"مجزرة وقود" في لبنان... أزمة المحروقات تهدد قطاعات حيوية

"مجزرة وقود" في لبنان... أزمة المحروقات تهدد قطاعات حيوية


15/08/2021

يزداد المشهد اللبناني قتامة في ظل أزمة اقتصادية وسياسية غير مسبوقة، تلقي بظلالها على كافة مناحي الحياة في بلدٍ يعاني منذ أسابيع طويلة من نقص في المحروقات ينعكس سلباً على قدرة المرافق العامة والمؤسسات الخاصة وحتى المستشفيات والمدارس على تقديم خدماتها، في وقت تستمر فيه عصابات التهريب المحسوبة على بعض السياسيين في تسريب اللترات القليلة المتاحة من المحروقات إلى خارج لبنان.

 وأعلنت أحد أكبر المستشفيات في لبنان أمس السبت، إنها ستضطر لإغلاق أجهزة التنفس وغيرها من المعدات المنقذة للحياة خلال أقل من 48 ساعة مع نقص الوقود في البلاد.

 مرضى لبنان في مهب الريح

 وذكر المركز الطبي في الجامعة الأمريكية في بيروت، في بيان، أنّ الإمدادات اللازمة لتشغيل المعدات ستنفد بحلول صباح الإثنين، مطالباً الحكومة ووكالات الإغاثة الدولية تزويده بالوقود في الوقت الذي تكافح فيه البلاد أسوأ انهيار اقتصادي منذ عقود.

 وحذر المركز من "كارثة وشيكة"، وقال إنّ 40 مريضاً بالغاً و15 طفلاً يعيشون على أجهزة التنفس سيموتون على الفور إذا كانت المعدات غير قادرة على العمل.

 ورغم هذه الصعوبات التي تواجه المستشفى، أكد مديره جوزيف عتيّق، في حديث خاص مع "سكاي نيوز"، أن مستشفى الجامعة لن تتوقف عن تقديم الخدمات الصحية في لبنان مهما قست الظروف، وأنها ستبقى مشرعة الأبواب أمام كل محتاج.

 

حذر المركز الطبي في الجامعة الأمريكية من "كارثة وشيكة"،وقال: إن 40 مريضاً بالغاً و15 طفلاً يعيشون على أجهزة التنفس سيموتون على الفور إذا كانت المعدات غير قادرة على العمل

 

 وقال عتيق: "شهدنا صباح السبت صعوبة في تأمين مادة المازوت الأساسية في توليد الكهرباء والتي تحل مكان التيار الكهربائي، الذي لا تؤمنه الدولة اللبنانية، فوجدنا أنفسنا في خطر لأن مخزوننا من المازوت يكفينا فقط لظهر يوم الإثنين المقبل، الأمر الذي دفعنا إلى توجيه نداء عاجل للحفاظ على أرواح المرضى".

 وكشف عتيّق لـ "سكاي نيوز"، بعد إطلاق النداء: "استطعنا تأمين كمية من المازوت تكفي لبعد ظهر الأربعاء، عن طريق اتصالات أجريت بين وزير الطاقة ومصرف لبنان ومستوردي المازوت، مما أدى إلى تأمين الكمية، علما بأن الوقود موجود بالفعل وبكميات كافية داخل البلد".

 وتابع مدير أكبر مركز استشفائي في بيروت: "يضم المستشفى العديد من المرضى الذين يحتاجون إلى التنفس الاصطناعي، لدينا مرضى في حالة الخطر، الموضوع لا يحتمل المناكفات السياسية ويجب معالجته بمسؤولية".

 وأضاف: "نحمل الجميع مسؤولية ما نعاني منه بدءاً من الحكومة اللبنانية والمسؤولين، المسؤولية الكاملة عن هذه الكارثة الإنسانية التي قد تقع ".

 وأصرت إدارة المركز الطبي في الجامعة على أن "يقوم جميع من هم في مواقع المسؤولية، بتنحية نزاعاتهم جانباً، والعمل معاً لمنع الكارثة الوشيكة، على اللبنانيين وغيرهم من سكان هذا البلد، الذين لا تستحق معاناتهم الصعبة أن تتوج بمأساة لا داعي لها".

 

شدد مصرف لبنان المركزي على أنه مستمر في قراره رفع الدعم عن المحروقات وأنه لن يتراجع عنه إلا إذا أقر البرلمان قانوناً يسمح للمصرف باستخدام الاحتياطي الإلزامي بالعملات الأجنبية

 

 ويوم الخميس الماضي، أعلن مستشفى المقاصد في بيروت، عن عدم قدرته على استقبال المرضى ومعالجتهم نظراً لانقطاع مادة المازوت عن المستشفى كباقي المستشفيات في لبنان، وعدم توافر الأدوية الأساسية لمرضى غسيل الكلى وأدوية تخفيف الألم والمخدر وغيره من الأدوية الضرورية لعلاج المرضى داخل المستشفى وفي قسم الطوارئ، علماً أنّ مادة المازوت المتوافرة للمستشفى تكفي لمدة يومين.

 وحمّل المستشفى، في بيان له، مسؤولية ما وصل إليه من ترد للمسؤولين الرسميين وغير الرسميين، مشيراً إلى أنه من المؤكد أن النقص الحاد في مادة المازوت والكهرباء والأدوية سيتسبب بوفاة المرضى وفي أفضل الأحوال إيذاء الكثير من المرضى.

 دعم المحروقات

 وكان حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة شدد على أنه مستمر في قراره رفع الدعم عن المحروقات وأنه لن يتراجع عنه، إلا إذا أقر البرلمان قانوناً يسمح للمصرف باستخدام الاحتياطي الإلزامي بالعملات الأجنبية البالغ 14 مليار دولار.

 

في أحدث تجليات أزمة الوقود في لبنان، قتل 28 شخصاً وجرح عشرات وفقد آخرون في انفجار خزان وقود في عكار شمال لبنان.

 

 وأضاف أن هذا الاحتياطي هو ما تبقى لدى "المركزي" من أموال المودعين، وهي ملكية خاصة لا يحق للدولة التصرف بها. وأكد أن جميع المسؤولين -بمن فيهم رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب- كانوا يعلمون بقرار رفع الدعم عن المحروقات.

 وأشار سلامة إلى أن أسعار سوق الدولار تتلاعب بها الأزمة السياسية، وأن "المركزي" لا يتدخل بالعملية السياسية. كما قال إنه لم يتخذ قرار رفع الدفع للقيام بانقلاب سياسي أو عرقلة تشكيل الحكومة.

 وكشف حاكم المصرف المركزي أن 800 مليون دولار أُنفقت على الواردات في تموز (يوليو) الماضي، وكان من المفترض أن تكفي 3 أشهر.

 مجزرة جديدة عنوانها التهريب

 وفي أحدث تجليات أزمة الوقود في لبنان، قتل 28 شخصاً وجرح عشرات وفقد آخرون في انفجار خزان وقود في عكار شمال لبنان.

 وأفاد مراسل صحيفة "النهار" أنّ المصابين نقلوا بواسطة الصليب الأحمر إلى مختلف المستشفيات في عكار وطرابلس، وسط دعوات للتبرع بالدم وإرسال الأدوية والأمصال الخاصة بالحروق إلى مستشفيات عكار وطرابلس.

...

 الضحايا كانوا من فقراء المنطقة الذين تقاطروا لتعبئة البنزين المفقود وأيضاً من عناصر الجيش الذين كانوا يشرفون على التوزيع.

 ويعيدنا الانفجار بقوته إلى انفجار 4 آب (أغسطس) 2020. فاهتراء الدولة الذي كشفه انفجار المرفأ امتد اليوم إلى عكار، وكشف عن أدوار جديدة للطبقة السياسية في المجزرة التي يعيشها لبنان.

 وفي التفاصيل، تمت مصادرة صهاريج بنزين مخزنة أمام منزل التاجر المعروف في المنطقة جورج رشيد، في بلدة التليل العكارية، ومنزل رشيد يقع على الطريق العام مباشرةً، أي أنه كان يخزن المواد المقطوعة منذ أشهر أمام أعين الدولة من دون أن يداهمه أحد!

 

يذكر أن قوى الأمن والجيش اللبناني، قد أعلنت مؤخراً بدء عمليات مداهمة محطات الوقود ومصادرة الكميات المخزنة من مادة البنزين وتوزيعها مجاناً على المواطنين

 

 ويعرف الأهالي أن كل مهرب في عكار محسوب على نواب المنطقة، فمنذ شهرين تقريباً، داهمت قوة كبيرة من فرع المعلومات مستودعاً يملكه التاجر علي عباس في بلدة عيدمون، وصودرت آلاف الليترات من المازوت منه، والمستودع يقع في قلب البلدة، أي إن السكان معرضون للخطر، ولم يتم توقيفه ولو لساعة واحدة، وفق ما أورد موقع "درج" اللبناني.

...

 ويقول شهود عيان إنّ الرجل كان يرفع صورة النائب أسعد درغام التابع لـ"التيار الوطني الحر" وفريق رئيس الجمهورية، على المبنى الذي يخزن فيه الوقود قبل تهريبه.

 واحتجاجاً على ما حدث أقدم أهالي بلدة التليل في عكار حيث وقع الانفجار، على حرق  الشاحنات الموجودة في مستودع الرمل والبحص، كردة فعل على الكارثة، كما أحرقوا شاحنة قرب منزل صاحب الخزان، مهددين بإحراق منزله.

 فيما أعلن  "ثوار عكّار" في بيان أنه سيتمّ قطع جميع الطرقات الرئيسية والفرعية بالسواتر الترابية عند الساعة الـ10 مساء اليوم، داعين الناس للنزول إلى الشارع، معلنين في الوقت نفسه "العصيان المدني"، وفق ما أورد "مرصد مينا".

 ذكرت وسائل الإعلام اللبنانية، اليوم الأحد، عن شهود عيان، روايتين عن سبب انفجار خزانات المحروقات التي كانت مخبأة في قطعة أرض في بلدة التليل.

...

 وأكد شهود عيان لقناة "LBCI" أن "المواطنين الذين تجمعوا قرب خزانات المحروقات لحظة مصادرتها من قبل الجيش، سمعوا طلقة نارية تسببت في الانفجار واندلاع الحريق في صهاريج المحروقات"، لافتين إلى أنه "تم العثور على رصاصة في أحد الصهاريج المحترقة".

 فيما أفاد شهود في رواية أخرى، بأن أحد المواطنين أشعل سيجارة قرب خزانات المحروقات وهو ما أدى إلى اشتعال الحريق والانفجار.

 تأتي سيناريوهات الإعلام اللبناني، بينما لم يصدر أي بيان عن الجيش أو القوى الأمنية بهذا الشأن، إذ طلب الرئيس اللبناني ميشال عون من القضاء، البدء بإجراء التحقيقات اللازمة في الحادث، للكشف عن ملابساته.

 يذكر أنّ قوى الأمن والجيش اللبناني، قد أعلنت مؤخراً بدء عمليات مداهمة محطات الوقود ومصادرة الكميات المخزنة من مادة البنزين وتوزيعها مجاناً على المواطنين.

...

 وقال الجيش، في بيان له: "بعد إقفال عدد كبير من محطات المحروقات أبوابها أمام الزبائن لغياب تسعيرة رسمية بعد رفع الدعم"؛ فإن وحداته "ستباشر عمليات دهم محطات تعبئة الوقود المقفلة وستصادر كل كميات البنزين التي يتم ضبطها مخزنة في هذه المحطات".

 وبسبب خلافات سياسية، يعجز لبنان منذ نحو عام عن تشكيل حكومة تضع حداً للانهيار الاقتصادي، وتخلف حكومة تصريف الأعمال الراهنة التي استقالت بعد 6 أيام من كارثة انفجار مرفأ بيروت، الذي أدى إلى مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة نحو 7 آلاف آخرين.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية