بعد تسريب هذه المخططات لليمين المتطرف.. ألمانيا على صفيح ساخن

بعد تسريب هذه المخططات لليمين المتطرف.. ألمانيا على صفيح ساخن

بعد تسريب هذه المخططات لليمين المتطرف.. ألمانيا على صفيح ساخن


17/01/2024

شهدت عدة مدن ألمانية تظاهرات بمشاركة آلاف الأشخاص ضد اليمين المتطرف؛ بسبب تسريبات عن خطة لإبعاد المهاجرين قدّمها حزب (البديل من أجل ألمانيا) اليميني المتطرف.

وشارك في التحرّك عدد من المسؤولين الألمان، بينهم المستشار الاشتراكي الديمقراطي أولاف شولتس ووزيرة الخارجية المنتمية لحزب الخضر، وقد ساروا في شوارع بوتسدام في ضواحي العاصمة الألمانية، كما نظّمت مسيرات مماثلة في مدن ألمانية أخرى، وفق ما نقلت وكالة (فرانس برس).

ونظّمت هذه الفعاليات على خلفية تقارير تفيد بأنّ حزب (البديل من أجل ألمانيا) الذي تظهر استطلاعات الرأي صعوداً لشعبيته، بحث خلال اجتماع عُقد في 25 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي في فندق (لاندهاوس أدلون) في مدينة بوتسدام القريبة من برلين، مع متطرفين نمسويين، في خطة طرد جماعي لأجانب، وشارك في الاجتماع قيادي في حركة الهوية النمسوية اليمينية المتطرفة مارتن سيلنر، وفق ما أورده موقع (كوريكتيف) الاستقصائي.

وبحسب صحفي قال إنّه كان موجوداً في المكان وراقب وصول المشاركين، فقد كان من بين الحاضرين أيضاً اثنان من السياسيين المنتمين للحزب المسيحي الديمقراطي اليميني الوسطي الذي تنتمي إليه المستشارة السابقة أنغيلا ميركل، وفق ما نقلت صحيفة (الشرق الأوسط).

وبحسب الموقع، عرض سلنر مخططاً لـ "قلب مفاعيل هجرة الأجانب" إلى ألمانيا، وطرد مهاجرين وطالبي لجوء.

تدعو الأصوات المعارضة لليمين الشعبوي إلى حظر (حزب البديل)، كونه لم يعد "صوتاً غاضباً"، بل هو "عبارة عن حزب نازي"

وطرح سيلنر فكرة "دولة استقبال" يمكن أن تكون في شمال أفريقيا، ويمكنها أن تستقبل مليوني شخص، ويمكن "نقلهم إليها وتكون فيها فرص للتمرين والرياضة، ويمكن لكل من يدعم اللاجئين أن يذهب إلى هناك"، وفي هذا الطرح أصداء لأفكار تداولها النازيون في عام 1940 لترحيل اليهود إلى جزيرة مدغشقر.

وتتّبع "حركة الهوية" نظرية "الاستبدال العظيم"، وهي نظرية مؤامرة تعتبر أنّ هناك مخططاً لمهاجرين من غير البيض ليكونوا بديلاً للشعوب الأوروبية الأصلية.

وأثار تقرير (كوريكتيف) صدمة في ألمانيا، وقد نشر في توقيت تظهر فيه استطلاعات الرأي أنّ نوايا التصويت لحزب (البديل من أجل ألمانيا) على المستوى الوطني تتراوح بين 21 و23%.  

 

اجتماع ضم حزب (البديل من أجل ألمانيا) ومسؤولين في حزب ميركل والمتطرف النمساوي مارتن سيلنر بحث خطط طرد مهاجرين وطالبي لجوء والمتعاطفين معهم إلى أفريقيا

 

 

ويحظى الحزب بنسب تأييد تتخطى 30% في بعض أنحاء ألمانيا الشرقية السابقة، حيث من المقرر أن تُجرى انتخابات إقليمية في وقت لاحق من العام الجاري.

هذا، وحذّر المستشار الألماني أولاف شولتس من التطرف، بعد انتقادات لليمين المتطرف ومساعيه لاستغلال احتجاجات مناهضة للحكومة يقودها مزارعون.

وقال شولتس: "عندما تتحول الاحتجاجات المشروعة إلى غضب أو ازدراء للعمليات والمؤسسات الديمقراطية، نخسر جميعاً"، مضيفاً: "وحدهم الذين يحتقرون ديمقراطيتنا سيستفيدون".

وقد وجّه شولتس نداء عاجلاً بالتكاتف في مواجهة المتعصبين. وكتب على حسابه في (إكس) يوم الخميس الماضي: "أن نتعلم من التاريخ، ليس مجرد كلام. يجب أن يتكاتف الديمقراطيون والديمقراطيات".

وأضاف أنّ كل من يتصدى للنظام الأساسي الديمقراطي الحر سيتابع من قبل هيئة حماية الدستور (الاستخبارات) والقضاء.

وبالعودة إلى الاجتماع السري الموصوف بـ "الخطير" في مدينة بوتسدام بألمانيا، بحث نظريات راديكالية عن سياسة الهجرة"، وطرق التخلص من ملايين المهاجرين حتى المجنسين منهم.

الاجتماع الذي حضرته رئيسة الكتلة البرلمانية لحزب البديل اليميني المعارض أليس فايدل، واليميني الشعبوي رئيس الحزب في دائرة بوتسدام، تيم كراوزه. كذلك شارك مارتن زيلنر  الذي يُعدّ العقل المدبر لحركة "الهوية اليمينية" في النمسا خلال الأعوام الأخيرة، هذا الاجتماع أثار جدلاً واسعاً داخل ألمانيا، وسريعاً ساد القلق والتوجس الأوساط المعارضة لليمين الشعبوي، والسؤال طرح بإلحاح عن مستقبل الديمقراطية في ألمانيا، وبرزت دعوات لتشكيل (حزب الوسط) بشأن قضايا الهجرة كحل، وظهرت أصوات تُندّد بتوجهات حزب (البديل)، وهو بالمناسبة يُشكّل أكبر كتلة معارضة حالياً داخل البوندستاغ. 

 

المستشار الألماني أولاف شولتس يُحذّر من التطرف، بعد انتقادات لليمين المتطرف ومساعيه لاستغلال احتجاجات مناهضة للحكومة يقودها مزارعون

 

ودعت الأصوات المعارضة لليمين الشعبوي إلى حظر حزب (البديل)، لأنّه لم يعد "صوتاً غاضباً"، بل هو "عبارة عن حزب نازي"، كما أورد هندريك فوست رئيس حكومة ولاية شمال الراين - فيستفاليا في ألمانيا لصحيفة (تاغس شبيغل أم زونتاغ) الألمانية الأسبوعية في عددها الصادر الأحد 14 كانون الثاني (يناير) 2024.

وناشد رئيس حكومة ولاية شمال الراين - فيستفاليا الحكومة الاتحادية في ألمانيا التعاون في وضع حدود للهجرة، في ظل ارتفاع مستويات التأييد لحزب (البديل من أجل ألمانيا) (إيه إف دي) اليميني المعارض في استطلاعات الرأي. 

وأضاف فوست: إنّ "قوة الشعبويين والمتطرفين منبعها عدم قدرة الديمقراطيين على التصرف. يسري هذا بصفة خاصة على واحدة من كبرى المشكلات في عصرنا؛ وهي قضية الهجرة". 

ودعا إلى تشكيل (تحالف الوسط)، ولعقد لقاء عاجل بين المستشار الألماني أولاف شولتس ورؤساء حكومات الولايات من أجل تقييم تأثير الإجراءات التي اتُّخذت حتى الآن في ما يتعلق بسياسة الهجرة. 

عدة مدن ألمانية تشهد تظاهرات بمشاركة آلاف الأشخاص ضد اليمين المتطرف؛ بسبب تسريبات عن خطة لإبعاد المهاجرين

من جهته، عبّر الصحافي المهتم بالملف الألماني وقضايا الهجرة عارف جابو، في تصريح لصحيفة (النهار)، عن قلقه كون المناقشات تناولت خططاً كمثل خطط النازية سابقاً كتهجير الناس الموجودين في ألمانيا، ومناقشة ما تُسمّى الهجرة المعاكسة".

وهذا مثير للقلق في الوسط السياسي، وحتى الوسط الاجتماعي، خاصة بين المهاجرين، كما يقول، "أن تصل الأمور إلى عقد اجتماع ومناقشة خطط يمينية كهذه يدل إلى مدى قوة اليمين؛ فاليمين المتطرف ينمو في ألمانيا. اليمين الشعبوي، مثلاً حزب (البديل) يتجه للتطرف والفئات المتطرفة بداخله تزداد، حتى أنّه في (3) ولايات صُنّف كحزب متطرف تتم مراقبته. وثمّة خلفيات نازية وأفكار نازة بكل معنى الكلمة ضمن الحزب ولدى أصحاب القرار فيه، بالإضافة إلى المجموعات اليمينية الأخرى أيضاً".

 

عارف جابو يُعبّر عن قلقه كون المناقشات تناولت خططاً مثل خطط النازية سابقاً كتهجير الناس الموجودين في ألمانيا، ومناقشة ما تُسمّى الهجرة المعاكسة

 

وتابع عارف جابو: "حزب البديل، وهو ثاني أكبر حزب معارض بعد الاتحاد المسيحي، يتفوق بشعبيته على أحزاب الحكومة كالاشتراكي والخضر أو الليبراليين، وهذا أدى إلى تحرك بين الساسة، وأثار جدلاً واسعاً في الأوساط الديمقراطية، فقرعت ناقوس الخطر، وحتى المستشار الألماني تحدث عن الأمر وعن مراقبة التحركات اليمينية، وأيّ شيء مخالف للدستور ستتم ملاحقته قانونياً". 

وأضاف جابو أنّ الأوساط الأمنية تراقب أيّ شيء يثير الاشتباه، ومن الممكن أن تكون بعض الملاحقات؛ "فهناك تحركات ومخاوف من تكرار مثل هذه الاجتماعات، ويتم بحث كيفية مواجهة الأمر".

ومن المتوقع أن يساهم تقرير (كوريكتيف) في إعادة النقاشات حول حظر حزب (البديل) إلى الواجهة، ويطالب العديد من الأحزاب بحظره، إلا أنّ هناك أيضاً معارضة لهذه الخطوة، كما أنّ المتطلبات القانونية والدستورية اللازمة لمنع حزب سياسي في ألمانيا تُعَدّ صعبة للغاية، ويجب أن تبتّ في أمرها المحكمة الدستورية الاتحادية، أعلى هيئة قضائية دستورية في البلاد.

مواضيع ذات صلة:

تصاعد اليمين المتطرف ١-٢

تصاعد اليمين المتطرف ٢-٢

الصفحة الرئيسية