بعد سوريا... هل تتدخل تركيا في اليمن عسكرياً برعاية إخوانية؟

بعد سوريا... هل تتدخل تركيا في اليمن عسكرياً برعاية إخوانية؟

بعد سوريا... هل تتدخل تركيا في اليمن عسكرياً برعاية إخوانية؟


15/12/2024

بعد نجاحها في سوريا بدعم المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد تتجه تركيا نحو تعزيز نفوذها في اليمن، ويأتي ذلك ضمن الحسابات الاستراتيجية، مستغلة علاقتها مع حزب الإصلاح، الذي يُعتبر امتداداً لجماعة الإخوان المسلمين، في ظل التحولات التي يشهدها المشهد اليمني.

ووفق الكاتب اليمني كامل المعمري، في مقالة له نشرها موقع (الرأي اليوم)، فإنّ تصريحات القيادي في حزب الإصلاح شوقي القاضي، التي أكد فيها مراراً على ضرورة التحالف مع تركيا، تعكس هذا التوجه بوضوح، فالقاضي يرى في تركيا شريكاً استراتيجياً يمكن الاعتماد عليه.

هذه الرؤية ليست فردية، بل تتوافق مع تصريحات أخرى لقيادات في الحزب، مثل حميد الأحمر الذي شدد في مقابلات سابقة على أنّ التحالف مع تركيا كدولة إسلامية قوية أصبح ضرورة ملحة، مؤكداً أنّ التحالف العربي لم ينجح في تحقيق الأهداف المرجوة.

ووفق المعمري، فإنّ هذه التصريحات تكشف عن إدراك متزايد داخل حزب الإصلاح الإخواني لأهمية الدور التركي، وتفتح الباب أمام أنقرة لتعزيز وجودها في اليمن من خلال شراكة قائمة على المصالح المشتركة والرؤية الاستراتيجية. وقد تجد تركيا في هذا الدعم من قيادات حزب الإصلاح فرصة لتعزيز نفوذها بطرق مبتكرة تتجاوز الطرق التقليدية.

رجل الأعمال اليمني: حميد الأحمر

هذه المؤشرات تؤكد على أنّ تركيا ليست فقط حليفاً محتملاً لحزب الإصلاح، بل قد تصبح شريكاً رئيسياً في إعادة تشكيل التوازنات في اليمن، مستفيدة من التوترات القائمة بين حزب الإصلاح والتحالف العربي. ودعم قيادات بارزة في حزب الإصلاح للتحالف مع تركيا يمنح أنقرة نقطة انطلاق قوية، ويزيد من احتمالية نجاحها في ترسيخ دورها كلاعب رئيسي في اليمن.

وأضاف المعمري أنّ جناح توكل كرمان في الإخوان يكتسب زخماً وشعبية متزايدة، وتمتلك كرمان قاعدة جماهيرية واسعة، ولها علاقات جيدة مع القيادة التركية، وأصبحت رمزاً للتوجه نحو تركيا داخل الحزب. 

ولفت الكاتب اليمني إلى أنّ التظاهرات التي خرجت في تعز ومأرب، التي قادها جمهور حزب الإصلاح، والتعبير عن الفرح بنجاح ثورة الشعب السوري المدعومة من تركيا، تُعدّ دليلاً واضحاً على التوجه الشعبي داخل الحزب نحو تأييد الدور التركي ورؤيته في المنطقة.

فهذه الاحتفالات لم تكن مجرد تعبير عن التضامن مع الشعب السوري، بل حملت أيضاً رسائل سياسية تؤكد إعجاب قطاعات واسعة من الحزب بالنموذج التركي في دعم الثورات والحركات التحررية في المنطقة.

كتّاب أتراك يدعون بلادهم إلى المبادرة والتحرك العسكري باتجاه اليمن، على غرار ما جرى في ليبيا وسوريا، إلا أنّه لم يظهر حتى الآن أيّ مؤشر رسمي.

ووفق مركز شاثام هاوس، فإنّه يعيش الكثير من أعضاء الحزب في تركيا، في حين يمر ذراع الإخوان حالياً بأدنى المستويات في تاريخه، ويعاني من الضعف والانقسام وضعف القيادة، لهذا فإنّه بحاجة إلى من يجمع العناصر تحت هدف واحد، وأنقرة في الغالب ستكون الأقدر على ذلك.

وأضاف المركز أنّ لوجود الحزب في تركيا تأثيراً مزدوجاً على حظوظه، فقد أصبح ضعيفاً في اليمن نتيجة بقائه في الخارج بعيداً، وأصبح أيضاً مديناً للدولة التي استقبلت كوادره وسمحت باستمرار وجوده، وحالياً يتابع حزب الإصلاح بولاء أبرز الشخصيات في الحركة الإسلامية التركية، ويشرك نفسه في السياسة التركية.

وبحسب ما نقل المركز العربي لدراسات التطرف، فإنّه نظراً لأهمية إسطنبول المتزايدة بالنسبة إلى حزب الإصلاح الإخواني، افتتح مكتباً تنفيذياً في المدينة في عام 2016، وتملك تركيا مكتباً في كل محافظة، يتجاوز الأهمية التي توليها أنقرة فعلياً لليمن. 

وأكدت الدراسة أنّ تركيا أتاحت للإخوان مساحة لتأسيس تجمعاتهم وتشكيل سياسات الشتات العربي. واحتضنت سلطات أنقرة انتشار القنوات التلفزيونية المؤيدة للإخوان، والتي تبث من إسطنبول، مثل قناة بلقيس، وتلفزيون يمن شباب، والمهرية. 

وأضاف المركز أنّ عدداً من المغتربين من حزب الإصلاح أقاموا علاقات وثيقة مع أجهزة الأمن التركية، ممّا سمح لهم بامتيازات معينة للإقامة والاستثمار والتنقل بحرية نسبية، ولدى بعضهم إمبراطوريات تجارية.

وكشفت الدراسة أنّه يعيش في تركيا أكثر من (25) ألف يمني، من بينهم حوالي (6) آلاف طالب. الإصلاحيون ليسوا الوحيدين في المدينة، ويمكن للمرء أيضاً أن يلتقي بحلفاء الرئيس السابق علي صالح ورجال الأعمال ذوي النفوذ، ومعظمهم يتجمع في ضواحي إسطنبول.

 الرئيس اليمني السابق: علي عبدالله صالح

وبشكل عام، ازدهر مجتمع حزب الإصلاح في ضواحي إسطنبول، وأنشأ قاعدة صلبة بين الشتات اليمني. وكما هو الحال في اليمن، يحكم هيكل هرمي واضح المعالم أعضاء الحزب. على سبيل المثال، يتم تعيين "مشرف" مسؤول عن الفروع والأعضاء في كل محافظة تركية يقيم فيها اليمنيون. فمدينة إسطنبول، على سبيل المثال، التي تستضيف أكبر جالية يمنية، مقسمة إلى مناطق، يقود كل منها مشرف مسؤول عن الأحياء داخل منطقته، وينظم الحزب اجتماعات منتظمة لأعضائه في تركيا.

وينظم الذراع الدعوي لحزب الإصلاح ندوات ودروساً دينية لليمنيين في المساجد والمنازل الخاصة، بعضها مخصص للنساء فقط. وتشتمل معظم هذه الدروس على الفقه الإسلامي المتعلق بالعبادات والسلوك الشخصي، الذي يُعدّ جزءاً لا يتجزأ من الهوية الدينية لحزب الإصلاح وتماسكه.

وحول تدخل تركيا عسكرياً في اليمن، كما فعلت في ليبيا وسوريا، فقد اقتصرت التحركات التركية منذ بدء الحرب في اليمن على تقديم المساعدات الإنسانية، حيث تنشط المؤسسات الإغاثية التركية بقوة في اليمن، لا سيّما هيئة الإغاثة الإنسانية ومؤسسة تيكا، وتقدم أنقرة على الدوام مساعدات غذائية وطبية ومساعدات عينية للمناطق المنكوبة والأسر الأشد فقراً، وتبرز كقوة إنسانية نشطة جداً في اليمن، لكن دون أن يكون لها أيّ تحركات سياسية أو عسكرية مباشرة، وفق ما يزعم المسؤولون الأتراك.

هذا، وتحدثت تقارير سابقة عن أنّ الحزب تقدم بطلبات مختلفة إلى تركيا من أجل تعزيز دورها في الأزمة اليمنية، لدعم الحكومة اليمنية ضد ميليشيات الحوثي الإرهابية، ولوقف توسع المجلس الانتقالي الجنوبي.

ورغم دعوة كتّاب أتراك بلادهم للمبادرة والتحرك العسكري باتجاه اليمن، على غرار ما جرى في ليبيا وسوريا، إلا أنّه لم يظهر حتى الآن أيّ مؤشر رسمي على إمكانية التدخل سوى استمرار سياسة تقديم المساعدات الإنسانية وتعزيز التعاون السياسي مع أطراف في الحكومة اليمنية، وفق ما أوردت صحيفة (القدس العربي).

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية