جيل Z: منظور جيلي للتطرف والعنف

جيل Z: منظور جيلي للتطرف والعنف

جيل Z: منظور جيلي للتطرف والعنف


20/09/2023

حسين القاضي

دراسة علمية متفردة للأستاذة أمل مختار، الخبيرة بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، ورئيس تحرير مجلة المشهد الإلكترونية لدراسات التطرف، الدراسة صادرة عن سلسلة (بدائل) بمركز دراسات الأهرام، وقد نوقشت الدراسة مؤخراً فى مؤسسة طابا للأبحاث من خلال مبادرة «سند».

وجيل Z هو الجيل المولود بين عامى 1995- 2010، ويوصف بأنه جيل الإنترنت أو الجيل الرقمى، وهو محل اهتمام تنظيمات التطرف الدينى -وغير الدينى-، ولا ننسى أن العملية الإرهابية التى وقعت فى سوق الشيخ زويد استخدم فيها الإرهابيون مراهقاً لم يتجاوز عمره 16 عاماً، تم تفخيخه ليفجر نفسه بين الأبرياء، ظاناً أن هذا طريق للجنة، والدارس لفكر جماعة الإخوان يمكنه رصد ما يدور فى المحاضن التربوية للجماعة من كيفية تجنيد المراهقين، وقصة الإرهابى الداعشى عمر أحمد حقى، فى لندن، ماثلة أمام المحللين، يوم أن استغل عمله فى إحدى المدارس ليعمل على تجنيد «جيش» من الأطفال، عرض فيديوهات على الأطفال جعلتهم يمثلون دور إرهابيين يطعنون ضباط شرطة.

من هذا المنطلق -والتخوف- جاءت الدراسة التى تحلل العلاقة بين التطرف الدينى العنيف وبين فئة المراهقين، بالرغم من أن التطرف لا يرتبط بفئة عمرية معينة، لكن تظل فئة الشباب هم الأكثر عرضة للتطرف والاستقطاب، لعدة أسباب تتناولها الدراسة، التى بدأت بعرض أرقام الكتاب الإحصائى السنوى للسكان فى مصر، حيث يصل عدد المصريين الذين يقعون فى سن المراهقة إلى حوالى 40 مليون نسمة.

تفترض الدراسة حتمية مرور المراهق بإحدى الجماعات المتطرفة، وهو الأمر الذى أثار هذا التساؤل البحثى عن العلاقة بين أهمية فترة المراهقة والتطرف العنيف، ومن ثَم اعتمدت الدراسة على منهج «الملاحظة»، لمعرفة مدى حجم كتلة فئة المراهقين فى الانضمام للتنظيمات المتطرفة، ومعرفة الظروف والأسباب المحيطة بالمراهقين التى تمثل البيئة المساعدة لقبول أفكار التطرف وممارسة العنف.

المحور الأول فى الدراسة تناول الإطار المفاهيمى، والمحور الثانى ناقش مسألة تفاعل جيل Z مع ظاهرة العنف والتطرف، وكيف أن هذا الجيل لديه القدرة والتكوين الذى يجعله يتقلب بين عالم الواقع والعالم الافتراضى، والقدرة على البحث عن مصادر المعلومات وإعادة توظيفها، بعيداً عن المصادر التقليدية، كما أنه يهتم بشئون عابرة لحدوده، ربما بمقدار أكبر من اهتمامه بالشأن العام الداخلى، وكل هذه السمات من شأنها أن تساعد الجماعات المتطرفة فى توظيفها لصالحها، لا سيما أن هذا الجيل - كما جاء فى الدراسة- أصبح بسبب انفتاح حياته الخاصة وعرضها على السوشيال ميديا، يعيش تحت ضغط تحسين صورته أمام الميديا المفتوحة.

ومن هنا ذهبت الكاتبة إلى أن انجذاب هذا الجيل إلى التطرف أو العنف مرتبط بعدة أسباب منها: «التضخم الشبابى Bulge Youth»، وأنه فى حالة «التضخم الشبابى» فى الدول شبه الديمقراطية تكون فرصة لجوء الشباب إلى العنف أكبر من اللجوء للعنف فى الدول الاستبدادية، وهى نتيجة أثارت التساؤل، وكانت تحتاج إلى توضيح أكبر من الكاتبة.

أما ثانى العوامل فهو يناقش العلاقة بين الحرمان النسبى والتطرف وممارسة العنف، حيث تؤكد الدراسة أن الشعور بالحرمان النسبى الشخصى والجماعى من أسباب انضمام المراهقين إلى تنظيمات التطرف الدينى، وأنه فى حالة زيادة أعداد الخريجين من التعليم العالى فى الدول ذات «التضخم الشبابى»، يمكن أن يكون هذا الأمر دافعاً أيضاً للعنف السياسى، طالما أن فرص العمل صارت نادرة، وأن الشاب يعمل بعيداً عن تخصصه.

تحتوى الدراسة على جداول توضيحية للتسلسل الجيلى، وجدول خاص بالتضخم الشبابى فى الدول الأعضاء بمنظمة الدول العربية، وجدول عن خريطة العلاقات الاجتماعية بين أعضاء تنظيم الجهاد المصرى، وجدول بأسماء منفذى تفجيرات 11 سبتمبر 2001، وبيان عمر كل واحد منهم ساعة انضمامه إلى جماعات التطرف، وملحق يقدم نَبذة مختصرة عن السير الذاتية لستة وعشرين شاباً ومراهقاً مصرياً كانوا هم النواة الأولى لتشكيل مجموعات تنظيم الجهاد المصرى، وهم الشباب الذين مثلوا نشازاً عن الخط العام للشباب والمراهقين المصريين، إلا أن تنظيمهم اضطلع بدور كبير فى مسيرة العنف والإرهاب الدينى، وكأن هذه الجداول بمثابة التطبيق العملى للدراسة.

ومع أن الدراسة تبحث فى علاقة التطرف والعنف بحالة المراهقة فى مصر، فإن الدراسة وجدت تداخلاً كبيراً بين المكون المصرى والمكون العربى على المستوى التنظيمى والفكرى فيما يتعلق بهذه الظاهرة.

والدراسة فى محورها الأخير قدمت عدداً من التوصيات القابلة للتنفيذ من وجهة نظر الكاتبة، وهذه التوصيات هى:

- أهمية عمل دراسات «اجتماعية / ميدانية» فى مجال الدراسات لدى فئة الشباب.

- الاهتمام بالدراسات البينية.

- تعزيز العمل على الربط بين سياسات التعليم وخطط مواجهة البطالة.

- تسليط الضوء على قضايا الهوية والانتماء.

- ضبط مفهوم العيش فى سبيل الله/ الموت فى سبيل الله فى أوساط المراهقين.

- تشجيع الانفتاح السياسى وتوسيع دوائر المشاركة والتعبير عن الرأى.

والحاصل أن الشباب وعاء للطاقة والعمل والإبداع والانطلاق، وأننا نحتاج فى مصر إلى دراسات جديدة ومتنوعة وواقعية، وإلى مزيد اهتمام بهذه القضية، وما لم يكن هناك اهتمام من المؤسسات -لا سيما الدينية والثقافية- بجيل المراهقين وقضاياهم ومتطلباتهم فإن ملايين المراهقين سيكونون عرضة للتعاطف أو الانتماء لجماعات التطرف.

وأخيراً فإن الدراسة مع أهميتها وفرادتها بين الدراسات، إلا أنها لم تقسم جيل المراهقين تقسيماً خاصاً بالوضع المالى، ولا بنسبة التعليم، وأثر كلا التقسيمين فى التأثر بجماعات التطرف، كما أن الدراسة أشارت إلى ما يجب أن تضلع به المناهج التعليمية والمؤسسة الدينية فى إنقاذ المراهقين من «الهشاشة الفكرية والفقهية»، إشارات تحتاج إلى مزيد توسعة من العلماء.

عن "الوطن"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية