تنظيم الإخوان الإرهابي تهديد خطير للجامعات البريطانية

تنظيم الإخوان الإرهابي تهديد خطير للجامعات البريطانية

تنظيم الإخوان الإرهابي تهديد خطير للجامعات البريطانية


13/03/2024

اعتبرت عالمة الأنثروبولوجيا في المركز الفرنسي الوطني للبحوث العلمية، فلورنس بيرجود-بلاكلر، أنّ البريطانيين عاجزون في مواجهة صعود الإسلام السياسي على عكس فرنسا، إلا أنّهم ومع ذلك، يتقدّمون عليها من خلال دراسة أحد أخطر مواقع النفوذ الإسلاموي في أوروبا، وهو البيئة الجامعية.

ورأت بلاكلر أنّ استجابات السلطات البريطانية تبدو ساذجة وخجولة تجاه خطر الإخوان، خاصة إذا ما قورنت بالسياسة الاستباقية التي اتبعها وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين، الذي أتاح له قانون "الانفصالية" التحرّر من عدد كبير من العوائق الإدارية التي كانت تحول دون مُحاربة التطرّف.

استهداف الجامعات والنخب

وتحدّثت الباحثة السياسية الفرنسية البلجيكية في تصريحات صحافية، عمّا أسمته سيطرة الإسلامويين على مدينة لندن حيث ترتفع العديد من رايات المُتطرّفين خلال التظاهرات، مُشيرة إلى اتهام النائب المحافظ لي أندرسون علانية عمدة لندن، صادق خان، بالتنازل وتسهيل سيطرة المُتشددين.

لكن ومع ذلك، يبدو أنّ البريطانيين قد اتخذوا دوراً رائداً في مجال تحليل تهديدات الجماعات المُتشددة من خلال اهتمامهم بما تفعله الإسلاموية بالوسط الجامعي الأكاديمي بشكل خاص.

وربما يكون البريطانيون أقل وضوحاً في إجراءاتهم الوقائية من التطرّف، لكنهم يُقدّمون نموذجاً مُهمّاً لتتبعه من خلال تحديد وتحليل ما يمنع من التفكير في الإسلام السياسي، حيث تستهدف جماعة الإخوان المسلمين، في نسختها الفكرية الأوروبية، النخب في المقام الأول، وفقاً لتوصيات الزعيم الروحي للتنظيم الإرهابي يوسف القرضاوي.

وبحسب بلاكلر، فإنّ الخيارات التي يتخذها البريطانيون يُمكن أن تسمح بفهم أفضل لمُكافحة دهاء نظام الإخوان الذي ينشر أيديولوجيته من خلال أصحاب النفوذ الذين تتمثل مهمتهم في جعل المُجتمعات الأوروبية توافق على هذا الانتشار الإسلاموي.

تحليل مُثير للقلق للوسط الأكاديمي

وبينما تقوم السلطات الفرنسية المتخصصة بالتحقيق في الخطابات العنيفة لدعاة الإخوان والجماعات المُتشددة ومدى احتمالية ارتكاب أعمال إرهابية، إلا أنّ البريطانيين مُهتمّون أيضاً، وفي سياق أوسع، بالاستراتيجيات التي يستخدمها هؤلاء الأعداء لمنع المُجتمع من الدفاع عن نفسه وإنتاج أجسام اجتماعية مُضّادة في مواجهة العدوان، وبالتالي استنباط معلومات التهديد الأوّلية من الوسط الأكاديمي.

ويُوضح تقريران بريطانيان نُشرا مؤخراً هذا الاهتمام. أحدهما بعنوان "نزع الشرعية عن جهود مكافحة الإرهاب: الحملة الناشطة لشيطنة المنع"، وهو تقرير مُستمد من مشروع فهم الإسلام السياسي التابع لمركز الأبحاث البريطانيPolicy Exchange، يُركّز على الآليات التي يتم من خلالها إعاقة سياسات منع أعمال الإرهاب والوقاية من خلال استراتيجيات وضعها إسلاميون.

ويستكشف التقرير الآخر، الذي يحمل عنوان "إعادة النظر في التطرّف"، سبب نقص تمثيل الدراسات الإسلامية بشكل مُجدٍ في الأوساط الأكاديمية والجامعية.

ترهيب المُعتدلين

ويُشير التقرير الأول إلى شيطنة سياسة مُكافحة التطرّف البريطانية من قبل نشطاء تنظيم الإخوان المُنظّمين جيداً عبر الأحزاب والمُنظّمات التي يُديرونها، وذلك من خلال الترويج لعدّة مواضيع بما في ذلك التأثير على زيادة عدم الثقة بالحكومة، وفك ارتباط المسلمين عن الجهود الوطنية والمحلية لمكافحة التطرّف والإرهاب.

وتُصدر تلك المنظمات الإخوانية تقارير ومقالات وتشنّ حملات إعلامية ضدّ المساعي الرسمية لمُحاربة التشدد في بريطانيا، بينما يتهم التنظيم الإرهابي الجمعيات الإسلامية المُعتدلة التي تدعم الجهود الحكومية، وبهدف تخويفها بأنّها تعمل كجهات تجسس لدعم سياسة عنصرية مُعادية للإسلام تجعل من المسلمين "مُجتمعاً مشبوهاً"، وبأنّها تُراقب المسلمين نيابة عن الحكومة.
قلّة الأبحاث المتعلقة بالإسلاموية.

وأما التقرير الثاني للجنة مكافحة التطرف في بريطانيا، فيُقيّم الدراسات حول التشدد ويُوضح الآليات التي تمّ الوصول من خلالها إلى نقص واضح في تمثيل البحوث المتعلقة بالإسلاموية. ويُشير التقرير إلى أن الأبحاث حول التطرف غير كافية لتُشكّل أساساً متيناً يُمكن أن تقوم عليه سياسة الحكومة البريطانية، خاصة محاولاً تخويف وإقصاء وجهات نظر معينة.

ويواجه جمع البيانات والمعلومات العديد من العقبات، بما في ذلك الوصول لها، وهو الأمر الذي أصبح صعباً بسبب لجان "أخلاقيات البحث" المتعددة. كما يتم إعاقة نشر نتائج الأبحاث التي يتم إجراؤها بسبب عدّة عوامل، مثل التخويف عبر منصّات التواصل الاجتماعي، والتهديدات الجسدية، والمُضايقات القانونية عبر القضاء.

مسرح للصراع على النفوذ

ويُشير التقرير كذلك إلى وجود ضغوط اجتماعية وأيديولوجية متعددة على الباحثين أنفسهم والتي قد تُشوّه نتائج البحوث والدراسات، إذ يتم تشجيعهم على دراسة موضوعات محددة من أجل النشر في المجلات المرموقة، حيث يتجهون نحو الموضوعات العامة والنظرية بعيداً عن مواضيع التشدد.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن خطر السمعة مرتفع بالنسبة لأولئك الذين يختارون العمل في مجال الإسلاموية، إذ يُمكن أن يؤدي عملهم هذا إلى تهديدات قانونية أو حتى جسدية، بالإضافة إلى الخوف من وصفهم بالباحثين العنصريين، ومن ثمّ يتم تهميشهم.

وتُظهر التقارير المُفصّلة والمُوثّقة حسب الأصول أنّ البيئة الجامعية، والأيديولوجيات التي تتداخل فيها، تجد صعوبة في مقاومة الصراعات على النفوذ التي تقوم بها مجموعات مُسيئة بشكل خاص، والتي لا تتردد في انتهاك القواعد واستخدام أساليب التخويف لمنع تداول أيّ أفكار تُخالف توجّهاتها.

وهو ما يعني أنّ الجامعة مُعرّضة بالتالي لخطر كبير بأن تُصبح مكاناً للصراع ضد الإسلاموية أو معها.

عن موقع "24"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية