ثورة في قلب الجحيم.. تفاصيل التمرد في سجن إيفين الإيراني

ثورة في قلب الجحيم.. تفاصيل التمرد في سجن إيفين الإيراني

ثورة في قلب الجحيم.. تفاصيل التمرد في سجن إيفين الإيراني


17/10/2022

تتواصل ثورة الشعب الإيراني ضدّ دولة المرشد الأعلى، للأسبوع الرابع على التوالي، وفي آخر تطورات الوضع الميداني، لقي 4 سجناء مصرعهم، وأصيب 61 آخرون، إثر حريق هائل وقع في سجن إيفين، سيئ السمعة، وذلك بحسب خبر مقتضب نقلته وكالة الأنباء الإيرانية الرسميّة (إيرنا).

قناة ميزان الفضائية، قالت في وقت لاحق أمس الأحد، إنّ 4 سجناء من جناح الجرائم المالية، لقوا حتفهم اختناقاً؛ بسبب الدخان في جناح 7، وأنّ 61 آخرين أصيبوا، ونقل 10 منهم إلى المستشفى، من بينهم 4 في حالة حرجة.

بدورها قالت وكالة الـ"بي بي سي"، نقلاً عن مصادر داخل السجن المعروف بإيواء السجناء السياسيين، إنّ عدد الضحايا يفوق الرقم الرسمي بكثير، بينما أظهرت مقاطع فيديو تم تداولها على الإنترنت، ألسنة اللهب والدخان وهي تتصاعد من موقع السجن عند سفح جبال إلبروز في العاصمة طهران، كما سُمع دوي طلقات نارية وانفجارات.

تمرد السجناء

تقارير ميدانية أكدت أنّ الحريق يرجع إلى عملية تمرد قام بها السجناء، حيث تمّ إرسال المئات من المشاركين في الاحتجاجات التي دخلت أسبوعها الرابع إلى سجن إيفين، بينما نفت وسائل إعلام رسميّة ذلك، وزعمت أنّ الأحداث التي جرت في السجن ليست مرتبطة بالاحتجاجات المستمرة، وألقى مسؤول أمني باللوم على "عناصر إجرامية" تسببت في حدوث الحريق.

وكالة تسنيم شبه الرسمية الإيرانية، زعمت أنّ الاضطرابات بدأت داخل السجن، عندما دخل سجناء مدانون بجرائم مالية في الجناحين 6 و 7، في مشادة، ما دفع سجناء آخرين إلى استغلال الفوضى، وإضرام النار في ورشة ومستودع مليء بالملابس.

الوكالة بثت لقطات لأحد مراسليها، وهو يقوم بجولة داخل السجن بعد اندلاع الحريق؛ لإثبات استعادة النظام فيه، بينما زعم حاكم طهران، أنّ هناك أعمال شغب جرت في أحد أجنحة السجن على يد مجرمين صغار.

أخبار متضاربة

في غضون ذلك، قالت صحيفة ميزان الإخبارية الإيرانيّة، إنّ المصابين تعرضوا للاختناق؛ بسبب حريق في ورشة الخياطة في السجن، وأشارت إلى أنّ أربعة من الجرحى في حالة حرجة.

ثوار ونشطاء اتهموا السلطات الإيرانية بـ "تعمد إشعال النار في السجن"، حيث تمّ إرسال سجين سياسي بارز، إلى منزله قبل اندلاع الحريق بقليل، وبحسب الـ"بي بي سي"، فإنّ هذا السجين هو هو مهدي هاشمي رافسنجاني، نجل الرئيس الإيراني الراحل أكبر هاشمي رافسنجاني.

قالت مصادر داخل السجن المعروف بإيواء السجناء السياسيين، إنّ عدد الضحايا يفوق الرقم الرسمي بكثير

 

وبحسب لقطات فيديو وثقت الحريق وتصاعد سحب الدخان، سُمع أشخاص في محيط السجن يهتفون "الموت للديكتاتور"، كما سُمعت أصوات طلقات نارية وانفجارات في مقاطع فيديو أخرى، ما دفع الجماعات الحقوقية إلى إثارة مخاوف كبيرة بشأن مصير السجناء.

من جهتها، قالت صحيفة "واشنطن بوست"، نقلاً عن وكالة أنباء فارس المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، إنّ عدداً من السجناء جهزوا أسلحة لاحتجاز الحراس، مشيرة إلى أنّ النيران كانت مدبرة، لكنّ الذين حاولوا الفرار وسط الحريق، انتهى بهم الأمر في حقل ألغام في الجانب الشمالي من السجن". لكن الوكالة عادت لتنفي تلك الرواية في وقت لاحق.

وبحسب الـ"بي بي سي"، فقد أظهر أحد مقاطع الفيديو المنشورة، إطلاق شيء ما على السجن من خارج محيطه، قبل أن يدوي صوت انفجار هائل.

غموض في أوضاع السجناء

زعمت جهات التحقيق الإيرانية، أنّ النيران أضرمت في ورشة عمل بالسجن، "بعد مشاجرة بين عدد من السجناء المدانين بجرائم مالية". بينما  قالت إدارة الإطفاء في طهران لوسائل إعلام رسميّة، إنّ سبب الحادث قيد التحقيق.

من جهتها، قالت وكالة "رويترز" للأنباء، نقلاً عن أحد شهود العيان، إنّ "الطرق المؤدية إلى سجن إيفين أغلقت أمام حركة المرور، وأنّ هناك الكثير من سيارات الإسعاف في محيط المكان، مع استمرار دوي طلقات الرصاص". وأضاف: "الناس من المباني المجاورة يهتفون من نوافذهم "الموت لخامنئي".

شاهد آخر قال لـ"رويترز" إنّ عائلات السجناء تجمعوا أمام المدخل الرئيسي للسجن، وسط دخان كثيف، ووجود الكثير من عناصر القوات الخاصّة.

وبحسب الـ"بي بي سي"، فإنّ عائلات السجناء خارج السجن، تعرضت للغاز المسيل للدموع، كما أغلقت الطرق المؤدية إلى هناك مع حلول الليل، وأفاد مركز حقوق الإنسان في إيران ومقره نيويورك، نقلاً عن مصادر خاصّة، أنّه تمّ إرسال سيارة إسعاف وحافلة إلى سجن إيفين؛ لنقل السجناء الجرحى إلى المستشفى.

ثوار ونشطاء اتهموا السلطات الإيرانية بـ "تعمد إشعال النار في السجن"، حيث تمّ إرسال سجين سياسي بارز، إلى منزله قبل اندلاع الحريق بقليل

 

المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، كتب على "تويتر": "نتابع التقارير الواردة من سجن إيفين على وجه السرعة، إيران مسؤولة مسؤولية كاملة عن سلامة مواطنينا المحتجزين ظلماً، والذين ينبغي إطلاق سراحهم على الفور".

مقاطع فيديو نُشرت على الإنترنت، أظهرت أشخاصاً في أحياء حول إيفين وهم يهتفون: "الموت للديكتاتور"، بينما ظهرت عناصر من شرطة مكافحة الشغب على دراجات نارية، وهي متوجهة إلى السجن.

وقالت أسرة سجين سياسي لـ"بي بي سي" فارسي، إنّه لم يُسمح لأسر ومحامي السجناء بالاقتراب من السجن، كما قامت السلطات بإغلاق كافة الطرق المؤدية إليه. وقالت عائلات بعض السجناء إنّهم لم يتمكنوا من الاتصال بذويهم عبر الهاتف، وأنّ الاتصال بالإنترنت حول السجن بدا مقطوعاً.

بدوره، قال زوج الصحفية الإيرانية المعتقلة نيلوفر حامدي، إنّها تمكنت من الاتصال به، وأخبرته أنّها بخير، لكنّه لا يعرف ما حدث داخل السجن. في حين تمكن السجين سياماك نمازي، وهو رجل أعمال إيراني يحمل الجنسية الأمريكية، من التواصل مع المحامي الخاص به، وأخبره أنّه نُقل إلى منطقة آمنة.

وادي الجحيم

بث التلفزيون الرسمي الإيراني، في ساعة متأخرة من مساء السبت، تقريراً أظهر أنّ أجزاء من السجن آمنة وهادئة، لكن الصحفي الإيراني المنفي مسعود كاظمي، والذي أمضى ما يقرب العام داخل سجن إيفين، قال إنّ هذا التقرير أظهر فقط مناطق السجن التي لم تتم فيها العملية.

ويُعد سجن إيفين من أبرز السجون السياسية الإيرانية، وعن ذلك يقول السجين السابق، أنوشه عاشوري في تصريح لـ"بي بي سي": "اعتدت أن أسميه وادي الجحيم، لذا يمكنك أن تتخيل الوضع هناك، زنازين مظلمة تماماً، والرعاية الطبية قريبة من الصفر، إنّهم يعيشون مع البق والصراصير والجرذان، سمه ما شئت".

كانت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، اتهمت سلطات السجن، في وقت سابق، باستخدام وسائل التعذيب، والسجن الانفرادي إلى أجل غير مسمى، والقيام باستجوابات مطولة، والحرمان من الرعاية الطبية للمحتجزين. كما أعربت بعض الحكومات الأجنبية التي يُحتجز مواطنوها في السجن عن قلقها.

كانت مجموعة من المتسللين، تطلق على نفسها "عدالة علي"، نشرت مقاطع فيديو في آب (أغسطس) من العام الماضي، من سجن إيفين، تظهر حراساً يضربون أو يسيئون معاملة النزلاء.

ويشهد هذا السجن باستمرار أسوأ الانتهاكات، حيث تحدث العديد من السجناء عن التعذيب النفسي والجسدي الشامل، الذي تعرضوا له في الداخل، ويسيطر فرع المخابرات في الحرس الثوري الإسلامي على جناح واحد على الأقل في السجن، بينما تدير وزارة المخابرات جناحاً آخر، ويضم السجن في الغالب محتجزين يواجهون تهماً أمنية، بمن فيهم إيرانيون مزدوجو الجنسية، مثل: خبير البيئة مراد طهباز، الذي يحمل الجنسية البريطانية، والأكاديمية الفرنسية الإيرانية فريبا عادلخاه، والإيراني السويدي أحمد رضا جلالي، وغيرهم.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية