حماس تعلن عودة علاقاتها مع سوريا.. ما دور إيران؟ وما علاقة تركيا؟

حماس تعلن عودة علاقاتها مع سوريا.. ما دور إيران؟ وما علاقة تركيا؟


22/06/2022

بعد عقدٍ من القطيعة وخروج قيادتها من دمشق بسبب رفضها حملة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، ضد الانتفاضة السورية، والوقوف إلى جانب المعارضة، قررت حركة "حماس" الفلسطينية، استئناف علاقاتها مع نظام الأسد، وفق ما نقلته وكالة "فرانس برس" عن مسؤول رفيع المستوى في الحركة، فيما لم يصدر أي تعليق من دمشق حتى الآن.

وقال المسؤول، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، إنّ "الاتصالات بسوريا في تحسّن، وفي طريق عودتها بالكامل إلى ما كانت عليه"، مشيراً إلى "عدة زيارات قام بها قادة حماس إلى سوريا".

وأضاف المسؤول لوكالة "فرانس برس" قائلاً: "سوريا داعم للقضية والشعب الفلسطيني وحماس حريصة على العلاقة مع سوريا وكل الدول العربية". 

وحاولت وكالة "فرانس برس" الحصول على تصريح من السلطات السورية حول تلك المستجدات، لكنها لم تتلق أي رد من دمشق.

هنيّة في بيروت

وبالتزامن مع ذلك، أعلنت حركة حماس أمس، وصول رئيس الحركة إسماعيل هنية إلى بيروت، في زيارة رسمية يلتقي فيها قيادات فلسطينية ولبنانية.

وجاء في بيان للحركة، في موقعها الإلكتروني، أنّ "رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية، حماس، إسماعيل هنية، وصل إلى العاصمة اللبنانية بيروت على رأس وفدٍ قيادي من الحركة".

 أعلنت حركة حماس أمس، وصول رئيس الحركة إسماعيل هنية إلى بيروت

وقالت حماس في بيانها: "إنّ هنية سيلتقي خلال الزيارة المسؤولين والقيادات اللبنانية، كما يلتقي قيادات الفصائل، وقيادات العمل الوطني والشعبي الفلسطيني".

وأوضحت الحركة أنّ الزيارة إلى لبنان تأتي في إطار "تعزيز علاقات التعاون والأخوة بين الشعبين، الفلسطيني واللبناني، والاطلاع على أوضاع شعبنا في المخيمات".

وأشارت إلى أنّ هنية سيُلقي كلمة المقاومة الفلسطينية أمام المؤتمر "القومي الإسلامي" في دورته الـ 31 المنعقد في بيروت.

هل عادت المياه إلى مجاريها؟

ويأتي كل ذلك بعد عدة أحداث وتصريحات تشير إلى بدء التقارب بين النظام السوري والحركة الإسلامية، ففي 12 حزيران (يونيو) الماضي، أدانت حماس العدوان الإسرائيلي الأخير على سوريا، الذي استهدف مطار دمشق الدولي، مؤكدة أنّ "الاحتلال يعتدي على سوريا لأنه لم يستطع تطويعها للحاق بركب التطبيع". 

وتمنّت الحركة أن "تؤدي سوريا دورها الطليعي في المنطقة، بسبب ما تمثله من عمق ومكانة"، مشددة على أنّ "الاحتلال يستغل التطبيع للاعتداء على ثروات لبنان، وقصف مطار دمشق، وتنفيذ اغتيالات في إيران"، وفق ما أورده موقع "الميادين".

كان عضو في البرلمان الإيراني، لم يكشف هويته، أشار إلى أنّ قائد "فيلق القدس الإيراني" السابق قاسم سليماني قاد جهود المصالحة بين حماس والنظام السوري قبل مقتله في مطلع عام 2020

وكان القيادي في حركة حماس، أسامة حمدان، صرح لـ"الميادين"، في وقت سابق، بأنّ "موقف الأسد الداعم للمقاومة ليس غريباً ولا مفاجئاً، ومن يحيينا بتحية نَرد بخيرٍ منها"، وأضاف أنه "من الطبيعي أن تعود العلاقات بدمشق إلى وضعها السابق".

وفي وقت سابق، أعرب عضو المكتب السياسي في حركة حماس موسى أبو مرزوق في حديث مع وكالة "سبوتنيك" الروسية، عن أمله بأن تجري روسيا تغييرات تسمح فعلاً باستئناف العلاقات مع نظام بشار الأسد. 

وقال أبو مرزوق حول إمكانية تطبيع العلاقات مع الأسد: "نأمل ذلك، هذا الملف معقّد، لكن نأمل أن تكون هناك الكثير من التغيرات التي تسمح فعلاً باستئناف علاقاتنا مع دمشق"، مشيراً إلى أنّ "الأساس في مثل هذه الأمور هو علاقتنا مع شعبنا الفلسطيني الموجود في سوريا، وما سوى ذلك من العلاقات هي على الأجندة، ونأمل أن تكون هناك تغيرات إيجابية في المستقبل".

جذور الأزمة

وكانت حماس متحالفة مع النظام السوري، إلا أنّ مسؤوليها أعلنوا بعد فترة من اندلاع الأزمة السورية وقوفهم إلى جانب المعارضة التي هدفت إلى الإطاحة بحكم الأسد، ما أثار غضب حليفتهم المشتركة إيران.

أحداث وتصريحات تشير إلى بدء التقارب بين النظام السوري والحركة الإسلامية

وتبع ذلك انتقال قياديي الحركة من دمشق الذين استقروا فيها أعواماً طويلة، إلى الدوحة واسطنبول، ومن بينهم رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل الذي نقل في العام 2012 إقامته من دمشق إلى الدوحة.

واتهم الرئيس السوري بشار الأسد "حماس" وبعض أعضائها في عدة مناسبات بدعم جماعات المعارضة السورية والقتال إلى جانبها، واعتقل النظام السوري بعض عناصر الحركة الذين بقوا في الأراضي السورية، وصادر ممتلكاتهم وأصول الحركة الأوسع، وفق ما أورده موقع "عنب بلدي" السوري.

وساطة إيرانية

لكن إيران لم تتوقف عن تمويل "كتائب عز الدين القسام"، الجناح العسكري لحركة حماس "إذ تصل قيمة الدعم الإيراني لحماس أحياناً إلى 15 مليون دولار شهرياً" وفق ما نقله "يورو نيوز" عن مصدر فلسطيني لم يكشف اسمه.

وكان عضو في البرلمان الإيراني لم يكشف هويته، قد صرح لـ"المونيتور"، إنّ "جهود إعادة العلاقات بين حماس وسوريا تسير في الاتجاه الصحيح وستتجسد قريباً".

أعرب عضو المكتب السياسي في حركة حماس موسى أبو مرزوق في حديث مع وكالة "سبوتنيك" الروسية، عن أمله بأن تجري روسيا تغييرات تسمح فعلاً باستئناف العلاقات مع نظام بشار الأسد

وأشار إلى أنّ قائد "فيلق القدس الإيراني" السابق قاسم سليماني، قاد تلك الجهود قبل مقتله في مطلع عام 2020، ويواصل عناصر "الحرس الثوري الإسلامي" والنظام الإيراني بالتعاون مع "حزب الله" اللبناني العمل على ذلك.

كما نقل "المونيتور" عن مقربين من "حماس"، لم يكشفوا عن هوياتهم، أنّ قيادة الحركة منعت مسؤوليها والمتحدثين الإعلاميين من التحدث إلى الصحافة حول طبيعة المفاوضات لتجنب إفشالها.

وتحدثت المصادر عن إحراز تقدم ملحوظ في المحادثات التي تقودها إيران وحزب الله لإعادة العلاقات مع النظام السوري.

وأشارت إلى أنّ هنية اجتمع بهدوء مع نصر الله أكثر من مرة في بيروت، لبحث القضايا التي تمس العلاقات بين حماس والمحور الإقليمي بقيادة إيران، الذي يضم سوريا وحزب الله، وكذلك إعادة العلاقات مع النظام السوري.

 إيران لم تتوقف عن تمويل "كتائب عز الدين القسام" الجناح العسكري لحركة حماس

وفي وقت لاحق أشاد مسؤولون في الحركة الإسلامية الفلسطينية بتقديم طهران مساعدة كبيرة في بناء ترسانة غزة من الصواريخ بعيدة المدى التي استخدموها في قتال إسرائيل.

كما عبر الأمين العام للحزب، حسن نصر الله، خلال حديثه لقناة "الميادين"، في 27  كانون الأول (ديسمبر) 2020، أنه "يجب استعادة هذه العلاقة، لكنها ستستغرق بعض الوقت". 

وأضاف أنّ الأسد كان متفهماً لعلاقة "حزب الله" مع "حماس" بعد 2011، عندما أخذت موقفاً إلى جانب الاحتجاجات، مشيراً إلى أنّ العلاقة بين حماس وسوريا يجب أن يعاد ترتيبها، وهناك أجواء إيجابية وإن كان ذلك يحتاج إلى وقت، وتابع، "أعتقد أنّ (حماس) ذاهبة باتجاه ترتيب علاقتها مع دمشق وفق ما يمليه المنطق".

ما علاقة تركيا؟

ويبدو أنّ هذا التقارب الرسمي يأتي في إطار متغيرات سياسية عديدة في المنطقة، بينها شعور حركة حماس بالريبة تجاه تركيا التي تنظر لها الحركة الإسلامية كحليف إستراتيجي، بعد تطبيع أنقرة مع إسرائيل.

حيال ذلك، ذكر أستاذ العلوم السياسية، أحمد عوض، أنّ "حماس تسعى منذ عدة أعوام لإعادة علاقاتها مع سوريا، وأن حالة الفتور في العلاقة بين الحركة وتركيا وتقارب الأخيرة من إسرائيل دفع باتجاه التسريع في محاولات حماس لترميم العلاقة مع دمشق".

وقال عوض في تصريحات لـ"إرم نيوز" إنّ "النقاش في هذا الأمر أثير من قبل حماس منذ عدة سنوات، والحركة لديها رغبة في إعادة العلاقة مع القيادة السورية كما كانت عليه في السابق، وإن الموقف السوري غير واضح بهذا الشأن ويبدو أنّ هناك حالة من التأني من قبل السوريين".

تشعر حركة حماس بالريبة تجاه تركيا بعد تطبيع أنقرة مع إسرائيل

وأضاف أنّ "الفتور الذي أصاب العلاقات التركية مع حماس دفع الأخيرة للعودة إلى تحالفاتها الإقليمية القديمة والبحث عن ملاذات آمنة لها تتمثل في التمسك بإيران وحلفائها، علاوة على حاجة الحركة للجالية الفلسطينية في سوريا"، معتقِداً "أنّ عودة العلاقات لن تكون بسرعة ولا بالمستوى نفسه الذي كانت عليه في السابق، وأن ذلك سيكون بشكل بطيء ومتدرج".

مواضيع ذات صلة:

15 سنة من حكم حماس.. ماذا فعلت بغزة؟

لماذا تركز "حماس" على الظهور الإعلامي لقادتها؟

هل يلتقط النظام السوري رسائل حماس ويتجاوب معها؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية