بأي معنى نقرأ المحادثات الجديدة بين السعودية وإيران؟

بأي معنى نقرأ المحادثات الجديدة بين السعودية وإيران؟


28/04/2022

رغم توقّف المحادثات بين إيران والسعودية لبضعة أشهر، عاد الحوار بينهما بوساطة إقليمية من العراق وعمان، مؤخراً، وسط مؤشرات رسمية تشير إلى وجود "تفاؤل باستئناف العلاقات الثنائية"، لا سيما أنّ اللقاء الأخير قد جرى في "جو إيجابي".

استئناف الجولة الخامسة من المحادثات بين الرياض وطهران، بعد قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما، لمدة ستة أعوام، والتي حضرها رئيس الحكومة العراقية، مصطفى الكاظمي، يتزامن مع تأزم الأوضاع باليمن، وكذا التعقيدات التي ترافق عملية إحياء الاتفاق النووي بفيينا. واللافت أنّ جلسة الحوار الأخيرة بين البلدين، تركزت على الملفات الأمنية، بينما تم إرجاء القضايا الأخرى، السياسية والإقليمية، لحين عقد لقاء دبلوماسي بين وزراء خارجية البلدين.

إيران والسعودية.. الفرص والإمكانيات

وألمحت وكالة "نور نيوز" الإيرانية إلى أنّ جلسة الحوار الجديدة، التي ضمّت ممثلين لأمانة المجلس الأعلى للأمن القومي في الجمهورية الإسلامية، ورئاسة الاستخبارات السعودية، وعكست أجواء إيجابية بين الطرفين، الأمر الذي قد يمهّد لتدشين "اجتماع مشترك بين وزيري خارجية البلدين في المستقبل القريب". وأوضح الناطق بلسان الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، أنّ المحادثات التي جرت، نهاية الأسبوع الماضي، بين البلدين، كانت "جادة وإيجابية وتمضي قدماً إلى الأمام".

وفي مؤتمر صحفي بطهران، قال خطيب زادة، الإثنين، عن المحادثات بين إيران والسعودية: "لقد تم البحث في الأطر التي كانت محددة منذ البداية. وكانت المحادثات جادة وإيجابية وتمضي إلى الأمام قدماً، ولو ارتقت إلى المستوى السياسي، فإنّنا سنشهد تقدماً، لكنّنا لم نبلغ نقطة إجراء اللقاء بين وزيري الخارجية".

د. محمد الزغول: المحادثات بين السعودية وإيران جرت بتسهيلات عراقية وعُمانية

وفيما يتّصل باللقاء المتوقع بين وزيري الخارجية الايراني والسعودي، قال: "لم نصل إلى هذه النقطة لغاية الآن".

وفي حديثه لـ "حفريات"، يوضح الدكتور محمد الزغول، الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، أنّ إيران والمملكة العربية السعودية عقدتا جولتهما الخامسة من المحادثات في بغداد بتسهيلات عراقية وعمانية، ويبدو أنّ وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، لعب الدور الرئيس كوسيط بين الجانبين؛ إذ زار الأخير طهران قبل حوالي عشرة أيام فقط، ومن المحتمل جداً أن تكون رحلة مصممة للتحضير للاجتماع الإيراني السعودي في العاصمة العراقية بغداد.

ضرورة التهدئة الإقليمية

ويتابع: "يعتقد العراقيون، وهم محقّون في اعتقادهم، أنّ غياب الحوار بين إيران والسعودية سيبقي على العراق ساحة للتجاذبات بين طهران والرياض. وتشير معلومات عديدة إلى أنّ رئيس الوزراء العراقي حضر اجتماع 21 نيسان (أبريل)، والذي شارك فيه من الجانب الإيراني وفد أمني، برئاسة نائب الأمين العام لمجلس الأمن القومي، سعيد إيرواني، ومن الجانب السعودي، رئيس جهاز المخابرات السعودي خالد بن علي الحميدان".

وبعد اللقاء، تكهنت وسائل الإعلام الإيرانية بأنّ وزير الخارجية الإيراني ونظيره السعودي قد يجتمعان قريباً وجهاً لوجه، لكنّ وسائل الإعلام الإيرانية لا تفصح سوى بالقليل جداً عن فحوى الاجتماع، الذي اكتفت وكالات الأنباء المرتبطة بالحرس الثوري بوصفه بالإيجابي، بحسب الزغول.

استئناف الجولة الخامسة من المحادثات بين الرياض وطهران، بعد قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما، لمدة ستة أعوام، بحضور رئيس الحكومة العراقية، مصطفى الكاظمي، يتزامن مع تأزم الأوضاع باليمن

ويردف: "على الأقل بلغ التفاؤل من الجانب الإيراني حدّ اقتراح ألا تكون الجولة التالية من الحوار بين المسؤولين الأمنيين، بل بين المسؤولين الدبلوماسيين؛ وهذا تعبير موارب، للإيحاء بأنّ الاجتماع المقبل قد يكون بين وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، ونظيره السعودي فيصل بن فرحان".

وبالمجمل؛ هذه ليست المرة الأولى التي تعرب فيها مصادر إيرانية عن تفاؤلها بشأن جهود خفض التصعيد بين إيران والسعودية، بينما لا يبدو أنّ الطرف السعودي متفائل بالقدر نفسه بإمكانية حدوث اختراق، بحسب الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، ولذلك يبدو الجانب السعودي أكثر تحفظاً على تداول أنباء حدوث الاجتماع، حيث إنّه من المعروف أنّ "المملكة العربية السعودية تنخرط حالياً في جهد جديد لإنهاء الحرب باليمن، والذي تزايدت الآمال بإمكانية حدوثه مع تسلم مجلس القيادة اليمني الجديد مهامه. وقد تأمل الرياض أن يضغط الإيرانيون على الحوثيين لبدء عملية مصالحة سياسية في اليمن".

ويختتم: "تعدّ الزيارة الأخيرة التي قام بها فريق إيراني رفيع المستوى إلى أربيل مثالاً جيداً على كيفية تشكيل المنافسة السياسية العراقية في بغداد، والأجندة الإقليمية الإيرانية لبعضهما البعض. وفي مطلع الشهر الجاري، التقى الإيرانيون زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني. وكان الإيرانيون بقيادة حسن دانايي فر، سفير إيران السابق في بغداد، والضابط في الحرس الثوري. لكن بعد كلّ شيء، لا توجد حالياً علاقة جيدة بين الإيرانيين والحزب الديمقراطي الكردستاني أو بارزاني، إذ تعدّهما طهران قريبَين جداً من إسرائيل وتركيا، أكبر منافسِي إيران الإقليميين".

تكتيك إيراني في مواجهة الغرب وواشنطن

وإلى ذلك، قال الناطق بلسان لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، محمود عباس زادة مشكيني؛ إنّ "مجريات جولة الحوار الإيرانية-السعودية الخامسة في بغداد كانت إيجابية وبناءة جداً"، وتابع: "إنّنا نثمن الجهود التي بذلها العراق من أجل توفير الأجواء المناسبة لإستضافة المباحثات الإيرانية- السعودية والدور الفعال الذي يلعبه العراق من أجل دعم الأمن والاستقرار في المنطقة".

ولفت إلى أنّ "تعزيز العلاقات بين إيران والسعودية ينعكس إيجابياً على دول وشعوب المنطقة في المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية، وهو ما تريد الحكومة العراقية تحقيقه عبر التقريب بين وجهات النظر".

وزير الخارجية الإيراني ونظيره السعودي قد يجتمعان قريباً وجهاً لوجه

وقالت صحيفة "الصباح" العراقية؛ إنّ المحادثات بين طهران والرياض "انتهت عند الاتفاق على المستوى الأمني، وترحيلها لوزارة خارجية البلدين على أن يتم الإعداد لمباحثات دبلوماسية يشارك فيها مسؤولون دبلوماسيون من كلا البلدين"، وقد أشارت إلى أنّ "الإيرانيين اقترحوا عقد لقاء عالي المستوى بين البلدين لتوقيع اتفاقية للتعاون المشترك حول طبيعة العلاقات المستقبلية بين طهران والرياض، وأنّ رئيس الوفد السعودي، خالد الحميدان، وعد بنقل المقترح الإيراني إلى المسؤولين في بلاده".

ومن جانبه، يوضح الباحث المصري في العلوم السياسية، الدكتور محمد ربيع الديهي، أنّ عودة السعودية وإيران إلى طاولة المفاوضات تحمل أهمية كبيرة على الأصعدة كافة، خاصة أنّ المفاوضات قد توقفت قرابة ستة أشهر، ما أثار مخاوف جمّة بشأن احتمالات استمرار تجميد العلاقات بين البلدين، مجدداً، إلا أنّ الجولة الأخيرة تؤشر إلى وجود تقدم ما قد يؤدي إلى حلحلة بعض الملفات المعقدة، وربما تتشكل من خلالها ركيزة مهمة للتفاوض والحوار بين البلدين.

الدكتور محمد الزغول لـ "حفريات": يعتقد العراقيون، وهم محقون في اعتقادهم، أنّ غياب الحوار بين إيران والسعودية سيبقي على العراق ساحة للتجاذبات بين طهران والرياض

اللقاء تم على مستوى أمني، وفق ربيع الديهي، في حديثه لـ "حفريات"، الأمر الذي يظهر من خلال ممثلي الطرفين، كما أنّ توقيت التفاوض مهم نظراً للتغيرات التي تتعرض لها بنية النظام الدولي، بالإضافة إلى تعطّل المفاوضات في فيينا بشأن البرنامج النووي الإيراني. ويردف: "عودة طهران للمفاوضات مع الرياض هو تكتيك اعتمدت عليه الأولى منذ سنوات من أجل التلاعب بالمجتمع الدولي؛ إذ إنّه في الوقت الذي تتوقف المفاوضات بفيينا يتم إحياء المفاوضات مع الرياض والعكس صحيح".

لذلك؛ فإنّ عودة الجانب الإيراني للمفاوضات ترتهن بمسار التفاوض مع الغرب والولايات المتحدة، وتحديداً الملف النووي وما يرتبط به من ملفات أمنية وسياسية وإقليمية، وفق المصدر ذاته، بالإضافة إلى مدى التزام إيران بمبدأ عدم التدخل في الشئون العربية، خاصة اليمن، الملف الأكثر تعقيداً بين السعودية وإيران، والذي تسعى الرياض لتحقيق الاستقرار والتهدئة فيه وإنهاء الحرب.

مواضيع ذات صلة:

قائد إيراني: نتواصل مع السعودية والإمارات... وهذه النتيجة

العراق يعلن عن فحوى مباحثات شراء الطاقة الكهربائية من السعودية

حوار أمني بين السعودية وإيران في عمّان: معضلة بناء الثقة




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية