تكريساً لفكرة "الولاية" وفرض الوصاية المطلقة على موظفي القطاع الحكومي، مقابل استمرارهم في الوظيفة العامة، أقرت ميليشيات الحوثي، المدعومة إيرانياً، ما سمّتها "مدونة السلوك الوظيفي وأخلاقيات العمل في وحدات الخدمة العامة"، تمهيداً لإجبار الموظفين في مناطق سيطرتها على المصادقة عليها، على الرغم من أنّها تستولي على المرتبات منذ ما يزيد عن (7) أعوام.
وتستند المدونة التي أعلنها مهدي المشاط، رئيس ما يُسمّى المجلس السياسي الأعلى لجماعة الحوثي، بشكل أساسي في إطارها المرجعي إلى ما سمّته "عهد الإمام علي لمالك الأشتر"، وملازم مؤسس الميليشيات الحوثية الصريع حسين الحوثي، وخطابات ومحاضرات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.
أقرت ميليشيات الحوثي، المدعومة إيرانياً، ما سمّتها "مدونة السلوك الوظيفي وأخلاقيات العمل في وحدات الخدمة العامة
المدونة تصادر حق الحرية الشخصية للموظف الحكومي، إذ تحظر تواصله مع وسائل الإعلام ونشر البيانات والمواد على منصات التواصل الاجتماعي، وتلزم الوثيقة الحوثية الموظفين الحكوميين بعـدم "الإدلاء لوسائل الإعلام أو النشر في وسائل التواصل الاجتماعي بأيّ معلومات أو تقديم أيّ وثائق، أو مستندات، أو التعليق، أو التصريح، أو المداخلة، في أيّ مواضيع خاصة ذات علاقة بوحدات الخدمة العامـة".
وتنص المدونة أيضاً على عدم إصدار الموظفين الحكوميين بيانات أو معلومات تناهض ميليشيات الحوثي والسياسة العامة للسلطة التي تديرها، وتحظر نشر أيّ إشكاليات إدارية وعملية أو حتى التعاطي معها في وسائل التواصل الاجتماعي.
ويجبر الحوثيون، عبر هذه المدونة، موظفي القطاع العام في مناطق سيطرتهم على مقاطعة وسائل الإعلام التي لا تدور في فلك الجماعة ومن خلفها إيران.
وحسب ديباجة المدونة، فإنّ على كل موظف التوقيع عليها والالتزام بها، وتقع على عاتق المسؤولين الإداريين وضعها في ملف الموظف، وتقديم تقارير حول مدى تنفيذ هؤلاء الموظفين، وربطها بالرواتب والمكافآت والترقية.
تستند المدونة إلى ما سمّته "عهد الإمام علي لمالك الأشتر"، وملازم مؤسس الميليشيات الحوثية الصريع حسين الحوثي، وخطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي
وتجاهلت المدونة مرتبات موظفي الدولة وحقوقهم في الترقيات والعلاوات والإجازات والتدريب والرعاية الصحية، وقد هددت الميليشيات بإيقاع "الجزاءات التأديبية" تجاه من يخالف العمل بالمدونة المزعومة.
يُشار إلى أنّ الأسس التي ارتكزت عليها المدونة هي: "القرآن، والهدي النبوي، وعهد الإمام علي لمالك الأشتر، دروس ومحاضرات من هدي القرآن، وخطابات ومحاضرات قائد الثورة عبد الملك الحوثي، والهوية الإيمانية والآداب الأخلاقية الإسلامية".
القرار أثار لغطاً في مناطق سيطرة الحوثيين واتهاماً مباشراً للجماعة بالسعي إلى "إلهاء المواطنين والهروب من القضايا الوطنية الملحة"؛ ومنها العجز عن توفير رواتب الموظفين الحكوميين، علاوة على انتقادات عديدة أخرى تتصل بمحاولة تسييس العمل الرسمي ومخالفة الدستور اليمني والقوانين المعمول بها.
فور صدوره، أعرب العديد من اليمنيين عن انزعاجهم من هذا القرار الذي رأى فيه بعضهم "محاولة إلهاء" وانصراف أو حتى هروب من القضايا الوطنية الملحة، ومن أبرز ما يتعلق منها بالموظفين الحكوميين هي الرواتب المتأخرة.
من جانبه، اعتبر وزير الإعلام والثقافة والسياحة لدى الحكومة اليمنية معمر الإرياني "مدونة السلوك الوظيفي" عقاباً جماعياً لمئات الآلاف من موظفي الدولة "ممّن نهبت مرتباتهم منذ (8) أعوام، وتريد تحويلهم إلى مجرد "قطيع" في مسيرتها الظلامية التي تدار بالريموت كنترول من طهران".