بايدن يشق طريقه إلى البيت الأبيض وسط ساحة حرب‎

بايدن يشق طريقه إلى البيت الأبيض وسط ساحة حرب‎


19/01/2021

قبل يومٍ واحد فقط من انتهاء ولاية دونالد ترامب وتنصيب الرئيس الديمقراطي المنتخب جو بايدن ونائبته كاميلا هاريس، وبينما يحبس العالم أنفاسه في انتظار رؤية إدارة جديدة للبيت الأبيض، يتصاعد القلق في الولايات المتحدة الأمريكية من احتمال أن تصاحب هذا التغيير مشاكل أمنية تضرب استقرار أقوى دولة على مستوى العالم، سيما بعد اقتحام المتطرفين الموالين للرئيس ترامب مبنى "الكابيتول" بداية الشهر الجاري.

وتشهد العاصمة واشنطن وباقي الولايات الأمريكية الـ 50، توتراً حقيقياً، وانتشاراً أمنياً غير مسبوق، بعد تحذيرات أطلقها قادة عسكريون وتقارير أمنية تشير إلى رصد تحركات واتصالات على وسائل التواصل الاجتماعي لاستعدادات يقوم بها المتطرفون البيض بشكل أساسي في عدة ولايات.

واشنطن حصن منيع

وبدا وسط العاصمة الأمريكية واشنطن، في الساعات الأولى من صباح اليوم أشبه بحصن منيع قبل يوم من موعد تنصيب بايدن رئيساً للولايات المتحدة في مراسم ستجرى تحت مراقبة أمنية مشددة، فيما جدد الرئيس المنتخب دعوته إلى توحيد بلاد يسودها الانقسام.

اقتحام المتطرفين الموالين للرئيس ترامب مبنى "الكابيتول" بداية الشهر الجاري

ونشر الحرس الوطني في العاصمة واشنطن قواته، التي سيصل عددها إلى 25 ألفاً،  بحلول صباح يوم غد الأربعاء، بهدف ضمان أمن "منطقة حمراء" شاسعة تمتد من حي "الكابيتول هيل" الواقع ضمن نطاقه مقر الكونغرس حيث سيؤدي بايدن ونائبته كامالا هاريس القسَم، وصولاً إلى البيت الأبيض، تحسباً لأي تهديد أمني.

وإلى جانب قوات حرس الحدود، قامت وزارة الدفاع الأمريكية بنشر قرابة 2750 فرداً من القوات المسلحة النظامية ممن يتمتعون بمختلف الخبرات الأمنية.

بدا وسط واشنطن، في الساعات الأولى من صباح اليوم، أشبه بحصن منيع قبل يوم من تنصيب بايدن رئيساً للولايات المتحدة في مراسم ستجرى تحت مراقبة أمنية مشددة

وسيعمل 2000 عنصر من هذه القوات على حماية حفل التنصيب، فيما سيقوم نحو 750 عنصراً بمهام دعم الطوارئ، بينهم مجموعات من ذوي الخبرة في التعامل مع الأسلحة الكيمياوية والبيولوجية والنووية والإشعاعية، وخبراء في تفكيك الذخائر المتفجرة وفرقاً طبية متخصصة، وفق تصريح أدلى بده متحدث باسم "البنتاغون" لقناة "الحرة".

وخلال الأيام الماضية، منعت الحكومة الأمريكية دخول المتنزهات العامة الرئيسية بما في ذلك مركز التسوق الوطني في واشنطن، وأغلقت الجسور عبر نهر بوتوماك بين فرجينيا ومقاطعة كولومبيا، بالإضافة إلى إغلاق أكثر من 12 محطة لقطارات الأنفاق حتى يوم التنصيب الموافق غداً.

 يتخوف مسؤولون في وزارة الدفاع الأمريكية من خطر التعرض لهجمات من الداخل على أيدي أفراد الجيش والشرطة المتواجدين لتوفير الأمن خلال تنصيب جو بايدن

كما تم إغلاق قطاع متنزه "ناشونال مول" الضخم، والذي اعتاد على تدفق مئات آلاف الأمريكيين كل أربعة أعوام لحضور مراسم التنصيب.

وبدلاً من الفضوليين والمارة، حل العسكريون المسلحون ورجال الشرطة المتمركزون قرب عرباتهم المصفحة في الطرق المقطوعة بالحواجز الأسمنتية.

ولم تقتصر هذه الإجراءات الأمنية المشددة على العاصمة فحسب؛ إذ شددت الإجراءات الأمنية حول المباني الحكومية في العديد من الولايات الأمريكية، حيث احتج مؤيدون لترامب أمام مباني الكونغرس المحلية بأنحاء البلاد وسط المخاوف من أعمال عنف.

كما أنّ عواصم الولايات المتأرجحة، التي قال ترامب إنها شهدت تزويراً لنتائج الانتخابات، في حالة تأهب قصوى بشكل خاص.

تهديدات داخلية

ويتخوف مسؤولون أمريكيون في وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، من خطر التعرض لهجمات من الداخل على أيدي أفراد الجيش والشرطة الذين جلبتهم السلطات لتوفير الأمن خلال تنصيب جو بايدن.

وفي وقت لاحق لحادثة الكابيتول، أفادت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أنّ ما لا يقل عن 29 ضابطاً حالياً وسابقاً شاركوا في التظاهرات أمام مبنى الكونغرس، فضلاً عن 10 ضباط آخرين ينتمون لشرطة الكونغرس ساعدوا بعض المتظاهرين بعملية الاقتحام.

كما أظهرت صور ومقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي بعض الضباط خارج أوقات الدوام الرسمي وهم يشاركون في أعمال الشغب.

وأضافت الصحيفة أنّ أعداد الضباط الذين يخضعون للتحقيق بتهمة المشاركة في أعمال الشغب قابلة للزيادة، مع استمرار المحققين في مراجعة اللقطات والسجلات لتحديد المشاركين في عملية اقتحام الكابيتول.

إغلاقات صارمة قبل مراسم التنصيب

وفي السياق، حذر تقرير استخباراتي أمريكي حديث نقلت تفاصيله صحيفة "واشنطن بوست" أيضاً، أجهزة الأمن في واشنطن، من أنّ "أفراد الجماعات المتطرفة يخططون لتخريب الحدث عبر التصرف بشكل أحادي، وهو ما يندرج ضمن ظاهرة "الذئاب المنفردة".

وذكر التقرير أنّ "المعلومات المتوفرة تفيد بعزم أولئك محاولة الدخول إلى المناطق المغلقة أمنياً، عبر ارتداء ملابس مشابهة لأفراد الحرس الوطني المنتشرين حالياً، وعبر التعرف على الثغرات الأمنية ونقاط الضعف في تأمين العاصمة".

تسبب حريق اندلع في تجمع للمشردين بالقرب من مبنى الكابيتول يوم أمس بإغلاقه بشكل مؤقت وتعليق "بروفة" مراسم تنصيب جو بايدن، قبل أن يتبين أنه إنذار كاذب

وتجاوباً مع هذه التحذيرات، أقدم المكتب الفدرالي على فحص جميع أعضاء الحرس الوطني، البالغ عددهم 25 ألف شخص، والذين نشروا في واشنطن، لحضور هذا الحدث.

ولا تزال واشنطن تحت هول الصدمة منذ اقتحام مقر الكونغرس الذي نفّذه مناصرون لترامب في 6 كانون الثاني (يناير) الجاري، وأسفر عن وقوع 5 قتلى، في محاولة لمنع المصادقة على نتائج الانتخابات التي انتهت بفوز نائب الرئيس السابق باراك أوباما بالرئاسة.

وكان الرئيس المنتهية ولايته قد دعا مناصريه للتوجّه إلى مبنى الكابيتول، وقد وجّه إليه مجلس النواب تهمة "التحريض على التمرّد"، ومن الممكن أن تبدأ محاكمته في مجلس الشيوخ بعيد تنصيب بايدن.

ومنذ 6 كانون الثاني (يناير) تم توجيه الاتّهام لنحو 70 متظاهراً لمشاركتهم في أعمال العنف كما تجرى تحقيقات بشأن مئات الأشخاص، من بينهم أعضاء في الكونغرس وعناصر حاليون وسابقون في قوات الأمن.

إنذار كاذب

وفي مؤشر يدل على مدى التوتر القائم في العاصمة، تسبب حريق اندلع في تجمع للمشردين بالقرب من مبنى الكابيتول يوم أمس الإثنين بإغلاقه بشكل مؤقت وتعليق "بروفة" مراسم تنصيب جو بايدن، قبل أن يتبين أنه إنذار كاذب.

وقال المسؤولون إنّ الحريق أدى إلى إجلاء المشاركين في "البروفة" وإغلاق مبنى الكابيتول، فيما سارع رجال الإطفاء إلى إخماده.  

وكان موظفو الكابيتول تلقوا رسالة مفادها أنّ "جميع المباني داخل مجمع الكابيتول تحت تهديد أمني خارجي، لا يسمح بالدخول أو الخروج ويجب الابتعاد عن النوافذ والأبواب الخارجية"، وفق ما أورد موقع "روسيا اليوم".

هل يصدر ترامب عفواً عن "إرهابيي الكابيتول"؟

وقبيل ساعات من رحيله، يتهيّأ الملياردير الجمهوري ترامب لإصدار عفو عن شركاء له ومقربين منه مدانين في إطار التحقيق في احتمال حصول تواطؤ بين حملته الانتخابية في العام 2016 وروسيا، وفق ما أورد موقع "دوتشيه فيليه".

أعربت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي الأحد الماضي عن تخوّفها من إصدار ترامب عفواً عن (إرهابيي الكابيتول)، في إشارة إلى مناصريه الذين اقتحموا مقر الكونغرس

وقائمة الأسماء التي يمكن أن تعلن اليوم الثلاثاء، قد تتضمن جوليان أسانج، مؤسس ويكيليكس، ومغني الراب ليل واين الذي يواجه عقوبة السجن لمدة 10 أعوام لحيازته سلاحاً نارياً، وطبيباً شهيراً مداناً بالاحتيال، كما يمكن لترامب إصدار عفو عن بعض مناصريه الملاحقين على خلفية اقتحام مقر الكونغرس.

وكانت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي قد أعربت الأحد الماضي عن تخوّفها من إصدار ترامب عفواً عن "إرهابيي الكابيتول"، في إشارة إلى مناصريه الذين اقتحموا مقر الكونغرس.

وتثير هذه الفرضية القلق حتى في صفوف الحزب الجمهوري؛ إذ اعتبر السناتور ليندسي غراهام المقرّب من ترامب أن "العفو عن هؤلاء سيكون أمراً سيئاً".

ومنذ 6 كانون الثاني (يناير) تم توجيه الاتّهام لنحو 70 متظاهراً لمشاركتهم في أعمال العنف كما تجرى تحقيقات بشأن مئات الأشخاص، من بينهم أعضاء في الكونغرس وعناصر حاليين وسابقين في قوات الأمن.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية