تمديد "الطوارئ" حتى نهاية العام... كيف يبدو الواقع الأمني في تونس؟

تمديد "الطوارئ" حتى نهاية العام... كيف يبدو الواقع الأمني في تونس؟

تمديد "الطوارئ" حتى نهاية العام... كيف يبدو الواقع الأمني في تونس؟


31/01/2024

في وقت تنتظر فيه البلاد تنظيم الانتخابات الرئاسية في الثلث الأخير من العام الجاري، حيث من المفترض أن تنتهي ولاية الرئيس قيس سعيّد في شهر تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، تقرّر تمديد حالة الطوارئ في البلاد حتى 31 كانون الأول (ديسمبر) 2024، في "إجراء وقائي" لحماية البلاد من أيّ هجمات إرهابية محتملة أو توترات أمنية.

وذكرت الجريدة الرسمية في تونس أنّ سعيّد مدد حالة الطوارئ القائمة منذ فترة طويلة  (11) شهراً إضافياً حتى 31 كانون الأول (ديسمبر) 2024.

جدل حول حالة الطوارئ

استمرار الطوارئ ما انفك يثير الجدل في تونس، إذ يرى أنصار الرئيس أنّ ضرورات مالية وأمنية عاجلة كانت وراء تمديد العمل بذلك القانون، خصوصاً عقب الاشتباكات المسلحة التي خاضتها وحدات من الجيش والحرس الوطني نهاية كانون الأول (ديسمبر) الماضي، في جبال محافظة القصرين القريبة من الحدود الجزائرية، والتي أسفرت عن مقتل (3) أفراد ينتمون إلى مجموعات إرهابية.

وتؤكد السلطات التونسية أنّ تمديد العمل بقانون الطوارئ يأتي استجابة لحاجيات فرضتها العمليات الأمنية المستمرة، ضد المجموعات الإرهابية التي تنشط على محاور التهريب في المناطق الجبلية قرب الحدود الجزائرية، والمسالك الصحراوية التي تؤدي إلى الحدود الليبية.

ويعتقد الباحث والمحلل منجي الخضراوي، في حديثه إلى موقع (الحرة) أنّه "من المهم فهم تمديد حالة الطوارئ من خلال سياقها الراهن، فالبلاد تعيش أوضاعاً سياسية غير مستقرة، مشيراً إلى وجود "أهمية أمنية لإعلان حالة الطوارئ، فالتهديدات الإرهابية ما تزال قائمة، وما يزال يجري تتبع بعض الخلايا المتطرفة".

تؤكد السلطات التونسية أنّ تمديد العمل بقانون الطوارئ يأتي استجابة لحاجيات فرضتها العمليات الأمنية المستمرة

بالمقابل، أعلنت أحزاب عدة ومنظمات حقوقية ومدنية تحفّظها على هذا الإجراء الذي اعتبرته غير دستوري، وأنّه مطية للتضييق على حرية الأفراد، داعية البرلمانات المتعاقبة إلى إيجاد إطار قانوني لتنظيم حالة الطوارئ والإجراءات الاستثنائية الموجبة له، يكفل الحريات الدستورية ولا يمسّ بالحقوق الفردية والعامة.

وقد اعتبر الوزير السابق ناجي جلول، الذي كان أيضاً مديراً لمركز الدراسات الاستراتيجية في تونس، أنّ تمديد العمل بذلك القانون لا يتناسب مع الواقع التونسي السياسي والأمني، مضيفاً خلال حواره مع بودكاست زوايا على (راديو سوا) أنّ البلاد لا تشهد عمليات إرهابية كبرى، أو احتجاجات اجتماعية، أو تهديداً للأمن العام.

وسعى البرلمان السابق إلى صياغة قانون أساسي لتنظيم حالة الطوارئ، جوبه بمعارضة بسبب أحكامه وبنوده التي وُصفت بأنّها "خطيرة وتهدد الحقوق والحريات".

 

أعلنت أحزاب عدة ومنظمات حقوقية ومدنية تحفّظها على هذا الإجراء الذي اعتبرته غير دستوري، وأنّه مطية للتضييق على حرية الأفراد

 

وكانت وزارة الداخلية التونسية قد أعلنت "القضاء على (3) إرهابيين"، في شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي، خلال عملية نفذها عناصر من الحرس الوطني والجيش في منطقة جبلية وسط غربي البلاد.

وقُتل الـ (3) خلال عملية أمنية بمنطقة القصرين الجبلية القريبة من الحدود مع الجزائر، بحسب وكالة (فرانس برس)، في حين قال المتحدث باسم الحرس حسام الدين الجبالي: إنّ "جندياً أصيب برصاص الإرهابيين".

وأوضحت وزارة الداخلية أنّ العملية التي جرت بدعم من "وحدات جيش الطيران" مكنت أيضاً من مصادرة متفجرات وذخائر وأسلحة، من دون تقديم مزيد من التفاصيل. 

تونس تعيش حالة طوارئ منذ 2015

يُذكر أنّه في 24 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015 قُتل (12) عنصراً في الأمن الرئاسي وأصيب (20) آخرون في هجوم انتحاري استهدف حافلتهم بوسط العاصمة تونس، تبنّاه تنظيم "الدولة الإسلامية".

وفرضت الرئاسة التونسية آنذاك إثر الهجوم حالة الطوارئ (30) يوماً، ثم تمّ تمديد العمل بها مرات عدة لفترات تراوحت بين شهر و(3) أشهر.

 من المفترض أن تنتهي ولاية الرئيس قيس سعيّد في شهر تشرين الأول (أكتوبر) المقبل

والهجوم على حافلة الأمن الرئاسي كان ثالث اعتداء دامٍ يتبنّاه التنظيم الجهادي المتطرف في تونس عام 2015.

وسبق للتنظيم أن تبنّى قتل شرطي تونسي و(21) سائحاً أجنبياً في هجوم على متحف (باردو)، وسط العاصمة، في 18 آذار (مارس) 2015.

كما تبنّى قتل (38) سائحاً آخرين في هجوم مماثل على فندق في ولاية سوسة (وسط شرق) في 26 حزيران (يونيو) 2015.

ويسمح تمديد الطوارئ للسلطات بحظر تجوّل الأفراد والعربات، ومنع الإضرابات العمالية، ووضع الأشخاص في الإقامة الجبرية، وحظر الاجتماعات، وتفتيش المحلات ليلاً ونهاراً، ومراقبة الصحافة والمنشورات والبث الإذاعي والعروض السينمائية والمسرحية، دون وجوب الحصول على إذن مسبق من القضاء.

مخلفات حكم الإخوان وراء استمرار حالة الطوارئ

وشهدت تونس منذ عام 2011 حتى عام 2017 موجة من العمليات الإرهابية الخطيرة، تخللتها عمليات اغتيال سياسي ذهب ضحيتها المعارضان اليساريان شكري بلعيد في 6 شباط (فبراير) العام 2013، ومحمد البراهمي في 25 تموز (يوليو) من العام نفسه.

أوضحت وزارة الداخلية أنّ العملية التي جرت بدعم من "وحدات جيش الطيران" مكنت أيضاً من مصادرة متفجرات وذخائر وأسلحة، من دون تقديم مزيد من التفاصيل

وتقول السلطات الأمنية التونسية: إنّ العشرات من الإرهابيين الموالين لتنظيمات إرهابية منها (كتيبة عقبة بن نافع) الموالية لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، و(كتيبة أجناد الخلافة) الموالية لتنظيم داعش، ما زالوا يتحصنون في جبال محافظات القصرين والكاف بغرب البلاد غير بعيد عن الحدود الجزائرية.

وقد نفذت تلك التنظيمات العديد من العمليات الإرهابية أودت بحياة العشرات من الأمنيين والعسكريين والسياح الأجانب في أماكن متفرقة من التراب التونسي.

الكاتب الصحفي التونسي أيمن بن عمر يقول لموقع (سكاي نيوز عربية): حركة (النهضة) هي من قامت بتجنيد الشباب التونسي وتحويلهم إلى إرهابيين، في إطار مخطط إخواني يهدف إلى تحويل الشباب العربي إلى ميليشيا إخوانية، و(النهضة) كانت توفر دعماً مالياً وقانونياً ولوجستياً لجماعة أنصار الشريعة الإرهابية، حتى إنّ شيوخ التكفير الإخوانيين جاؤوا إلى تونس بترحيب من حركة (النهضة)".

وأشار إلى أنّ "حركة (النهضة) حاولت استخدام السلفية الجهادية كخزان انتخابي وكميليشيا تقوم بمهام قذرة؛ مثل ترهيب وتهديد الخصوم السياسيين لـ (النهضة)، حيث كان هناك تهديدات بتصفية خصومها من اليسار والنقابيين والتقدميين".

شهدت تونس منذ عام 2011 حتى عام 2017 موجة من العمليات الإرهابية الخطيرة

ومضى قائلاً: "ومقابل هذا، كانت (النهضة) توفر المال والدعم للجماعات السلفية كي تسيطر على المساجد، ورأينا كيف أنّ قيادات إخوانية كانت حاضرة في المؤتمرات العسكرية للسلفية الجهادية، وأنّ عدداً من منخرطي (النهضة) كانوا ضالعين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في قضايا إرهابية، وعندما كان الإخوان في الحكم حظي الإرهابيون بالتغطية على جرائمهم".

هذا، وتواصل تونس مكافحتها وتجفيفها لمنابع تمويل الإرهاب الذي تفشى في البلاد منذ 2011، بعد صعود الفكر المتطرف والإخوان إلى الحكم، بقرارات استثنائية لرئيس البلاد قيس سعيّد منذ 25 تموز (يوليو) الماضي حتى اليوم.

مواضيع ذات صلة:

هل تنجح تونس في تجفيف المنابع المالية للإخوان؟

في ذكرى "الثورة"... 13 عاماً من الأزمات والخيبات في دفتر إخوان تونس

تونس تجفف منابع الإخوان... قانون جديد لمراقبة تمويل الجمعيات




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية