعد أن فقد معاقله في سوريا والعراق".
الباحث جاسم محمّد: المعلومات الواردة من داخل الحكومة العراقيّة تكشف أنّ داعش يمتلك أسلحةً خفيفة فقط ولا يمتلك أسلحةً متوسّطةً أو ثقيلة
ويتابع: "عمليّات داعش في العراق وسوريا تراجعت ولم يَعُد التّنظيم قادراً على القيام بعمليّاتٍ محدّدة".
ويشير محمّد إلى أنّ تنظيم داعش يحاول الحصول على أسلحة، مضيفاً أنّ "المعلومات الواردة من داخل الحكومة العراقيّة تكشف أنّ التّنظيم يمتلك أسلحةً خفيفة فقط، ولا يمتلك أسلحةً متوسّطةً أو ثقيلة".
ويردف أنّه "من المتوقّع أن يكون داعش قد فقد شبكة علاقاته ومصادره الماليّة حول العالم".
مجموعات صغيرة متنقّلة
يضيف محمّد أنّ داعش إذا قرّر تنفيذ عمليّاتٍ محدّدة؛ فإنّها ستكون محدودة، مشيراً إلى أنّه يتمّ تنفيذها عادةً على يد "مجموعاتٍ متنقّلةٍ لا تتجاوز 10 أفراد"، معظمها في مناطق نائية أو بعيدة عن المدن، ويقول إنّ "أنشطة التّنظيم بشكلٍ عامٍ تقتصر على الأعمال السّريعة؛ مثل إغلاق الطّرق أو مهاجمة المواقع العسكريّة الحدوديّة.
ويشير إلى أنّ المعاملات الماليّة للجماعة تخضع، أيضاً، للمراقبة عن كثب، كما أنّ قدراتها الاقتصاديّة محدودة للغاية، مضيفاً أنّ "ذلك قد أدّى إلى تراجع عمليّات التّنظيم حول العالم".
تكتيكات جديدة لحشد المؤيّدين
يقول نيومان إنّه لا يوجد سبب لتبدو الأمور واضحة تماماً؛ إذ ما يزال داعش نَشِطاً في أوروبا، بالرّغم من أنّه قد غيّر تكتيكاته، وهو حالياً ليس في وضعٍ يمكّنه من تنفيذ عمليّاتٍ واسعة النّطاق، أو الاعتماد على أعضاء من ذوي الخبرة القتاليّة، كما فعل قبل بضعة أعوام، عوضاً عن ذلك؛ شَهِدت أوروبا هجمات أصغر على يد أفراد، بما في ذلك هجمات في باريس ونيس وفيينا ودريسدن.
يقول: "بهذه الطّريقة يُريد داعش أن يُظهِر أنّه ما يزال موجوداً، ويمكنه أن يضرب"، ويضيف إنّه "يبحث عن دوافع جديدة للتّعبئة، على سبيل المثال، الجدل حول الرّسوم الكاريكاتوريّة للنبيّ محمّد".
وتعتمد حملة التّجنيد الخاصّة به على عناصر بسيطة، وغالباً ما تكون بعض مقاطع الفيديو التي تحتوي على تسلسلات صورٍ موحيةٍ وموسيقى جدّية كافية لجذب المتابعين، وهذا النّوع من التّجنيد الإلكترونيّ أبسط وأكثر فاعليّة في كثيرٍ من الأحيان من الجهود التي تبذلها مدارس العقيدة الإسلاميّة والجماعات المتطرّفة التي توجد غالباً على مقربة من المساجد، وعلى رأسها دعاة راديكاليّون، على المستوى الرّقمي (الدّيجيتال)، غالباً ما تمرّ الرّدكلة دون أن يلاحظها أحد.
التّنظيم موجود في أفريقيا أيضاً
يقول جاسم محمّد "التّنظيم موجود بشكلٍ خاصٍّ غرب أفريقيا وشمالها، مستفيداً من الفوضى في ليبيا.
ويلفت إلى أنّه؛ إضافة إلى التّعبئة الأيديولوجيّة، فإنّ داعش معنيّ بشكلٍ أساسيٍّ بتوسيع طرق التّهريب إلى أفريقيا جنوب الصّحراء.
ويضيف محمّد أنّ تنظيم القاعدة ما يزال يتمتّع بنفوذٍ أكبر في المنطقة، لكن "بشكلٍ عام، يمكن توقّع زيادة النّشاط الإرهابيّ في غرب أفريقيا، رغم الجهود المبذولة".
مصدر الترجمة عن الإنجليزية: