ترحيل اللاجئين السوريين.. أردوغان يكمل خطة التغيير الديمغرافي شمال سوريا.. ما علاقة الإخوان؟

ترحيل اللاجئين السوريين.. أردوغان يكمل خطة التغيير الديمغرافي شمال سوريا.. ما علاقة الإخوان؟


05/05/2022

بالتزامن مع قرب الانتخابات العامة في تركيا، واستمرار مطالبة المعارضة التركية بإعادة السوريين، كشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الثلاثاء، عن تحضير أنقرة لمشروع يتيح "العودة الطوعية" لمليون سوري إلى بلادهم، وسط تخوفات من استخدامهم في عمليات التغيير الديمغرافي التي تنفذها أنقرة في سوريا.

ولفت أردوغان خلال مشاركته عبر رسالة مصورة في مراسم تسليم منازل مبنية من الطوب في إدلب السورية، إلى أنّ نحو "500 ألف سوري عادوا إلى المناطق الآمنة التي وفرتها تركيا منذ إطلاق عملياتها في سوريا عام 2016".

وأضاف: "نحضر لمشروع جديد يتيح العودة الطوعية لمليون شخص من أشقائنا السوريين الذين نستضيفهم في بلادنا". مشيراً إلى أنّ المشروع سيتم تنفيذه بدعم من منظمات مدنية تركية ودولية، وأنه سيكون شاملاً بصورة كبيرة، وسينفذ في 13 منطقة على رأسها أعزاز وجرابلس والباب وتل أبيض ورأس العين، بالتعاون مع المجالس المحلية في تلك المناطق.

ويرى مراقبون أنّ خطة الرئيس التركي يشوبها "نوع من الغموض"، فيما تثار حولها الكثير من التساؤلات، ولاسيما من زاوية التوقيت الذي جاءت فيه أولاً، إضافة إلى الأسباب التي دفعت الحكومة التركية لتغيير استراتيجيتها بشأن ملف السوريين بشكل مفاجئ.

المناطق الآمنة

وكانت تركيا قد شرعت عام 2019، ببناء منازل من "الطوب" في مناطق متفرقة من محافظة إدلب السورية شمال غربي البلاد، عبر منظمات مجتمع مدني وأخرى خيرية، كـ"الهلال الأحمر التركي"، "مؤسسة الإغاثة الإنسانية IHH"، "وقف الديانة التركي" وغيرها. 

وسارت جمعيات أخرى في ذات المسار، فيما ذهبت كل واحدة منها لبناء منازلها الخاصة، والتي تتحدد في الغالب بمساحة 25 متراً مربعاً، وفق ما أورده موقع "الحرة". 

يرى مراقبون أنّ خطة الرئيس التركي يشوبها "نوع من الغموض"، فيما تثار حولها الكثير من التساؤلات

وتصب هذه المشاريع ضمن خطوات "المنطقة الآمنة"، التي تنوي تركيا إنشاءها على طول الحدود الشمالية لسوريا.

وسبق وأن تحدث أردوغان بين عامي 2020 و2021 أنّ بلاده تريد تأسيس منطقة آمنة للسوريين، من خلال هذه الوحدات السكنية، مشيراً إلى أنّ العمل على بنائها مستمر "بمساعدة عمال سوريين".

وذلك ما أكدته مصادر محلية مطلعة، مشيرة إلى أنّ عمليات البناء تشارك فيها أيضاً منظمات وجمعيات إنسانية سورية.

وسينفذ المشروع، في 13 منطقة على رأسها أعزاز وجرابلس والباب في ريف حلب الشمالي وتل أبيض ورأس العين في منطقة عمليات "نبع السلام"، بالتعاون مع المجالس المحلية في تلك المناطق.

أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأنّ السلطات التركية رحّلت عدداً من السوريين من مدينة إسطنبول إلى شمال سوريا بشكل قسري

وذلك يعني أنّ دائرة هذه المساكن توسعت لتشمل إلى جانب إدلب السورية المناطق التي سبق وأن أطلقت فيها تركيا عمليات عسكرية في "درع الفرات" عام 2016، ومن ثم في عفرين (غصن الزيتون) عام 2018، وأخيراً (نبع السلام)، أواخر عام 2019.

ويتجاوز عدد السوريين المقيمين في تركيا، سواء "لاجئين" أو "سياح" أكثر من 4 ملايين شخص، ويتركز العدد الأكبر منهم في ولاية إسطنبول، لتتبعها ولاية شانلي أورفة الحدودية، وولايتي غازي عنتاب وهاتاي.

ورجّحت وسائل إعلام تركية مقربة من الحكومة، الأربعاء، أن يستهدف مشروع "العودة الطوعية" أحياءً في إسطنبول وأنقرة تشهد اكتظاظاً بالسوريين، ومن بينها: حي الفاتح، منطقة إسنيورت، حي ألتن داغ في أنقرة. 

واستعرضت وسائل الإعلام 6 نقاط يجب أن يتم استكمالها قبل الشروع بالخطة، أبرزها "استمرار الاستقرار السياسي والعسكري والأمني في مناطق شمال سوريا"، وزيادة المناطق التجارية والمحال والبازارات.

بالإضافة إلى "تشييد البنية التحتية والفوقية، والبدء بدورات مهنية وقروض صغيرة وورش إنتاج، والتوجه لعمليات تأهيل ودعم نفسي وأنشطة تربوية".

إعادة قسرية

وعلى عكس ما يتحدث به النظام التركي عن ضمان العودة الطوعية للاجئين السوريين، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأنّ السلطات التركية رحّلت عدداً من السوريين من مدينة إسطنبول إلى شمال سوريا بشكل قسري.

يتجاوز عدد السوريين المقيمين في تركيا، سواء "لاجئين" أو "سياح" أكثر من 4 ملايين شخص

وبحسب المرصد فإنّ المرحّلين قسرياً من تركيا، جُلّهم يحملون بطاقات الحماية المؤقتة "الكيملك" والبعض منهم يحمل إذن عمل وإقامات رسمية، وعدد آخر يدرس في الجامعات التركية.

ونقل المرصد شهادة عن أحد الشبان المرحّلين قسراً، بأنّ قوات الأمن التركي عمدت خلال اعتقالهم إلى ضربهم وإهانتهم ومن ثم إجبارهم "مكرهين" على توقيع قرار الترحيل إلى سوريا .

وهذه ليست المرة الأولى التي تقوم بها السلطات التركية بترحيل لاجئين سوريين من أراضيها فقد سبق وأن أجبرت الكثير على الترحيل بحجة عدم امتلاك بطاقة الحماية المؤقتة "الكيملك" أو بسبب مخالفات معينة لا تستوجب ترحيلهم.

تغيير ديمغرافي

ويأتي حديث الرئيس التركي، بالتزامن مع حالة قلق يعيشها اللاجئون السوريون في تركيا، بسبب تزايد حالات ترحيلهم والتضييق عليهم في تركيا، وسط تخوّف من استخدامهم في عملية إعادة توطين في شمال سوريا يهدف إلى تغيير البنية السكانية في المنطقة، ما يؤدي إلى تغيير ديموغرافي.

السياسة التي يتبعها حزب العدالة والتنمية هي استكمالٌ لخطةِ عمرها نحو قرنٍ، بعنوان "خطة إصلاح شرق الأناضول"، وشكّل مصطفى كمال أتاتورك في 1925 "مجلس الإصلاح"، واستهدف إيجاد تغييرات ديمغرافية في المناطق الكردية الحدوديّة، وذلك بعد قمع ثورة الشيخ سعيد بيران التي بدأت في 21/3/1925، وانتهت بإعدامه، وكانت غاية المشروع تشتيتَ الكرد، ومنعهم من المطالبة بحقوقهم، في مرحلة زاد فيه الاحتقان الكرديّ بعد الانقلاب التركي واتفاق لوزان الذي تنكر لحقوق الكرد.

في 2018، بدأت تركيا بنقلِ مشروع "إصلاح شرق الأناضول" إلى داخل سوريا، واحتلت عفرين عبر الغزو واستخدامِ مسلحين موالين لها من خلفيات إخوانية وتركمانية

وفي عام 1934 صدر "قانون الإسكان" المتضمن توطين المهاجرين القادمين من القوقاز والبلقان والمنفى في مناطق الكرد وكان تنفيذه على نطاق أوسع وبشكل أكثر تنظيماً، وفق ما أورده موقع "عفرين بوست".

ومنذ بداية العهد الجمهوريّ وحتى اليوم، نفذت الدولة التركيّة عدة خطط لتغيير الهندسة السكانيّة أدّت لاقتلاع متكرر لمئات آلاف الكرد، وبلغ عدد حملات التهجير المنظّمة 11 حملة منذ عام 1915. ونُفّذت ثلاثٌ من هذه الحملات في عهدِ أردوغان، ففي عام 2016، حملة التهجيرِ الحضريّة، في آمد وجزير ونصيبين، هَجَرَ خلالها نصف مليون شخص منازلهم التي سُوّيت بالأرض. وحملتان عبر الغزوات الاحتلاليّة لمناطق الكرد في شمال سوريا.

هذا المشروع عبارة عن عملية شوفينية لفصل كردستان - سوريا عن مياه البحر المتوسط

وفي 2018، بدأت تركيا بنقلِ مشروع "إصلاح شرق الأناضول" إلى داخل سوريا، واحتلت عفرين عبر الغزو واستخدامِ مسلحين موالين لها من خلفيات إخوانية وتركمانية، واستهدفت تدميرَ البنى التحتيّة والمرافق العامة لتقيم أخرى بديلة تابعة لها، وتم تهجير أكثر من 300 ألف مواطن كرديّ من المنطقة، وتراجعت نسبة الكرد بالمنطقة من 96% إلى 25%، وبذلك فإنّ المستوطنين هم 3 أضعاف الكرد، يستقوون بسلطاتِ الاحتلال والميليشيات المسلحة للقيام بأعمال الاستيلاء على الممتلكات والتعديات على المواطنين الكرد.

نفذت أنقرة عملية تغيير ديمغرافيّ واسعة في عفرين بخطواتٍ متسارعةٍ، عبر عملية الترحيل من الغوطة، واعتمدت، وفق ممحللين، على رافعتين أساسيتين: التركمان والإخوان المسلمين، فيما تدعمُ الدول المانحة هذه العمليات وتغضُّ النظر عن عدم قانونيتها، كما تدعم الجمعياتُ الإخوانيّةُ في بعض الدول الخليجية وأوروبا وحتى في الأراضي الفلسطينية عمليةَ الاستيطانِ عبر إمدادها بالتمويلِ اللازم، وبذلك تنفذ أنقرة خطتها مجاناً وتواصل بناء المجمعاتِ الاستيطانيّة، وتعملُ على الأسلمةِ القسريّةِ للمواطنين الإيزيديين، واتخذت تركيا خطوات موازية للتوطين لمحو الوجودِ السكانيّ الأصليّ بالمنطقة وتغيير أسماء قرى وشوارع وساحات وتتريك الثقافة والتعليم والربط الإداري والخدميّ.

اتّهم  القيادي في المجلس الوطني الكردي عبد الرحمن آبو، الإخوان المسلمين بالتورّط في المشروع التركي لتغيير ديموغرافية منطقة عفرين في شمال سوريا

ويؤكد القيادي في المجلس الوطني الكردي عبد الرحمن آبو، خلال حديثه لصحيفة "النهار العربي"، وجود "توجّه تركي للقيام بعمليات تغيير ديموغرافي" في عفرين وباقي مناطق شمال سوريا، "حيث تقوم العصابات المسلّحة بإجبار العائلات الكردية على النزوح من خلال التجاوزات والأفعال التي ترتكبها، ليتّم توطين آخرين من سكان غوطة دمشق وحمص وحماة وغيرها من المناطق بدلاً منهم".

وقال: "للأسف هؤلاء لم يأتونا كضيوف، وإلا كنا رحبّنا بهم خير ترحيب، وإنّما أتوا مع العصابات المسلّحة ويتم حالياً بناء مستوطنات لهم في المنطقة. هناك 18 مستوطنة نموذجية مثل "بسمة" وغيرها بشقق مجهّزة بكل شيء لتوطين هؤلاء في الأراضي الكردية".

ووفق آبو، "فقد قاوم شبان عفرين لمدة 58 يوماً قبل أن تتمكن تركيا من احتلالها. الآن بقي في المنطقة نحو 35 % من شبّانها فقط. قامت العصابات المسلّحة باقتلاع 1.4 مليون شجرة زيتون وأشجار مثمرة أخرى، إضافة إلى قطع الأشجار الحرجية، لكن الشعب الكردي الأصيل متجذّر في أرضه وزيتونه وبقي صامداً".

ما علاقة الإخوان؟ 

واتّهم آبو، "الإخوان المسلمين" بالتورّط في المشروع التركي لتغيير ديموغرافية منطقة عفرين في شمال سوريا، مشيراً إلى أنّ الإخوان المسلمين يموّلون مشاريع بناء المستوطنات التي ستستقبل المستوطنين المراد توطينهم في المنطقة بدلاً من العائلات الكردية المهجّرة، مشددا على أنّ

"الإخوان المسلمون ومال الإسلام السياسي يدعمان هذا المشروع".

وبحسب آبو، فإنّ "هذا المشروع عبارة عن عملية شوفينية لفصل كردستان - سوريا عن مياه البحر المتوسط، حيث لا تبعد عفرين عن سواحل المتوسط أكثر من 35 كلم خط نظر، إضافة إلى كون 95 % من سكان لواء اسكندرون من الأكراد".

وقال إنّ "شعبنا سيصل إلى محطة يستريح فيها ... كفى قتلاً ودماراً، حتى الكرد الذين خرجوا منّا هم بعقلية شوفينية هدفهم خلق العداء بين القومية الكردية والقومية العربية".

ونفى آبو الاتّهامات الموجّهة للمجلس الوطني الكردي بكونها الجناح الكردي لـ"الإخوان المسلمين"، قائلاً إنّ "المجلس الوطني الكردي مظلّة لأحزاب ومنظمات مجتمع مدني متجانسة، وهي الجهة الأكثر تنظيماً، ببرنامج سياسي ومشروع قومي كردي كردستاني. نريد حكماً فدرالياً في كردستان - سوريا على غرار كردستان - العراق، ومشروعنا يتعارض مع مشروع جماعة الإخوان المسلمين أو الإسلام السياسي".

مواضيع ذات صلة:

اللاجئون السوريون رهينة المزاج السياسي... هل استخدمهم أردوغان للتعتيم على فساد مالي؟

بعد استخدامهم أعواماً ورقة ابتزاز مالي وسياسي.. تركيا تدير ظهرها للاجئين

إيران تعيد اللاجئين إلى جحيم طالبان وتركيا تكثف الإجراءات الأمنية على حدودها



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية