جو بايدن غير قادر على توحيد الأمريكيين حتّى في صلواته

جو بايدن غير قادر على توحيد الأمريكيين حتّى في صلواته


كاتب ومترجم جزائري
16/05/2021

ترجمة: مدني قصري

جو بايدن، هذا المدعوّ بـ "الكاثوليكي المتديّن"، لم ينطق بكلمة "الله" أثناء إعلانه عن يوم الصلاة الوطني*، لقد ذكر الرئيس ترامب الله في كلّ من تصريحاته، في اليوم الوطني للصلاة، عام 2020، ذكر دونالد ترامب كلمة "الله" 11 مرّة.

لقد فضّل جو بايدن إرضاءَ مؤيّديه الماركسيين، ونسيانَ "الله"، في الشهر الماضي، لم يذكر حتى يسوع المسيح على الإطلاق في رسالته في "عيد الفصح" للأمريكيين، لكنّه ذكر فيروس كورونا 7 مرات.

جو بايدن لا يستطيع حتى توحيد البلاد في الصلاة

كما اتخذ الرئيس جو بايدن نهجاً غريباً، في يوم الصلاة الوطني، وأصدر بياناً ذكر فيه "الظلم العنصري" و"تغيّر المناخ"، لكنّه لم يذكر "الله".

إنّه جو بايدن نفسه الذي شنّ حملته من خلال الوعد بالدفاع عن "روح أمتنا"، والذي وصفه الإعلام المتملّق بأنّه "كاثوليكي حتى النخاع".

كان عام 2019 هو العام الأكثر نجاحاً في رئاسة دونالد ترامب

يمنح اليوم الوطني للصلاة فرصة نادرة للأمريكيين كي يتّحدوا، لكنّ السيد بايدن فشل في القيام بذلك، مفضلاً وضع السياسة قبل الصلاة.

وفق استطلاع جديد نُشر هذا الأسبوع، يعتقد المزيد من الأمريكيين أنّ البلاد أصبحت "أكثر انقساماً"؛ (28٪) من "أكثر اتحاداً" (23٪)، (الفرق خارج هامش الخطأ البالغ 4,7٪ للمسح).

هذا مردّه بالكامل إلى الطريقة التي حكم بها جو بايدن البلاد، لقد لاحظ دانييل هيننجر، من صحيفة "وول ستريت جورنال"، أنّه إذا كان بايدن قد قدّم نفسَه على أنّه معتدل، وبديل عن السيناتور الاشتراكي بيرني ساندرز، فإنّ سياساته في الممارسة العملية، أكثر راديكالية من تلك التي دعا إليها بيرني.

الوحدة خلف السياسة

ومع ذلك، فما انفكّ السيد بايدن يحثّ البلاد على "الاتحاد من أجل غرض ومع الإصرار"، كما قال في إعلانه (حرفياً)، دون ذكر الربّ؛ فهو يقصد بذلك الوحدة خلف سياسات الديمقراطيين الراديكالية.

يمنح اليوم الوطني للصلاة فرصة نادرة للأمريكيين كي يتّحدوا، لكنّ السيد بايدن فشل في القيام بذلك، مفضلاً وضع السياسة قبل الصلاة

لهذا السبب سافر إلى لويزيانا، الخميس الماضي، ليس من أجل الحصول على دعم الجمهوريين لخطة البنية التحتية الخاصة به، لكن للاعتراض بهذه الخطة على ما وصفته الملحقة الصحفية بالبيت الأبيض، كارين جان بيير، بأنّه "تفضيلُ الجمهوريين لإجراء تخفيضات ضريبية كبيرة على أثرياء الولايات المتحدة".

هذه هي الوحدة!

بالنظر إلى كيفية تشويه جو بايدن لمفهوم الوحدة، يجب أن يسأل الأمريكيون أنفسهم ما إذا كان هذا المثل الأعلى يستحق المتابعة حقاً.

مقارنة بالوضع الإسرائيلي

دعونا ننظر إلى الوضع الحالي في إسرائيل، هذه الدولة الغارقة في أزمة سياسية منذ عامين؛ فشل رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في تشكيل حكومة الأسبوع الماضي، تخلى عنه حلفاؤه القدامى، وتركوه دون أغلبية في الكنيست الإسرائيلي، على الرغم من قيادته لأكبر حزب في البلاد.

لا يمكن لِنتنياهو إلا أن يلوم نفسه فقط: العام الماضي كان راضياً عن تطعيم معظم السكان المحليين، وتدمير المنشأة النووية الإيرانية في نطنز، وإبرام اتفاقيات سلام تاريخية مع الدول العربية والإسلامية، والتغلب على متوسط ​​منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في مجال الأداء الاقتصادي، في خضم الوباء.

نجاح نتنياهو رغم عدم الاستقرار

لقد نجح نتنياهو، رغم وجود عدم استقرار سياسي مستمر، دام لأكثر من عامين.

خلال هذه الفترة، أجرت إسرائيل أربع انتخابات برلمانية منفصلة، إمّا بسبب عدم تمكّن أيّ حزب من تشكيل ائتلاف حاكم، أو لأنّ حكومة وحدة وطنية مؤقتة قد انهارت، وفي غضون ذلك، تواصل "الدولة العميقة" الإسرائيلية محاكمة نتنياهو بتهم رقيقة للغاية، إذ لا يبدو أنّ أحداً قادرٌ على تفسير الشرّ الذي ارتكبه.

الأمريكيون في حاجة إلى معارضة سياسية قويّة لإيقاف جو بايدن وديمقراطييه المهيمنين في كلّ مكان، حتى يتمكّن الأمريكيون من استئناف حياتهم الطبيعية معاً

مع ذلك، نجحت إسرائيل، ليس فقط بسبب قيادة نتنياهو (رغم أنّ ذلك كان حاسماً)، لكن أيضاً لأنّ المجتمع الإسرائيلي قوي بطبيعته.

إنّ الجدل السياسي في البلاد حادّ وبشكل ميؤوس منه، بل أسوأ من الانقسامات في الولايات المتحدة، إسرائيل لديها مؤسسات عامة قوية، بما في ذلك الجيش، والإسرائيليون من بين أسعد الناس في العالم، في الواقع؛ لقد جمع الوباء الإسرائيليين معاً ضدّ تهديد مشترك.

الوضع الأمريكي

هناك فرق بين الوحدة الوطنية والوحدة السياسية، لا تستبعد إحداهما الأخرى، لكن يمكن أن تسير إحداهما دون الأخرى.

كرّس الرئيس بايدن خطابَه الافتتاحي لموضوع "الوحدةلكن من الناحية العملية هو يحكم كما لو أنّ الجمهوريين غير موجودين، لقد أمضى أكثر من 100 يوم في المنصب دون أن يلتقي بالقادة الجمهوريين الرئيسين من مجلسي الكونغرس، فكرتُه عن "الوحدة" هي الإيمان بضرورة استسلام الجمهوريين أمام سياسات اليسار الراديكالي.

هناك نوع من "الوحدة" السياسية في الولايات المتحدة، بالنظر إلى حقيقة أنّ حزب بايدن يسيطر على واشنطن بأكملها.

مشاريع قوانين لِعَلْوَبَة المحكمة العليا

يقوم الديمقراطيون في مجلس الشيوخ بتمرير مشاريع قوانين تتضمن إنفاقات هائلة، باستخدام فكرة أصوات "المصالحة" المطابقة للخطّ الحزبي، ويريدون إنهاء قاعدة "الإعاقة" المكوّنة من  60 صوتاً.

أقرّ الديمقراطيون في مجلس النواب قانونًا للسيطرة على النظام الانتخابي في البلاد، ما يزال القضاء مستقلاً اسمِيّاً، لكن بعض الديمقراطيين اقترحوا تشريعاً لـ "عَلْوَبَة" المحكمة العليا (أي وضعها في علبة) بإضافة قضاة موالين لحزبهم.

أداء أمريكا أفضل في ظلّ حكومة منقسمة

كان عام 2019 هو العام الأكثر نجاحاً في رئاسة دونالد ترامب، وهو العام الذي سيطر فيه الديمقراطيون على مجلس النواب، وحاولوا عزله.

طوال هذه المهزلة، أدار الرئيس ترامب اقتصاداً متنامياً خلق عدداً كبيراً ضمن الوظائف الجديدة في كلّ شهر، كما بدأ ببناء الجدار الحدودي رغم معارضة الديمقراطيين، وقضى على زعيم داعش، وهاجم الصين في حرب تجارية لم تضر بالاقتصاد الأمريكي.

المشكلة القائمة، اليوم، أنّ الانقسامات السياسية في الولايات المتحدة تؤدي إلى المزيد والمزيد من الانقسامات الاجتماعية، مما يعزّز الانقسامات السياسية.

أشارت "The Atlantic"، وهي مجلة شهرية، في وقت سابق من الأسبوع الماضي، إلى أنّ العديد من الأمريكيين اليساريين يتردّدون في مغادرة منازلهم، كلّما تواصل تطعيم السكان وبدأ العزلُ الناتج عن فيروس كورونا في التراجع، إنّهم لا يتّبعون "العِلم"، والله أعلم إن كانوا يتّبعونه أصلاً على أيّة حال، على العكس من ذلك، أصبح الحضرُ قضيةً سياسية، أعادوا حولها تشكيلَ حياتهم الاجتماعية.

بايدن يفسد النسيج الاجتماعي

وهو يحكم البلاد كما لو كانت أمريكا دولة ذات حزب واحد، يتّهم جو بايدن البلدَ بـ "العنصرية المنهجية"، ويشجّع "إلغاء الثقافة" (Cancel Culture) المنتشرة حالياً في وسائل التواصل الاجتماعي ومجالس إدارة الشركات، والفصول الدراسية بالجامعة، إنه يُفسِد النسيجَ الاجتماعي الذي يشكّل الأمة الأمريكية المتنوعة.

الأمريكيون في حاجة إلى معارضة سياسية قويّة لإيقاف جو بايدن وديمقراطييه المهيمنين في كلّ مكان، حتى يتمكّن الأمريكيون من استئناف حياتهم الطبيعية معاً، وحماية نوع الوحدة الأكثر أهمية بالنسبة إلى الجميع.

مصدر الترجمة عن الفرنسية:

www.dreuz.info


هامش:

* اليوم الوطني للصلاة هو احتفال بالصلاة والتأمل، أنشأه كونغرس الولايات المتحدة، عام 1952، ويقام سنوياً في أوّل خميس من شهر مايو، كلّ رئيس، منذ بيل كلينتون، يُصدر إعلاناً رئاسياً بمناسبة هذا اليوم.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية