حضور الذكاء الاصطناعي في الإرهاب الدولي

حضور الذكاء الاصطناعي في الإرهاب الدولي

حضور الذكاء الاصطناعي في الإرهاب الدولي


07/05/2025

أصبح هناك حضور متزايد للذكاء الاصطناعي في مجال التطرف والإرهاب، وباعتباره تقنية ناشئة تخضع للابتكار المستمر، وهو كأداة تُضخّم أنماط الهجوم والتواصل الموجودة مسبقًا، وتداعياته الأهم على المتطرفين عبر الطيف الإيديولوجي.

التكنولوجيا وصناعة المحتوى الإرهابي

هناك أدلة على أنّ المتطرفين والجماعات الإرهابية يستغلون الذكاء الاصطناعي في الهجمات الحركية، ويشير المكتب الإقليمي للأمم المتحدة، في تقرير تم نشره عام 2021 إلى الذكاء الاصطناعي التوليدي - أو الشبكات التوليدية، أنّها متاحة على نطاق واسع، ويمكنها إنشاء محتوى مرئي إرهابي. حيث يمكن للتقنيات إنشاء سلاسل كاملة من النصوص والصور والصوت أو حتى مقاطع الفيديو بناءً على الأنماط التي تعلمها من البيانات الموجودة أو "مجموعة تدريب".

ويمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي إنتاج مخرجات غالبًا ما يصعب تمييزها عن المحتوى الحقيقي أو تلك التي صنعتها الأيدي البشرية، ومن الأمثلة البسيطة على الذكاء الاصطناعي التوليدي في العمل، مُولّد الصور، وهذه التقنية المثيرة للجدل والمتطورة باستمرار تحقق نتائج، وهو تطور سيتم استكشافه بالتفصيل انطلاقًا من هذا الفهم لماهية الذكاء الاصطناعي وما ليس كذلك.

يقول الدكتور محمد فريد موسى في بحثه عن الذكاء الاصطناعي: يلعب المحتوى الإلكتروني في حالات النشاط الإرهابي دورًا كبيرًا، فبعد ذروة نشاط تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على (تويتر) في أواخر عام 2014، كان هناك ما بين (46) ألف و(90) ألف حساب مؤيد صريح له على المنصة، وإنّ المثال الأبرز هو المنتدى العالمي للإنترنت لمكافحة الإرهاب (GIFCT)، الذي أسسه (فيسبوك، ويوتيوب، ومايكروسوفت) في عام 2017. في الوقت نفسه أدى قلق صناع السياسات من عدم كفاية جهود التنظيم، خاصة مع تكنولوجيا الذكاء الحديثة، إلى سنّ أنظمة تنظيمية مختلفة، على المستويين الوطني والعابر للحدود الوطنية، مثل قانون إنفاذ الشبكات في ألمانيا، وقانون السلامة على الإنترنت في المملكة المتحدة، وقانون تنظيم المحتوى الإرهابي على الإنترنت والخدمات الرقمية في الاتحاد الأوروبي، حيث إنّ أحد أكبر التحديات في تحديد وإزالة المحتوى الإرهابي عبر الإنترنت هو الحجم الهائل للمحتوى الذي ينشره المستخدمون.

يلعب المحتوى الإلكتروني في حالات النشاط الإرهابي دورًا كبيرًا

ويستهدف الإرهابيون من خلال نشاطهم تحقيق عدد من الأهداف، ويدفعون بمعلومات كمًّا ونوعًا بشكل مؤثر، عن طريق التدفق المستمر لمواد تروّج للتنظيمات، وجودتها العالية تعطي صورة لمتابعي هذه المواقع أنّ التنظيم على درجة عالية من التنظيم والتسليح، ويستحق الانضمام إليه، ويتم تحويل الخسائر العسكرية إلى "انتصارات دعائية"، ويلعب المحتوى الإيديولوجي والفكري دورًا كبيرًا في ذلك، وفي هذا الصدد كشف (المركز الأوروبي لدراسات الإرهاب) عن تطبيق التواصل الحديث التابع لتنظيم (داعش) والمعروف باسم (بيكوز نماترز)، الذي أصدره التنظيم لمتابعيه ومناصريه بعد أن أصبحت التنظيمات المتطرفة تسعى إلى الاستفادة قدر الإمكان من التطبيقات التكنولوجية الحديثة في عمليات الترويج للأفكار والاستقطاب.

الجهود الحركية للذكاء الاصطناعي

ومن أهمّ الجهود الحركية التي يمكن أن يقوم بها الذكاء الاصطناعي، المحتوى الاستقطابي، فـ "الروبوت" يمكن أن يلعب دور الإنسان، وقد لوحظ استخدام الإرهابيين لتقنيات تكنولوجية في تطبيق الدعائية التجنيدية، ووضع استراتيجية للاستفادة القصوى منها، حيث يتم استخدام: هاشتجات، ومجلات إلكترونية، ووثائقيات، وقنوات، من أجل تخوين المخالفين وإسقاط شرعيتهم، والاحتفاء بالتقارير الصحفية والاستخباراتية التي تتحدث عن قوتهم.

وتتضمن تهديدات الذكاء الاصطناعي قيام المتطرفين باستغلال أدوات مدعومة بالتكنولوجيا لتحقيق أهدافهم، مثل هجوم إلكتروني صريح، أو حقن برامج ضارة، أو تعبيرات أخرى غير مشروعة للقرصنة، إلا أنّ هناك أدلة أكبر بكثير على استخدام المتطرفين للذكاء الاصطناعي لتعزيز قوتهم الناعمة عبر الإنترنت، غالبًا بطرق تزيد من أساليبهم السابقة في الاتصال والتطرف، مثل التصيّد الاحتيالي، وبرامج الفدية، وتشويه مواقع الويب، وهجمات حجب الخدمة، مستفيدين من أنظمة الذكاء الاصطناعي لزيادة الفعالية الإجمالية للهجمات السيبرانية التقليدية.

ومن أمثلة ما سبق هجوم الحرمان من الخدمة الموزع إلى "إثقال" نظام حاسوب متصل بالإنترنت، ممّا يجعله غير متاح مؤقتًا لجميع المستخدمين. ويتحقق ذلك من خلال استنفاد ذاكرة النظام من خلال طلبات اتصال متعددة ومتواصلة، غالبًا عبر استخدام "شبكات الروبوتات"، مئات إن لم يكن آلاف الأجهزة (غالبًا افتراضية) تعمل معًا على مهمة واحدة، ممّا يربك الهدف بأعداد هائلة، فيما يُمكن للتعلم الآلي بالذكاء أتمتة الهجمات وزيادة كفاءتها.

تتضمن تهديدات الذكاء الاصطناعي قيام المتطرفين باستغلال أدوات مدعومة بالتكنولوجيا لتحقيق أهدافهم

وهناك تهديدات مادية، وهي تلك الأحداث والتكتيكات التي قد يستخدم فيها المتطرفون والإرهابيون وسائل مدعومة بالذكاء الاصطناعي لممارسة العنف في الفضاء المادي غير المتصل بالإنترنت. مثل ما جرى في آذار (مارس) 2021 عن استخدام طائرة بدون طيار تركية الصنع من طراز STM Kargu-2 بنجاح لتحديد هوية شخص واحد على الأقل ومهاجمته وقتله بشكل مستقل في ليبيا، وهو ما يُشكّل سابقة جديدة ومثيرة للقلق، كما نشرت تقارير إعلامية كثيرة استخدام تنظيم (داعش) لطائرات مسيّرة في اليمن والعراق.

يقول د. حكيم غريب في بحث نشره مركز الدراسات للبحوث: إنّ الذكاء الاصطناعي التوليدي شكّل باستخدام شبكات GANs أداةً فعّالة في ترسانات كلٍّ من الجهاديين والمتطرفين، ممّا مكّنهم من تحقيق تقدم كبير في الهندسة الاجتماعية، وحرب المعلومات، وبرامج التعليم والتطرف. وقد أظهر المتطرفون ميلًا قويًا للتسلح بالذكاء الاصطناعي التوليدي، مثل نشر الصور المُولّدة بالذكاء الاصطناعي، وإنشاء دعاية سريعة وسهلة وفعالة، كما تستغل الجماعات المتطرفة والإرهابية المنصات الإلكترونية بشكل متزايد من خلال ميزات "المشاركة والإفلات"، ممّا يُسهّل نشر المحتوى الجهادي النشط ويُنشئ مستودعات ضخمة من هذه المواد. عند إغلاق مواقع هذه الجماعات، غالبًا ما تنتقل بسرعة إلى عناوين URL جديدة أو عناوين رقمية مُناظرة للحفاظ على وجودها على الإنترنت. علاوة على ذلك يعمل العديد من عناوين URL كروابط احتياطية أو روابط إعادة توجيه، ممّا يسمح لها بتجاوز عمليات الإغلاق ومواصلة عملياتها.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية