
يستعد إريك تراجر، الخبير في شؤون الشرق الأوسط، والمعادي لحركات الإسلام السياسي، وفي القلب منها جماعة الإخوان المسلمين، لتولي منصبه مستشاراً للرئيس الأمريكي دونالد ترامب لشؤون الشرق الأوسط. ومن المتوقع أن يعمل على صياغة نهج لإدارة ترامب من أجل التعامل مع أزمة غزة، وسياستها تجاه إيران.
إريك تراجر هو باحث أمريكي متخصص في شؤون الشرق الأوسط، خاصة مصر وجماعة الإخوان المسلمين، عمل سابقاً في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وركزت أبحاثه على مصر وجماعة الإخوان المسلمين، ووصفها بأنّها "جماعة كراهية دولية".
تخرج تراجر في جامعة هارفارد وحصل على درجة الماجستير من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وقد ركز على الإصلاح القانوني الإسلامي، كما حصل على درجة الدكتوراة في العلوم السياسية من جامعة بنسلفانيا.
تعيين تراجر مستشاراً للرئيس ترامب لشؤون الشرق الأوسط قد يؤثر على سياسات الإدارة الأمريكية تجاه جماعة الإخوان المسلمين، نظراً لمواقفه المتشددة تجاه الجماعة، قد يدفع نحو تصنيفها منظمة إرهابية، ممّا سيؤثر على سياسات الولايات المتحدة في المنطقة وعلاقاتها مع الدول التي تضم أحزاباً مرتبطة بالإخوان، وفق ما أوردته منصة (إرم) عن مراقبين.
تراجر والإخوان: فهم وعداء
يُعدّ إريك تراجر من أبرز الباحثين الأمريكيين المتخصصين في شؤون الشرق الأوسط، وخصوصاً مصر، وقد قضى سنوات في دراسة وتحليل جماعة الإخوان المسلمين، وكانت مواقفه تجاه التنظيم متشددة إلى حد كبير.
عمل تراجر في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، ونشر العديد من الدراسات والمقالات التي وصفت الإخوان بأنّهم جماعة إيديولوجية متطرفة تسعى للوصول إلى السلطة بأيّ وسيلة، حتى لو اضطرت إلى استخدام العنف أو التخفي وراء الشعارات الديمقراطية.
في كتابيه "الاختراق: الإخوان المسلمون في مصر تحت حكم مرسي"، و"الخريف العربي: كيف انتصر الإخوان المسلمون وخسروا مصر في 891 يوماً؟"، قام بتحليل فترة حكم الإخوان لمصر، واعتبر أنّ الجماعة أظهرت عدم كفاءتها السياسية، كما اتهمها بمحاولة إقصاء القوى الأخرى وفرض إيديولوجيتها على الدولة والمجتمع.
وكان تراجر من الأصوات القوية التي دعت الإدارة الأمريكية إلى إعادة تقييم علاقتها بالإخوان، محذراً من أنّ أيّ دعم سياسي أو دبلوماسي لهذه الجماعة قد يُستغل لتعزيز نفوذها الإقليمي على حساب الاستقرار في الشرق الأوسط.
وجود تراجر داخل دائرة صنع القرار قد يدفع باتجاه سياسات أكثر صرامة تجاه الإخوان، سواء من خلال تقليص نفوذهم داخل الولايات المتحدة، أو دعم الدول التي تتخذ إجراءات ضدهم.
ويرى مراقبون أنّ علاقة تراجر بجماعة الإخوان ليست فقط تحليلية، بل إنّه تواصل مباشرة مع بعض قياداتها أثناء دراسته للملف المصري، وأجرى مقابلات مع شخصيات بارزة في التنظيم. لكنّه خرج من هذه اللقاءات بقناعة راسخة بأنّ الإخوان ليسوا فاعلين ديمقراطيين حقيقيين، بل لديهم مشروع سياسي يستهدف السيطرة على الدولة وإعادة تشكيلها وفقاً لمنظورهم الإيديولوجي.
من هنا أصبح من أشد منتقدي الجماعة، ورأى أنّ دعم بعض الدوائر السياسية الأمريكية لها خلال فترة الربيع العربي كان خطأ استراتيجياً فادحاً.
خلال حكم الرئيس الأمريكي باراك أوباما كان تراجر من الأصوات المعارضة للسياسة التي انتهجتها الإدارة تجاه الإخوان، فقد رأى أنّ واشنطن أخطأت حينما اعتقدت أنّ الجماعة تمثل الإسلام السياسي "المعتدل"، بينما هي في الواقع تنظيم قائم على السرّية والطاعة العمياء للقيادة، وهو ما يختلف تماماً عن النماذج الديمقراطية الحقيقية.
مع تعيينه مستشاراً للرئيس الأمريكي دونالد ترامب لشؤون الشرق الأوسط، من المتوقع أن يكون لتراجر تأثير كبير على قرارات الإدارة الأمريكية تجاه الإخوان. فمنذ بداية ولاية ترامب كانت هناك دعوات لتصنيف الجماعة منظمة إرهابية، وهو أمر لطالما أيده تراجر بحماس، إذ يرى أنّ الجماعة ليست فقط حركة سياسية، بل شبكة دولية تمتد من مصر إلى أوروبا والولايات المتحدة، ولها علاقات مع جماعات متطرفة.
لذلك، يرى مراقبون أنّ وجود تراجر داخل دائرة صنع القرار قد يدفع باتجاه سياسات أكثر صرامة تجاه الإخوان، سواء من خلال تقليص نفوذهم داخل الولايات المتحدة، أو دعم الدول التي تتخذ إجراءات ضدهم. كما أنّه من المحتمل أن يساهم في تشكيل رؤية أمريكية جديدة تجاه الجماعة، تقوم على التعامل معها باعتبارها تهديداً أمنياً واستراتيجياً، وليس مجرد فاعل سياسي يمكن إشراكه في العمليات الديمقراطية.
لماذا يجب على ترامب تصنيف "جماعة الإخوان" منظمة إرهابية؟
تتعالى الأصوات داخل دوائر السياسة الأمريكية لحث ترامب على تصنيف جماعة الإخوان منظمة إرهابية، وبحسب دراسة حديثة أعدها الباحث الأمريكي إريك نافارو، تأسست جماعة الإخوان المسلمين في عام 1928، وسعت إلى التغلب على ضعف المسلمين الملحوظ على الساحة العالمية من خلال استئصال النفوذ الغربي في عام 1946، ووصفت أجهزة الاستخبارات الأمريكية الجماعة بأنّها تهديد متزايد بسبب حملة الاغتيالات التي شنتها ضد القادة المصريين الذين اعتبرتهم فاسدين للغاية بسبب اعتناقهم المبادئ الليبرالية.
يرى الباحث أنّ جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، سواء بشكل مباشر أو من خلال فروعها الخارجية، كما أنّ العديد من مؤسساتها الخيرية أصبحت مغذيات للجماعات الإرهابية. إنّ الإيديولوجية مهمة هنا، ويقول: إنّ الجماعة "أرست تعاليم سيد قطب، وهو من أبرز منظّري الإخوان المسلمين، الأساس للحركات الجهادية الحديثة، وتلهم إيديولوجية الإخوان المسلمين الجماعات المتطرفة مثل القاعدة والدولة الإسلامية (داعش)، كما أنّ استعداد الإخوان لاستخدام العنف لاستبدال الحكومات العلمانية بحكومات إسلامية يتماشى مع التصنيف الأمريكي للجماعات الإرهابية المحددة."
وفق الدراسة، الولايات المتحدة ليست بمنأى عن خطر هذه الجماعة؛ لأنّ المنظمات التابعة للإخوان المسلمين تسعى بشكل منهجي إلى استغلال المؤسسات الديمقراطية والتسلل إليها لتعزيز أجندتها. ففي الولايات المتحدة تعمل منظمات مثل مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير) والجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية (إسنا) على التأثير على الرأي العام وصنع السياسات وإجراءات إنفاذ القانون بما يتماشى مع الأهداف التي تتبناها جماعة الإخوان المسلمين.