المقاربة بين الفاشية والدولة الدينية في إسرائيل

المقاربة بين الفاشية والدولة الدينية في إسرائيل

المقاربة بين الفاشية والدولة الدينية في إسرائيل


01/08/2023

رمزي عودة

لم يجد أفلاطون صعوبة في التنبؤ بحتمية انهيار الأنظمة السياسية الثيوقراطية المرتكزة على رجال الدين الجشعين، حيث ينقلب الجيش في أواخر المطاف ويوجه الدولة إلى العسكرة. هذه الحتمية ليست بعيدة عما يحدث في إسرائيل في هذه الأثناء، وخاصة بعد إقرار قانون المعقولية مؤخراً في الكنيست الإسرائيلي بأغلبية بلغت 64 صوتاً. هذا القانون يحد من سلطات محكمة العدل العليا الإسرائيلية ويسحب منها الصلاحية القانونية والإدارية لرفض القرارات الحكومية التي تتعارض مع الصالح العام وتعيينات المسؤولين. وبرغم اندلاع المظاهرات الغاضبة في إسرائيل منذ عدة أشهر ضد مشروع القانون هذا، وبرغم غضب الولايات المتحدة من المضي قدماً بهذا القرار، إلا أن حكومة نتنياهو أصرت على تمريره في الكنيست بما يؤسس لمرحلة جديدة من عمر إسرائيل القصير وهي مرحلة الدكتاتورية الفاشية. وفي سياق حتمية أفلاطون السابقة، فإن نظام الحكم في إسرائيل يتجه نحو الهاوية. ليس هذا فقط بل ربما الدولة بأكملها تسير نحو حرب أهلية طاحنة كما حذر أولمرت رئيس وزراء إسرائيل الأسبق في معرض حديثه عن الانقسامات في المجتمع الإسرائيلي بفعل إقرار هذا القانون.

وفي السياق، فقد بدأت تتصاعد مؤشرات الانهيار في إسرائيل عقب إقرار قانون المعقولية، المظاهرات اندلعت في معظم الأحياء، حوادث دهس من قبل المتطرفين ضد المتظاهرين، وفي مناطق أخرى تهديدات وإطلاق نار واشتباكات بين العلمانيين والمتظاهرين. وبالتزامن مع هذه المظاهرات هنالك مظاهر انقسام في الجيش الإسرائيلي ضد هذا القرار وخاصة في سلاح الطيران، وبدأت مظاهر التراجع الاقتصادي بالتصاعد الكبير، وانخفض سعر الشيقل مقابل الدولار الأميركي بواقع 1.5% الى 2.5%، بما أدى إلى أن تحذر وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني من أن إسرائيل تواجه تداعيات اقتصادية سلبية ومخاطر كبيرة بسبب خطة الإصلاح القضائي. واتسعت هذه التحذيرات بعد تصاعد التهديد بالإضرابات من قبل الهستدروت وشركات الهايتك. إضافة إلى التهديدات الجماعية بالاستقالة كما حدث تماما من قبل كبار علماء الذرة في إسرائيل. وفي النتيجة، إنها أسوأ الأيام التي تعيشها إسرائيل على حد تعبير مراسل تايمز أوف إسرائيل جوناه مانديل.

وفي ظل تصاعد الأزمة الداخلية والخارجية التي تواجهها إسرائيل الفاشية، تسعى حكومة نتنياهو المتحالفة مع الصهيونية الدينية إلى تأجيل انهيار النظام السياسي والاقتصادي في إسرائيل من خلال تأجيج الصراع مع الشعب الفلسطيني وزيادة عدد وكثافة الاجتياحات العسكرية للمدن والمخيمات الفلسطينية كما حدث في الآونة الأخيرة في نابلس وجنين وطولكرم وغيرها. والهدف من هذه الاجتياحات هو توحيد صفوف الإسرائيليين بحجة الخطر الخارجي القادم من الأراضي الفلسطينية المحتلة. من جانب آخر، تقوم هذه الحكومة الفاشية باستخدام الدين في الصراع مع الشعب الفلسطيني من خلال الإسراع في تهويد المسجد الأقصى بهدف كسب تأييد شرائح كبيرة من الإسرائيليين. وفي النتيجة، فإن هذه الحكومة الفاشية السلطوية تقوم بخلق "بعبع" خارجي يهددها – وهو في هذه الحالة الفلسطيني- وذلك من أجل نقل الصراع الداخلي في المجتمع الإسرائيلي إلى الصراع مع العدو الخارجي. ولكن وبرغم كل هذه المحاولات فإنها لن تنجح إلا في عملية تأجيل الصراعات داخل المجتمع الإسرائيلي وستظل الحرب الأهلية والانهيار هما الحتمية التي ستواجه هذه الدولة المصطنعة.

عن "الحياة"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية