خميس الغضب: اللبنانيون يعودون إلى الشوارع... فهل من تغيير؟

خميس الغضب: اللبنانيون يعودون إلى الشوارع... فهل من تغيير؟


13/01/2022

فيما يصارع لبنان للخروج من الانهيار السياسي والاقتصادي، عادت الاحتجاجات مجدداً للشارع، تطالب بالخلاص المعيشي والسياسي، وإسقاط طبقة الفساد والمحاصصة الطائفية. وتشهد مناطق لبنانية عدة، منذ يوم أمس الأربعاء، احتجاجات وإغلاقاً للطرقات.

وتشهد شوارع لبنان منذ الساعات الأولى من صباح اليوم، إغلاقاً للطرقات تنفيذاً لإضراب قطاع النقل البري، لمدة 12 ساعة، احتجاجاً على عدم تلبية الحكومة لمطالب سائقي الأجرة الذين يعانون ارتفاعاً كبيرا في أسعار الوقود.

وفقاً لوسائل إعلام محلية، شملت الاحتجاجات العديد من المناطق بمحافظات جبل لبنان والشمال والجنوب والنبطية والبقاع، حيث يقوم المحتجون بإغلاق الطرق بصناديق القمامة أو بإشعال الإطارات المطاطية أو عبر سلاسل بشرية

خميس الغضب

ودعت العديد من منظمات المجتمع المدني إلى المشاركة في الاحتجاجات التي بدأت منذ ساعات الصباح، وأدت إلى تعطيل الأعمال في العديد من القطاعات، لاسيما المصارف الخاصة ومحطات الوقود وشركات النفط، وكذلك توقفت الدراسة في المدارس والمعاهد والجامعات، بحسب مراسل "الحرة" في بيروت.

وتشهد الكثير من الميادين والطرقات الرئيسية في لبنان إغلاقاً بحاويات القمامة والإطارات المشتعلة، ففي العاصمة بيروت، قام محتجون بقطع الطريق عند ساحة الشهداء بوسط بيروت والطريق المؤدي من برج المر إلى الحمرا بحاويات القمامة، كما تم قطع الطرق بميادين الدورة والكرنتينا والمكلس وعند تقاطع جامع الأمين وفردان وبشارة الخوري والكولا باتجاه المدينة الرياضية.

ووفقاً لوسائل إعلام محلية، شملت الاحتجاجات العديد من المناطق بمحافظات جبل لبنان والشمال والجنوب والنبطية والبقاع؛ حيث يقوم المحتجون بإغلاق الطرق بصناديق القمامة أو بإشعال الإطارات المطاطية أو عبر سلاسل بشرية.

شملت الاحتجاجات العديد من المناطق بمحافظات جبل لبنان والشمال والجنوب والنبطية والبقاع

وتجري الاحتجاجات وسط إجراءات أمنية مشددة من الجيش اللبناني وفرقة مكافحة الشغب والقوى الأمنية، ومن المُقرر أن تستمر هذه الفعاليات حتى الساعة الـ 5 من مساء اليوم.

وكانت اتحادات ونقابات قطاع النقل البري في لبنان، قد عقدت ظهر الأربعاء مؤتمراً صحافياً، أعلنت خلاله عن خطوات تصعيدية، داعية جميع اللبنانيين إلى اعتبار اليوم يوم غضب، مؤكدة على ضرورة "المشاركة الكثيفة في كل المناطق اللبنانية بالتجمعات لرفع الصوت تجاه الاستهتار الرسمي بحياة الناس".

وقال رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الأسمر، أن "اتفاقات كثيرة جرت مع المسؤولين، منها المبالغ المقطوعة للقطاع العام وبدلات النقل، والاتفاق مع اتحادات ونقابات قطاع النقل البري، لم ينفذ منها شيء رغم موافقة رئيس الحكومة عليها في حضور الوزراء المعنيين".

اقرأ ايضاً: عمال النقل يوجهون رسالة إلى المسؤولين اللبنانيين بهذه الطريقة

وتجنب هذه الاتفاقات وفقاً للأسمر "قسماً كبيراً من اللبنانيين ولا سيما الطلاب والعسكريين والموظفين والمتقاعدين من كلفة النقل"، مضيفاً: هل المطلوب الذل كما يحصل أمام المصارف، في ظل تعاميم لنهب اللبنانيين وغرف سوداء ترفع الدولار؟ هل المطلوب رفع الدعم عن المحروقات والسلع الاستهلاكية والدواء وقريباً القمح؟ هل المطلوب موت الشعب اللبناني؟ إنّ الاتحاد العمالي العام يقول لا. واتحادات قطاع النقل البري هي جزء من الاتحاد العمالي العام، ستتحرك غداً بدعم من الاتحاد وسيكون يوم غضب وتحذير. وستليه أيام أخرى ومشاركة أكبر إذا لم يبادر المسؤولون الى تنفيذ الاتفاقات خصوصاً وأن بعضها يمكن تنفيذه بتطبيق القوانين الموجودة".

مواجهات عنيفة

ويتواجد المحتجون في الشوارع منذ مساء أمس الأربعاء، واعتصم عدد منهم أمام مصرف لبنان المركزي في بيروت، وفرع المصرف في مدينة طرابلس، ضد ما أطلقوا عليه منظومة النهب والتفقير تنديداً بتدهور الليرة اللبنانية أمام الدولار.

وتخلل الاحتجاجات مواجهات بين المتظاهرين وقوى الأمن والجيش، بعد أن أقدم بعض المحتجين على إشعال الإطارات وأكياس النفايات أمام المصرف، فيما قام بعضهم بإضرام النار بأحد المكاتب، محاولين اقتحام المصرف.

كما أقدم عدد من المواطنين على إقفال الطريق في ساحة النور بمدينة طرابلس شمالي البلاد بالإطارات المشتعلة وحاويات النفايات.

وأطلق المحتجون شعارات تدعو إلى رحيل الطبقة السياسية ومحاسبتها ومحاكمة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والمنظومة المصرفية "الفاسدة" التي وضعت يدها على ودائع الناس وحرمتهم من جنى عمرهم، وهرّبت أموال السياسيين والنافذين إلى الخارج، مشددين على أنّ السياسات التي اتبعها مصرف لبنان بالتعاون مع المسؤولين أوصلت البلاد إلى الانهيار وأفقرت الناس وساهمت في انهيار الليرة اللبنانية، وانعدام القدرة الشرائية لدى المواطنين.

تحرك أمس أتى في وقت أصدر القضاء اللبناني قراراً بمنع سفر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وذلك بناءً على الشكوى المقدمة من الدائرة القانونية لـ"مجموعة الشعب يريد إصلاح النظام" المبنية على "جرائم جديدة تتعلق باختلاس وتبديد المال العام على منافع شخصية والإثراء غير المشروع وتبييض الأموال".

·بسبب التوتر الذي يشهده لبنان منذ يوم أمس، أوصت جمعية مصارف لبنان بإغلاق البنوك، الخميس، بالتزامن مع دعوات التظاهر بمختلف الأنحاء في لبنان

وتحدثت وسائل إعلام لبنانية عن ضغوطات مارسها رئيس الوزراء نجيب ميقاتي على القضاء مرفقة بتهديدات بالاستقالة، في حال الاستمرار بملاحقة سلامة، وهو الرافض الأكبر لإقالته، معتبراً أنّه "خلال الحرب لا يمكن تغيير الضباط".

إغلاق البنوك والمؤسسات العامة

وبسبب التوتر الذي يشهده لبنان منذ يوم أمس، أوصت جمعية مصارف لبنان بإغلاق البنوك، اليوم، الخميس، بالتزامن مع دعوات التظاهر بمختلف الأنحاء في لبنان.

وأكدت جمعية المصارف أنّ القرار يأتي حفاظاً على سلامة موظفي القطاع المصرفي، ونظراً لإمكانية تعثر وصولهم إلى أماكن عملهم بسبب إضراب نقابات واتحادات النقل البري اليوم الخميس.

كما أعلن وزير التربية والتعليم العالي بلبنان، إغلاق المدارس والجامعات، اليوم فيما وجه وزير الداخلية والبلديات اللبناني القاضي بسام مولوي مدير المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي باتخاذ تدابير أمنية بالتزامن مع الدعوة للتظاهر وقطع الطرق.

يشار إلى أنّ لبنان يعيش أزمة اقتصادية خانقة بدأت عام 2019 بتراجع في حجم التدفقات المالية من الخارج، وارتفاع حجم الدين العام وسعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، متأثراً بالأوضاع السياسية، والجمود الحكومي، والخلافات الكبيرة بين الفرقاء السياسيين.

ووصل سعر صرف الدولار إلى 32 ألف ليرة لبنانية مؤخراً، ما تسبب في تآكل القدرة الشرائية للأفراد وفقد العملة اللبنانية أكثر من 15 بالمائة من قيمتها منذ بداية العام.

اقرأ أيضاً: لبنان: في الجدل حول "الاحتلال الإيراني"!

ويرزح 4 من كل 5 لبنانيين الآن تحت خط الفقر، بحسب الأمم المتحدة، ما يعد إفقاراً متسارعاً يعود سببه بشكل خاص إلى التضخم الذي يفوق المئة بالمئة.

وتستمر السلطة السياسية في لبنان بنهج رفع الأسعار من دون أي خطوات بديلة تدعم فيها المواطنين الذين باتوا يرزحون تحت أخطر الأزمات، وعاجزين عن تأمين أبسط مقومات العيش.

ويُضاف إلى الأزمة المعيشية المشاكل العديدة التي تواجهها الحكومة برئاسة نجيب ميقاتي، والتي لم تعقد أي اجتماع منذ 12 تشرين الأول (أكتوبر)  بسبب الخلافات السياسية بين أعضائها.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية