تونس: هل تستسلم حركة النهضة الإخوانية أم لديها خطط خفية ليوم الاقتراع؟

تونس: هل تستسلم حركة النهضة الإخوانية أم لديها خطط خفية ليوم الاقتراع؟

تونس: هل تستسلم حركة النهضة الإخوانية أم لديها خطط خفية ليوم الاقتراع؟


12/12/2022

لعبت حركة النهضة الإخوانية بتونس آخر أوراقها السبت 10 كانون الأول (ديسمبر) الجاري؛ أي قبل أسبوع واحد من إجراء الانتخابات البرلمانية المقرّرة في 17 من الشهر الجاري، عبر خروجها إلى الشارع، مستغلّةً تصريحات عالية النبرة من الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، في ما بدا انتقاداً واضحاً للرئيس قيس سعيد وحكومة نجلاء بودن، حول اتّفاقاتها الغامضة مع "صندوق النقد الدولي".

على إثر ذلك، هرعت حركة النهضة وائتلاف "جبهة الخلاص الوطني" المُعارضة، والتي تقودها أيضاً الحركة، إلى استثمار هذا الخطاب، معتبرةً إيّاه مؤشّراً إلى "قطيعة نهائية" بين سعيّد واتحاد الشغل (اللاعب السياسي القوي)، للاستثمار في ما اعتبرته خلافاً.

آخر الأوراق

وحرصت حركة النهضة خلال الأيام الأخيرة على تحريض أنصارها على النزول إلى شارع الحبيب بورقيبة ذي الرمزية الكبيرة، باعتباره الشارع الذي ضج في 14 كانون الثاني (يناير) 2011 بحناجر الآلاف من المحتجين، الذين طالبوا حينها برحيل الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، كما أنّ الشارع يطلّ على أبرز المقرات السيادية في تونس، وهي وزارة الداخلية، لكنّ الدعوة لم تلقَ قبولاً على مستوى الشارع.

وتحاول الحركة الإخوانية، التي يتهمها التونسيون بإغراق البلاد في الأزمات منذ عام 2011، استعراض قوتها الشعبية كورقة أخيرة في مواجهة مسار 25 تموز (يوليو)، الذي خطه الرئيس سعيّد، والذي نص في مرحلة أولى على وقف عمل البرلمان، وحلّ حكومة هشام المشيشي، ورفع الحصانة عن النواب، وبالتالي الإلقاء بالنهضة خارج أسوار الحكم، لتليه جملة من القرارات، أهمها وضع برنامج زمني للخروج من المرحلة الانتقالية الحالية.

تحاول الحركة الإخوانية استعراض قوتها الشعبية كورقة أخيرة في مواجهة مسار 25 تموز (يوليو)

ويرى نشطاء سياسيون أنّ إصرار حركة النهضة على النزول إلى الشارع هو بمثابة "رقصة الديك المذبوح"، لا سيّما بعد التقدم الجاري في فتح ملفات الجهاز السري للحركة، وقضايا فساد، وشبهات بدعم الإرهاب.

وتراهن الحركة لإضفاء نوع من المشروعية على تحركاتها، على مشاركة بعض القوى الليبرالية واليسارية، كحزب العمال الشيوعي، والحزب الديمقراطي التقدمي، وبعض الوجوه الحقوقية.

توجس من صمت النهضة

ولا تفصل تونس اليوم سوى (5) أيام عن المحطة الانتخابية، آخر مراحل خارطة الطريق التي أعلنها قيس سعيّد، ولا تبدو للحركة أيّ تحرّكات مقرّرة خلال الأيام الـ (5) المتبقية، وهو ما أثار توجّس أوساط تونسية من إمكانية إعدادها لمخطط من أجل يوم الاقتراع، لمحاولة إجهاض العملية الانتخابية.

هرعت حركة النهضة إلى استثمار خطاب الطبوبي عبر الدعوة إلى التظاهر

 

هذا التوجس يغذيه ترشيح الحركة لشخصيات من قيادات الصف الثالث والرابع للانتخابات، في محاولة فُهمت حينها أنّها محاولة للتسلل إلى البرلمان بطرق غير مباشرة.

هذا، ويرجح خبراء في الشأن السياسي التونسي أن تقطع الانتخابات طريق العودة أمام الحركة، خاصة بعد فشل محاولاتها المستميتة في الداخل والخارج لتعطيل المسار الانتخابي، ما لم تحدث مفاجأة يوم الاقتراع.

الحركة قادت خلال العامين الماضيين حملات تشويه واسعة للانتخابات لدى قوى خارجية عبر محاولات مستميتة لحشد المجتمع الدولي ضد الحدث المنتظر، وهذا سيناريو ما زال يثير توجس بعض الأطراف التونسية.

قيادي "نهضاوي" يلمح إلى ضرورة اعتقال الرئيس التونسي

وفي مواصلة لاستثمار كل الأحداث والطرق في حربهم لتعطيل العملية الانتخابية وتوتير الأوضاع، قال رياض الشعيبي القيادي في "حركة النهضة": إنّه "كان من الأجدر أن يحدث في تونس يوم 25 تموز (يوليو) 2021 الأحداث نفسها التي تحصل في بيرو، الواقعة بأمريكا الجنوبية؛ بدءاً من اعتراض القضاء على حلّ البرلمان، واعتقال الأمن لرئيس الدولة بتهمة التمرد على قوانين البلاد".

توجّس لدى أوساط تونسية من إمكانية إعداد النهضة لمخطط من أجل يوم الاقتراع، لمحاولة إجهاض العملية الانتخابية

 

ونشر الشعيبي المستشار السياسي لراشد الغنوشي زعيم "حركة النهضة"، على صفحته بموقع "فيسبوك"، صوراً حول تسارع الأحداث في بيرو، بعد إعلان رئيسها حل البرلمان، ودعوته لانتخابات تشريعية مبكرة، واعتراض القضاء على قراراته، ثم إيقافه من قبل الوحدات الأمنية. وعلق على تلك الأحداث بقوله: "لم يفت الأوان في تونس، ويمكن تنفيذ أحداث بيرو في تونس"، ملمحاً إلى أنّ "سيناريو اعتقال رئيس الجمهورية قيس سعيد ممكن".

وجاءت تعليقات الشعيبي تعبيراً عن رفضه وحزبه لقرارات الرئيس قيس سعيد، بعد أن أغلق البرلمان العام الماضي، وتحرك للحكم بمراسيم قبل كتابة دستور جديد جرى إقراره الصيف الماضي في استفتاء بمشاركة ضعيفة، ممّا مهد الطريق لإجراء انتخابات لمجلس تشريعي جديد.

مخاوف جدية من العزوف الشعبي

ومع مقاطعة قوى سياسية معارضة وازنة، على غرار الحزب الدستوري الحر وبعض الأحزاب اليسارية، فضلاً عن حركة النهضة التي ما زالت تحتفظ بقاعدة شعبية برغم تراجعها الكبير خلال الأعوام الماضية، إلى جانب تحذيرات أطلقها حتى سعيّد من مرشحين "اندسوا" في السباق الانتخابي، فإنّ خبراء تونسيين يرجّحون تسجيل عزوف كبير عن المشاركة في العملية الانتخابية.

وتبدو أجواء الشارع التونسي باردة، وسط انهماك المواطنين في قضاء شؤونهم المعيشية، في ظل استمرار نقص بعض السلع الاستهلاكية على غرار الحليب والسكر وبعض الأدوية، والارتفاع الحاد لأغلب الأسعار.

من جهتها، أصدرت شبكة "مراقبون"، وهي الجمعية المختصة في مراقبة الشأن الانتخابي في تونس، الثلاثاء 6 كانون الأول (ديسمبر) 2022، تقريراً خلصت فيه إلى أنّ "الحملة الانتخابية باهتة كمّاً وكيفاً".

وسجّلت شبكة "مراقبون" في النصف الأول من فترة حملة الانتخابات التشريعية مجموعة من الملاحظات؛ منها ضعف نسق الأنشطة الميدانية للحملة، والعزوف الكبير عن استعمال الفضاءات المخصصة لتعليق البيانات الموجّهة للعموم من أغلب المترشحين.

وقد ترشح إلى الانتخابات البرلمانية المبكرة (1055) مرشحاً، يتنافسون على (161) مقعداً برلمانياً، بينهم سياسيون قدامى وبرلمانيون سابقون وفنانون ومثقفون ورياضيون.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية