حماس على مفترق طرق: لماذا تُتهم بأنها "باعت شرف الأمة"؟

حماس على مفترق طرق: لماذا تُتهم بأنها "باعت شرف الأمة"؟

حماس على مفترق طرق: لماذا تُتهم بأنها "باعت شرف الأمة"؟


12/10/2022

تلتقي فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وعلى رأسها حركة فتح، إضافة إلى حركتي حماس والجهاد الإسلامي، في الجزائر الثلاثاء القادم، حيث أكّد عضو المكتب السياسي في حركة حماس سهيل الهندي أنّ حركته تجهز نفسها من خلال وفد قيادي لحضور لقاء الجزائر بشأن المصالحة الفلسطينية، وأنّ الحركة تعوّل كثيراً على لقاء الجزائر، خصوصاً أنّ الجزائر لديها قوة وتأثير لجمع شتات الفلسطينيين، مضيفاً أنّ لدى حماس وبعض الفصائل الفلسطينية توجهاً بشأن ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي، من خلال إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية بمشاركة الكل الفلسطيني بما فيها حماس والجهاد.

في جانب آخر وفي خطوة أثارت انتقاد أشد المؤيدين لها، أعلنت حركة "حماس" أواخر الشهر الماضي أنّها ماضية في "بناء وتطوير علاقات راسخة" مع النظام السوري بعد نحو (11) عاماّ من "القطيعة"، مضيفة أنّها قررت رسميّاً استئناف العلاقات مع دمشق، التي أشارت من جانبها إلى أنّ ذلك لا يعني إيواء قادة حماس على أرضها.

وجاء بيان "حماس" عقب زيارة قام بها رئيس الحركة إسماعيل هنية إلى موسكو على رأس وفد شمل نائبه وعضوين من القيادة الأولى في الحركة، بدعوى "تطوير العلاقة مع روسيا"، وإحداث التوازن الإيجابي للدور الروسي لصالح القضية الفلسطينية.

العودة غير المفاجئة إلى النظام السوري

اعتبر مراقبون أنّ عودة العلاقات بين "حماس" والنظام السوري لم تكن مفاجئة، بالنظر إلى الاصطفافات الجارية في المنطقة، ومنها توجه القيادة التركية للمصالحة والتقارب مع سوريا واستئناف العلاقة الطبيعية مع "إسرائيل"، وبالنظر إلى المساعي الجارية لإعادة تأهيل النظام السوري، تمهيداً لإعادة سوريا إلى الجامعة العربية، وبالنظر أيضاً إلى الرعاية القطرية التي تمثل القناة الأمريكية للحركة من أجل دمجها في الحل الإقليمي، وهذا بالإضافة إلى علاقة الأخيرة مع إيران وحزب الله الذي كشف أمينه العام حسن نصر الله عام 2020 عن وساطة جارية لإعادة العلاقة بين حماس والنظام السوري، وبشّر بقرب استئنافها. غير أنّ الجديد في الأمر هو التقاء المصالح الأمريكية الروسية حيال هذه المصالحة، وعودة العلاقات بين حركة حماس والنظام السوري.

عضو المكتب السياسي في حركة حماس سهيل الهندي: الحركة تعوّل كثيراً على لقاء الجزائر

وقد قوبل موقف حماس بهجوم كبير من جماعة الإخوان المسلمين ـ الفرع السوري، وأطلق المجلس الإسلامي بياناً قال فيه إنّ مصالحة حماس مع النظام السوري المجرم توفر له الدعم من مؤيدي حماس في الداخل السوري والجوار الإقليمي، كما أنّ سير حماس في الحل الإقليمي يوفر للنظام السوري المبررات للتخلص من شعاراته السابقة ضد الكيان الصهيوني والانخراط في الحل الإقليمي في المستقبل، ممّا يمثل مصلحة أمريكية سواء بقي بشار رئيساً أو جرى خلعه واستبدال دمية أخرى به، وأمّا من جهة روسيا، فمن مصلحتها امتلاك أوراق للمقايضة والضغط ومحاولة التأثير على الجهات ذات العلاقة بقضية فلسطين، ومحاولة توفير الدعاية للنظام السوري، بالإضافة إلى الاستثمار في حماس لتحسين صورة روسيا أمام الرأي العام الإسلامي والأعراق المسلمة داخل الاتحاد الروسي، في ظل حاجة بوتين للجنود من مسلمي روسيا للحرب في أوكرانيا تفادياً لسخط العرق السلافي الذي أبدى تذمراً بشأن إعلان بوتين للتعبئة الجزئية، وفي ظل التوتر الروسي مع الكيان الصهيوني بشأن الموقف من الحرب الروسية الأوكرانية.

وأضاف المجلس الإسلامي في بيانه أنّ الولايات المتحدة قد فتحت الطريق لحركة حماس باتجاه الدول العربية بعد معركة سيف القدس، التي تواطأت فيها إدارة بايدن على إسقاط نتنياهو وإظهار الحركة بصورة المنتصر.

  جماعة الإخوان تنصح حماس أن تصحح بوصلتها بمقتضى دينها، وأن تعود إلى رشدها وتهجر الحلّ الإقليمي.. والداعية الإخواني وجدي غنيم يتبرّأ من حماس؛ لتطبيعها مع النظام السوري

إنّ المقاربات البراغماتية لقيادة حركة حماس تكشف بما لا يدع مجالاً للشك والتبرير عن تفاهمات إقليمية ودولية حيال الموقف من الحل الإقليمي، واستعدادها للانخراط فيها، لا سيّما بعد إعلان خالد مشعل عن وثيقة "المبادئ والسياسيات العامة" عام 2017، وقد بدا موقفها أكثر وضوحاً في العدوان الأخير على غزة واستهداف حركة الجهاد ووقوفها موقف المتخاذل.

وفي بيان صادر عن جماعة الإخوان المسلمين، وصفحة متحدثيها الإعلاميين، بموقع التواصل تليجرام، قالت الجماعة: "ننصح حركة حماس أن تصحح بوصلتها بمقتضى دينها، وأن تعود إلى رشدها وتهجر الحل الإقليمي الخياني، وألّا تبيع شرف الأمّة في سوق الحلول الاستسلامية، فتضيع تضحيات الملايين الذين رفضوا الوجود الغاصب وقاوموه أشد المقاومة، حتى ظل الكيان المجرم فاقداً للأمن رغم مرور أكثر من ثلاثة أرباع القرن على قيامه".

ونصح البيان أيضاً "المخلصين من أبناء الحركة، وخاصة في الجناح العسكري، أن يقفوا صفاً واحداً في وجه الحل الإقليمي مهما تكبدوا من عناء، والأخذ على يد القادة السياسيين، حتى لا يجيروا تضحيات المسلمين لاسترجاع فلسطين لصالح أطراف الحل الإقليمي وتثبيت الكيان الصهيوني. كما نوجه نداءنا للأمّة الإسلامية أن تبقى يقظة حذرة من الحلول التي تطرحها أمريكا، وتسير فيها دول المنطقة، ويراد لحركة حماس أن تسير فيها، فلا يصح أن تعمي تضحيات الحركة عن الحقيقة المرة التي لا قدّر الله إن صارت واقعاً، فحينها تضيع فلسطين وتضيع المقدسات، ويتحول المقاوم إلى حارس لأمن الكيان الغاصب، كما حصل من قبل مع منظمة التحرير التي وقّعت اتفاق الحراسة في أوسلو. والله غالب على أمره ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون".

العودة المشروطة

كشف موقع "نتسيف نت" العبري، المعنِي بالملفات الاستخبارية، أنّ حكومة النظام السوري لن تسمح لقادة "حركة حماس" بالعودة إلى العاصمة دمشق والإقامة فيها، على الرغم من تفاهمات بين الطرفين بشأن تحسين العلاقات التي تضررت عقب الحرب في سوريا خلال 2011. وقال إنّ حكومة النظام كانت قد ثمنت عودة العلاقات بينها وبين حماس، إلا أنّها تتمسك برفضها عودة قادة الحركة إلى دمشق.

سير حماس في الحل الإقليمي يوفر للنظام السوري المبررات للتخلص من شعاراته السابقة ضد الكيان الصهيوني

ورصد الموقع تصريحات منسوبة إلى قيادي في "حماس" لم يذكر اسمه، على موقع "المونيتور"، أكد فيها رفض النظام فكرة عودة قادة الحركة إلى دمشق، وأشار إلى أنّ "”علاقات حماس ستعود مع سوريا، إلا أنّها لن تعود إلى ما كانت عليه قبل 2011."

في جانب آخر، علّق البعض على ظهور خالد مشعل وهو يحمل جثمان القرضاوي، ثم ظهوره في قناة الجزيرة في حوار تفصيلي حول الشيخ المتوفى، على أنّه إشارة إلى دور مقبل لمشعل داخل مجلس شورى التنظيم الدولي، مع العلم أنّه تلاشى الحديث عن المصالحة مع النظام السوري.

ومن خلال متابعة التفاعلات مع التطورات الحمساوية، لوحظ أنّ غالبية الانتقادات أو الرفض لهذه الخطوة جاءت من حركات إسلامية في المشرق العربي وجانب من السوريين المعارضين لحكم بشار الأسد، وبدون الدخول في تحديد العلاقة بين السياسة والفقه وتكييف المصلحة، ينتشر الجدال بشكل واضح بين فروع جماعة الإخوان التي تبدي اعتراضها واستنكارها لتصرفات بعضها، وتستمر تناقضات الجماعة في علاقاتها مع الأطراف الأخرى، لا سيّما إيران.

صفحات جهادية وهي: (القادسية ـ من إدلب ـ طلحة المسير ـ أفكار الذهبي الرسمية ـ أبو حمزة الكردي) تنتقد موقف حركة حماس من رغبتها إعادة علاقاتها مع بشار الأسد

ومن أهم الانتقادات التي تم توجيهها للجماعة هو الانتقاد الذي وجّهه الصحفي المقرب من الجماعة خيري عمر، فقد انتقد حماس قائلاً: إنّه رغم الخبرة الافتراضية الطويلة للجماعة، فإنّها لم تتمكن من تكوين وعي مشترك تجاه قضايا السياسة ومتغيراتها، وإنّ استمرار هذا الوضع جعلها مشكلة بين الدول، وأعجز فروعها عن تحقيق تقدّم أو إنجاز.

أيضاً انتقدت صفحات جهادية وهي: (القادسية ـ من إدلب ـ طلحة المسير ـ أفكار الذهبي الرسمية ـ أبو حمزة الكردي) موقف حركة حماس من رغبتها إعادة علاقاتها مع بشار الأسد، وقالت إنّه مرتبط بالضرورة بالتطورات الإقليمية وربما يكون مقدمة لإعادة تموضعها السياسي؛ حيث إنّ الحليف الإقليمي الأساسي تركيا تعيد ترتيب علاقاتها مع الأطراف العربية وتسعى لخلق تفاهمات وشراكات مع مصر والسعودية والإمارات، ولكنّ الأهم في ملف حماس في الموضوع التركي هو العلاقة مع دولة الاحتلال، إذ يبدو أنّها تعود إلى سابق عهدها وبزخم قوي قد يتوج بزيارة للرئيس التركي وهي الأولى بعد (17) عاماً سبقها تبادل السفراء.

في غضون ذلك، طلب قادة حماس من بعض الفصائل السورية، ومنها المجلس الإسلامي السوري، اللقاء لتوضيح الموقف، إلا أنّ المجلس وقادته رفضوا اللقاء، وقالوا: لا فائدة من اللقاء مع قادة الحركة، فحماس لم تأبه للنصح المقدّم لها وآثرت التطبيع مع النظام، وعلى الحركة أن تتحمل مسؤوليتها وحدها في مساندة المشروع الذي يعادي شعوب المنطقة.

وقال المجلس في بيان ثانٍ: حماس تُطبّع مع نظام بشار الأسد اعتقاداً منها أنّه انتصر على شعبه وسيعاد تأهيله دولياً، بل طبّعت معه إرضاءً لإيران ومنحها بعض الترضية "الاضطرارية"، مقابل حصولها على دعمها اللوجيستي والسياسي والسلاح والخبراء كذلك.

في المقابل، ردّت حماس في بيان، وقالت إنّها ما زالت ثابتة على المبادئ، وهي تقاتل بمربعها فقط بالداخل، ولم تقف مع بشار ضد شعبه يوماً، بدليل أنّها لم ترسل مقاتلاً واحداً ليقاتل داخل أراضي سوريا طوال الأعوام الماضية.

واعتبر عضو المكتب السياسي موسى أبو مرزوق أنّ الضغوط التركية هي أحد الأسباب في ذلك، وقال إنّ "تشويشاً كبيراً طرأ على علاقات حماس بتركيا، وذلك بعد تحسين أنقرة علاقاتها بإسرائيل ودول عربية أخرى، وفي ضوء ذلك نحن ملتزمون بالتفاهمات التي يجريها الأتراك ونقدّرها"، لكنّه رفض أن يؤكد المعلومات حول تضييق السلطات التركية على ناشطي الحركة وطلبها منهم مغادرة البلاد، إلا أنّه أشار إلى أنّ إسرائيل تشنّ على أعضاء حركته الموجودين في إسطنبول هجوماً إعلامياً كل يوم.

وفي موقف شديد أعلن الداعية الإخواني وجدي غنيم أنّه يتبرّأ من حركة حماس؛ بسبب التطبيع مع النظام السوري، وطالبت "هيئة تحرير الشام" المسيطرة على مناطق واسعة في شمال غربي سوريا حركة "حماس" الفلسطينية بمراجعة قرارها حول استئناف العلاقات مع النظام السوري.

وفي بيان بعنوان: "دعوة ومناصحة للإخوة في حماس"، دعت "إدارة الشؤون السياسية" التابعة للهيئة قادة الحركة الفلسطينية إلى "مراجعة سياستهم وإعادة بوصلتها لما يراعي مبادئها الأصيلة وإرثها المشرف، وبما يدعم قضايا الشعوب العادلة الساعية لتحقيق حريتها ونيل كرامتها، وفي مقدّمتها الشعب السوري".

وحث البيان "حماس" على عدم السماح لرئيس النظام السوري بشار الأسد بـ"تلويث قضية فلسطين النبيلة ومقاومتها العظيمة"، وألّا تكون شريكة له.

وأضاف البيان: "ساءتنا الأنباء المتواردة عن خطوات التقارب بين حماس والنظام السوري المجرم وصولاً إلى استعادة العلاقات بين الطرفين... هذه التحركات هي تطبيع مع الطغاة وخط الثورة المضادة ضد الشعوب وثوراتهم، وهي انقلاب على المبادئ".

أعلن الداعية الإخواني وجدي غنيم أنّه يتبرّأ من حركة حماس؛ بسبب التطبيع مع النظام السوري

وأوضح البيان أنّ "الخوف والخشية على إرث مقاوم عظيم يكاد يشوّه ويضيع بالالتصاق بإيران والنظام السوري"، دفع إلى إبداء هذا الموقف، رغم الإحجام عن ذلك سابقاً، وتجاهل تصريحات قادة "حماس"لصالح إيران، "وما في ذلك من استفزاز لمشاعر الشعب السوري وشعوب المنطقة كافة التي عانت من جرائم إيران وميليشياتها".

وقد لاقت الدعوة التي وجهها رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة في غزة إسماعيل هنية إلى حركة الجهاد الإسلامي للاندماج مع حركة حماس، قبولاً واستحساناً من قبل حركة الجهاد، وأخذت هذه الدعوة مساراً جدّياً وحواراً موسعاً بين الحركتين، في محاولة جديدة لدمجهما في تنظيم واحد، بعد أعوام من الخلافات السياسية والفكرية بين الفصيلين اللذين يمثلان الإسلام السنّي الوسطي، ويُعتبران من أهم الفصائل وأكبرها خارج منظمة التحرير الفلسطينية.

وكانت الحركتان قد خاضتا حوارات متقطعة للوصول إلى أيّ شكل من أشكال الوحدة لكن دون جدوى، إلا أنّ تقارباً ملحوظاً بين قيادتي الحركتين أخذ يشق طريقه خلال الأعوام الأخيرة، فيما يتسع الخلاف والتوتر على مستوى الكوادر والقاعدة.

مواضيع ذات صلة:

حماس تعلن عودة علاقاتها مع سوريا.. ما دور إيران؟ وما علاقة تركيا؟

حماس تخطط للانتقال إلى ماليزيا.. هل تخلت عنها تركيا وقطر؟

لماذا تواصل "حماس" منع قطاع غزة من المشاركة في الانتخابات؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية