تحقيق دولي يكشف تورط إيران في تهريب أسلحة للحوثي والصومال

تحقيق دولي يكشف تورط إيران في تهريب أسلحة للحوثي والصومال


22/03/2022

مع تصعيد جماعة الحوثي الإرهابية لهجماتها في اليمن والمملكة العربية السعودية والإمارات، كشف تحقيق دولي للمبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة عن وجود أدلة على قيام إيران بتهريب الأسلحة للميليشيا الإرهابية في اليمن.

ووفقاً لموقع "ديلي مافريك"، اعترضت القوات البحرية الأمريكية، في نهاية كانون الأول (ديسمبر) الماضي، سفينة مجهولة وعلى متنها شحنة تتكون من (1400) بندقية هجومية وأكثر من (200) ألف طلقة ذخيرة، رجحت البحرية الأمريكية أنّها آتية من إيران، حيث تم استخدام هذا الطريق البحري تاريخياً لتهريب الأسلحة إلى المتمردين الحوثيين في اليمن، في انتهاك لقرارات مجلس الأمن الدولي والعقوبات الأمريكية.

كشف تحقيق دولي للمبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة عن وجود أدلة على قيام إيران بتهريب الأسلحة للميليشيا الإرهابية باليمن

هذا هو الاعتراض الـ13 من نوعه من قبل القوات البحرية الدولية منذ أيلول (سبتمبر) 2015 لشحنات الأسلحة التي يعتقد أنّها كانت متجهة إلى المتمردين الحوثيين في اليمن، في حادثين سابقين تم تنفيذ اعتراضات بحرية لمراكب شراعية صغيرة لتهريب الأسلحة من قبل 'يو إس إس ونستون تشرشل' 11-12 شباط (فبراير) 2021، ويو إس إس مونتيري 6-7 أيار (مايو) 2021، قبالة سواحل الصومال وفي بحر العرب على التوالي.

ووفقاً للتحقيق، فإنّ الصور الأولية للبحرية الأمريكية، لعملية المصادرة التي تعود إلى كانون الأول (ديسمبر) 2021، وتتطابق مع نمط عمليات الاعتراض البحري السابقة، على وجه الخصوص، يبدو أنّ البنادق الموجودة هي بنادق هجومية من النوع 56-1 - بنادق من نوع AK  صينية الصنع تتميز بمخزون معدني قابل للطي، أسفرت عمليتا المصادرة السابقتان في عام 2021 أيضاً عن مصادرة عدة آلاف من هذه البنادق من النوع 56-1، بالإضافة إلى مجموعة من الأسلحة الثقيلة.

العبوة الخضراء التي تم فيها تخزين الأسلحة على متن المركب تشبه أيضاً العبوة المستخدمة لتغليف البنادق من النوع 56-1 التي تمّ ضبطها في حوادث منفصلة في عامي 2018 و2021، بالإضافة إلى البنادق، وهو شيء نادراً ما شوهد في عمليات المصادرة السابقة.

 يشير تحليل شحنات الأسلحة السابقة التي تبدو مشابهة لعملية المصادرة في كانون الأول (ديسمبر) 2021 إلى أنّه من المحتمل أن تكون إمدادات حكومية إيرانية يتمّ توفيرها لحلفاء الحوثيين في اليمن، وجد التحليل السابق للمبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية (GI-TOC)  أنّ هذه البنادق من النوع 56-1 قد تمّ توثيقها لاحقاً في الأسواق غير المشروعة في جميع أنحاء الصومال.

أدلة على تزويد إيران للحوثي بأسلحة

أصبحت الحرب الأهلية في اليمن - التي اندلعت لأول مرة في أواخر عام 2014 عندما استولى المتمردون الحوثيون على أجزاء كبيرة من البلاد ـ أصبحت ساحة معركة رئيسية للصراع بالوكالة بين إيران والمملكة العربية السعودية. يقاتل تحالف القوات المدعوم من السعودية دعماً للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، بينما تشير الدلائل إلى أنّ الحوثيين تلقوا دعماً من إيران.

 اعترضت البحرية الأمريكية، في نهاية كانون الأول الماضي، سفينة مجهولة وعلى متنها شحنة من (1400) بندقية هجومية وأكثر من (200) ألف طلقة ذخيرة

 يتألف جزء من هذا الدعم الإيراني من شحنات أسلحة صغيرة وخفيفة إلى اليمن، نفذتها شبكات تهريب بحري متطورة عابرة للحدود. كثرة الاجتماعات وعمليات إعادة الشحن بين المراكب الشراعية الإيرانية واليمنية والصومالية تخفي مصدر شحنات الأسلحة وتتجنب الكشف.

تشير (3) أدلة إلى أنّ الأسلحة المعترضة تأتي من إمدادات الدولة الإيرانية

أولاً: يُظهر تحليل الأرقام التسلسلية للبنادق من النوع 56-1 التي تمّ الاستيلاء عليها في شباط (فبراير) وأيار (مايو) 2021 أنّ الأرقام تعمل بشكل مُتتالٍ تقريباً، ممّا يشير إلى أنّها قد تكون جزءاً من عملية نقل من دولة إلى دولة من الصين (حيث توجد هذه الأسلحة ويتم تصنيعها) لإيران.

على الرغم من أنّ إيران كانت خاضعة لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة حتى تشرين الأول (أكتوبر) 2020 ، إلّا أنّ القيود المفروضة على الصادرات إلى البلاد لم تمتد لتشمل الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة، لذلك لا توجد عوائق قانونية تمنع الصين من توريد بنادق من النوع 56-1 لإيران.

في حين أنّه من المتوقع أن تحتوي عمليات نقل الأسلحة من دولة إلى دولة على أسلحة مصنعة حديثاً مع تشغيل مستمر للأرقام التسلسلية، فمن المحتمل أن يكون للمخزون الذي تمّ تجميعه من تداول السوق السوداء نطاق أوسع، أو توزيع عشوائي للأرقام.

 ثانياً: احتوت معظم المضبوطات منذ أواخر عام 2015 أيضاً على أسلحة مصنعة في إيران نفسها.

ثالثاً: تشير معلومات نظام تحديد المواقع GPS في عدة مراكب شراعية لتهريب الأسلحة تمّ ضبطها إلى أنّ المراكب الشراعية أو السفن الصغيرة قد سافرت من إيران في الأيام التي سبقت اعتراضها، على سبيل المثال احتوى جهاز GPS على متن أحد المراكب الشراعية التي اعترضتها القوات الأمريكية في شباط (فبراير) 2021 على إحداثيات من أواخر كانون الثاني (يناير) 2021 تتوافق مع مرسى صغير يقع على بعد حوالي (10) كيلومترات شرق جاسك، وهو ميناء مهم استراتيجياً بالقرب من مضيق هرمز الذي يستضيف قاعدة بحرية إيرانية.

وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" في كانون الثاني (يناير) 2022 أنّ مسودة تقرير أعدته لجنة الخبراء التابعة لمجلس الأمن الدولي بشأن اليمن حددت "جاسك" كنقطة انطلاق لشحنات أسلحة متعددة إلى اليمن، مستشهدة بمقابلات مع أفراد الطاقم اليمنيين وبيانات من أجهزة ملاحية على متن السفن أو المراكب الشراعية.

 ما علاقة الصومال؟

بين كانون الأول (ديسمبر) 2020 وآب (أغسطس) 2021، وثّق الباحثون الميدانيون في المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة ما مجموعه (417) سلاحاً صغيراً وخفيفاً في الصومال من خلال مسح (13) موقعاً مختلفاً، حوالي (38) منها أي 9.1 % من المجموع كانت بنادق من النوع 56-1، وتمّ العثور عليها في (8) مواقع.

 تجمعت الأرقام التسلسلية للبنادق من النوع 56-1 التي تمّ العثور عليها في الصومال حول تلك الموثقة في مختلف المضبوطات البحرية، ممّا يشير إلى مصدر مشترك، وتشير الأدلة الداعمة بقوة إلى أنّ المصدر المشترك هو ترسانات الدولة الإيرانية، إلّا أنّه ما يزال من الصعب معرفة متى وكيف وصلت البنادق إلى الصومال، ويبقى الأمر مفتوحاً للتكهنات حول ما إذا كان قد تمّ شحنها من الشحنات الإيرانية في طريقها إلى اليمن، أو تمّ تحويلها إلى سوق الأسلحة غير المشروعة فقط بعد وصولها إلى اليمن، وبغضّ النظر عن ذلك، فمن المرجح أنّ بعض البنادق التي نقلتها السفينة التي تمّ اعتراضها في كانون الأول (ديسمبر) الماضي ربما تكون قد وجدت طريقها في النهاية إلى الصومال.

تداعيات إقليمية كارثية

أشار تحقيق المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة إلى أنّ تهريب الأسلحة لجماعة الحوثي يشعل الصراع في اليمن، الذي أدى حتى الآن إلى واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية المستمرة في العالم، حيث تشير التقديرات إلى أنّ أكثر من (20) مليون شخص بحاجة إلى المساعدة الإنسانية أو الحماية، وقد حذّرت وكالات الأمم المتحدة العاملة في اليمن في أواخر كانون الأول  (ديسمبر) 2021 من أنّ (8) ملايين من هؤلاء الأشخاص سيحصلون على حصص غذائية مخفضة اعتباراً من بداية عام 2022 نتيجة لنقص الميزانية.

ومؤخراً ردّت جماعة الحوثي الإرهابية على مبادرة السلام التي تبنّاها مجلس التعاون الخليجي لإنهاء الحرب في اليمن بسلسلة هجمات طالت المنشآت النفطية في جدة، وقد حذّرت المملكة العربية السعودية على إثرها من نقص إمدادات النفط للسوق العالمية، ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن مصدر بوزارة الخارجية السعودية قوله، في ساعة مبكرة من صباح اليوم: إنّ المملكة "لن تتحمّل مسؤولية أيّ نقص في إمدادات البترول للأسواق العالمية في ظلّ الهجمات التي تتعرّض لها منشآتها النفطية من الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران".

وأضافت المبادرة: "إنّ انتشار الأسلحة في الصومال، التي يتمّ تحويلها من اليمن، له أيضاً تداعيات أمنية خطيرة محتملة على الدولة الأفريقية، وكذلك على إثيوبيا وكينيا المجاورتين، وتقوم جماعات الشباب والدولة الإسلامية في العراق وفصيل الشام الناشط في منطقة بونتلاند الصومالية بشكل روتيني بتصدير الأسلحة الصغيرة والذخيرة من اليمن."

 

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية