"حفريات" تهنىء بالعيد.. ما أصل الأضحية في التاريخ؟

"حفريات" تهنىء بالعيد.. ما أصل الأضحية في التاريخ؟

"حفريات" تهنىء بالعيد.. ما أصل الأضحية في التاريخ؟


16/06/2024

 

يحتفل المسلمون اليوم في جميع أنحاء العالم، بعيد الأضحى الذي يعد من أهم الأعياد في الإسلام. وتعود جذور هذا العيد إلى تقليد النبي إبراهيم عليه السلام، الذي كان مستعداً لتقديم ابنه إسماعيل كقربان إطاعة لأمر الله. وفي اللحظة الحاسمة، بعث الله ملاكاً ليستبدل إسماعيل بكبش أضحى، ما أسس لتقليد العيد وطقوسه.

وتتقدم "حفريات" لقراءها ومتابعيها بأصدق التهاني، راجية أن تكون الأعياد المقبلة مليئة بالخير والهناء. 

"الأضحية" من شعائر الإسلام، ومن أعظم القربان والطاعات إلى الله تعالى، إحياء لسنة نبي الله إبراهيم الذي جسد كل معاني الطاعة، حينما أمره ربه أن يذبح ولده إسماعيل، فاستجاب لأمر الله دون تردد قبل أن يفتديه بـ"كبش" عظيم، فهي عبادة مشروعة في الكتاب والسنة، يحرص عليها المسلمون خلال أيام التشريق، ويكمن أحد شروطها في أن تكون من بهيمة الأنعام، وهى الإبل والبقر والغنم ضأنها ومعزها لقوله تعالى: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ) الحج/34.

ويتساءل تقرير لصحيفة "اليوم السابع" المصرية: هل فرضت الديانات الأضحية قبل الإسلام، أم انفرد المسلمون دون غيرهم بممارسة تلك العبادة، وهل اقتصرت على الأنعام أم أشياء أخرى، وكيف اعتقد الوثنيون القربان وسيلة للتقرب إلى الله؟

لم ينفرد الإسلام عن غيره من الديانات بتقديم الأضحية، حيث اعتاد العرب قبل الإسلام تقديم القربان إلى آلهتهم التي يعبدونها في المناسبات الدينية، معتقدين أنها تقربهم إليها، كما اختلفت أشكال تلك الأضحية ولم تقتصر على الحيوانات فقط، بل وصل الأمر إلى تقديم البشر أحياناً، فتجد في بعض الديانات من يقدمون أطفالهم فى شكل قربان.

الأضحية عند اليهود

وفقاً للعهد القديم، فإنّ التضحية ببقرة حمراء يعد ركناً أساسياً في الديانة وطقساً من طقوس العبادة، حيث يتم حرق البقرة وأخد الرماد ويضاف إليه الماء ليتطهر الشخص، ويعتقد اليهود أنّ أكل لحم البقر جائز، ما دام مذبوحاً وفقاً للطريقة الدينية "شيشيتا"، وهناك من اليهود من يذبحون الدجاج والماعز على أبواب المعابد، حيث يذبحها الشخص صاحب الخطيئة لطلب الغفران.

 

النوع المفضل للأضحية بحسب دار الإفتاء المصرية أنّ الفقهاء اختلفوا في ذلك، لكنّ الأفضل في الأُضحِية: الغنم ثم الإبل ثم البقر

 

وهناك من يمارس "الكاباروت" وتعني بالعربية "الكفّارة"، وهو أحد الطقوس اليهودية المنتشرة على نطاق واسع، ويمارسه المتدينون منهم عشية يوم الغفران، وهي إحدى الشعائر التي تكفر الذنوب وتنقل الخطايا بشكل رمزي إلى طائر/ ديك للرجل ودجاجة للمرأة يتم خلاله تدوير الشخص الطائر الحي حول رأسه ثلاث مرات، مع تلاوة بعض المزامير وفقرات من سفر أيوب، ثم يُدار حول رأسه، ويُفضَّل أن يكون الطائر أبيض اللون، وتلاوة الدعاء التالي: "هذا هو بديلي، قرباني، الذي ينوب في التكفير عني"، ثم يُعطَى الطائر بعد ذلك لأحد الفقراء، أما أمعاؤه فتُقدّم للطيور.

أما "مولوخ" الذي ورد ذكره في التاريخ العبري، فهو إله كنعاني قديم، ولكنه كان ذا نزعة شريرة لا يرضيه إلا قرابين الأطفال، فكانوا يقدمونها لإرضائه، فيتم حرق الأطفال بالقرب من مذبحه لتقديمها قرباناً له.

القربان في المسيحية

ذكرت الأضحية في الكتاب المقدس، بأنّ يوسف ومريم قدّما حمامتين أضحية عند ولادة المسيح، كما قدّم الرسول بولس النذر حتى بعد وفاة المسيح، وما زالت بعض القرى فى اليونان تقدم الأضاحي المذبوحة مثل الماعز والديوك إلى رجال الدين الأرثوذكس والتي يعرف اسمها بـ"كوربانيا".

القرطاجيون: ذبح الأطفال الرضع للتقرب إلى الآلهة

 

كان المجتمع القرطاجي، بحسب الروايات التاريخية، من أغنى وأقوى المجتمعات في العالم القديم، إلا أنهم كانوا يمارسون طقوساً غريبة، كانت توصف بالمآسي الإنسانية، حيث كانوا يذبحون الأطفال الرضع للتقرب إلى الآلهة، معتقدين أنّ ذلك مصدر السعادة لهم ولحفظ ثرواتهم وأموالهم، ومن لم يقدم تلك القرابين فيتوقع أن تنزل عليه من الشرور والكوارث ما لا يطيقه.

الهندوس: ذبح الجاموس والماعز والحمام يجلب الحظ

أما الهندوس فاختلفوا حول مسألة ذبح الحيوانات، إلا أنّ الطائفة الشاكتية تبيح الذبح، وهناك من لا يحرمها بشكل صريح، ولكنه يشجعها مثل لغيتا والبوراناس، واستخدم مصطلح "بالي" في الهندوسية للإشارة إلى الأضحية بالحيوانات، وهو طقس مقدس للتقرب إلى الإله الأنثى الوحيدة "شاكتي".

 

 

ذُكرت الأضحية في الكتاب المقدس، بأنّ يوسف ومريم قدّما حمامتين أضحية عند ولادة المسيح، كما قدّم الرسول بولس النذر حتى بعد وفاة المسيح


وفي نيبال ينظم الهندوس مهرجان "غادهيماي ميلا"، ويتم الاحتفال به كل خمس سنوات ويستمر لمدة يومين في معبد "غادهيماي"، الذي يقع حوالى 160 كيلومتراً إلى الجنوب من العاصمة كاتماندو، ويذبح الهندوس خلال هذا المهرجان آلاف من الحيوانات تقرباً لإله القوة، معتقدين أنّ قتل الجاموس والماعز والحمام يجلب لهم الحظ. 

وماذا عن الصينيين القدماء؟

أما قدماء الصينيين فاعتادوا تقديم البشر قرباناً للآلهة، خصوصاً سلالة شانغ بهدف التحكم الديني والسياسي، وأثبتت الأدلة الحفرية وجود بعض الحفريات للأضاحي البشرية، خاصة التي تتعرض للعنف قبل الموت.

نوع الأضحية

من شروط الأضحية أن تكون من بهيمة الأنعام: الإبل والبقر والغنم. ولكن اختلف الفقهاء المسلمون من مذاهب أهل السنة والجماعة الأربعة في أفضلها، فذهب المالكية في المعتمد عندهم (وهو أحد أقوال الحنفية في غير المعتمد لديهم) أنّ أفضل أنواع الأضاحي الضأن، وذلك استدلالاً بفعل النبي محمد لأنه ضحى بالغنم وقال ابن رشد: "ذهب مالك إلى أنّ الأفضل في الضحايا: الكباش ثم البقر ثم الإبل، وقد قيل عنه: الإبل ثم البقر ثم الكباش". ويذهب الحنابلة والشافعية عكس المالكية إلى أنّ الإبل أفضل الأضاحي ويليه البقر ثم الغنم.

هل توجد أضحية مفضلة في الإسلام؟

في ردها على سؤال حول إن كان هناك نوع مفضل للأضحية في عيد الأضحى، قالت الإفتاء المصرية إنّ الفقهاء اختلفوا في ذلك، وما عليه الفتوى أنّ الأفضل في الأُضحِية الغنم ثم الإبل ثم البقر، وعللت الإفتاء ذلك بأنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي بالكباش من الغنم، وورد ذلك في أحاديث كثيرة منها: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قَالَ: "كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُضَحِّى بِكَبْشَيْنِ وَأَنَا أُضَحِّى بِكَبْشَيْنِ".

ورداً على سوال: هل على المسلم أن يضحي كل عام، أم تكفيه مرة واحدة في العمر؟ قالت دار الإفتاء إنّ الأُضْحِيَّة سُنة مؤكدة للقادر كل عام ولا يجزئ عاماً عما بعده، لأنها تتكرر بتكرر وقتها كالصلاة، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم يوم: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ في كُلِّ عَامٍ أُضْحِيَةً".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية