حماس ومسار الكارثة: قراءة نقدية لأدائها بين 7 أكتوبر 2023 و7 أكتوبر 2024

حماس ومسار الكارثة: قراءة نقدية لأدائها بين 7 أكتوبر 2023 و7 أكتوبر 2024

حماس ومسار الكارثة: قراءة نقدية لأدائها بين 7 أكتوبر 2023 و7 أكتوبر 2024


07/10/2024

شهد العالم في 7 أكتوبر 2023 تصعيدًا جديدًا من قبل حركة حماس ضد إسرائيل، حيث أطلقت الحركة هجومًا واسع النطاق لم يكن متوقعًا. ورغم النجاح الأولي في إحداث صدمة عسكرية كبيرة لدى القوات الإسرائيليةوأجهزة استخباراتها، فإن تداعيات هذا التصعيد، سواء على المستوى السياسي أو الإنساني، تركت آثارًا كارثية على قطاع غزة. في هذا المقال، سنقوم بتفصيل نقدي لأداء الحركة خلال هذه الفترة استنادًا إلى الشواهد والبيانات، مع الاعتماد على آراء الخبراء وتحليلات الصحف العالمية.
في بداية التصعيد، كانت حماس تفتقر إلى رؤية استراتيجية سياسية بعيدة المدى. الهجوم المباغت الذي بدأ في 7 أكتوبر 2023 جاء بدون حساب دقيق للعواقب، وهو ما أدى إلى زيادة الضغط على القيادة السياسية للحركة. خبراء مثل كريم سادوي، الباحث في مؤسسة كارنيغي، أكدوا أن "حماس تبنت استراتيجية تصعيدية خطيرة دون التفكير في كيفية إدارة التبعات الدبلوماسية أو العسكرية والإنسانية لهذه المواجهة، مع إدراك قيادات الحركة ومراكز دراساتها للرد الإسرائيلي المتوقع"

تقرير نشرته صحيفة *نيويورك تايمز* في ديسمبر 2023 أشار إلى أن العديد من الوسطاء الدوليين حاولوا منذ البداية الضغط على حماس وإسرائيل لوقف التصعيد، لكن القيادة في حماس وإسرائيل معا أظهروا تصلبًا في موقفهما، رافضين أية حلول سياسية تعيد الهدوء إلى القطاع. هذا التعنت السياسي أدى إلى زيادة عزلة الحركة وتشدد إسرائيل على الساحة الدولية، خاصة مع تصنيف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لحماس كمنظمة إرهابية وزيادة الضغوط الدولية والدبلوماسية على إسرائيل. 

وفقًا لتقارير *الأمم المتحدة، بحلول نهاية يناير 2024، تجاوز عدد النازحين في قطاع غزة **900,000 شخص، بينما تسببت الغارات الجوية الإسرائيلية في تدمير أكثر من 60% من البنية التحتية في قطاع غزة. تقرير صادر عن **منظمة العفو الدولية* في فبراير 2024، وصف الوضع في غزة بأنه "كارثة إنسانية كاملة الأركان"، حيث حذر من نقص حاد في المواد الغذائية والإمدادات الطبية.

وفي مقابلة مع *الجارديان، قال **ريتشارد غوان*، مدير السياسات في مركز أبحاث الأزمات الدولية، "حماس لم تكن مستعدة تمامًا لتحمل العواقب الإنسانية لهذه الحرب وإسرائيل كانت منخرطة في حرب غير متناسبة بغرض ترميم صورة جيشها، إذ فشلت حماس في وضع خطة لإدارة الوضع الداخلي. لم يكن هناك أي جهد كاف لتخفيف معاناة السكان المدنيين في ظل الحصار الإسرائيلي الخانق."
على الرغم من تحقيق حماس نجاحات عسكرية أولية في الأيام الأولى من الهجوم، فإن الأمور بدأت في التدهور بشكل سريع بعد الرد الإسرائيلي العنيف. وفقًا لتقديرات *مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، تم تدمير ما يقرب من **60% من البنية التحتية العسكرية لحماس* بحلول أبريل 2024. العمليات العسكرية المكثفة شملت استهداف الأنفاق التي تعتمد عليها حماس لنقل السلاح والذخائر، مما أدى إلى تدمير شبكة واسعة منها.

وفي هذا السياق، أشار تقرير نشرته رويترز في مايو 2024 إلى أن "إسرائيل نجحت في تحييد قدرات حماس العسكرية بشكل كبير، حيث أصبح الوضع في القطاع يقترب من حالة استنزاف شامل." وعلى الرغم من تلقي الحركة دعمًا عسكريًا محدودًا من حلفائها الإقليميين مثل إيران، إلا أن هذا الدعم لم يكن كافيًا لتعويض الخسائر الضخمة التي لحقت بالبنية التحتية للحركة.

بحلول منتصف عام 2024، كانت تكلفة الحرب قد أثقلت كاهل سكان غزة. تقرير صادر عن *البنك الدولي* في أغسطس 2024 قدّر أن إجمالي الخسائر الاقتصادية في غزة بلغ ما يزيد عن 12 مليار دولار، مما أدى إلى ارتفاع معدل الفقر إلى مستويات غير مسبوقة وصلت إلى 84%* من السكان. صحيفة **لوموند* الفرنسية نشرت تقريرًا في سبتمبر 2024، أكدت فيه أن "الاقتصاد في غزة في حالة الانهيار الكامل، ولا توجد أي جهود حقيقية من قبل حماس لتقديم أية مساعدات حقيقية للسكان"

ارتفاع معدل الفقر إلى مستويات غير مسبوقة وصلت إلى 84% من السكان
من الناحية السياسية، فشلت حماس في استثمار أي مكاسب عسكرية لتحسين موقفها على الساحة الدولية. على العكس، زادت عزلة الحركة، حيث قوبلت محاولاتها للحصول على دعم من المجتمع الدولي بالفشل. تقرير لصحيفة واشنطن بوست في يوليو 2024 أشار إلى أن "حماس تعيش حالة من العزلة المتزايدة، حيث لم تتمكن من تحقيق أي مكاسب دبلوماسية، حتى من قبل بعض حلفائها التقليديين مثل تركيا وقطر."

هذه العزلة جاءت نتيجة طبيعية لشكل تحالفها مع إيران ولرفضها تقديم تنازلات سياسية يمكن أن تؤدي إلى تخفيف الحصار عن غزة. صحيفة نيويورك تايمز نشرت في أغسطس 2024 تقريرًا يشير إلى أن "التصعيد الأخير كشف عن محدودية قدرة حماس على التأثير على الساحة الدولية، حيث باتت الحركة معزولة بين قوى دولية لا تجد فيها شريكًا موثوقًا لأي حلول سلمية بما فيها الوسطاء من العرب مصر وقطر."

بين 7 أكتوبر 2023 و7 أكتوبر 2024، اتضح أن حركة حماس فشلت في إدارة المواجهة السياسية والعسكرية بشكل كبير رغم نجاح عملية 7 أكتوبر في تحقيق خرق عسكري مهم على الجبهة الإسرائيلية ورغم الزخم الكبير الشعبي حول العالم بالتعاطف مع القضية الفلسطينية. ومع ذلك يبدو أن سياسات الحركة غير المدروسة دفعت قطاع غزة إلى كارثة إنسانية واقتصادية، بينما لم تتمكن من تحقيق أي مكاسب سياسية ملموسة. الاستنزاف العسكري المتزايد والعزلة الدولية وضعا الحركة في موقف دفاعي، مما يجعل الحاجة إلى مراجعة جذرية في استراتيجيتها أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية