توقعات غير متفائلة لمعدلات الإرهاب في 2023... ما الأسباب والتداعيات؟

توقعات غير متفائلة لمعدلات الإرهاب في 2023... ما الأسباب والتداعيات؟

توقعات غير متفائلة لمعدلات الإرهاب في 2023... ما الأسباب والتداعيات؟


05/01/2023

رجحت دراسة صادرة حديثاً عن مركز الأهرام للفكر والدراسات الاستراتيجية أن يشهد العام الجديد 2023 تضاعف معدلات الإرهاب في العالم، اعتماداً على جملة من العوامل المؤثرة، يرتبط بعضها بقدرة بعض التنظيمات مؤخراً على إعادة هيكلة نفسها استعداداً لعودة أكثر نشاطاً، وأيضاً استمرار التراجع الاقتصادي وحالة عدم الاستقرار السياسي والأمني في عدة دول بمنطقة الشرق الأوسط، ممّا يمثل بيئة خصبة لنشاط التنظيمات الإرهابية.

ورأت الدراسة المنشورة تحت عنوان "النشاط الإرهابي في 2023: الاتجاهات والتوقعات"، للباحث محمد فوزي، أنّ حالة النشاط المتوقع في الإرهاب الدولي تستند في مجملها إلى عدة اعتبارات مهمّة؛ أبرزها الاستقطاب والتأزم، خصوصاً في مرحلة ما بعد الحرب الأوكرانية، وهي الحرب التي أثرت بشكل مباشر وغير مباشر على جهود مكافحة الإرهاب الدولية، وهو السياق الذي يوفر بيئة محفزة للنشاط الإرهابي.

عودة محتملة في العراق

تُشير المعطيات الراهنة إلى أنّ منطقة الشرق الأوسط سوف تستمر في كونها حاضنة وساحة رئيسية للنشاط الإرهابي على غرار الأعوام الأخيرة، وذلك في ضوء استمرار النشاط الإرهابي لتنظيمات القاعدة وداعش، وغياب "التسوية" عن بعض الدول المأزومة.

وإلى ذلك، تُعرّج الدراسة على عودة تنظيم داعش إلى العراق، حيث شهد عام 2022 تنامياً ملحوظاً في النشاط العملياتي لتنظيم داعش في الجغرافيا العراقية، فقد افتتح التنظيم العام المنصرم بهجوم كبير على قوات للجيش في محافظة ديالي في كانون الثاني (يناير) 2022، ممّا أدى إلى مقتل (11) جندياً عراقياً.

تُشير المعطيات الراهنة إلى أنّ منطقة الشرق الأوسط سوف تستمر في كونها حاضنة وساحة رئيسية للنشاط الإرهابي

واختتم العام بهجومين هما الأكبر خلال العام في 19 و20 كانون الأول (ديسمبر)؛ الأول في محافظة كركوك، وأدى إلى مقتل (7) من العناصر الأمنية، والثاني بإحدى القرى التابعة لمحافظة ديالى شرقي العراق أسفر عن مقتل (8) أشخاص، ممّا أدى إلى تصاعد التحذيرات بخصوص احتمالية عودة ملف مكافحة الإرهاب في العراق إلى دائرة عام 2014، في ذروة نشاط التنظيم وسيطرته تقريباً على ثلث الأراضي العراقية.

ومع التسليم بكثافة ونوعية الجهود الأمنية التي تقودها الدولة العراقية لاحتواء خطر تنظيم داعش، إلا أنّ النشاط العملياتي للتنظيم قد يشهد تنامياً ملحوظاً في 2023، في ضوء بعض الاعتبارات، التي أوردها الباحث؛ الأوّل: هو رغبة التنظيم في إعادة إحياء حضوره في مناطق النفوذ التقليدية، وعلى رأسها العراق، اعتماداً على استراتيجية "النكاية والتنكيل" والاعتماد على المجموعات المسلحة الصغيرة "فلول داعش" التي تتبنّى حرب استنزاف ضد الأجهزة الأمنية العراقية، وهي المجموعات التي تصاعد نشاطها في مناطق ديالي وصلاح الدين وكركوك ونينوى والأنبار.

دراسة حديثة: حالة النشاط المتوقع في الإرهاب الدولي تستند في مجملها إلى عدة اعتبارات مهمّة؛ أبرزها الاستقطاب والتأزم، خصوصاً في مرحلة ما بعد الحرب الأوكرانية، وهي الحرب التي أثرت بشكل مباشر وغير مباشر على جهود مكافحة الإرهاب الدولية، وهو السياق الذي يوفر بيئة محفزة للنشاط الإرهابي

والثاني: هو سعي التنظيم لاستغلال حالة التأزم السياسي التي تشهدها البلاد في الأشهر الأخيرة، خصوصاً مع تصاعد الخلافات داخل الإطار التنسيقي الشيعي بخصوص الموقف من رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، فضلاً عن ضعف التنسيق الأمني بين الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان.

تصعيد عملياتي في سوريا

يتوقع الباحث أن يتخذ النشاط العملياتي الإرهابي في سوريا منحىً تصاعدياً خلال العام الجديد، في ضوء بعض الاعتبارات؛ أولها: سعي تنظيمى داعش والقاعدة إلى إعادة إحياء وجودهما في سوريا كجزء من المساعي الرامية إلى استعادة النشاط في مناطق النفوذ التقليدية.

وثانيها: المتغيرات الجيوسياسية التي تشهدها الساحة السورية في إطار التسويات الضمنية التي تتم بين بعض الأطراف الإقليمية كتركيا وإيران وروسيا، وهي التفاهمات التي تلقى اعتراضاً من بعض الفصائل المسلحة كهيئة تحرير الشام التي تبنّت نهجاً تصعيدياً على المستوى العملياتي في مواجهة هذه المتغيرات.

متوقع أن يتخذ النشاط العملياتي الإرهابي في سوريا منحىً تصاعدياً خلال العام الجديد

 وثالثها: استمرار حالة التأزم والفوضى الأمنية في الجغرافيا السورية، خصوصاً في ظل العمليات الأمنية التي تتم بين الحين والآخر من قبل بعض الأطراف المنخرطة في الأزمة، وهي الحالة التي تستغلها التنظيمات الإرهابية لشنّ عمليات جديدة.

إعادة التموضع القاعدي في اليمن

وفق الدراسة، كانت الساحة اليمنية إحدى الساحات الرئيسية لنشاط تنظيم القاعدة في 2022، خصوصاً في محافظتي أبين وشبوة، وقد ربطت بعض التقديرات بين تصاعد معدلات نشاط التنظيم، وبين قدرته في الأشهر الأخيرة على تعزيز قدراته العملياتية والتشغيلية، واستقطاب عناصر جديدة، استغلالاً لحالة الفوضى الأمنية التي تشهدها البلاد، الأمر الذي يعزز من احتمالية تنامي أنشطة التنظيم في 2023.

السعي لاختراق الجغرافيا الإيرانية

 شنّ تنظيم داعش في 26 تشرين الأول (أكتوبر) 2022 هجوماً هو الأول من نوعه في الداخل الإيراني منذ أيلول (سبتمبر) 2018، فقد استهدف التنظيم ضريح شاه جراغ في مدينة شيراز جنوب إيران، ممّا أدى إلى مقتل (15) شخصاً وجرح (19) على الأقل.

ويُرجح أن يسعى التنظيم في 2023 إلى المزيد من الاستهداف للداخل الإيراني، حيث أكد في أكثر من مناسبة في صحيفة النبأ الأسبوعية الخاصة به "أنّه سيسعى إلى تنفيذ المزيد من العمليات داخل إيران".

مساعٍ لاستهداف الداخل التركي

 شهدت تركيا هي الأخرى العديد من العمليات الإرهابية خلال العام المنصرم 2022، وقد تزايد معدل هذه العمليات في الشهرين الأخيرين من العام، وكان من أبرز هذه العمليات التفجير الذي شهده شارع الاستقلال في إسطنبول، والذي خلّف (6) قتلى و(81) مصاباً في منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) 2022.

اتجاهات النشاط الإرهابي في أفريقيا

تتوقع الدراسة أن تستمر القارة الأفريقية في احتلال مقعد الصدارة على مستوى النشاط العملياتي لتنظيمات العنف والإرهاب، وذلك في ضوء تحول قبلة تنظيمات الإرهاب المعولم صوب القارة السمراء استغلالاً للأوضاع الأمنية الهشة التي تعيشها دول القارة، والظروف المتردية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً للعديد من الدول الأفريقية.

يُرجح أن يسعى داعش في 2023 إلى المزيد من الاستهداف للداخل الإيراني

وتُعدّ منطقة القرن الأفريقي إحدى المسارح الأفريقية الرئيسية للنشاط الإرهابي بشكل عام في القارة، ويبدو أنّ هذه المنطقة سوف تحافظ على هذه المكانة في العام 2023، في ضوء التنامي في معدلات نشاط تنظيمات الإرهاب، وعلى رأسها حركة "الشباب" الصومالية، التي تعتبرها بعض الدوائر الفرع الخارجي الأقوى لتنظيم "القاعدة" في الفترة الراهنة.

وتشهد منطقة غرب أفريقيا تنامياً ملحوظاً في الحضور الإرهابي فيها، وذلك مع الانتشار الكبير لتنظيمي "القاعدة" (تنظيم نصرة الإسلام والمسلمين)، و"داعش" (ولاية غرب أفريقيا وتنظيم بوكو حرام) في المنطقة.

وبالمتابعة للنشاط الإرهابي في 2022 نجد أنّ دولاً مثل نيجيريا وبنين وكوت ديفوار وتوجو ومالي وبوركينا فاسو، كانت الدول الأكثر معاناة من وطأة الإرهاب، ومع حالة الانفلات الأمني التي تسود في منطقة غرب أفريقيا، خصوصاً في ظل تفكك مجموعة الساحل (G5)، وتأزم الأوضاع الاقتصادية، ممّا يزيد من القدرة على تجنيد المزيد من العناصر، وانتشار عصابات الجريمة المنظمة، يُرجح أن تزداد مساعي تنظيمات الإرهاب للاستثمار في هذه الظروف من أجل تعزيز نشاطها الإرهابي في 2023.

دراسة: عام 2023 يأتي في ظل سياق عالمي وإقليمي يُحفز نمو نشاط ظاهرة الإرهاب، إلا أنّ هذه الفرضية لا يمكن التسليم بها على الإطلاق، خصوصاً مع وجود بعض المحددات التي ستحكم مسار النشاط الإرهابي في 2023، ومنها مدى قدرة المجتمع الدولي على تطوير آليات تعامله مع الظاهرة الإرهابية

وأخيراً، تخلص الدراسة إلى أنّ عام 2023 يأتي في ظل سياق عالمي وإقليمي يُحفز نمو نشاط ظاهرة الإرهاب، إلّا أنّ هذه الفرضية لا يمكن التسليم بها على الإطلاق، خصوصاً مع وجود بعض المحددات التي ستحكم مسار النشاط الإرهابي في 2023، ومنها مدى قدرة المجتمع الدولي على تطوير آليات تعامله مع الظاهرة الإرهابية، بما يتوافق والأوضاع الحالية للظاهرة، والمتغيرات التي طرأت عليها.

 وكذا حدود القدرة على تسوية الأزمات الراهنة في العديد من دول العالم، فضلاً عن اعتبارات أخرى ترتبط بالتنظيمات نفسها، خصوصاً على مستوى قدرتها على التعامل مع نزيف القادة الذي تعاني منه، وإيجاد موارد مالية لاستمرار الأنشطة الإرهابية.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية