كشفت منظمة حقوقية مصرية عن تورّط تركيا في تجنيد نحو 1316 طفلاً، خلال الفترة من 2014 إلى 2019، من المناطق التي تحتلها في شمال سورية، لافتة إلى أنّ فشل المجتمع الدولي في التحرك بفاعلية لحماية المدنيين في سوريا أدّى إلى تشجيع الفصائل الموالية لتركيا على ارتكاب جرائم الحرب الممنهجة في حق المدنيين.
وقالت مؤسسة "ماعت" خلال تقرير تحت عنوان "تورّط تركيا في تجنيد الأطفال من المناطق التي تحتلها في شمال سوريا": إنّ تلك الميليشيات تستخدم أنماطاً معقدة لتجنيد الأطفال قسرياً، والزجّ بهم في الأعمال الحربية في مختلف المناطق التي تسيطر عليها في شمال سوريا، ما أسفر عن مقتل وإصابة المئات منهم.
وأكد التقرير تورّط الحكومة التركية بشكل مباشر في عمليات تجنيد الأطفال للقتال في شمال شرق سورية، ونقل واستخدام هؤلاء الأطفال أيضاً للقتال في ليبيا لتدعيم حكومة الوفاق الحليف السياسي لتركيا، وذلك باستخدام شركات أمنية تعمل على تجنيد أطفال دون الـ18 عاماً للمشاركة في الأعمال العدائية المسلحة خصوصاً في ليبيا.
ونبّهت "ماعت" إلى أنه "يتمّ استخدام الأطفال على جبهات القتال كمقاتلين بشكل مباشر، أو في خدمات أمنية كالتفتيش على نقاط الحدود، أو الدعم اللوجستي المرتبط بالعمليات العسكرية، بالإضافة إلى العمل على خدمة المقاتلين الأكبر سنّاً، إضافة إلى القيام بأعمال التجسس".
وعزّز من ظهور ظاهرة تجنيد الأطفال، بحسب التقرير، وجود مجموعة من العوامل الاجتماعية، أبرزها نقص الأموال، وارتفاع نسبة عدم الوعي على خلفية نقص التعليم، الأمر الذي سهّل تجنيد هؤلاء الأطفال على أساس إيديولوجي.
يتمّ استخدام الأطفال على جبهات القتال كمقاتلين بشكل مباشر، أو في خدمات أمنية كالتفتيش على نقاط الحدود، أو الدعم اللوجستي
ونوّه التقرير بأنّ "الفصائل المسلحة التابعة لتركيا أرسلت في نيسان (إبريل) 2020 طفلين لتنفيذ عملية تفجير في تجمّعات عسكرية لقوات سورية الديمقراطية شمال شرق سوريا، لم يتجاوزا الـ15 عاماً متنكّرين في زي رعاة أغنام، حيث إنّ أحد الطفلين فجّر نفسه قبل وصوله إلى إحدى النقاط العسكرية في حين تمكّنت القوات الكردية من اعتقال الطفل الثاني الذي أصيب بجروح".
من جانبه، قال رئيس مؤسسة "ماعت" أيمن عقيل: إنّ "الفصائل المسلحة الموالية لتركيا بشمال شرق سورية تورّطت في تجنيد نحو 1316 طفلاً خلال الفترة من 2014 إلى 2019، طبقاً للتقارير الأممية ومتابعة مؤسسة ماعت.
وأضاف: "هذا الأمر يخالف جميع المواثيق والمعاهدات الدولية التي تحظر تجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة، وما يترتب عليها من أعمال ذات صلة".
وكشف "عقيل" عن قيام السلطات التركية بـ"إرسال نحو 380 طفلاً بعد تجنيدهم من قبل الفصائل الموالية لها في الشمال السوري للقتال في مناطق النزاع المختلفة المتورطة فيها، خاصة ليبيا، الأمر الذي أدّى إلى وفاة نحو 25 طفلاً منهم".
وأكد الباحث بمؤسسة "ماعت"، محمد مختار أنّ الحكومة التركية، وعلى الرغم من انضمامها إلى معظم المواثيق الدولية التي تمنع تجنيد الأطفال دون الـ18، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، إلا أنّها تتجاهل هذه المواثيق والاتفاقيات الدولية والقرارات الأممية، وتقدّم الدعم الكامل للفصائل المسلحة التابعة لها في شمال شرق سوريا من أجل تجنيد الأطفال للمشاركة في النزاعات المسلحة.
ورصدت مؤسسة "ماعت" في تقرير سابق لها ما وصفته بـ"انتهاكات" تركيا في عفرين السورية، وأبرزها محاولات طمس الهوية، والتهجير الممنهج وعمليات التوطين لمرتزقة أجانب، وجرائم قتل خارج القانون.
وقالت: إنّ هذه الانتهاكات والجرائم ارتكبتها فصائل مسلحة تابعة للحكومة التركية في مدينة عفرين السورية.
وتحتل تركيا عفرين منذ ما يزيد على عامين، حين قامت بعملية أطلقت عليها اسم "غصن الزيتون" لمواجهة قوات سورية الديمقراطية، التي كانت رأس حربة التحالف الدولي لمحاربة داعش، في واحدة من سلسلة التوغلات التركية في شمال سوريا.
ويُشار إلى أنّ مؤسسة "ماعت" للسلام والتنمية وحقوق الإنسان هي منظمة مصرية غير حكومية، تعمل على تعزيز واحترام حقوق الإنسان في أفريقيا والشرق الأوسط.