بانوراما إيرانية: ملالي طهران يدخلون العام الجديد بشعارات تدعو لإسقاطهم

بانوراما إيرانية: ملالي طهران يدخلون العام الجديد بشعارات تدعو لإسقاطهم


01/01/2022

شهدت إيران، خلال العام الحالي، الذي يوشك على لفظ أنفاسه الأخيرة، سلسلة من الاحتجاجات الفئوية العنيفة، التي تبرز حالة التوتر القصوى في المجتمع، وكذا الضغط السياسي والاقتصادي الذي يقع تحت وطأته نظام الملالي؛ إذ إنّ سلسلة التظاهرات التي طوّقت غالبية المدن الإيرانية، على مدار فصول السنة، قد كشفت السياسات الاقتصادية التي تضع في أولوياتها الإنفاق العسكري الهائل على المشاريع التوسعية الخارجية، ودعم التنظيمات الإرهابية وتمويلها في عدد من دول الإقليم، بالتالي، انطلقت المسيرات المعارضة في نحو مئة مدينة، بحسب تقارير حقوقية، محلية وأجنبية، بينما تصدى لها النظام بـ "القوة المميتة".

قمع بلا هوادة للمحتجين في إيران

وشملت الاحتجاجات التي لم تهدأ قطاعات خدمية عديدة، وفئات مجتمعية متفاوتة؛ فاندلعت تظاهرات ناقلي الوقود في محافظة سيستان وبلوشستان، جنوب شرق طهران، مطلع العام، وبعدها احتجّ المزارعون على شحّ المياه، في محافظة أصفهان، ثم أزمة المعلمين، المستمرة حتى اللحظة، بالإضافة إلى مطالبات المتقاعدين بتحسين أوضاعهم المعيشية، والمشكلات التقليدية التي تعاني منها الأقليات القومية والدينية. وفي كلّ هذه الأحداث المحتدمة تعامل الجهاز الأمني القمعي التابع للنظام بعنف مفرط.

وبحسب منظمة العفو الدولية؛ فإنّ السلطات الإيرانية عمدت إلى تعطيل الإنترنت خلال احتجاجات نقص المياه في خوزستان، جنوب غرب إيران، الأمر الذي تكرّر في احتجاجات أخرى مماثلة، بهدف منع التواصل بين المحتجين، وكذا التشويش على الأحداث، الأمر الذي يعدّ انتهاكاً مباشراً لحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير.

تجاوزت هتافات المحتجين في إيران المشكلات الفئوية والمطلبية، وعمدت إلى إدانة ممارسات النظام السياسية، المحلية والإقليمية. ومن بين تلك الهتافات: "الملالي يجب أن يسقط"

وأوضح التقرير الصادر عن المنظمة المعنية بحقوق الإنسان؛ أنّ النظام الإيراني يملك سجلاً "مروعاً" في استخدام الإجراءات القمعية، ومن بينها قطع الإنترنت، للتعتيم على استعماله "القوة المميتة وغير المشروعة". وتابعت: "قتلت قوى الأمن في إيران ما لا يقل عن 8 أشخاص في 7 مدن مختلفة، وأصابت واعتقلت العشرات منذ اندلاع الاحتجاجات في الأهواز".

اقرأ أيضاً: سفير إيران لدى الحوثيين: هل مات بكورونا أم بقصف عسكري؟

ووفق منظمة حقوق الإنسان الإيرانية، في تقريرها السنوي، فإنّ القضاء الإيراني أصدر أحكاماً بالسجن تصل لنحو 479 عاماً، والجلد 907 مرات لـ "مدافعين عن حقوق الإنسان في إيران"، خلال العام الجاري.

إدانة أممية لنظام الملالي

منتصف الشهر الحالي، دانت الجمعية العامة للأمم المتحدة "انتهاكات حقوق الإنسان في إيران"؛ إذ شدّدت كندا، التي تقدّمت بمشروع قرار لإدانة الانتهاك "المنهجي" لحقوق الإنسان في إيران، على ضرورة حلّ مشكلة "ارتفاع معدلات عقوبة الإعدام، بما في ذلك إعدام الأطفال والقصر، وتحسين أوضاع السجناء، وإزالة القيود المفروضة على حرية التعبير، والاحتجاج في الفضاء الحقيقي والافتراضي".

كما طالب القرار الأممي بإيجاد صيغة نهائية بخصوص معاناة الأقليات الدينية، ووضع المسؤولين المتورطين في قضايا حقوق الإنسان رهن التحقيق.

وبينما أوضح موقع "هرانا" الحقوقي، في تقريره السنوي؛ أنّ "تنفيذ عقوبة الإعدام زاد بنسبة 26% عام 2021 مقارنة بالعام الماضي، ووصل إلى ما لا يقل عن 299 حالة"، فإنّ صحيفة "تايمز" البريطانية، أكدت أنّ هناك قرابة المئة شاب يتعرضون لعقوبة الإعدام، كلّ عام، في إيران، الأمر الذي يخالف القانون الدولي.

اقرأ أيضاً: هل يمنع النفوذ الإيراني انسحاب القوات الأمريكية من العراق؟

كما وثق مرصد حقوق الإنسان الإيراني "تنفيذ ما لا يقل عن 255 عملية إعدام العام الماضي، بينما تمّ إعدام 330 سجيناً في إيران هذا العام وحده، وذلك حتى 10 كانون الأول (ديسمبر). ومع ذلك، يرجح أنّ الرقم الفعلي أعلى، حيث يتم تنفيذ العديد من عقوبات الإعدام سراً من قبل النظام".

وقال المرصد إنّه قد "أصيب ما لا يقل عن 107 أشخاص بسبب إطلاق النار العشوائي من قبل القوات القمعية لنظام الملالي. ومما لا شكّ فيه أنّ عدد ضحايا عمليات إطلاق النار العشوائية والقتل التعسفي أعلى بكثير من الأرقام المعلنة، وذلك لأنّ مصير بعضهم ما يزال مجهولاً، وقصصهم لا تنشر".

"الموت لخامنئي"

وتابع المرصد: "الإعدام عقوبة لا إنسانية وجريمة بشعة تحت أيّة ذريعة. والنظام الحاكم في إيران يرتكب هذه الجريمة ويبررها قانونياً، منذ أكثر من 40 عاماً، حيث تحتل إيران المرتبة الأولى في معدلات الإعدام للأفراد في العالم".

وردّد المحتجون هتافات حادّة في جميع تظاهراتهم، طاولت المرشد الإيراني، بينما طالبت بإسقاطه؛ إذ تجاوزت هتافاتهم المشكلات الفئوية والمطلبية، وعمدت إلى إدانة ممارسات النظام السياسية، المحلية والإقليمية. ومن بين تلك الهتافات: "الملالي يجب أن يسقط"، "لا غزة ولا لبنان، روحي فداء لإيران"، و"الموت للديكتاتور.. الموت لخامنئي".

من المتوقع أن تتسع دائرة الاحتجاجات الشعبية، بسبب تفاقم الأوضاع الاقتصادية، والمتسببة في تدني الأحوال المعيشية لغالبية فئات المجتمع، والتي جعلت قرابة 60% من الإيرانيين تحت خط الفقر

اللافت أنّ العام الحالي، قد شهد صعود اثنين من المسؤولين الإيرانيين الذين تورطوا في انتهاكات جمّة لحقوق الإنسان لمناصب سياسية مهمة؛ فوصل، مثلاً، إبراهيم رئيسي لسدة الحكم ورئاسة البلاد، وهو الذي كان أحد "قضاة الموت" في مذبحة عام 1988، حيث جرى إعدام نحو 30 ألف سجين سياسي من معارضي نظام الولي الفقيه، وذلك بعد فتوى أصدرها الإمام الخميني، وقتذاك.

اقرأ أيضاً: إيران تواصل ابتزاز الغرب: وفد "سري" بريطاني لحل أزمة مزدوجي الجنسية

وبحسب القرار 68 الصادر عن الجمعية العام للأمم المتحدة، منتصف الشهر الماضي، تشرين الثاني (نوفمبر)، تمّ التأكيد على أنّ النظام الإيراني يقوم بانتهاك "ممنهج" و"وحشي" لحقوق الإنسان، كما يتعمد "إتلاف الحقائق والمعلومات للإفلات من المسؤولية والعقاب".

ميزانية العام الجديد تفضح توحش النظام

وعليه؛ طالبت الأمم المتحدة بوضع حدّ لـ "الإفلات من العقاب على مثل هذه الانتهاكات"، و"التأكيد على أهمية إجراء تحقيقات ذات مصداقية واستقلالية وحيادية في الردّ على جميع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك حالات الإخفاء القسري، والإعدام خارج نطاق القضاء، وإتلاف الأدلة على هذه الانتهاكات".

ومن المتوقع أن تتسع دائرة الاحتجاجات الشعبية في طهران، بسبب تفاقم الأوضاع الاقتصادية، والمتسببة في تدني الأحوال المعيشية لغالبية فئات المجتمع، والتي جعلت قرابة 60% من الإيرانيين تحت خطّ الفقر، بحسب تصريحات رسمية.

كما أنّ الميزانية المقترحة للعام الجديد، والذي يبدأ في 21 آذار (مارس) 2022، سجلت قفزة جديدة في الميزانية المطروحة للحرس الثوري الإيراني، وقد ضاعف الرئيس الإيراني المخصصات المالية لـ "الحرس" بنحو 58%، وذلك بزيادة قدرها 2.4 مرة عن العام الماضي، وبالتالي، ارتفعت ميزانية الحرس من 24335 مليار تومان لتصل إلى 38564 مليار تومان.

اقرأ أيضاً: هل نجحت إيران بحصر مفاوضاتها مع الغرب بالملف النووي؟

وبحسب الميزانية المقترحة؛ فإنّ الأسعار ستشهد زيادة ملموسة نتيجة التضخم، من جهة، وتوقف الحكومة عن تخصيص الدولار بالسعر الحكومي، من جهة أخرى، الأمر الذي سيؤدي إلى رفع أسعار السلع الأساسية، وكذا الأدوية والمعدات الطبية، ولذلك؛ يقول الخبير في الشؤون المصرفية والاقتصادية، حجة الله فرزاني، في صحيفة "آرمان ملي" الإيرانية: "يعدّ التحكم في التضخم، هو السبيل الوحيد للتحكم في أسعار السلع والخدمات الأساسية التي يحتاجها الناس، لكنّ التحكم في التضخم يتطلب أدوات وأموراً مختلفة، بما في ذلك سلوك الحكومة في خلق معدلات التضخم. في الوقت الراهن، هناك ارتفاع مستمر في معدلات التضخم في الميزانية السنوية الضخمة، التي تواجه عجزاً وتجبر الحكومة على استخدام الأساليب التضخمية للتعويض".

اقرأ أيضاً: نووي إيران يفاقم الخلافات بين إسرائيل والولايات المتحدة

وتختتم: " موازنة 2022 هي نفسها، كما في السنوات السابقة، ولم تطرأ عليها أيّة تغييرات هيكلية. وهذه الحكومة، شأنها في ذلك شأن جميع الحكومات السابقة، التي كانت تحدد الموارد والنفقات، أو الإعفاءات الضريبية، أو تزيد سقف الإعفاءات، أو تتيح جزءاً من الميزانية لمجالس التخطيط في المحافظات. يبدو أنّه روتين صياغة الموازنة نفسه في السنوات السابقة. في هذا الصدد لا أريد أن أكتب نقطة لإثباتها أو نفيها، ولكني أقول فقط إنها مثل السابق".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية