بعد حزب التحرير.. أندونيسيا تحلّ جبهة المدافعين عن الإسلام

بعد حزب التحرير.. أندونيسيا تحلّ جبهة المدافعين عن الإسلام


05/01/2021

ترجمة: محمد الدخاخني

حظرت الحكومة الأندونيسيّة منظّمة "جبهة المدافعين عن الإسلام" المتشدّدة، الأربعاء، وأمرت بوقف كافّة أنشطتها بعد أقلّ من شهرين من عودة زعيمها الناريّ، رزيق شهاب، من منفاه الاختياريّ وتعهّده بقيادة "ثورةٍ أخلاقيّة".

وقالت الحكومة، في بيانٍ وقّعه كبار المسؤولين وقائد الشّرطة الوطنيّة؛ إنّ أعضاء الجماعة انخرطوا في أعمالٍ إرهابيّةٍ وإجراميّةٍ، وإنّ الأنشطة الّتي نظّمتها الجماعة تُخلّ بالنّظام العام.

اقرأ أيضاً: وباء الإسلام السياسي يأبى مغادرة جسد أندونيسيا

رزيق (55 عاماً)، وهو رجل دينٍ يَدّعي أنّه من نسل النّبيّ محمّد، متّهم بانتهاك بروتوكولات فيروس كورونا من خلال تنظيم تجمّعاتٍ لآلاف الأشخاص، وكان قد استسلم للشّرطة في وقتٍ سابقٍ من هذا الشّهر ويواجه عقوبةً تَصِل إلى ستّة أعوام في السّجن، وقبل أيّامٍ من اعتقاله؛ قُتِل ستّة من حرّاسه الشخصيّين برصاص الشّرطة فيما قالت السّلطات إنّه دفاعٌ عن النّفس، وما يزال رزيق في السّجن.

29 من أعضاء الجماعة أدينوا بارتكاب أعمال إرهابيّة

وجاء في أمر حلّ الجماعة أنّ تسجيلها لدى الحكومة قد انتهى العام الماضي، ولم تَعد منظّمة معترفاً بها، وهي ممنوعة الآن من القيام بأيّة أنشطةٍ، ومن استخدام شعارها، وهو عبارة عن رمز مثّلث تتوسّطه نجمة واسم الجماعة بالحروف الأندونيسيّة والعربيّة.

ماذا قال وزير الشّؤون السّياسيّة والأمنيّة الأندونيسيّ؟

وقالت الحكومة إنّ 29 من أعضاء الجماعة أدينوا بارتكاب أعمال إرهابيّة، لكنّها لم تقدّم أيّة تفاصيل أو أدلّة، وأضافت أنّ 100 منهم أدينوا بجرائم أخرى.

وقال وزير الشّؤون السّياسيّة والقانونيّة والأمنيّة الأندونيسيّ، محمّد محفوظ، في إشارةٍ إلى الجماعة: "بهذا الحظر؛ تفتقر إلى أيّة مكانةٍ قانونيّة".

وقال المتحدّث باسم الجماعة، نوفيل باموكمين؛ إنّ الأعضاء لن يردعهم حلّ المنظّمة، وأضاف: "يمكنهم حلّها لكنّهم لا يستطيعون حلّ نضالنا في الدّفاع عن الوطن والدّين. يمكننا، إذا أردنا، الإعلان عن منظّمةٍ إسلاميّةٍ جماهيريّةٍ جديدةٍ بعد ظهيرة اليوم، وإذا تمّ حلّها، يمكننا إنشاء واحدة جديدة، وهكذا. بغض النّظر عن مسألة وجودنا في السّجلّات الحكوميّة، فإنّنا ما نزال متواجدين".

الأكاديمي جاجانغ جهروني: ربما لن يكون الحلّ فعّالاً، وإذا واصل الأعضاء البقاء في الشّارع وإثارة المتاعب، فينبغي القبض عليهم وتقديمهم إلى المحكمة

وتأسّست "جبهة المدافعين عن الإسلام" في أواخر التّسعينيّات من القرن الماضي مع انتهاء الحكم العسكريّ، وفي ذلك الوقت؛ أنشأ كبار جنرالات الجيش مجموعات ميليشياويّة مدنيّة، مثل الجبهة، لمساعدتهم في الاحتفاظ بالسّلطة.

وسُرعان ما اشتهرت الجماعة بفرض مفهومها عن الشّريعة الإسلاميّة من خلال تخريب الحانات واضطّهاد الطّوائف المتنافسة ومهاجمة فعاليّات المثليّين والمثليّات، وعلى مرّ السّنين؛ وسّعت أجندتها لتقديم خدمات الإنقاذ المدنيّ، وتطوّرت إلى حركةٍ سياسيّةٍ واجتماعيّة، واكتسبت عدّة آلاف من المتابعين الذين اجتذبتهم رسالة رزيق المناهضة للمؤسّسة.

يقول إيان ويلسون، وهو كبير المحاضرين في جامعة "مردوخ"، في بيرث بأستراليا، والّذي يتابع الجماعة منذ سنواتها الأولى: "نظراً لشعبيّة الجماعة والاستخدام الواسع لرموزها، سيكون من الصّعب تنفيذ أمر الحلّ"، ويضيف: "من المحتمل أن يتخلّى البعض عنها، لكنّها ستقوم بردكلة آخرين".

وبُعيد ساعاتٍ من الإعلان، وصل جنود وضبّاط شرطة إلى مقرّ الجماعة في جاكرتا وأزالوا لافتةً ضخمةً تعرض صورة رزيق.

مؤسس الجماعة متهم بقضايا أخلاقية

ويثير رزيق، الذي شارك في تأسيس الجماعة، وظلّ قائدها الأكثر وضوحاً، الجدل منذ فترةٍ طويلة، وفي عام 2017، غادر أندونيسيا بينما كان يواجه تهمةً تتعلّق بمواد إباحيّة واتّهامات بعلاقةٍ خارج نطاق الزّوجيّة.

اشتهرت الجماعة بفرض مفهومها عن الشّريعة الإسلاميّة من خلال تخريب الحانات واضطّهاد الطّوائف

وعندما عاد إلى جاكرتا، في تشرين الثّاني (نوفمبر)؛ استقبله عدّة آلاف من المؤيّدين، واستضاف خلال الأيّام التّالية عدّة تجمّعات كبيرة، واعتذر، لاحقاً، عن انتهاك قيود فيروس كورونا، لكن ذلك لم يكن كافياً لإبقائه خارج السّجن.

بعودته إلى إندونيسيا، وهي دولة علمانيّة رسميّاً، شكّل رزيق، أيضاً، تحدّيّاً لحكومة الرّئيس جوكو ويدودو، وتعهّد بدفع إندونيسيا نحو رؤيةٍ أكثر مُحافظَةً للإسلام.

وفي خطبته الأخيرة؛ اتّهم رزيق جوكو وحكومته بقيادة البلاد إلى أزمةٍ؛ لأنّ قادة البلاد، كما يرى، يفتقرون إلى الأخلاق. وأكّد أنّه على المرء اتّباع الشّريعة الإسلاميّة كي يكون شخصيّةً أخلاقيّة.

اقرأ أيضاً: أندونيسيا والأندلس: إسلام السيف وإسلام الأخلاق

كما يُحاجِج بأنّ إندونيسيا يجب أن تتّحد تحت إلهٍ واحد، وأنّه نظراً لأنّ المسلمين يشكّلون الغالبيّة العظمى من الإندونيسيّين، يجب أن تكون لديهم القدرة على تطبيق الشّريعة ووضع القواعد، ليس فقط للمسلمين، لكن للكافّة، أيضاً.

هذا، وتمّ حلّ جماعة إسلاميّة راديكاليّة أخرى، حزب التّحرير، على يد الحكومة، عام 2017، بسبب التّرويج لدولةٍ قائمةٍ على الشّريعة وليس المبادئ العلمانيّة.

يقول جاجانغ جهروني، وهو محاضر في جامعة سياريف هداية الله الإسلاميّة في جاكرتا: "ربما لن يكون الحلّ فعّالاً، وإذا واصل الأعضاء البقاء في الشّارع وإثارة المتاعب، فينبغي القبض عليهم وتقديمهم إلى المحكمة".

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

ريتشارد بادوك وديرا منرا سجابات، "نيويورك تايمز"، 30 كانون الأوّل (ديسمبر) 2020

الصفحة الرئيسية