بالأرقام.. تركيا تتصدر عالمياً في ملف انتهاكات حقوق الإنسان

بالأرقام.. تركيا تتصدر عالمياً في ملف انتهاكات حقوق الإنسان


14/02/2021

يوماً بعد يوم، تظهر للعلن جرائم نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بحقّ شعبه، والانتهاكات المتواصلة لحقوق الإنسان التي يعاني منها الأتراك، وتصدّرت أنقرة قائمة الدول التي يتعرّض شعبها لانتهاك حقوق الإنسان خلال الأعوام الماضية، فقد ارتفع عدد السجناء في تركيا خلال العقد الأخير بمقدار 3.8 أضعاف، وارتفعت معدلات الجريمة بشكل كبير، وفقاً لبيانات رسمية.

اقرأ أيضاً: كيف ستتعامل أمريكا مع ملفات حقوق الإنسان في تركيا؟

وقد تصدّرت تركيا قائمة الدول التي يتعرّض شعبها لانتهاك حقوق الإنسان، فقد ازدادت الانتهاكات العام الماضي بنسبة 20% عن العام الذي سبقه، وجاءت تركيا في المرتبة الـ4 من حيث عدد الملفات الخاصة بالانتهاكات.  

وبقدر ما تسعى السلطات التركية إلى تفنيد تصريحات المعارضين بهذا الخصوص، وتكذيب تقارير إعلامية تطرّقت إلى المأساة الحقوقية للأتراك منذ محاولة الانقلاب المزعومة قبل أعوام، إلّا أنّ الحجج والبراهين ما تنفكّ بدورها تفند أقوال أردوغان وحاشيته.

وتشير إحصاءات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إلى انتهاك تركيا المادة الـ10 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان الخاصة بحماية حرية الفكر والتعبير عن الرأي خلال 40 دعوى قضائية، وفق "فرانس برس".

 

انتهاكات نظام أردوغان تزايدت العام الماضي بنسبة 20%، وتركيا تأتي في المرتبة الـ4 من حيث عدد الملفات الخاصة بالانتهاكات

 

وفيما يخصّ انتهاك بنود مختلفة من المادة الـ6 المتعلقة بحقّ المحاكمة العادلة، احتلت تركيا المرتبة الـ2، بواقع 53 إدانة، وتصدّرت تركيا القائمة من حيث انتهاك مواد الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. 

وفي السياق، قال الناطق باسم الاتحاد بيتر ستانو في بروكسل: إنّ "إضراب السجناء عن الطعام للحصول على محاكمة عادلة ونتيجته المأساوية توضح بألم حاجة السلطات التركية العاجلة لمعالجة وضع حقوق الإنسان في البلاد".

ولم تتوقف الانتهاكات على سجناء الرأي، بل أصبحت تركيا مسرحاً للكثير من الجرائم بسبب السياسات الأمنية الخاطئة وعدم مراعاة حقوق الإنسان، وبسبب ارتفاع نسبة الفقر والبطالة والأزمات الاقتصادية التي عصفت بالبلاد، وقد كشف معهد الإحصاء، وفق ما أوردت صحيفة "زمان" التركية، أنّ عدد الأشخاص الذين دخلوا السجن خلال الـ11 عاماً الأخيرة ارتفع بمقدار 3.8 أضعاف.

ووفقاً لآخر بيانات منشورة في 2020، الخاصة بعام 2019، فإنه خلال 2019 دخل السجن281 ألفاً و605 أشخاص، وكان هذا الرقم 74 ألفاً و404 فقط خلال عام 2009.

ويُلاحظ أنّ هناك زيادة كبيرة في الجرائم المرتكبة في مجالات السرقة والجرائم الجنسية والمخدرات والتهريب.

 

خلال 2019 دخل السجن 281 ألفاً و605 أشخاص، وكان هذا الرقم 74 ألفاً و404 فقط خلال عام 2009

 

في عام 2009 كان عدد الذين دخلوا السجن بتهمة القتل 1514، ليصل إلى 34 ألفاً و987 في 2019.

وزادت الجرائم الجنسية 10 أضعاف عمّا كانت عليه، لترتفع من 562 إلى 5 آلاف و800، وزاد عدد المحكوم عليهم بالسرقة 7 أضعاف، وعدد المحكوم عليهم بتهمة المخدرات 11 ضعفاً.

في 11 عاماً زاد عدد المسجونين بتهمة التهريب 9 أضعاف، من 935 إلى 8 آلاف و111، في حين زادت جرائم التزوير 5 أضعاف، والنهب 11 ضعفاً، وجرائم المرور 15 ضعفاً.

ولقيت جرائم نظام العدالة والتنمية المتعلقة بحرّية الرأي إدانات وانتقادات واسعة من المجتمع الدولي، فقد دعا الاتحاد الأوروبي تركيا إلى تحسين أوضاع حقوق الإنسان ودولة القانون.

وفي بيان صادر عنه في شهر آب (أغسطس) الماضي، نقله الموقع الإلكتروني لصحيفة "سوزجو"، قال الاتحاد الأوروبي: "ندعو تركيا لتحسين أوضاع حقوق الإنسان ودولة القانون".

وأكد أنّ "احترام حقوق الإنسان ودولة القانون جوهر العلاقة مع تركيا"، معرباً عن انتقاده الشديد لانحياز القضاء التركي، ووصفه بـ"المسيّس".

 

الاتحاد الأوروبي يدعو تركيا إلى تحسين أوضاع حقوق الإنسان ودولة القانون، ويصف القضاء التركي بـ"المسيّس"

 

تقرير أمريكي لحقوق الإنسان صدر نهاية العام الماضي استعرض لمحة عن انتهاكات أنقرة بطرد الآلاف من أفراد الشرطة والعسكريين بحجّة الإرهاب، وباستخدام مراسيم حالة الطوارئ وقوانين مكافحة الإرهاب الجديدة، كجزء من ردّها على محاولة الانقلاب.

وقد حذّر تقرير صادر عن مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل التابع للخارجية الأمريكية من ضلوع تركيا في انتهاكات لحقوق الإنسان بالجملة، وعدم مبادرة السلطات إلى التحقيق بشكل جدّي في الخروقات المسجلة.

وبحسب التقرير الحقوقي الذي أوردته شبكة "سي إن إن" منتصف العام الماضي، فإنّ انتهاكات السلطات التركية تراوحت بين الإخفاء القسري والتعذيب والقتل العشوائي خارج إطار القانون، هذا إلى جانب تسجيل وفيات داخل زنازين التوقيف.

وأشارت واشنطن إلى توقيف عشرات الآلاف من الأشخاص بشكل تعسفي، ومن بينهم برلمانيون سابقون ومحامون وصحفيون وأجانب وموظفون في البعثة الدبلوماسية الأمريكية بتركيا.

وأوضح التقرير أنّ السلطات التركية تعزو هذه الاعتقالات الكثيرة إلى ما تصفها بالحرب ضد الإرهاب، لكنّ الحقوقيين يعتبرون الأمر مجرّد ذريعة.

وأعربت واشنطن عن قلقها من استمرار الإفلات من العقاب في تركيا، عند ضلوع أفراد من السلطة في خروق حقوقية، بينما يقبع أشخاص منتخبون "ديمقراطياً" في السجون، إلى جانب أكاديميين مرموقين بسبب التعبير عن آرائهم.

 

الخارجية الأمريكية تحذّر من ضلوع تركيا في انتهاكات لحقوق الإنسان بالجملة، وعدم التحقيق بشكل جدّي في الخروقات المسجلة

 

وأورد التقرير أنّ السلطات اتخذت إجراءات محدودة لأجل التحقيق ومحاكمة موظفي السلطة الذين وُجّهت إليهم اتهامات بانتهاك حقوق الإنسان، وأضافت واشنطن أنّ أنقرة لم تفرج عن نتائج التحقيق بشأن مصرع مدنيين، في خضم المواجهات التي جرت بين السلطات وحزب العمال الكردستاني المدرج ضمن قائمة الإرهاب التركية.

اقرأ أيضاً: حقوق الإنسان الإخواني: أين نزاهة "الجماعة" وعدالتها؟

وقال التقرير: إنّ السلطات لا تتخذ ما يكفي من الإجراءات لأجل حماية المدنيين، ففي آب (أغسطس) الماضي مثلاً قام جنود أتراك بإطلاق النار من طائرتهم المروحية في إقليم هكاري، ما أسفر عن مصرع فتى في الـ14 من عمره وإصابة آخر.

وبيّن التقرير أنّ جمعيات ناشطة في حقوق الإنسان بتركيا وثقت خلال العام الماضي ما يقارب 38 حالة وفاة محتملة في السجون من جرّاء المرض أو الانتحار أو التعنيف وعوامل أخرى.

ومنذ محاولة الانقلاب الفاشلة التي جرت في تموز (يوليو) 2016، فتح أردوغان أبواب الجحيم أمام معارضيه، مستخدماً جميع الوسائل التي تتيحها له حالة الطوارئ المفروضة بالبلاد بعد وقت قصير من المحاولة، علاوة على ترسانة من قوانين مكافحة الإرهاب سنّها على مقاس مناهضيه وخصومه.

وقادت السلطات التركية حملة مسعورة، فقد فصلت 130 ألف موظف مدني من عملهم، واعتقلت نحو 80 ألف مواطن، وأغلقت أكثر من 1500 منظمة غير حكومية.

ولم تتوقف انتهاكات نظام أردوغان لحقوق الإنسان على النطاق الداخلي، فقد كان للمناطق التي يسيطر عليها خارج تركيا نصيب من تلك الانتهاكات.

اقرأ أيضاً: عيون الإخوان تُبصر انتهاكات حقوق الإنسان طالما ليست من أردوغان

وحول الموضوع، حذّرت الأمم المتحدة من سوء أوضاع حقوق الإنسان في مناطق خاضعة لسيطرة القوات التركية والجماعات المسلحة الموالية لها بشمال وشمال غرب وشمال شرق سوريا، في ظلّ انتشار العنف والأنشطة الإجرامية.

وفيما تتواصل انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الموجّهة ضد المدنيين بأنحاء سوريا، أفاد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عبر موقعه الإلكتروني بوجود نهج مقلق خلال الأشهر الأخيرة بشأن حدوث انتهاكات جسيمة في هذه المناطق، بما في ذلك عفرين ورأس العين وتل أبيض، وقد وُثقت زيادة في أعمال القتل والاختطاف والنقل غير الطوعي للناس والاستيلاء على الأراضي والممتلكات والإجلاء القسري.

وذكر بيان صحفي صادر عن المكتب أنّ الضحايا يشملون أناساً يُعتقد بولائهم لجماعات معارضة أو بانتقادهم لأعمال الجماعات المسلحة الموالية لتركيا، ومن الضحايا أيضاً أغنياء قادرون على دفع مطالب الفدية.

ويتواصل القتال الداخلي بين الجماعات المسلحة الموالية لتركيا، بدون الالتفات إلى سلامة السكان المحليين، ممّا يخلف ضحايا بين المدنيين ودماراً لبنيتهم الأساسية.

وقد وثّق المكتب مقتل 116 مدنياً وإصابة أكثر من 460 شخصاً، خلال الفترة الممتدة من الأول من كانون الثاني (يناير) حتى 14 أيلول (سبتمبر) من العام الماضي، نتيجة متفجرات من مخلفات الحرب واستخدام مجهولين عبوات ناسفة.

 

الأمم المتحدة تحذّر من سوء أوضاع حقوق الإنسان في مناطق خاضعة لسيطرة القوات التركية في سوريا

 

وقد ذكّرت المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت كلّ أطراف الصراع في سوريا بأنّ حماية حياة المدنيين تظلّ أولوية قصوى في جميع الظروف.

وقالت: إنّ التجاهل الصارخ لحماية المدنيين يتناقض مع قانون حقوق الإنسان والالتزامات، وفق القانون الإنساني الدولي الذي يتعين أن تحترمه كلّ الأطراف.  ودعت باشيليت السلطات التركية إلى احترام القانون الدولي وضمان إنهاء الانتهاكات المرتكبة من قبل الجماعات المسلحة الخاضعة للسيطرة الفعلية لتركيا.

وشدّدت باشيليت على ضرورة توفير الحماية والتعويضات للسكان الذين تعرّضوا لانتهاك حقوقهم.

وحثت المفوضة السامية تركيا على فتح تحقيق محايد وشفاف ومستقل وفوري حول الحوادث الموثقة، وكشف مصير المحتجزين والمختطفين من قبل الجماعات الموالية، ومحاسبة المسؤولين عن أعمال قد تصل في بعض الحالات إلى جرائم حرب وفق القانون الدولي.

وأبدت المسؤولة الأممية القلق بشأن ما أفيد باستخدام الأطراف في سوريا الخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء سلاحاً في الصراع.

ويشكّل ملف حقوق الإنسان في تركيا إحدى العقبات الرئيسية أمام انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، ويجزم متابعون أنّ الخروقات الجسيمة المسجلة بهذا الصدد بدّدت آخر آمال أنقرة بالانضمام للتكتل الأوروبي، خاصة مع تأكيد البعض أنّ حقوق الإنسان لا وجود لها في تركيا في ظلّ نظام الرئيس رجب طيب أردوغان.

وفي الواقع، زادت حدّة المعارضة داخل الاتحاد الأوروبي لعضوية تركيا، جرّاء الحملات والانتهاكات ضدّ المعارضين وجميع منتقدي النظام، وفي ظلّ مخاوف جدّية من أنّ تركيا تسير نحو حكم الرجل الواحد.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية