جفاف وأمراض منقولة.. فصائل أنقرة تحارب أكراد سوريا بمياه الشرب

جفاف وأمراض منقولة.. فصائل أنقرة تحارب أكراد سوريا بمياه الشرب


07/11/2021

في الوقت الذي يعاني فيه أهالي الشمال السوري من محدودية الوصول إلى المياه النظيفة، وسط موجة جفاف هي الأسوأ منذ 70 عاماً، تستخدم فصائل موالية لتركيا مياه نهر الخابور كسلاح حرب للضغط على المناطق التي تسيطر عليها الإدارة الذاتية الكردية.

 

اقرأ أيضاً: تحرك كثيف للقوات التركية... هل تبدأ عملية عسكرية جديدة في سوريا؟

وكشف تقرير صدر حديثاً عن منظمة "باكس" الهولندية لبناء السلام، أنّ ما يسمى بـ"الجيش الوطني السوري"، الذي تنضوي فيه الفصائل الموالية لأنقرة، استحدث سدوداً على نهر الخابور الذي يمر في قرى عدة في شمال شرق سوريا قبل أن يكمل جنوباً ويصب في نهر الفرات في محافظة دير الزور. 

وتسيطر تلك الفصائل بدعم من القوات التركية على مناطق حدودية واسعة في شمال سوريا بعد هجمات عسكرية استهدفت أساساً وحدات حماية الشعب الكردية، العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية التي تعتبرها أنقرة منظمة إرهابية.

ويعد نهر الخابور الممتد على طول 320 كيلومتراً، أحد روافد نهر الفرات، وينبع في تركيا ويمر في محافظة الحسكة التي تعد السلة الغذائية لسوريا.

المياه كسلاح حرب

ووجد التقرير، الذي اعتمد على العمل الميداني وصور أقمار اصطناعية، أنّ وضع تلك الفصائل لسواتر على نهر أساسي في وقت واجهت فيه المنطقة فصل الصيف الأكثر جفافاً يُعد "مثالاً لا لُبس فيه على استخدام المياه كسلاح حرب"، وفق ما أورد التقرير.

الجيش الوطني السوري، الذي تنضوي فيه الفصائل الموالية لأنقرة، استحدث سدوداً على نهر الخابور الذي يمر في قرى عدة في شمال شرق سوريا

وحُرمت الآلاف من الأسر، وفق التقرير، من الوصول إلى المياه بسبب بناء السدود فيما يعد خرقاً واضحاً للقانون الإنساني الدولي.

وأظهر التقرير أنّ السدود الثلاثة فاقمت تداعيات الجفاف القاسي الذي تشهده المنطقة. وأضاف أنّ "تأثير الحرارة الشديدة تضخّم جراء كميات أمطار محدودة، ما يعني أنّ لدى المجتمعات الزراعية مياهاً أقل من أي وقت مضى وفي أكثر وقت تحتاج إليها".

وأظهرت الصور التي نشرتها باكس السدود الثلاثة، وقد تم بناء السد الأول في 22 أيار (مايو) من العام الحالي.

 

اقرأ أيضاً: تركيا تدفع بآليات عسكرية جديدة إلى سوريا... تفاصيل

ويورد التقرير أنه "يمكن أن يكون ذلك إجراء مدروساً تستخدمه فصائل الجيش الوطني السوري بهدف تجويع السكان المدنيين والتسبّب في تهجيرهم قسراً كأسلوب من أساليب الحرب".

وتحضّ المنظمة في توصياتها المجتمع الدولي على حثّ تركيا على ضمان وصول جميع المدنيين إلى مياه الخابور.

انتشار الأمراض المنقولة بالماء

وكانت منظمة أطباء بلا حدود، قد نبهت الثلاثاء الماضي، إلى أنّ محدودية الوصول إلى المياه النظيفة في شمال سوريا تفاقم انتشار الأمراض، كما تعيق إجراءات النظافة الأساسية في ظل ارتفاع وتيرة الإصابات بفيروس كورونا.

وحذّرت المنظمة، في بيان، من أنّ الناس يواجهون "وضعاً مزرياً في شمال سوريا، حيث وصلت محدودية الوصول إلى المياه النظيفة خلال الأشهر القليلة الماضية إلى مستويات خطيرة".

حُرمت الآلاف من الأسر السورية، وفق التقرير، من الوصول إلى المياه بسبب بناء السدود فيما يعد خرقاً واضحاً للقانون الإنساني الدولي

وقال مسؤول التوعية الصحية في المنظمة في شمال غرب سوريا إبراهيم مغلاج: "نواجه بانتظام الآثار الصحية الناجمة عن نوعية المياه الرديئة، والتي غالباً ما تجلب الأمراض المنقولة بالمياه وغيرها من المشاكل الصحية إلى المخيمات، مثل الإسهال والتهاب الكبد والقوباء والجرب والعديد من الأمراض الأخرى".

وفاقم نقص التمويل المعاناة أكثر؛ إذ تشكل أنشطة تقديم خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحيّة حالياً 4 بالمائة فقط من ميزانيّة الاستجابة الإنسانيّة بأكملها في جميع أنحاء سوريا، وفق المنظمة، وهو أقل من ثلث ما تمّ إنفاقه العام الماضي على الأنشطة ذاتها.

 

اقرأ أيضاً: اتهامات تحيط بإيران حول الهجوم على قاعدة أمريكية في سوريا

ومع وقف العديد من المنظمات أنشطة نقل المياه بالشاحنات في العديد من المخيمات، تأثرت مناطق بشدة بينها منطقة دير حسّان في ريف إدلب الشمالي؛ حيث زادت الأمراض المنقولة بالمياه بنسبة 47 بالمائة بين شهري أيار (مايو) وحزيران (يونيو) 2021، وفق ما ذكرت المنسّقة الطبيّة للمنظمة تيريزا غراسيفا.

في تموز (يوليو)، لاحظت المنظمة ارتفاعاً في حالات الإسهال في أكثر من 30 مخيماً في محافظة إدلب، التي تسيطر هيئة تحرير الشام وفصائل أخرى أقل نفوذاً على نحو نصف مساحتها.

ولم يبق سكان مناطق سيطرة القوات الكردية في شمال شرق سوريا بمنأى عن الأمراض المنقولة بالمياه، فضلاً عن زيادة انعدام الأمن الغذائي، وفق ما أورد موقع "العربية".

لاحظت منظمة أطباء بلا حدود في تموز ارتفاعاً في حالات الإسهال في أكثر من 30 مخيماً في محافظة إدلب، التي تسيطر هيئة تحرير الشام وفصائل أخرى أقل نفوذاً على نحو نصف مساحتها

ويواجه مليون شخص في الحسكة صعوبة في الوصول إلى المياه منذ نحو عامين، بسبب الانقطاع المتكرر في توفير المياه من محطة مياه علوك، الخاضعة لسيطرة السلطات التركية، كما تأثر سكان شمال شرق سوريا بالانخفاض الحاد في حجم المياه المتدفقة في نهر الفرات، وهو أهم مصدر للمياه في المنطقة.

ويأتي هذا في وقت تتقاطع الأنباء حول وجود نية تركية لشن هجوم عسكري في شمال سوريا، فيما كشفت وسائل إعلام روسية عن تحضيرات يقوم بها الجيش التركي للبدء بعمليتين عسكريتين متزامنتين في سوريا قد تنطلقان في أيّ لحظة.

 

اقرأ أيضاً: الاتحاد الأوروبي يدين إعدام 24 سورياً... تفاصيل

وتستعد الفصائل السورية المعارضة المدعومة من أنقرة لشن عمليتين عسكريتين في آن واحد، إحداهما في محافظة إدلب بغية دعم التشكيلات المسلحة المتواجدة هناك والثانية في شمال شرق البلاد ضد قوات سوريا الديمقراطية ذات الأغلبية الكردية.

وشنّت أنقرة والفصائل السورية الموالية لها 3 عمليات واسعة النطاق في الأعوام الأخيرة (2016 و2017 و2018  و2019) على طول حدودها مع سوريا، حيث يعيش عدد كبير من الأكراد، لطرد وحدات حماية الشعب الكردية، العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية، التي تعتبرها أنقرة امتداداً لحزب العمال الكردستاني، لكنها مدعومة من الولايات المتحدة.

 من الأهداف الرئيسية للعملية المقبلة بلدة كوباني الحدودية على بعد 415 كيلومترا شمال شرق دمشق، والتي يدافع الأكراد عنها منذ عام 2012، ضد داعش أولاً، ثم ضد الجيش التركي

ويرى خبراء أنّ أنقرة تريد تحييد تهديد الأكراد الذين استقروا في شمال سوريا.

وكان الأتراك سيطروا بين عامي 2016 و2019، على العديد من المناطق هناك، وهم يسيطرون اليوم على الحدود من بندر خان إلى رأس العين، وكذلك من جرابلس إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط، وفق ما أوردته صحيفة "العرب".

ومع ذلك، فإنّ المنطقة الواقعة بين جرابلس وبندر خان كانت في أيدي وحدات حماية الشعب الكردية منذ سنوات عديدة.

ومن الأهداف الرئيسية للعملية المقبلة بلدة كوباني الحدودية على بعد 415 كيلومتراً شمال شرق دمشق، والتي يدافع الأكراد عنها منذ عام 2012، ضد داعش أولاً، ثم ضد الجيش التركي.

ويفترض هؤلاء أنّ أنقرة تسعى للسيطرة على المنطقة الواقعة جنوب كوباني من أجل ربط المنطقتين الخاضعتين لسيطرتها ولتحصل على موطئ قدم في شمال سوريا. والهدف الثاني الأقل وضوحاً لأنقرة هو تغطية وكلائها في إدلب من ضربة محتملة لدمشق.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية