حركة النهضة بين التصعيد وشعارات المظلومية.. ماذا بعد توقيف نور الدين البحيري؟

حركة النهضة بين التصعيد وشعارات المظلومية.. ماذا بعد توقيف نور الدين البحيري؟


06/01/2022

في تطور يعكس عزم الحكومة التونسيّة على المضي قدماً في إجراءات تصحيح المسار السياسي، أعلنت وزارة الداخلية، يوم الجمعة الماضي، عن إخضاع، نور الدين البحيري، نائب رئيس حركة النهضة، للإقامة الجبرية لأسباب أكد بيان الداخلية أنّها "ترتبط بحماية الأمن والنظام العامّين، عملاً بأحكام الطوارئ السارية في البلاد منذ عام 2015".

من جهته، علّق توفيق شرف الدين، وزير الداخليّة التونسيّة، على توقيف وزير العدل السابق في حكومة الترويكا، والرجل القوي داخل حركة النهضة، قائلاً إنّ "هناك شبهة إرهاب، في ملف توقيف نائب رئيس حركة النهضة، نور الدين البحيري، وأنّه جرى إعلام النيابة العموميّة". وأضاف أنّ "قرار الإقامة الجبرية، يتعلق بشبهات جديّة؛ تتعلق بصنع وتقديم شهادات جنسية، وبطاقات تعريف، وجوازات سفر، بطريقة غير قانونية لشخصيات".

شرف الدين رفض الإفصاح عن هويّة هؤلاء الأشخاص في الوقت الحالي، مؤكداً أنّ "الإعلان عن الأسماء سيكون مفاجأة". كاشفاً في الوقت ذاته عن تورط، نور الدين البحيري، في تمكين هذه الشخصيات من الحصول على شهادات ميلاد وجنسية، بطرق غير قانونيّة. كما قال إنّ "هناك مخاوف من عمليات إرهابيّة تمس بسلامة الوطن؛ لذلك كان لزاماً عليّ أن أتخذ القرار"، كاشفاً أنّه تواصل مع وزارة العدل في هذا الأمر، لكن "الإجراءات تعطلت". ما دفعه إلى الاستناد إلى نص قانوني، يخول له التحفظ على أيّ شخصية، في حال وجود خطر على الأمن العام، وتهديد لمؤسسات الدولة.

النهضة ترفع شعار المظلوميّة

بدورها، حاولت حركة النهضة الإخوانيّة شحن الرأي العام، عبر اللجوء إلى خطاب المظلوميّة، ولعب دور الضحية؛ حيث دخل نائب رئيس حزب النهضة، المحددة إقامته، نور الدين البحيري، في إضراب عن الطعام والدواء، بعد تحديد إقامته، ما دفع السلطات الأمنية إلى نقله إلى المستشفى. بينما زعم رياض الشعيبي، القيادي في حركة النهضة، أنّ حالة البحيري "خطرة جداً"، قائلاً في تدوينة على صفحته الرسميّة، على موقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك، إنّ "البحيري يواجه الموت، جريمة قتل متعمد، ثلاثة أيام دون طعام، ثلاثة أيام دون ماء، ثلاثة أيام دون دواء". وحمّل الرئيس قيس سعيّد، المسؤولية عن حياته.

حاولت حركة النهضة الإخوانيّة شحن الرأي العام، عبر اللجوء إلى خطاب المظلوميّة، ولعب دور الضحية، حيث دخل البحيري في إضراب عن الطعام والدواء، بعد يومين من تحديد إقامته

من جهتها، نشرت وكالة "فرانس برس"، استناداً إلى مصادرها المطلعة، تقريراً أفاد أنّ "البحيري ليس في حالة حرجة؛ فهو حي، وواع، وتم إيواؤه في غرفة بمفرده في قسم أمراض القلب بالمستشفى، لكنّه يرفض، منذ الجمعة، الغذاء والدواء، وهو تحت المراقبة". وأعلنت وزارة الداخلية التونسيّة "الالتزام بتوفير ظروف الإقامة والرعاية الصحية اللازمة". الأمر الذي يكذّب رواية الشعيبي، ويكشف عن مغزى الدعاية الإخوانيّة الرخيصة.

بدورها، دخلت هيئة الدفاع عن القيادي الإخواني، في اعتصام بدار المحامين، منذ يوم السبت الماضي، بداعي "رفض السلطات مدها بمعطيات؛ بشأن قرار اخضاعه للإقامة الجبرية"، وكذا رفض الكشف عن أيّ معلومات حول مكان إقامة البحيري. وزعمت هيئة الدفاع أنّ "الوضعية الصحية للبحيري، تتطلب متابعة متواصلة، وأنّه في ظل تواصل التعتيم على وضعية نور الدين البحيري، فهناك خطر جدي على حياته". كما ادعى سمير ديلو، عضو هيئة الدفاع عن البحيري، نقلاً عن زوجة الأخير، التي التقته في المستشفى الجامعي ببنزرت، أنّه بات بين الحياة والموت. وبدورها مارست زوجة البحيري نوعاً من الابتزاز العاطفي؛ حيث رفضت مغادرة المستشفى قائلة: "إما أخرج معه ميتة، أو نعود إلى البيت سوية".

نشرت وكالة فرانس برس، استناداً إلى مصادرها المطلعة، تقريراً أفاد أنّ البحيري ليس في حالة حرجة؛ فهو حي، وواع، وتم إيواؤه في غرفة بمفرده في قسم أمراض القلب بالمستشفى

حركة النهضة خرجت ببيان عبر مكتب الإعلام والاتصال، قالت فيه إنّه "على إثر التدهور الخطير والحاد، للحالة الصحية لنائب رئيس حركة النهضة، والوزير السابق للعدل، نتيجة عدم تناوله للطعام والشراب والأدوية مدة أسبوع، فإنّ حركة النهضة تُحمّل المسؤولية الكاملة للسلامة الجسدية للبحيري، لرئيس سلطة الأمر الواقع"، في إشارة منها إلى الرئيس قيس سعيّد، وكذا وزير الداخلية، توفيق شرف الدين.

اقرأ أيضاً: تونس: ماذا يعني إيقاف نائب رئيس حركة النهضة نور الدين البحيري؟

الحركة ادعت، في بيانها، أنّ نور الدين البحيري، "تم اختطافه وإخفاؤه قسرياً، دون إذن قضائي، وخارج إطار القانون". دون أنّ تشتبك أو تفند جملة الإتهامات الموجهة إليه، مكتفية بالقول إنّ هناك "محاولة لتلفيق تهم كيديّة له".

سياسة الضغط القصوى

من الواضح أنّ الحركة تستخدم سياسة الضغط القصوى، لمنع استكمال التحقيقات، والسعي نحو الإفراج عن البحيري بأيّ ثمن، حتى ولو كان على حسابه، فربما تكون وفاته هي المخرج الوحيد لإخفاء معالم الجريمة، وبالتالي جرى تحريضه على مواصلة الإضراب عن الطعام والشراب والدواء.

المحامي المختص في القانون الدولي، والمحلل السياسي التونسي، حازم القصوري، خصّ "حفريات" بتصريحات، أكد فيها أنّ هناك دلائل دامغة، على تورط البحيري في بيع جنسيات لأطراف أجنبية، وكذلك استخراج جوازات سفر وبطاقات تعريف بطرق غير قانونيّة، ما يتنزل في إطار الأمن القومي التونسي، وهي جرائم، في رأيه، لا تسقط بالتقادم، وهو الأمر الذي سيكشفه القضاء التونسي، لكن حركة النهضة تستميت في منع ذلك.

اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون: "جريمة" في مقر النهضة وتحريض في المغرب وتواطؤ في اليمن

القصوري يرى أنّ نور الدين البحيري، هو العقل المدبر لجرائم العشرية السوداء، التي تزامنت مع هيمنة الإخوان على الحكم في تونس، وكان من بين الأطراف الذين ساهموا في إرباك المشهد القضائي، مثل قيامه بعزل قضاة دون سند؛ لتفكيك جهاز القضاء دون أيّ وجه قانوني، إضافة إلى إعدامه ملفات هامة تتعلق بقضايا الاغتيالات الخاصّة بــ لطفي نقّض، وشكري بلعيد، والبراهمي، وكذا العمليات الإرهابية؛ مثل واقعة السفارة الأمريكية، وتهريب أبو عياض، حيث كانت أيادى البحيري ممتدة وطويلة، وقد تسقط، في رأي القصوري، عديد الأسماء في المستقبل القريب، وقد تطال الاتهامات راشد الغنوشي نفسه، وعليه باتت حركة النهضة قاب قوسين أو أدنى من الحل.

حازم القصوري: رفضنا بكل ما أوتينا من القوة، دخول مرشد الإخوان إلى معقل أحرار المحاماة؛ لأنّ حاضنة المحاماة أصبحت توجه بوصلتها نحو الحسم مع الإخوان

القصورى الذي شارك في رفض المحامين التونسيين لزيارة الغنوشي إلى "دار المحامي" برر ذلك قائلاً: "إنّنا رفضنا بكل ما أوتينا من القوة، دخول مرشد الإخوان إلى معقل أحرار المحاماة، رفضنا دخول تاجر الدم والدين، لأنّ حاضنة المحاماة أصبحت توجه بوصلتها نحو الحسم مع الإخوان، وهي رسالة واضحة لرفض الشعب للجماعة، والمحامون حسموا المسألة، فلا يمكن إطلاقاً أن نترك مقعدنا لمن لا يريد خيراً للبلاد والعباد".

القصوري أكد أنّ وزارة الداخلية التونسيّة، تمكنت من كشف شبكة كبيرة، ضمت عدداً من كبار المسؤولين، الذين تورطوا بالتعاون مع حركة النهضة، في جرائم تتعلق ببيع الجنسيّة، نظير 40 ألف دولار، وأنّ هذه العمليات تمت على مستوى البعثتين الدبلوماسيتين التونسيتين في لبنان ودمشق منذ العام 2016، كاشفاً عن تورّط قنصل تونسي سابق بدمشق، وعدد من موظفي وزارات الخارجية والداخلية والعدل، وأنّ الجميع أصبح رهن التحفظ على قيد التحقيقات، التي كشفت عن دور نور الدين البحيري في الإشراف على هذه الجرائم.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية