
أعربت هيئة حماية الدستور في ألمانيا عن قلقها من أن تنظيم الإخوان الإرهابي لا يزال يخطط لإقامة نظام اجتماعي مواز يحرّض ضد دستور البلاد، وزرع الأيديولوجية المُتطرّفة لدى الشباب والأطفال، وفي نفس الوقت كشف المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات أن تنظيم الإخوان يحتفظ بشبكة واسعة من المنظمات والأندية، التي تعمل بعيداً عن أعين الأجهزة الأمنية.
وحذّر المركز في تقرير أصدره مطلع يوليو (تموز) الحالي، من أن تنظيم الإخوان الإرهابي يحاول التسلل إلى المجتمع والتقرّب إلى السياسيين والتأثير عليهم، كما أن الجمعيات التابعة لها تتوغل في النظام الديمقراطي لخلق مجتمع موازٍ من خلال العمل سراً تحت مسمّيات لا توحي بنشاطها الحقيقي. وذلك فضلاً عن تمتع العديد من الجمعيات الإسلاموية بروابط مع الأحزاب الألمانية.
وأشار التقرير إلى استثمار الإخوان في التظاهرات التي يتم تنظيمها ضدّ الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وكذلك استغلال صعود اليمين المتطرف والأحزاب اليمينية الشعبوية لكسب أنصار جدد والحصول على التمويل. كما أنه من المرجح أن يؤدي تنامي أنشطة الإخوان في ألمانيا لتأثيرات سلبية على المنظمات الإسلامية ذات الفكر المعتدل وعلى الشباب، ما قد يسرّع من وتيرة حظر التنظيم الإرهابي في ألمانيا.
ووفق المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، في ألمانيا وهولندا، فقد بات متوقعاً أن تعمل الحكومتان الألمانية والنمساوية على المزيد من التدقيق في أنشطة الإخوان، وإجراء دراسات واسعة حول تأثيرات أيديولوجية الإخوان على المجتمع على المدى البعيد.
تحذيرات استخباراتية
وكان مكتب حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية الألمانية" قد صنّف مؤخراً منظمة "مسلم إنتراكتيف" بأنها متطرفة بعد تنظيمها تظاهرة "الخلافة هي الحل"، حيث تعتبر المنظمة مقرّبة من حزب التحرير الذي تمّ حظره عام 2003، ويعد فرعاً من تنظيم الإخوان الإرهابي في ألمانيا.
كما جاء في التقرير أن جمعية "الجالية الإسلامية الألمانية" (DMG) تعتبر جزءاً من الشبكة العالمية للإخوان المسلمين، وذلك بناء على التشابكات والصلات الوثيقة في الهياكل والمناصب مع التنظيم الإرهابي. وفي يونيو (حزيران) الماضي، نفذت أجهزة الأمن مداهمات على مقار الجمعية لتنفيذ الحظر الذي يمنع أي استمرار لأنشطتها من قبل الأعضاء السابقين، وأي نشاط من قبل أطراف ثالثة لصالح الجمعية المحظورة.
كما كانت أجهزة الاستخبارات الألمانية قد رصدت تزايد عدد عناصر الإخوان القيادية في العاصمة برلين، بشكل كبير، محذّرة من نشاط هذه المجموعة وتأثيرها على الأمن والمجتمع في ألمانيا. كذلك فقد تم رصد زيادة ملحوظة في عدد أعضاء وأنصار تنظيم الإخوان في ولاية ساكسونيا.
هل يتم حظر الإخوان في ألمانيا؟
يؤكد مكتب حماية الدستور أن واقع الإسلام السياسي يثير المخاوف وعدم الثقة في الدولة الدستورية، ويشجّع على الابتعاد عن القيم الديمقراطية. ويدرس البرلمان الألماني منذ مايو (أيار) 2024 مشروع قرار لحظر تنظيم الإخوان والمنظمات المرتبطة بها في البلاد ومصادرة أصولها.
وتدعو المجموعة البرلمانية لحزب البديل من أجل ألمانيا، الحكومة الاتحادية، إلى أن تقدّم للبرلمان الألماني (البوندستاغ) على الفور صورة محدثة عن طبيعة ومدى الأنشطة الحالية للمنظمات الإسلاموية في ألمانيا.
ومؤخراً قالت وزيرة الداخلية الفيدرالية نانسي فيزر، إن "الحكومات الفيدرالية وحكومات الولايات تعمل بشكل حاسم ضدّ الجماعات المتطرفة". ولذلك فإن المشهد الإسلاموي يخضع للمراقبة عن كثب، وأضافت "لن نتسامح مع الجماعات التي تدفع الشباب إلى التطرّف وتخلق إسلاميين جدداً".
يذكر أنه في عام 2021 أقدمت ألمانيا على حظر جماعة "أنصار الدولية" المعروفة بعلاقتها القوية بالإخوان لتمويلها الإرهاب، ولقيامها بدور الوسيط بين الإخوان والمتطرفين في ألمانيا.
وتشير هذه الروابط إلى احتمالية اكتساب الإخوان مهارات تجنيد الشباب من الجماعات المتطرفة، واعتماد أساليب التخفي عن أعين الأجهزة الأمنية، لذا تعد خطوة حظر هذه الجماعات بداية لحظر الإخوان أنفسهم في ألمانيا.
يقول "نافيد والي" عضو المنظمة غير الحكومية "شبكة منع العنف"، إن "الحركات الإسلاموية لا تطمح بشكل رئيسي إلى تجنيد أتباع محتملين فقط، بل إنها تريد بداية أن تكون معروفة ومتابعة إعلامياً بشكل جيد، وبعد ذلك سيتم تنفيذ الخطط في وقت لاحق من قبل دائرة صغيرة كخطوة أولى.
إجراءات لمكافحة الإسلام السياسي
في مايو (أيار) الماضي أعدّت المجموعة البرلمانية للاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي ورقة عمل تتضمن إجراءات لمكافحة الإسلام السياسي في ألمانيا، منها محاكمة كل من يدعو علناً إلى إلغاء النظام الديمقراطي، وسحب الجنسية الألمانية من أي شخص يحمل جنسية مزدوجة. وكذلك طرد طالبي اللجوء الذين يطالبون بإقامة مجتمع موازٍ، وعدم حصولهم على المزايا حتى يتم ترحيلهم. كما طالبت ورقة العمل بحظر أي جمعيات ومنظمات تسعى لإنشاء نظام إسلاموي في ألمانيا.
واعتبر زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي فريدريش ميرتس، أن الخطر الأكبر يأتي من جماعات الإسلام السياسي، وعلى رأسها الإخوان. وبهذا الموقف فإن توجه الحزب يتشدد أكثر ويصبح أكثر صرامة ضد أنشطتهم وجمعياتهم، لا سيما أنه دعا لإجراءات صارمة ضد الإسلامويين الذين يطالبون بتطبيق التفسير المتشدد للشريعة.
وهناك دعوات لتخصيص السلطات الألمانية أموالاً في الميزانية الاتحادية لمحاربة الإسلام السياسي، وتقديم تقرير سنوي إلى "البوندستاغ" حول تمويل المنظمات الإسلاموية في ألمانيا.
عن موقع "24"