باحث فرنسي: الانتخابات العراقية ستفاقم الانقسامات والمطلوب تغيير النظام

باحث فرنسي: الانتخابات العراقية ستفاقم الانقسامات والمطلوب تغيير النظام


كاتب ومترجم جزائري
31/10/2021

ترجمة: مدني قصري

بيير جان لويزارد "Pierre-Jean Luizard"، مدير الأبحاث في المركز الوطني (الفرنسي) للبحث العلمي "CNRS" (مجتمعات، أديان، علمانية)، ومؤرّخ للإسلام في الدول العربية في الشرق الأوسط. في كتابه التالي، جذور الفوضى: العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا، الذي ستنشره دار تالاندير "Tallandier"، في 10 شباط (فبراير) 2022، يقترح إقامة صلة بين إفلاس هذه الدول العربية الخمس.

 بعد إجراء الانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت في العراق، يعود بيير جان لويزارد محللاً أزمة النظام السياسي العراقي. ويرى أنّ الانتخابات العراقية ستفاقم الانقسامات. فليس مُهِمًاً أيّة حكومة تتولى السلطة: النظام هو الذي يحتاج إلى تغيير.

بيير جان لويزارد "Pierre-Jean Luizard"، مدير الأبحاث في المركز الوطني (الفرنسي) للبحث العلمي "CNRS" (مجتمعات، أديان، علمانية)

هنا تفاصيل المقابلة التي أجريت مع الباحث الفرنسي:

ما هي رهانات انتخابات 10 تشرين الأول (أكتوبر) التشريعية؟

من خلال تقديم موعد هذه الانتخابات، التي كان من المقرّر إجراؤها العام المقبل، سعت الحكومة العراقية لإظهار أنّها تستمع إلى الاحتجاجات في البلاد. لم تكن نتائج هذه الانتخابات المبكرة مفاجئة؛ فهي تؤكد أنّ الأزمة السياسية في العراق ليست مرتبطة بحكومة بعينها، بل هي أزمة نظام غير قابل للإصلاح مع النخب في السلطة حالياً. تُظهر النتائج، من جهة، رفضاً واسعاً للعبة السياسية الحالية، نتج عنه معدّل امتناع قياسي، ومن جهة أخرى، رفضاً لنفوذ الدول الأجنبية في العراق، وعلى وجه الخصوص النفوذ الإيراني، من خلال الميليشيات الشيعية. لا ينبغي أن يضللنا تراجعُ العشيرة الموالية لإيران والتقدّم المذهل للقوائم المؤيدة لمقتدى الصدر: لقد عوّدنا هذا الأخير على تغيير الوجوه في اللحظة الأخيرة بناءً على مصالحه. وقد ظهر هذا التقلب مرّة أخرى في هذه الانتخابات: بعد أن دعا إلى المقاطعة، فإنّه يدّعي الآن النصر، منذ أن حلّ في المركز الأول. هذا السيناريو يُذكرنا بما حدث في 2028؛ فهو يحاول استعادة الحركة الاحتجاجية لمصلحته الخاصة، ثمّ في اللحظة الأخيرة يعود من جديد إلى الحضن المذهبي الشيعي الذي يستمدّ منه ميزة كبيرة، لا سيما من خلال عدد كبير من نواب التيار الصدري.

إنّ عجز الحكومات المتعاقبة، على الرغم من حسن نيّة رؤساء الوزراء، مثل مصطفى الكاظمي، الذي كان مخلصاً في رغبته في تحقيق الإصلاح، يمثّل فرصة مهمة لعودة داعش عسكرياً

وهناك قراءة أخرى للانتخابات نستخلصها من النتيجة الجيّدة لقائمة دولة القانون التي يتزعّمها نوري المالكي، الذي جاء في المركز الرابع، عام 2018، وجاء في هذه المرّة متقدماً على القائمة الموالية لإيران بـ 37 مقعداً، فكما كان الحال، عام 2018، يَعرض السيناريو قائمةً معادية للطائفية السياسية تعكس موقف الغالبية العظمى من الشعب العراقي، خاصة الطائفة الشيعية. لكنّ أصوات السنّة العديدة لفائدة هذه القائمة أثارت ردّ فعلٍ طائفي من جانب القوائم الشيعية، خاصة مقتدى الصدر. وهذا، بلا شكّ، أحد أسباب إعلان مقتدى الصدر نفسه الفائز في هذا النظام بدلاً من البقاء خارجه. لكنّ هذا النظام ما يزال غير قادر على حلّ الأزمات المتتالية، من حيث أنّه يحبس الفاعلين السياسيين والدينيين في طائفية مجتمعية أقلّ قابلية للإصلاح؛ لأنّ الدولة العراقية يتم تصوّرها على طريقة الدولة اللبنانية؛ فهي تقوم على أساس طائفي وعرقي، عربي وكردي، وعلى أساس مذهبي، شيعيّ وسنّي، باسم الفيدرالية، يمكن أن نتوقع تشكيل منطقة سنيّة تستجيب لليأس الذي يعيشه العرب السنّة الذين يشعرون بحقّ بأنّهم مستبعَدون ومنبوذون، والذين منح جزءُ كبير منهم نفسَه للدولة الإسلامية.

ما هي قائمة نوري المالكي لسيادة القانون؟

دولة القانون وريثةُ قائمة متعدّدة الطوائف لقائمة "العراقية"، بقيادة إياد علاوي، خلال انتخابات عام 2010، جذبت هذه القائمة العديدَ من السنّة الذين يُعرفون بأنّهم أقلية في العراق، والذين سعوا إلى وضع حدّ لنظام طائفي كانوا المستفيدين الرئيسين منه لِما يقرب من قرن من الزمن، بين عامَي 1920 و2003؛ حيث احتكرت النخب العربية السنّية السلطة. بعد أن قاطعوا جميع الانتخابات بين 2005 و2010، أصبح هؤلاء السنّة الآن في حالة تهميش. حاولوا أن يجرّبوا حظهم عام 2010 بالاندماج في النظام، من خلال التصويت بكثافة لهذه القائمة التي يقودها إياد علاوي، رئيس الوزراء السابق والشيعي المعادي للطائفية، عندما واجهت القوائم الشيعية، لا سيما قائمة مقتدى الصدر، تصويتاً سنّياً كثيفاً، قادهم ردُّ فعلٍ طائفي إلى لمِّ الشمل من جديد فيما وراء خلافاتهم الطائفية.

كيف انعكس رفض النفوذ الإيراني في السنوات الأخيرة؟

المشاعر المعادية لإيران موجودة في العراق منذ زمن طويل، العرب السنّة يرون إيران كقوة مفترسة وحليفاً للطائفة الشيعية المنافسة، لكنّ هذا الرفض يتمّ التعبير عنه بشكل متزايد بين الشيعة أنفسهم، وعملية إعادة السيطرة على داعش طغت على هذا الشعور؛ حيث قادت الميليشيات الشيعية الاستعادة على الأرض بمساعدة قصف التحالف بقيادة الولايات المتحدة التي شاركت فيها فرنسا. بعد الهزيمة الإقليمية لداعش، ألقت حركةٌ متنامية، اللوم على إيران وحمّلتها مسؤولية النظام الطائفي الذي حظر كلّ فضاء عام والمواطنة المشتركة، كما كان يُنظر إلى الفساد على أنّه نتيجة لهذا النفوذ الإيراني، لا سيما من خلال الجماعات المسلحة والسياسيين الذين يدعمونها.

 

اقرأ أيضاً: العراق: ميليشيات إيران الخاسرة تهدد بـ"ما لا تحمد عقباه"

عام 2019، سُمِعت، للمرة الأولى، شعارات مناهضة لإيران بين الطائفة الشيعية، التي يُعتقد أنّها كانت في الغالب مقرّبة من إيران، وتجلت هذه الشعارات بشكل خاص في العداء للمراجعات الدينية الشيعية، وقد شاع أحد هذه الشارات ونال شهرة واسعة: "باسم الدين يَختلسنا اللصوص".

منذ عام 2018، بدأ تحوّلٌ داخل المجتمع الشيعي بأغلبية معادية لإيران بشكل واضح، حمّلت إيران المسؤولية عن حالة الجمود السياسي في العراق، وعدم قدرة الحكومات على إصلاح أيّ شيء. وللمرّة الأولى تجسّد هذا الرفض عام 2021 عبر صناديق الاقتراع. لم يسبق أن انقسم المجتمع الشيعي في العراق بهذه الطريقة: أوّلاً إلى قسمين متساويَين، ثم في مواجهة بين أغلبية معادية للنفوذ الإيراني وأقلية مرتبطة بالميليشيات، لكنّ احتمال عودة داعش إلى الظهور قد يؤدي إلى إعادة توحيد الصفوف الطائفية بسرعة، خوفاً من ظهور عدوّ داخلي، أكثر تهديداً من إيران.

ما هي حالة تواجد داعش في الأراضي العراقية اليوم؟

ميّز داعش نفسه عن القاعدة برغبته في بناء دولة إقليمية، كانت خسارة هذه المنطقة بمثابة نهاية لهذا المشروع السياسي الفوري الذي دعا إلى تطبيق الشريعة على أرض الواقع كما تصوّرتها الحركات السلفية، وهذا التصور مختلف جداً عن تصوّر العرب السنّة، هؤلاء قبِلوا بهذا التصوّر بدافع اليأس، لقد كانوا يعلمون بالفعل أنّ النخب العربية السنيّة في الحكومة، والممثلة أساساً بالحزب الإسلامي العراقي، فصيل من جماعة الإخوان المسلمين، تلعب لعبة الأمريكيين والإيرانيين، لتكريس نظام يقصي مجتمعهم، لأسباب تتعلق بالفساد والمصلحة المادية الفورية، وقد دفع هذا الوضعُ المجتمعَ العربي السنّي إلى معارضة كبيرة ضدّ النظام السياسي القائم، ممّا أدى إلى الامتناع عن الانتخابات والتصويت الواسع لصالح دولة القانون، لكن أيضاً لقائمة السنّة للحزب الإسلامي العراقي، وقد أطلق هذا الحزب سياسة فسادٍ تجاه زعماء العشائر وشراءِ الولاءات المحلية، مثل مجالس الإحياء التي أنشأها الأمريكيون، والتي أتاحت انقلاب عدد من زعماء القبائل ضدّ التمرّد السنّي، ابتداء من عام 2006.

المشاعر المعادية لإيران موجودة في العراق منذ زمن طويل، العرب السنّة يرون إيران كقوة مفترسة وكحليف للطائفة الشيعية المنافسة، لكنّ هذا الرفض يتمّ التعبير عنه بشكل متزايد

وهناك التوجّه الأخير، وهو بالطبع التقرب من الحركة السلفية وداعش. داعش لم يختفِ، وأفضل أوراقه الرابحة في العراق هي، بلا شكّ، عدم قابلية المؤسسات للإصلاح، يمكن لداعش أيضاً أن يلعب على كون أن المجتمع العربي السنّي، لا سيما سكان المدن الكبرى التي دمّرها القصف، مثل الموصل، يعيشون تحت السيطرة المنظمة للميليشيات الشيعية، ويعيشون اليوم في مخيمات دون أيّة حماية، على حافة الصحراء ومن دون الأمل في العودة إلى مدينتهم. هؤلاء السكان مستعدون للعمل مرّة أخرى لصالح داعش، بالتالي، فإنّ المجتمع العربي السنّي منقسم بشدة أيضاً.

 

اقرأ أيضاً: العراق: بعد تحديد شروطه .. ما الذي ينتظره العالم من التيار الصدري؟

إنّ عجز الحكومات المتعاقبة، على الرغم من حسن نيّة رؤساء الوزراء، مثل مصطفى الكاظمي، الذي كان مخلصاً في رغبته في تحقيق الإصلاح، يمثّل فرصة مهمة لعودة داعش عسكرياً.

أزمة النظام العميقة تجعل الحكومة غير قادرة إذاً على الاستجابة للمطالب التي عبّر عنها السكان خلال حراك 2019 ..

الطلاق عميق وعنيف بين المجتمعات الشيعية العراقية والعربية، السنّية والكردية، التي تتفاعل مع قضايا مختلفة وبين النخب الحاكمة، هذه النخب تتقاسم ريع النفط والمناصب بفضل نظام اتخذ الطائفية السياسية في لبنان نموذجاً. في لبنان، الأمور غير رسمية: الميثاق الوطني لعام 1943 غير مكتوب، لكنّنا نعلم أنّ الوظائف يتم تعيينها وفقاً للعضوية في طائفة معيّنة، وهذا التوزيع الطائفي الذي يطلق عليه في لبنان، كما في العراق اسم "المحاصصة" يمنح في العراق منصب رئيس الجمهورية إلى كردي منبثق عن توجّه الاتحاد الوطني الكردستاني لطالباني. مكتب رئيس الوزراء، وهو الأكثر نفوذاً، يعود إلى شيعي.

اقرأ أيضاً: العراق يتأهب: هل يتغلب السلاح على السياسة؟

الموقع الأقلّ تأثيراً، منصب رئيس مجلس النواب، يجب أن يُشغله سنّي. محمد الحلبوسي، الذي يتولى هذا المنصب الآن، استولى على الرمادي، وهي بلدة قريبة من الحدود مع سوريا على نهر الفرات، وقد شرع هناك في تنفيذ سياسة محسوبية بعيدة المدى، مراهناً على "نهضتها" في منطقة منكوبة: لم يعد هناك مشروع سياسي، بل مشروعات مجتمعية وطائفية وعرقية مرتبطة بالمحسوبية ومحاباة الأقارب.

ما هو الوضع الاقتصادي في العراق اليوم؟ هل يمرّ بأزمة مماثلة لتلك التي يمرّ بها لبنان الآن؟

هناك أوجه تشابه كبيرة بين الأزمات التي يمرّ بها هذان البلدان، وقبل كلّ شيء حالة الفقر المدقع التي تعيش فيها الغالبية العظمى من السكان، لقد احتجّ المتظاهرون على انقطاع التيار الكهربائي ونقص المياه النظيفة وجمع القمامة، وسُمِعت الشعارات نفسها في بغداد وبيروت. في هذَين البلدين، تستحوذ النخب الحاكمة على معظم الثروة، لكنّ هناك فرقاً بين لبنان والعراق: لبنان ليس بلداً نفطياً، بينما يتمتع العراق بريع نفطي مهم جداً. تستخدم النخب المختلفة هذا الريع لشراء الولاءات، لا سيما من خلال شيوخ القبائل، ولتطوير مدن معيّنة في المناطق التي نشأ منها هذه النخب. في منطقة الناصرية في الفرات السفلي، نلاحظ، كما في الرمادي، التطور غير اللائق للطرق والطرق السريعة والمطارات والمستشفيات، بينما على بعد عشرة كيلو مترات، يعيش السكان محرومين من الخدمات العامة وفي فقر مدقع، وراء الطائفية غير المعلنة للنظام السياسي العراقي نلاحظ انتصار المحسوبية والعصبية، وتضامن العشائر والقبائل، التي تحلّ اليوم محلّ كلّ انخراط سياسي. ومن صور هذه المحسوبية، انضمام الحزب الشيوعي العراقي لقائمة الصدريين، أهم حزب في تاريخ العراق، والذي طالما نصّب نفسه كمنافس للحركات الدينية بين الشيعة، لا يمثّل اليوم شيئاً على القائمة الصدرية التي تحقّق أفضل نتائجها في معاقل الشيوعية القديمة.

ما هي عواقب تغيير الرئاسة الأمريكية على العلاقات الدبلوماسية بين العراق والولايات المتحدة؟

ليس لتغيير الرئاسة أيّة عواقب تقريباً؛ لأنّ السياسات الخارجية والعراقية لدونالد ترامب وجو بايدن متشابهة جداً؛ فهي مدفوعة الآن بهوس متكرر في الولايات المتحدة، لفكّ الارتباط بأسرع ما يمكن من المستنقع العراقي، سرعان ما أدرك الأمريكيون المأزق الذي قادهم إليه النظام السياسي العراقي الذي أقاموه بتعاون الإيرانيين غير المعلن عنه. منذ عام 2008، بمجرّد أن بدأت مجالس النهضة في استعادة بعض مظاهر الاستقرار، أعلن الأمريكيون انسحابهم اعتباراً من عام 2011، ولم يغير دونالد ترامب هذه الزاوية في التعامل مع الملف العراقي، وجو بايدن لم يتحرك في أفغانستان بشكل مختلف عما كان سيفعله دونالد ترامب، أي المغادرة بأيّ ثمن.

المثال الأفغاني يخيّم على النخب الحاكمة في بغداد اليوم، على الرغم من الخطاب المعادي لأمريكا، فإنّ هذه النخب تدرك تماماً أنّ الرعاية غير المعلنة لإيران والولايات المتحدة هي الوحيدة القادرة على الحفاظ على النظام في موقعه، لكنّ نقل الحرب بين واشنطن وطهران إلى حرب بين المجتمعات العراقية المتداخلة على الأراضي العراقية سيؤدي إلى انهيار النظام. تخشى بغداد بقلق عميق أن يصبح العراق ساحة معركة بين الولايات المتحدة وإيران، الأمر الذي سيضع النخبة العراقية في قبضة خانقة. وعلى هذا النحو، فإنّ دوافع مؤتمر أربيل، الذي ألزم القيادة السياسية الكردية بالدعوة إلى السلام مع إسرائيل، كانت موضع تساؤل شديد: فقد شكّل المؤتمر إعلان حرب على الحكومة في بغداد، لقد تبرّأ جميع السياسيين في بغداد، بمن فيهم برهم صالح، الرئيس الكردي للعراق، من هذا المؤتمر الذي جاء بمبادرة من مركز أبحاث في نيويورك. يمكننا أن نرى فيه اليد الخفية للمخابرات الإسرائيلية، التي ترى أنّ رؤية إيران وهي توسِّع نفوذها في العراق أخطر بكثير من مشاهدة انهيار نظام سياسي يعرف الجميع أنّه محكوم عليه بالفشل.

أقوالك تشير بوضوح إلى إدانة هذا النظام؛ ألا ترى أيَّ مخرج محتمل لهذا النظام؟

هناك نوعان من المحاورين العراقيين؛ النوع الأوّل هم جزء من شبكات الفساد الذين يسعون للحصول على مناصب، بالتالي، الدفاع عن النظام القائم، أمّا النوع الثاني؛ فهُم  منبثقون من المجتمع المدني، ويجدون أنفسهم في حالة من اليأس أمام الطريق المسدود في وجه الحركات الاحتجاجية التي لا تجد ترجمة سياسية لمطالبها، لقد عجزت حركة الاحتجاج عن خلق أحزاب سياسية، هؤلاء العراقيون يرون المستقبل قاتماً جداً؛ لأنّهم يدركون أنّه لا جدوى من المطالبة بإصلاحات من حكومة تظل عاجزة عن تحقيقها.

اقرأ أيضاً: العراق: ميليشيات إيران الخاسرة تهدد بـ"ما لا تحمد عقباه"

اِنزلق العديدُ من العراقيين إلى شكل من أشكال الإحباط بسبب الوضع الاقتصادي وانعدام الآفاق السياسية، وهو ما يعكسه معدّل الامتناع القياسي عن التصويت. سأشرح في كتابي التالي أنّ الانتخابات عادة ما تكون الملاذ الأخير الذي تلجأ إليه الأنظمة السياسية وتتخيله عندما تجد نفسها أمام طريق مسدود، في محاولة منها لتلميع صورتها واستعادة شرعيتها، لكنّ هذه الانتخابات في الواقع تؤدي فقط إلى تفاقم الانقسامات، وتؤكّد عدم قدرتها على إحداث تغيير سياسي، ليس مُهِمًاً أيّة حكومة تتولى السلطة: النظام هو الذي يحتاج إلى تغيير. لكنّ هذا النظام لا يمكن تغييره ما دامت التأثيرات الأجنبية تحتجز الطوائف المختلفة كرهائن، وهذا أمرٌ يثير بشكل مباشر مسألة شرعية الدولة العراقية في نظر سكانها، دولة أعيد بناؤها تحت الرعاية الأمريكية على نموذج الدولة-الأمة... من دون أمة.

مصدر الترجمة عن الفرنسية:

www.lesclesdumoyenorient.com



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية