انعقاد منتدى "شانغريلا للدفاع" في سنغافورة.. ماذا تعرف عنه؟ وكيف يمكن قراءة نتائجه؟

منتدى "شانغريلا للدفاع" ماذا نعرف عنه؟

انعقاد منتدى "شانغريلا للدفاع" في سنغافورة.. ماذا تعرف عنه؟ وكيف يمكن قراءة نتائجه؟


06/06/2023

ينعقد في سنغافورة منذ عام 2002، وبمبادرة من معهد الدراسات الاستراتيجية في بريطانيا، مؤتمر سنوي في حزيران (يونيو)، أصبح يُعرف بمؤتمر (شانغريلا) بعناوين أمنية ودفاعية، يشارك فيه وزراء دفاع  أكثر من (40) دولة، من بينها أمريكا والصين، إضافة إلى دول أوروبية، ودول إقليمية في شرق آسيا مثل اليابان وكوريا الجنوبية، بالإضافة إلى أستراليا، أندونيسيا، ماليزيا، وغيرها من الدول، وهدفه "مناقشة" القضايا الأمنية في مناطق بحر الصين وجواره، وحفظ الأمن في مناطق المحيط الهادي أيضاً. 

وقد انعقد هذا المؤتمر في الثاني من حزيران (يونيو) الجاري بمشاركة وزيري الدفاع الصيني والأمريكي، وجاء انعقاده في (3) سياقات تشهد تصعيداً وتوتراً بين واشنطن وبكين ترتبط بـ (3) عناوين؛ وهي: الأوّل التصعيد المتزايد بين بكين وواشنطن على خلفية الدعم الأمريكي لتايوان، لا سيّما المساعدات العسكرية، والدعم السياسي لتايوان عبر زيارات متبادلة بين مسؤولين أمريكيين لتايوان وواشنطن، والثاني التصعيد الذي تمارسه كوريا الشمالية ضد كوريا الجنوبية واليابان عبر التوسع بإجراء تجارب صواريخ بالستية وتهديدات باستخدام أسلحة نووية من قبل كوريا الشمالية، وثالثاً الحرب الروسية ـ الأوكرانية وتداعياتها على جنوب شرق آسيا، والضغوط الأمريكية والغربية على بكين لممارسة ضغوط على موسكو للانسحاب من الأراضي التي احتلتها في أوكرانيا، ووقف الدعم الصيني لروسيا وتقديم غطاءات سياسية لها، بالتزامن مع شكوك حول قيام بكين بتقديم مساعدات عسكرية لروسيا.

بالرغم من أنّ المنتدى مخصص لقضايا الأمن والدفاع في جنوب شرق آسيا، والحضور غير المباشر للحرب الروسية على أوكرانيا، إلّا من زاوية اتهام الصين بتقديم دعم سياسي لروسيا بالتزامن مع شكوك حول دعم تسليحي، فقد كان لافتاً تقديم أندونيسيا "العضو في المنتدى" مبادرة لوقف الحرب الروسية الأوكرانية 

القضايا الـ (3) التي استحوذت على اهتمام المتابعين تشير الى استمرار الدور الأمريكي في المنطقة وباتجاه "احتواء" التمدد والتأثير الصيني في المنطقة، فغالبية الدول جنوب شرق آسيا تبني علاقات تحالفية مع أمريكا، وتتوجس من الدور الصيني وأطماع بكين في أراضيها وبحارها، وقد جاءت المواقف والقرارات في قضايا المؤتمر بالاتجاهات التالية:

أوّلاً: العلاقات الصينية - الأمريكية

تم التركيز على المصافحة الجانبية التي تمت بين وزيري الدفاع الأمريكي والصيني بوصفها كسراً للجليد في العلاقات بين بكين وواشنطن بعد ازدياد حدة التوتر بينهما، رغم تأكيدات أمريكية أنّه لم يعقبها أيّ أحاديث جوهرية بين الوزيرين، لا سيّما أنّ هذه المصافحة جاءت بعد تسريبات تتضمن أنّ الصين رفضت، قبيل انعقاد المؤتمر، طلباً أمريكياً لعقد لقاء بين وزيري دفاع البلدين، وهو ما دفع أوساطاً أمريكية لتسريب ما هو أعمق من هذه المصافحة والرفض الصيني، بأنّ مدير المخابرات الأمريكية زار خلال الشهر الماضي بكين، وأجرى مباحثات مع نظيره الصيني ومسؤولين في القيادة الصينية، بالتزامن مع الاجتماع الذي عقده مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جيك سوليفان مع وانغ يي كبير مسؤولي السياسة الخارجية الصينية في العاصمة النمساوية فيينا في 11 أيار (مايو) الماضي.

يشارك فيه وزراء دفاع  أكثر من (40) دولة

وفي تقديرنا أنّ المصافحة بين الوزيرين، أو ما أعلن عنه حول زيارة مدير الاستخبارات الأمريكية إلى بكين، تؤكد أنّ أمريكا تنتهج مع بكين استراتيجية تتضمن إظهار القوة الأمريكية والضغط على بكين لزيادة المسافة بينها وبين موسكو، خاصة أنّ تلك الاستراتيجية التي تم تبنّيها من قلب مجموعة الـ (7)  تتضمن أنّ الصين قوة عالمية منافسة، خلافاً لروسيا التي تم توصيفها بكونها خطراً عالمياً، لا بدّ من مواجهته.

ثانياً: التصعيد مع كوريا الشمالية

على هامش المنتدى التقى وزراء الدفاع الأمريكي والياباني والكوري الجنوبي، وتم الاتفاق خلاله على تفعيل آلية تبادل بيانات التحذيرات الصاروخية في الوقت الحقيقي قبل نهاية العام، من أجل تحسين قدرة كل دولة على اكتشاف وتقييم الصواريخ التي يتم إطلاقها من جانب كوريا الشمالية، كما بحث الوزراء الـ (3) التهديدات النووية والصاروخية المتزايدة لكوريا الشمالية، وتعزيز التدريبات الأمنية الثلاثية، والتصدي للتحديات الأمنية المشتركة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، ويُذكر أنّ مناورات عسكرية نوعية أجرتها أمريكا مع كوريا الجنوبية قبل أشهر شاركت فيها القاذفة بي (52) الأمريكية، في رسالة تحذير حاسمة لكوريا الشمالية، ورغم ذلك نفذت كوريا الشمالية تجارب صاروخية جديدة سقطت بالقرب من سواحل كوريا الجنوبية والسواحل اليابانية.

أرسلت أمريكا رسالة ناعمة لبكين مضمونها استعدادها الدائم لفتح قنوات الحوار معها، وأنّ واشنطن تميز بين علاقاتها مع الصين القائمة على التنافس وإمكانيات إيجاد قواسم مشتركة معها، خلافاً للعلاقة مع روسيا

من الجدير بالذكر هنا، أنّ تصعيداً شهدته العلاقات بين الكوريتين، بعد فشل لقاءات الرئيس ترامب عام 2019 في إنجاز اتفاق سلام بين أمريكا وكوريا الشمالية، وازداد مستوى التصعيد بعد اتهامات أمريكية لكوريا الشمالية بتزويد روسيا بصواريخ وقذائف في حربها مع أوكرانيا، وتمارس أمريكا ضغوطاً على الصين بوصفها الدولة التي تقدم لها غطاءات سياسية وأمنية، تدفع كوريا الشمالية لمزيد من التشدد، وتطوير برنامجها الصاروخي والنووي.

ثالثاً: الحرب الروسية الأوكرانية

بالرغم من أنّ المنتدى مخصص لقضايا الأمن والدفاع في جنوب شرق آسيا، والحضور غير المباشر للحرب الروسية على أوكرانيا، إلّا من زاوية اتهام الصين بتقديم دعم سياسي لروسيا بالتزامن مع شكوك حول دعم تسليحي، فقد كان لافتاً تقديم أندونيسيا "العضو في المنتدى" مبادرة لوقف الحرب الروسية الأوكرانية، تضمنت (5) مراحل؛ وهي: الوقف الفوري لإطلاق النار، وانسحاب كل طرف مسافة (15) كيلومتراً عن مواقعه الحالية، وإنشاء منطقة جديدة منزوعة السلاح، ونشر قوات حفظ سلام دولية هناك بسرعة، ثم تنظيم استفتاء في المناطق المتنازع عليها بإشراف الأمم المتحدة.

 وزراء الدفاع الأمريكي والياباني والكوري الجنوبي

ومن غير المتوقع أن تحظى المبادرة الأندونيسية بموافقة الجانب الأوكراني، خاصة أنّها تتضمن ما تطرحه روسيا بضرورة الاعتراف بالواقع الحالي، أي ضم روسيا للأراضي التي احتلتها بعد "24/2/2022"، وهو ما ترفضه أوكرانيا، رغم ترحيب روسيا بالمبادرة الأندونيسية على أساس أنّها ترحب بأيّ مقترحات لإنهاء الحرب على أساس التفاوض.

لا شكّ أنّ أمريكا حققت أهدافها من انعقاد المؤتمر، رغم محدودية اللقاء مع وزير الدفاع الصيني والتي اقتصرت على مصافحته مع وزير الدفاع الأمريكي، فقد أكدت أمريكا استمرار وجودها ودعم حلفائها في المنطقة، كما أرسلت أمريكا رسالة ناعمة لبكين مضمونها استعدادها الدائم لفتح قنوات الحوار معها، وأنّ واشنطن تميز بين علاقاتها مع الصين القائمة على التنافس وإمكانيات إيجاد قواسم مشتركة معها، خلافاً للعلاقة مع روسيا التي صنفت موسكو بأنّها خطر، ليس على أوروبا فقط، بل على السلم العالمي، وفقاً لتعبيرات واشنطن.

مواضيع ذات صلة:

التعاون الدفاعي بين تركيا والولايات المتحدة... هل يعود إلى سابق عهده؟

الفساد يتهدد صناعة الدفاع التركية بعد العقوبات الأمريكية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية