اليمن: لماذا أثار إعلان الإخوان افتتاح ميناء قنا كل هذه السخرية؟

اليمن: لماذا أثار إعلان الإخوان افتتاح ميناء قنا كل هذه السخرية؟


19/01/2021

على منصّة تكاد تكون هي المعلَم البارز في منطقة صحراوية، مطلة على البحر العربي، جنوب اليمن، أعلن محافظ شبوة، الإخواني محمد صالح بن عديو، افتتاح ميناء قنا، الذي سبق أن أعلن تدشينه، ورصد ميزانية 100 مليون دولار لإنشائه.

يُطلق الإخوان عليه لقب "مهاتير شبوة"، كعادتهم في تعظيم قادتهم، وهو اللقب الذي تحوّل إلى محطّ سخرية بين اليمنيين، عندما وقف بن عديو إلى جانب "صهريجين" قديمين، وسفينة مربوطة بحبل إلى شاطئ مكسوّ بالحجارة، ليعلن أهمّ إنجازاته، بافتتاح ميناء قنا، الذي "سيحقق نهضة تنموية شاملة لشبوة"، كما يزعم الإخوان.

ألمح مئات المغردين إلى وجود فساد ومصالح شخصية وحزبية وراء إعلان الإخوان افتتاح ميناء قنا ، وتساءلوا عن مصير 100 مليون دولار

واتهم مئات المغردين وجود فساد ومصالح شخصية وحزبية وراء هذا الإعلان الهزلي، وتساءلوا عن مصير 100 مليون دولار، وعن الهدف الحقيقي وراء المشروع الوهمي، الذي يتمثّل في شرعنة بقعة بحرية، لاستخدامها كمنفذ لتهريب الوقود الإيراني إلى مناطق الحوثيين، وتهريب الأسلحة من تركيا إلى الإخوان.

فساد قيمته 100 مليون دولار

أعلن محافظ شبوة، محمد بن صالح بن عديو، توقيع اتفاق لإنشاء ميناء قنا، بمديرية رضوم، مع شركة "QZY"، بعقد قيمته 100 مليون دولار، في 11 آب (أغسطس) الماضي.

صورة من ميناء قنا تكشف أكذوبة المحافظ

وكان من المقرّر إنشاء الميناء على مرحلتين؛ الأولى إنشاء خزان عائم للمشتقات النفطية، وسفينة عائمة، في مدة أقصاها ستين يوماً، والمرحلة الثانية البدء في إنشاء الأرصفة، وكافة المراكز والمرافق الخدمية بالميناء.

ويتبع الميناء لمؤسسة موانئ البحر العربي اليمنية، والتي تدير عدداً من الموانئ، في مناطق سيطرة حزب الإصلاح الإخواني، ولا تعمل في مناطق سيطرة الانتقالي الجنوبي.

اقرأ أيضاً: حزب الإصلاح الإخواني في اليمن يجند إرهابيين في تنظيم القاعدة... ما أهدافه؟

ورغم مضيّ عدة أشهر على توقيع الاتفاق إلا أنّ الشركة المنفذة لم تنجر شيئاً ذا أهمية، عدا تبطين جزء من الشاطئ في منطقة الميناء، ووضع صهريجين قديمين، وهو المشهد الذي ظهر في خلفية الصور التي روّج لها المحافظ وحزب الإصلاح، عقب الإعلان عن تشغيل الميناء، في 13 كانون الثاني (يناير) الجاري.

ولا يوجد للشركة المنفذة تاريخ معروف في مجال إنشاء الموانئ، ولا موقع رسمي على الإنترنت، مما يعزز ما نشرته صحف يمنية عن كوّنها شركة وهمية.

...

وبحسب موقع "الأمناء نت" اليمني؛ فإنّ نائب مدير مكتب رئاسة الجمهورية للشؤون الاقتصادية، المحسوب على الإخوان، أحمد العيسي، بالاتفاق مع محافظ شبوة، كانا وراء قرار تخصيص 100 مليون دولار لإنشاء ميناء قنا، على أن تنال الصفقة شركة "QZY"، المحسوبة على العيسى.

ولا يوجد للشركة أيّ نشاط تجاريّ، في اليمن أو الخارج، ولها سجل تجاري في المنطقة الحمرية، في دبي، برأسمال لا يتعدى 10 آلاف دولار أمريكي.

اقرأ أيضاً: هل ينجح حزب الإصلاح الإخواني في تفجير الوضع باليمن؟

ودشن المئات من اليمنيين وسوماً على موقع "تويتر" تكشف جريمة الفساد الإخوانية، وتواطؤ مسؤولين داخل رئاسة الجمهورية في صفقاتهم، فضلاً عن الكشف عن مخططات الإخوان تجاه الميناء المزعوم، بتحويله إلى ممر للتهريب.

وتعليقاً على ذلك، يقول الصحفي اليمني، محمد صالح حسن: "هو ميناء وهمي سيستخدم لتهريب النفط والسلاح إلى الحوثيين، وتعزيز النفوذ الإخواني في محافظة شبوة الغنية بالنفط، ولن يتكلف إنشاؤه هذا الرقم الكبير، الذي سيذهب إلى دعم النفوذ الإخواني في الجنوب".

الصحفي اليمني محمد صالح حسن

ويردف حسن، لـ "حفريات": "من المتوقع أن يستغَل هذا الميناء، حال اكتماله، في تعزيز الاتصالات مع الأتراك، الذين لهم وجود في الصومال، وربما تهديد جزيرة سقطرى الإستراتيجية، التي يطمع الإخوان في السيطرة عليها".

أهداف سياسة إخوانية

ويوجد في شبوة ميناء بلحاف لتصدير النفط، والذي سعى الإخوان للسيطرة عليه بالقوة، وعلى المنشآت النفطية المهمة فيه، لكنّ وجود قوات النخبة الشبوانية، المدعومة من التحالف العربي، كان حائلاً أمامهم، واستخدم الإخوان مناطق عدّة على الشاطئ في عمليات التهريب.

الصحفي اليمني أسامة بن فائض لـ "حفريات": سيسمح الميناء للحوثي بالتهرب من العقوبات الأمريكية التي فرضت عليه والتغلغل في السوق اليمني والدولي

وربما رأى الإخوان ضرورة شرعنة بقع التهريب، تحت مسمى ميناء قنا، عقب تشكيل الحكومة اليمنية الموحدة، استباقاً لبحث المشروع من قبل وزير النقل الجديد، عبد السلام صالح حميد هادي، المحسوب على المجلس الانتقالي الجنوبي، وصاحب الخبرات الكبيرة في شركة النفط اليمنية، ووزارة النفط، والذي لن يقبل بإنشاء ميناء نفطي في ظل وجود مؤسسة وميناء بلحاف.

وقال ممثل المجلس الانتقالي الجنوبي في دول أوروبا، أحمد عمر بن فريد، عبر "تويتر": "أهداف الإعلان عن ميناء قنا تتمثّل في الآتي؛ رأس جسر لدولة الإخوان ببعدها الإقليمي، ومواصلة عمليات التهريب بكافة أشكالها لكن بطريقة شرعية، واستمرار الفساد، وتحدي اتفاق الرياض، وفتح نافذة مساومة تجارية - عسكرية مع الحوثيين".

...

وتساءل رئيس تحرير صحيفة "باب المندب نيوز"، أسامة بن فائض"، حول تزامن الإعلان مع تدشين الميناء، عقب الإعلان عن قضايا فساد في شبوة، وقال: "أعلنت سلطات شبوة عن تشغيل الميناء، الخارج عن سلطة وزارة النقل، بهدف التهرب من تطبيق المعايير الدولية على عمل الموانئ، وعمليات الاستيراد، كي يكون منفذ تهريب رسمي للحوثيين".

اقرأ أيضاً: حزب الإصلاح وجماعة الإخوان: تحالفات خفية ومآرب مشتركة

وأضاف بن فائض، لـ "حفريات": "سيسمح الميناء حال اكتماله للحوثي بالتهرب من العقوبات الأمريكية التي فرضت عليه، والتغلغل في السوق اليمني والدولي مجدداً، ولن يكون الميناء سوى منفذ لخدمة الإرهاب الإخواني والحوثي، بما يزعزع استقرار البلاد".

وعلّق الكاتب اليمني، محمد عبد الرحمن، في مقاله المنشور بموقع "نيوز يمن": "ملايين الدولارات، وعقود استثمار، لميناء مكتوب على الورق، وموجود في وسائل إعلام الإخوان، وملايين الدولارات في حسابات هوامير مؤسسة الرئاسة اليمنية للاستثمار، وعلى الواقع لا يوجد ميناء، سوى أرضية تمت تسويتها وتهيئتها لاستقبال المواد التي يريد الإخوان تهريبها".

كارثة بيئية جديدة

وأعلنت محافظة شبوة وصول باخرة إلى ميناء قنا، تحمل 17 ألف طنّ من الوقود، جرى تفريغها، قبل إنشاء الأرصفة ومرافق الميناء، ما يؤكد أنّ عمليات التفريغ ستكون على نمط عمليات التهريب.

رئيس تحرير صحيفة "باب المندب نيوز" أسامة بن فائض

وأوضح الصحفي اليمني، محمد صالح حسن؛ أنّ "الميناء لا علاقة له بالحكومة الجديدة، التي يعمل الإخوان على عرقلتها، بسبب رفضهم الاعتراف بالحقّ الجنوبي، ولديهم مشروع تخريبي ضدّ الجنوب، وهدف إقامة دولة إخوانية، ولذلك يخوضون حرباً بالوكالة لتحقيق أهداف التنظيم الدولي للإخوان".

ودفع إعلان محافظ شبوة الإخواني عن إنشاء خزان عائم للنفط في المنطقة، خبراء بيئة إلى التحذير من كارثة بيئية على غرار خزان صافر الذي يسيطر الحوثيون عليه.

اقرأ أيضاً: بهذه الطريقة يحاول حزب الإصلاح فرض سيطرته على تعز

وفي تصريحات صحفية، قال مدير عام الرصد والتقييم البيئي، بالهيئة العامة لحماية البيئة، وليد الشعيبي: "إنّ إصرار السلطة المحلية بمحافظة شبوة على إنشاء خزان عائم بميناء قنا، دون إخضاع المشروع لدراسات تفصيلية كاملة لتقييم الأثر البيئي بمنطقة المشروع والمناطق المجاورة، فيه تجاوز لكلّ القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية بشأن حماية البيئة وتلوث البحار التي وقعت عليها اليمن".

وأضاف: "هذا الإجراء سيضيف إلى المياه اليمنية قنبلة تلوث أخرى، إلى جانب مشكلة السفينة صافر، ويؤسس لكارثة بيئية ستقضي على موارد البلد الطبيعية بمنطقة قنا، وكذا المناطق المجاورة لها، التي تعد الأكثر حساسية بيئياً، نظراً لما تتضمّنه من تنوع حيوي غني، يزخر بالموارد البحرية والساحلية الكبيرة".

...

وشهدت محافظة شبوة صراعات عديدة، على خلفية سيطرة الإخوان عليها، وإنشاء معسكرات تدريب خارج إطار الجيش، بهدف محاربة الوجود العربي وقوات النخبة الشبوانية، المكوّنة من أبناء المحافظة، والتي كان لها دور كبير في القضاء على تنظيمي؛ داعش والقاعدة في مناطق واسعة.

وترتكب القوات الخاصة، المحسوبة على حزب الإصلاح الإخواني، جرائم تنكيل واعتقالات بحقّ أهالي شبوة، المعارضين لتمدد الإخوان، والمطالبين بالانضواء تحت سقف المجلس الانتقالي الجنوبي.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية